احتراقُ أوراق واشنطن في البيضاء.. أمريكا تتحسر!

الشيخ السامعي: انتصار دبلوماسية صنعاء جعل أمريكا تشعر بالإذلال فتأتي بجحافل القاعدة إلى البيضاء

العميد الثور: التكفيريون لن يفكّروا بالعودة إلى البيضاء مجدداً؛ لأَنَّ ما خسروه كان كبيراً

غراب: واشنطن أوجدت التنظيمات الإجرامية لتكون ذريعة للوجود الأمريكي بذريعـة مكافحة الإرهاب

عثمان: التنظيمات الإجرامية تحظى بالتسليح من أمريكا والرعاية والتدريب والتأهيل

العراسي: ليست المرة الأولى التي يتم فيها فضح أمريكا بأنها الراعي الأكبر للإرهاب

مسؤولون وسياسيون وخبراء يؤكّـدون أن ما حدث درس لن ينساه الأمريكيون

 

المسيرة- محمد ناصر حتروش- أيمن قائد

انقشع غُبارُ المعركة في محافظة البيضاء وسط البلاد.. العناصرُ التكفيرية الإجرامية تلوذُ بالفرار، تاركةً وراءَها جُثُثَ الكثيرِ من رفاق الدرب، لتتعفَّنَ في شِعَابِ وجبال البيضاء ذات التضاريس الوعرة، وآخرون وجدوا أنفسهم بين خيارين، إما الموت الحتمي أَو الاستسلام الذي لا مفرَّ منه، فوقعوا أسرى أذلاء.

بكاءُ المرتزِقة والعناصر التكفيرية في ميدان المواجهة نتيجة الهزيمة كان له وَقْعُ الحسرة في البيت الأبيض بواشنطن، فالإدارة الأمريكية التي جندت هؤلاء لسنوات كثيرة وراهنت عليهم للانتصار في اليمن، خسرت هذا الرهان، ولم يعد لديها ما تمتلكه من أدوات لاختراق المحافظات “الحرة” وإلحاق الهزيمة بالأبطال الأشاوس من الجيش واللجان الشعبيّة.

التاريخ لن يرحم الغزاة، وهو ذاته من سيسجل هذا الانتصار للمجاهدين في أنصع صفحاته، فالبيضاء اليوم “بيضاء” من كُـلّ الإجراميين والطغاة والمرتزِقة والأمريكيين.

ويؤكّـد عضو المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، الشيخ سلطان السامعي، أن خسارةَ أمريكا في ميدان السياسة وانتصار دبلوماسية صنعاء الساعية إلى السلام المشرف، جعل أمريكا تشعر بالإذلال لتأتي بجحافل تنظيم القاعدة من مختلف البلدان وتشعل جبهة البيضاء، وهذه هي الأسباب التي تقف وراء التصعيد الأمريكي في البيضاء، مُشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية التي عيّنت لها مبعوثاً إلى اليمن، سعت بكل الوسائل لإقناع صنعاء بالقبول بمقترحاتها التي تهدف إلى إنقاذ أدواتها في مأرب وصرف الأنظار عنها؛ حِفاظاً على أهداف لا تتعلق بالسلام، كما يزعمون، بل لضمان تثبيت أجندة لا تصب سوى في مصلحتها.

ويؤكّـد الشيخ السامعي مرة أُخرى أن أمريكا لن تنالَ ما أرادت، وتصريحُها الأخيرُ بأنها سئمت وضاقت من تقدم الجيش واللجان الشعبيّة في مأرب، وعبّرت عن ذلك بالبيضاء، يأتي بعد أن شاهدت الخسائر والهزائم، داعياً أبناء الشعب اليمني إلى التسلح بالوعي في مواجهة الورقة الاستعمارية التي تسعى أمريكا لفرضها من خلال تسليم رقاب وأرض وثروات الشعب اليمني للجماعات الإرهابية التي تعززها بالسلاح والتدريب، معبراً عن امتنانه للجيش واللجان الشعبيّة ورجال القبائل الذين يسطرون أروع الملاحم في مختلف الجبهات ويفرضون بقوة السلاح والإيمان وعدالة القضية شروط الشعب اليمني في أي حوار قادم لإحلال السلام.

