قانون الاحتلال الاماراتي : السياحة في سقطرى.. حلالٌ لـ الصهاينة حرامٌ على اليمنيين

 

المسيرة: محمد الكامل

نَشِطَ الاحتلالُ الإماراتي، منذ عدة أشهر، في جلب السياح الصهاينة إلى جزيرة سقطرى المحتلّة، مقدماً لهم كافةَ التسهيلات، في الوقت الذي يحارب فيه اليمنيين ويمنعُهم من دخول الجزيرة، بل ويشرد سكانَها الأصليين.

الكثير من الصور الاستفزازية للسياحة الصهاينة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض هذه الصورة أظهرت صهاينةً وهم في أوضاعٍ مخلة بالشرف والآداب، في المناطق السياحية المميزة بجزيرة سقطرى، في مشاهدَ تثيرُ الاشمئزاز والألم لواقع جزيرة مغتصَبة بكل ما للكلمة من معنى.

وبحسب المواقع والصحف العالمية، فَـإنَّ السياح الصهاينة يتدفّقون إلى أرخبيل سقطرى باستخدام التأشيرات الممنوحة لهم من أبو ظبي، وباتت الوفود السياحية تأخذ الإذن من الاحتلال الإماراتي لدخول الجزيرة.

وتظهر بعض الصور التي انتشرت عبر وسائل الإعلام مجموعةً من السياح الإسرائيليين برفقة ضباط أمن إماراتيين ومعاونيهم في الجزيرة، في حين تتعمد المليشيا التابعة للاحتلال الإماراتي “الانتقالي” منعَ دخول المواطنين اليمنيين من البر الرئيسي؛ بذريعة منع انتشار فيروس كورونا.

ويأتي وصولُ السياح الصهاينة إلى سقطرى بعد أشهرٍ من توقيع اتّفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات، حَيثُ بدأت شركةُ طيران الاتّحاد في أبو ظبي بالفعل في تقديم رحلات مباشرة إلى تل أبيب، وتمت أول رحلة تقل إسرائيليين إلى دبي الإماراتية في نوفمبر، كما أبدت الإمارات استعدادَها لتسيير رحلات صهاينة إلى سقطرى؛ باعتبَارها جزءاً من الإمارات.

 

المساسُ بالأمن القوي لليمن

ومع بدء العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن دخلت الإمارات ضمن “التحالف” تحت الكثير من المبرّرات الواهية، من بينها إعادة “شرعية هادي”، لكن سرعان ما اتضحت أهدافها والمتمثلة في السيطرة على الجزر والموانئ اليمنية خدمة للكيان الصهيوني، ولهذا فَـإنَّ حكومة الفارِّ هادي لا تحَرّك ساكناً تجاه ما يحدث من استحداثات عسكرية واحتلال ظاهر لجزيرة سقطرى، كما لا يصدر عنها أي تنديد بالممارسات الإماراتية هناك.

وسقطرى هي مجموعة صغيرة من الجزر في المحيط الهندي، وسُميت على اسم الجزيرة الكبيرة الموجودة هناك. وتقع سقطرى على بُعد 350 كيلومتراً جنوبي اليمن، وتبعد نحو 250 كيلومتراً إلى الشرق من الصومال.. والجزر أرض خاضعة للسيادة اليمنية. وتبلغ مساحة الجزيرة الرئيسية 3650 كيلومتراً مربعاً، والباقي صغير وبعضها غير آهلٍ. وفي عام 2008، تم إعلان الأرخبيل موقعاً للتراث العالمي.

ويقول مجلس الوزراء التابع لحكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء: إن “استحداثات المحتلّين في محافظة المهرة وجزيرتي سقطرى وميون تنتهك القوانين الدولية، وتستفزّ أبناء الشعب اليمني، موضحة أن “الممارسات الإجرامية للمحتلّ السعوديّ الإماراتي الأمريكي في الجزر اليمنية، تمَسُّ مباشَرةً الأمنَ القومي لليمن والمنطقة، مشدّدةً على أن صبر الشعب اليمني لن يطول أمام الانتهاكات في الجزر اليمنية”.

ويؤكّـد المجلس أن “أية شركة ستُقْدِم على توقيع اتّفاقية مع مرتزِقة العدوان، ستُتخذ ضدَّها كُـلُّ الإجراءات القانونية”.

من جهتها، أدانت وزارة السياحة اليمنية بصنعاء بأشد العبارات، إقدام الإمارات على نقل أفواج سياحية إسرائيلية إلى جزيرة سقطرى، بتأشيرات إماراتية.

وقالت وزارة السياحة، في بيان سابق لها: إن ذلك “مخالف للقانون الدولي؛ كون جزيرة سقطرى يمنية ومحتلّة من جانب دول التحالف السعوديّ”، مشيرة إلى أن “نقل الأفواج الإسرائيلية إلى سقطرى يكشف مخطّطات دويلة الإمارات في تنفيذ الأجندة الصهيونية للسيطرة على الجزر اليمنية، في إطار خطوات التطبيع مع العدوّ الصهيوني”.

وإلى الآن لا يزال الحراك الشعبي للمواطنين اليمنيين في جزيرة سقطرى محدوداً، وإن خرجت بعض الأصوات التي تندّد بتحويل “سقطرى” إلى مستعمرة للاحتلال الإماراتي وقيامها ببناء القواعد العسكرية وجلب السياح الصهاينة وظهور الكثير منهم في صور وأفعال مخلة وتخدش الحياء العام للمجتمع اليمني والمواطنين اليمنيين المحرم عليهم دخول الجزيرة.

 

تصرُّفٌ أرعن

ويؤكّـد المنسق العام للجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال، أحمد العليي، أنه لا يحق للإمارات (كدولة احتلال) لجزيرة سقطرى أن تمارس أعمالاً تمس السيادة اليمنية كنقل سياح أجانب أَو أية أعمال ذات طبيعة عسكرية أَو ثقافية أَو مدنية، فهذه القضايا جميعها ينظمها القانون والمواثيق الدولية.

ويوضح العليي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن نقل مجاميع إسرائيلية صهيونية إلى جزيرة سقطرى تحت عنوان سياحي “مرفوض” رفضاً قاطعاً من قبل شعبنا اليمني، بل ويعتبر تجاوزاً خطيراً لا يمكن القبول به وسيتصدى له شعبنا بحول الله، مُضيفاً أن هذا التصرف الإماراتي “أرعن” وجاء نتيجة احتلال الجزيرة إثر عدوان عسكري وسط صمت دولي وتواطؤ محلي من قبل أدوات أمريكا في اليمن باسم ما يسمي “الشرعية” التي فقدت هذا المسمى؛ باعتبَار أن الشرعية الحقيقية هي من تلتزم موقف الدفاع عن الوطن والحفاظ على سلامة أراضيه واستقلال قراره السياسي.

ويضيف العليي بقوله: “يبقى حق مواجهة هذا الاحتلال حقاً قانونياً نصت عليه كافة القوانين والاتّفاقيات والمواثيق الدولية بكل الوسائل بما فيها العسكرية وهذا أمر حتمي وقادم لا محالة”.

 

مشروعُ تهجير واحتكار للصهاينة

من جانبه، يقولُ نائبُ وزير الإعلام، فهمي اليوسفي: ينبغي أن ندرك بأن التحَرّكات الإسرائيلية في اليمن ليست من اليوم وهبَّت مع التدخل الإماراتي، بل هي منذ عقود من الزمن، وتحديداً من عام ٧٣م عندما شاركت اليمن في حرب أُكتوبر وأغلقت بابَ المندب في وجه البوارج الإسرائيلية وكانت عاملاً لنكسة إسرائيل في ذلك الحين وَانسحابها من جزيرتي تيران وصنافير.

ويضيف اليوسفي في كلامه لصحيفة “المسيرة” أن الوجود الإسرائيلي ليس مقتصراً على السياحة، بل هو وجود غير مباشر عبر نظام صنعاء ما قبل ٢٠١٤م، وَإذَا كان الموضوع مرتبطاً بالسياح الصهاينة فعلي عبدالله صالح قد استحدث لهم مدينة سياحية في قلب العاصمة صنعاء بجوار السفارة الأمريكية، ولا غرابة أن تتولى الإمارات نقل سياح صهاينة لسقطرى؛ لأَنَّ ذلك بموجب المخرجات السرية لصفقة القرن وتتويج عملية التطبيع من الجانب السياحي، ولأن الإمارات هي بنت بريطانيا، أي تمثل الوطني القومي لعملاء بريطانيا على مستوى المنطقة منذ تأسيسها مطلع السبعينيات بعد أن رفض علي سالم البيض الاعترافَ بها في الأمم المتحدة، وبالتالي الإمارات هي الوكيل الحصري لبريطانيا في المنطقة.