 

هزيمةٌ خاطفة

بَيْدَ إن الفرحة لم تستمر كَثيراً.. كان المرتزِقة والأمريكيون والتكفيريون في أعلى سُلَّمِ الابتهاج بعد سيطرتهم على عدد من المواقع، لكنهم لم يتخيلوا أن ذلك كان مُجَـرّد استدراج ليس إلا من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، وليدخلوا بعد ذلك في المأزق الحقيقي، فالرصاص يخترق رؤوسهم وأجسادهم العاتية، وقذائف الدبابات وَالمدفعية تدك حصونهم، وسلاح القناصة يترصد كُـلّ عاتٍ منهم، وما هي سوى لحظات حتى ولّوا الدُّبُر، وهُزموا شر هزيمة.

ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد عابد الثور: إن اندفاع قوى العدوان والجماعات التكفيرية إلى محافظة البيضاء جاء بعد أن فشلت معركتهم في مأرب وسُحقت قواتهم بمأرب، وأصبح الجيش واللجان على مقرُبة من المدينة، مُضيفاً أن أمريكا تستخدم أدواتها التكفيرية “كداعش والقاعدة” وسيلة ضغط ضد أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، من خلال القيام بأعمال إجرامية، والتواطؤ مع هذه الجماعات؛ مِن أجلِ أن تجهد قواتنا، لكن قواتنا أثبتت أنها في جاهزية عالية وعلى أهبة الاستعداد، وأنها على مستوى الحذر، وأن قواتِ صنعاء تستطيعُ مواجهة أية معركة أياً كانت أبعادُها.

ويؤكّـد العميد الثور أن معركة البيضاء درس لن تنساه أمريكا ودول تحالف العدوان، وأنه وبعد تحرير مديرية الزاهر ومناطق أُخرى لن يتمكّنوا من إعادة الكرة والرجوع إليها؛ لأَنَّ ما خسروه لن يعوض في يوم أَو يومين أَو سنة.

وبشأن أهميّة تحرير محافظة البيضاء ودحر الدواعش والتكفيريين منها، يقول العميد الثور: إن قوات صنعاء قد سيطرت على المرتفعات الجبلية الهامة جِـدًّا المطلة على عدة محافظات جنوبية وشمالية، منوِّهًا إلى أنه لم تعد هناك أية فرصة لدول العدوان للعودة إلى البيضاء، ولهذا فَـإنَّ هذه المعركة تعتبر درساً لقوى العدوان بعدم تكرار المحاولة، لافتاً إلى أن قوات صنعاء قد وصلت إلى أماكنَ لم تكن تتواجد فيها من قبلُ، كما تم اغتمامُ الكثير من الأسلحة وقُتل المئات من عناصر القاعدة، أن الخسارةَ كبيرةٌ على قوى العدوان في البيضاء مادياً ومعنوياً.

وفيما يتعلق بالاهتمام الأمريكي لهذه المعركة، يوضح العميد الثور أن واشنطن تراهنُ على أوراق رخيصة كالجماعات التكفيرية التي تمارسُ أعمالاً إجرامية خارجةً عن القانون دون أن يحاسبها أحدٌ؛ لأَنَّها محميةٌ من أمريكا ومجلس الأمن، مؤكّـداً أن معركةَ البيضاء فضحت الكثيرَ من معالم الدعم الأمريكي للجماعات الإرهابية، من خلال اسنادهم بالطيران والأسلحة وبالمعلومات، وهذا دليل على أن أمريكا هي راعية الإرهاب في المنطقة، منوِّهًا إلى أن هذه الجماعات بعد هزيمتها في البيضاء ستفر إلى أبين؛ باعتبَار أن القاعدة تعتبرها إمارة من إماراتها وَمقرًّا رئيسيًّا لها، إضافة إلى محافظة شبوة جنوب شرقي اليمن، كما أن بعضَ عناصرها سيعود إلى مأرب، مبينًا أن أبناء المحافظات الجنوبية سيكون عليهم مسؤوليةُ التحَرّك لطرد الإرهابيين من مناطقهم، بحكم أن المحافظات اليمنية الجنوبية لن تسلَمَ من بطش وإجرام هذه الجماعات.

 

دعمٌ بلا حدود

بدوره، يقول اللواء خالد غراب: إن أمريكا قدمت للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيما “القاعدة وداعش”، الدعمَ الكاملَ فنياً ولوجستياً واستخباراتياً، وكذلك الدعم الاستطلاعي القتالي أثناءَ تنفيذ المهام القتالية، من خلال الطائرات المسيّرة وكذلك عبر الأقمار الصناعية”.