ويؤكّـد اليوسفي أن هذا التواجد هو حجرُ الأَسَاس لاغتصاب أهم الجزر على المحيط الهندي لصالح إسرائيل، ويندرج ذلك ضمن المطامع التوسعية لإسرائيل على مستوى المنطقة؛ كون الدور الإماراتي لصالح إسرائيل هو يمتد من مضيق هرمز إلى سقطرى الي باب المندب إلى سواحل الصومال وجيبوتي وأرتيريا والسودان ومصر وليبيا، ثم تستكمل هذا الدور دولة المغرب، مُشيراً إلى أن هذا التحَرّك الإماراتي يعد احتلالاً مشتركاً للجزر اليمنية والسواحل اليمنية، ومن يعود لذاكرة منتصف التسعينيات سيجد أن النظام في صنعاء قد تنازل عن جزء من أرخبيل حنيش لصالح إرتيريا ومن ثم أبرمت عقوداً مع إسرائيل في جزء من الأرخبيل.

ويشير اليوسفي إلى أن هناك مشروعَ تهجير لأبناء السيادة اليمنية، سواء في الجزر أَو الشريط الساحلي، على غرار التهجير والتوطين التي قامت به إسرائيل بفلسطين من بعد وعد بلفور عام ١٩١٧م، منوِّهًا أنه في عملية المواجهة ينبغي أن يكون هناك تعاون من محور المقاومة وصنعاء وذلك بردع الإمارات واستهدافها في العمق؛ لأَنَّ المواجهة لهذا الخطر سيكون مواجهة لإسرائيل والناتو، وليدرك الجميع أن من أدخل التحالف العدواني لليمن يعد شريكاً أَسَاسياً في ما يجري بسقطرى وغيرها حتى وإن أصبح بعضهم ينتقد هذا التواجد بعد أن استلم ثمن الخيانة مقدماً.

 

تطاوُلٌ وقح

من جانبه، يلفت السفير عبدالإله حجر، الانتباهَ إلى أهميّة جزيرة سقطرى؛ باعتبَارها إحدى محافظات الجمهورية اليمنية التي تبلغ مساحتها حوالي 3.650 كم وطول سواحلها 300 كم، وتعد ضمن مناطق التراث العالمي وفقاً لتصنيف منظمة اليونسكو، التابعة للأمم المتحدة.

ويضيف حجر لصحيفة “المسيرة” أن سيطرة دويلة الإمارات على جزيرة سقطرى في يونيو 2020 عن طريق قواتها مباشرة وكذلك عن طريق المجلس الانتقالي، وشرعت على الفور ببسط نفوذها وتسيير رحلات جوية مباشرة من الإمارات إلى الجزيرة وإنشاء شبكة اتصالات الهاتف النقال إماراتية، وبدأت في تجنيس بعض أهالي الجزيرة وتدريب بعض شبابها لتكوين قواتٍ أمنية.

ويشير السفير حجر إلى أن جميع تلك التحَرّكاتِ كانت تهدفُ بالدرجة الأولى لترسيخ الاحتلال والبدء في تعاون إماراتي إسرائيلي تمثل في بدء الإمارات وإسرائيل بإنشاء قواعد استخباراتية في سقطرى، منوِّهًا إلى أنه في الآونة الأخيرة نشرت بعض المواقع والصحف ومنها “ميدل إيست مونيتور” البريطاني أن مئات السياح الإسرائيليين وصلوا إلى الأرخبيل، خلال الشهرين الماضيين، باستخدام تأشيرات ممنوحة لهم من أبو ظبي، حَيثُ بدأت الرحلات الجوية الأسبوعية المباشرة وأصبحت محافظة سقطرى مستباحةً، في تَعَـــدٍّ واضح للسيادة اليمنية، حَيثُ تمنع السلطات المسيطرة على الأرخبيل دخولَ المواطنين اليمنيين من البر الرئيسي؛ بذريعة منع انتشار فيروس كورونا، فيما تسمح للسياح الإسرائيليين بدخولها عن طريق الإمارات، كما نشرت بعضُ المواقع أخباراً عن مشاهدَ غير أخلاقية للسياح الإسرائيليين في الجزيرة.

ويؤكّـد السفير حجر أن هذا التطاول الوقح من دويلة الإمارات يعد تحديًا سافرًا لميثاق الأمم المتحدة وإثباتًا جازمًا على النوايا الخبيثة لدول تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي على اليمن لخدمة الخطط التوسعية للكيان الصهيوني في العالم العربي.

ويزيد بالقول: ومن هذا المنطلق فَـإنَّ الحق المشروع لحكومة الإنقاذ الوطني أن تتخذ الإجراءات العسكرية والسياسية الكفيلة باستعادة السيادة اليمنية على جميع أراضيها ودحر القوات الأجنبية المحتلّة من سقطرى وجميع الأراضي اليمنية المحتلّة، كما أن مثل الخطوات الاستعمارية السافرة تعطي اليمنَ الحقَّ في الدفاع عن أراضيها بكل الوسائل، بما في ذلك ضرب المصالح والأهداف الاستراتيجية الإماراتية في كُـلّ مكان داخل الإمارات وخارجها.

 

تنفيذُ أجندة صهيونية

من جهته، يؤكّـد المدير التنفيذي لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني، عبدالعزيز أبو طالب، أن دويلة الإمارات تعتبرُ دولةً وظيفيةً لخدمة المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة العربية.

ويقول أبو طالب في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: بالنظر إلى قدراتها ومؤهلاتها نجد أنها لا تمثل دولةً مستقلةً، فضلاً عن أن تمثل دولة عظمى؛ كي تطمح للنفوذ والاحتلال، موضحًا أنها لا تمتلكُ السيادةَ الكاملةَ في وجود القواعد العسكرية الأجنبية لحماية كيانها ولا يمثل سكانها سوى 17 % من مجموع السكان المتواجدين على أراضيها، وعليه فهي فقط تنفذ أجندة أمريكية صهيونية ولا يعدو كونها قفازاً لممارسة العمليات القذرة لصاحب المشروع الأصيل، مبينًا أن مشاركتها في العدوان على اليمن تأتي في هذا السياق وتركيزها على الموانئ والجزر اليمنية ومضيق باب المندب التي تمثل أهميّة استراتيجية في المنطقة والعالم، وبالتالي فهي تقوم بالنيابة بالتدخل الصهيوني وانتهاك سيادة اليمن تنفيذاً لمصالح الكيان وطمأنة مخاوفه من باب المندب وسيطرة القوى الوطنية على جغرافية اليمن كاملاً.

ويشير أبو طالب إلى أن جلبَ الصهاينة بتأشيرات إماراتية يدل على انتهاك صارخ من دويلة الإمارات على السيادة اليمنية وخيانة بجلب أعداء إلى التراب اليمني الطاهر، ومحاولة لتطبيع الوضع القائم بتجريف هُـوِيَّة الجزيرة اليمنية، وقد جاء فيلمُ جاسوس الموساد في اليمن ليُثبِتَ التدخلَ الصهيوني القديم في اليمن، واليوم يأتي عبر أذنابه والمطبعين معه لخدمة كيانه، كما يدل على مدى الخيانة التي وصل إليها المرتزِقة من عملاء الإمارات من مِليشيات عميلة وقوى سياسية خائنة.

ويقول أبو طالب: إن خطورة هذا الانتهاك يأتي في أنه يَمُسُّ السيادة الوطنية ويصادر أرضاً يمنيةً بمساعدة وتواطؤ من الخونة من عملاء أبو ظبي في الجنوب والميليشيات المسلحة، كما أنها تمثلُ إهانةً للشعب اليمني الذي لا يعترفُ بالكيان الصهيوني ولا يسمح بتواجد أي صهيوني على أراضيه، وهذه الانتهاكات تمثلُ خطراً على مستقبل الجزيرة ووحدة اليمن وسلامة أراضيه.

ويوضح أبو طالب إمْكَانيةَ مواجهة ذلك أولاً باستنكار رسمي وشعبي وتأجيج حالة السخط في وعي المجتمع اليمني تجاه دويلة الإمارات وعملائها الخونة، وإثارة الحادثة كقضية رأي عام وطنية عبر عقد الندوات والمحاضرات والكتابات التي تتحدث عن هذه الجريمة لترسيخِها في الوعي الجمعي اليمني، ثم الاستمرار في دعم صمود الشعب اليمني والجيش واللجان الشعبيّة التي تعملُ على تحرير كُـلّ شبر من الأراضي المحتلّة وطرد القوات الأجنبية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com