ويضيف غراب في هذا الجانب: كذلك قدمت أمريكا الدعمَ الإعلامي على كافة الصعد، وأهمها الدعم الإعلامي المضلل والمفبرك الذي يأتي في سياق الحرب النفسية الموجهة، وكذلك الدعم السياسي المباشر وغير المباشر عبر منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والجامعة العربية؛ وذلك للتغطية على الأعمال والمجازر الإجرامية التي تقوم بها تلك التنظيمات الإرهابية”، مؤكّـداً أن أمريكا أوجدت القاعدةَ وداعش باعترافها رسميًّا، وذلك لتكون جيشاً بديلاً للجيش الأمريكي ولتكونَ الذريعة لوجود القوات الأمريكية؛ بذريعـة مكافحة الإرهاب.

وعن الدعم المالي والمادي للتنظيمات الإرهابية، يوضح غراب أن تلك المهمة تؤديها بعضُ دول الخليج، وعلى رأسها السعوديّة والإمارات، منوِّهًا إلى أن دول الخليج توفر غالبيةَ الاحتياجات التي تحتاجها القاعدة لتنفيذِ عملية معنية، والتي تأتي بعضُها بشكل مباشر كالإسناد استخبارياً وعسكريًّا وإعلامياً وإمدَادياً، كما حصل في بلادنا، مُشيراً إلى أن وسائلَ الإعلام المختلفة فضحت الدورَ الأمريكي والخليجي في دعم التنظيمات الإرهابية “داعش والقاعدة”، وأن تلك التنظيمات امتدادٌ للمشروع الأمريكي، مبينًا أن ما نُشر في بعض وسائل الإعلام من وثائقَ وتصريحاتٍ رسمية لمسؤولين أمريكيين وخليجين وكذلك اعترافات الإرهابيين أنفسهم، وَالفيلمَ الوثائقي التي عرضته قناة الـ BBC البريطانية في محافظة أبين وَالكثير من الشواهد، فضح الدورَ الأمريكي في دعم الإرهاب في اليمن.

من جانبه، يقول المحلل العسكري زين العابدين عثمان: إن الواقعَ الميداني لتواجد التنظيمات الإرهابية يعكس مدى ارتباطها العميق بأمريكا، وأن أمريكا هي من أنشأت وموّلت تلك التنظيمات الإرهابية، مؤكّـداً أن “القاعدة وداعش” تحظى بالرعاية والتدريب والتأهيل والتسليح من أمريكا، موضحًا أن تحَرّكاتِ تلك التنظيمات ومعاركَها التدميرية في مختلف البلدان، لا سِـيَّـما العربية والإسلامية سوريا والعراق وليبيا واليمن، تكون ضمن التحَرّكات الأمريكية والتواجد المباشر على مستوى الدعم اللوجستي والتسليحي وَالإعلامي والسياسي.

ويصف عثمان تلك التنظيمات الهدامة بمعول ويد أمريكا الضاربة التي تتحكم بها عن بُعد وأنها تمثل رأسَ حربتها العسكرية والأمنية الموجهة نحو صدر شعوب أمتنا الإسلامية لتدميرها وتمزيقها من الداخل، لافتاً إلى أن “نشاط التنظيمات الإرهابية في اليمن، وتحديداً في معارك مأرب والبيضاء، إنما هو انعكاسٌ للتدخل والنشاط الكبير التي تحاول أمريكا فرضه على هاتين المعركتين الفاصلتين؛ وذلك لتحقيق بعض المكاسب التي عجز عنها المرتزِقةُ في الميدان”.

ويعتقدُ عثمان أن تحالف العدوان لجأ إلى استخدام ورقة “القاعدة وداعش” على أمل أن يكون لتلك التنظيمات الإرهابية حضوراً رديفاً لجبهات المرتزِقة التي أخذت في الانهيار والسقوط لا سِـيَّـما في البيضاء، مُشيراً إلى أن العدوان استخدم التنظيمات الإرهابية في محاولة منه للمحافظة على استمرار تموضع ونشاط هذه التنظيمات على الأرض وتثبيت نشر حالات الفوضى العارمة، خُصُوصاً في البيضاء، التي لم يعد فيها سوى منطقة محصورة تتمركز عليها هذه التنظيماتُ وتتخذها معقلاً رئيسياً لنشاطاتها.

ويجزم عثمان بأن أمريكا تشرفُ على العمليات العسكرية التي تخوضها عناصر تنظيم “القاعدة وداعش” في البيضاء وَمأرب، وهي من تسعى جاهِدةً إلى أن تحافِظَ على بقاءِ هذه التنظيمات متجذرةً في هذه المناطق، لأهميّة الأخير استراتيجياً وَأَيْـضاً لثبات مشروعها التدميري الشامل لليمن أرضاً وحضارة وإنساناً، معتقداً أنه يمكن فضح هذا المخاض والتدخل الأمريكي السافر وتمويله “للقاعدة وداعش” في أمرين: الأول خطابات المسؤولين الأمريكيين الذين أبدوا انزعَـاجَهم واستياءَهم الشديد في ما يحصل بمأرب والبيضاء وتحولها إلى صراخ ونياح في المحافل الدولية، خُصُوصاً بعد تلقي المرتزِقة وعناصر القاعدة هزائم فادحة في الأرواح واندحارهم من أهم الجبهات ومن أجزاء كبيرة من المناطق.

ويضيف عثمان أن محاولةَ أمريكا إسنادَ عناصر القاعدة بمختلف الأسلحة القتالية وَتوفير الغطاء الجوي المتكامل لحماية تحَرّكاتهم، فالطائرات دون طيار الأمريكية التي كانت أمريكا تضج وتوهم العالم أنها تحارب بها الإرهاب وتقصف أوكار القاعدة وداعش في اليمن وغيره هي اليوم في طليعة أسطول مقاتلاتها التي تساند عناصرَ تنظيم القاعدة وتوفّر لهم الحمايةَ والإسناد الجوي من هجمات وعمليات مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة الذين يخوضون معركةَ التحرير والتطهير الكلي لليمن من دنس ورجس هذه الأدوات الإجرامية والتكفيرية.

وفي السياق، يرى المحلل السياسي خالد العراسي أنه من الطبيعي أن تقدم أمريكا الدعمَ والمساندة لعناصر “القاعدة وداعش”؛ لأَنَّها أدوات تعمل لخدمة أمريكا، في إطار تشويه الإسلام وتفتيت الأوطان وتقسيمها، وبالتالي تمكين أمريكا وحلفائها من احتلال بلداننا بشكل مباشر أَو غير مباشر ونهب ثرواتنا.

وبالنسبة لحرب أمريكا على اليمن، يقول العراسي: لم يعد هناك أدنى شك بأن أمريكا هي التي تقودُ هذا العدوان الكوني الهمجي والمُستمرّ منذ أكثر من ستة أعوام، وبالتأكيد هي لا تفعلُ ذلك جزافاً ولا مِن أجلِ استنزاف خزائن السعوديّة والإمارات فقط، وإنما أَيْـضاً للحفاظ على مصالحها النهبوية والاستحواذية التي كانت قائمةً إبان النظام اليمني السابق واللاحق الدنبوعي؛ بسَببِ تبعيتهم وخيانتهم للوطن.

ويشير العراسي إلى أن أمريكا حرّكت أدواتها من الجماعات الإرهابية ظناً منها بأنها الكرت الرابح الذي سيحقّق مرادها، فكانت محافظة البيضاء هي نقطة الانطلاق؛ باعتبَارها أكبرَ معقل “للقاعدة وداعش” في الشرق الأوسط، وباعتبارها محافظةً مترامية الأطراف وحدودها مرتبطة بثمان محافظات يمنية، وهذا يسهّل للجماعات الإرهابية الانتشارَ والانتقالَ والتمدد، علماً بأن أمريكا وجّهت تركيا بتعزيز تلك الجماعات بالمقاتلين فتم نقلُهم من سوريا وليبا وغيرها من الدول إلى البيضاء لتكون معركتهم ورهانهم الأكبر.

ويضيفُ العراسي أن هذه المرةَ ليست الأولى التي يتم فيها فضحُ أمريكا بأنها الراعي الأكبر للإرهاب من خلال مساندتها ودعمها للإرهابيين قبل وأثناء العملية التي أسموها بالنجم الثاقب، فقد سبق فضح أمريكا عند مساندتها لهم في معركة تطهير قيفة، وفي تلك المعركة حصل رجالنا على مخازن من الأسلحة الأمريكية وَأَيْـضاً مساعدات غذائية وكثير من الأدلة والإثباتات، مشدّدًا على الجميع نشر حقيقةِ الدعم الأمريكي للجماعات الإرهابية على أوسع نطاق وبشكل مُستمرّ، وذلك من خلال الإعلام، كما يجبُ منحُ جميع الصحف المحلية الموادَّ والمعلوماتِ التي تُثبِتُ قطعاً تورُّطَ أمريكا بدعم “القاعدة وداعش”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com