إنسانيةُ الطيار الأمريكي غلبت النخوةَ العربية

 

الاعتزاز خالد الحاشدي

صمت العرب على جرائم بشعة تُرتكب بحق إخوانهم الفلسطينيين من قبل أعداء الله، وماتت ضمائرهم ولم يحركوا ساكناً طول هذه المدة، بينما تجسدت الإنسانية في جندي أمريكي هانت عليه نفسه أمام جرائم “إسرائيل” ووحشيتهم بحق أهل غزة..

هنا يصعب التحدث عن هذا الجندي الطيار الذي لن ينساه التاريخ، نظر لمظلومية غزة من باب الإنسانية لا من باب الدين، حركه ضميره الإنساني، رغم اختلاف الأديان، بينما أولئك العرب الذي يجمعهم دين واحد ولغة واحدة، تخلوا عن إخوانهم الفلسطينيين بل وباعوهم وباعوا القضية لأحفاد القردة والخنازير.

بينما كان العرب معروفين بالنخوة والحمية العربية، إلا أن موقف هذا الطيار الأمريكي/ آرون بوشنل وإنسانيته غلبت تلك النخوة العربية، مَثَلُه مَثَلُ الذي ذكره الله في محكم كتابه العظيم وقال: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى)، تختلف الأحداث ولكن المواقف لم تختلف؛ فذلك الرجل الذي ذكره الله في هذه الآية كان موقفه أن هب مسرعاً ليقول لأولئك القوم الفاسقين أن يتبعوا المرسلين ويوحدوا الله ولم يتلقَ أية إجَابَة.

وموقف هذا الرجل الأمريكي يشبه موقفَه وإن اختلف المراد والغاية، هو تألم من رؤية تلك المشاهد التي مزقت قلبه ويعلم أن بلاده أولُ الداعمين لـ “إسرائيل” والمشاركين في شن خبثها وحقدها على المستضعفين.

فلم تدعه تلك الوحشية أن يسكت أمامها، أَو يغض طرفه عنها، فلم يسعفه الوقت لأن يقترح على نفسه اقتراحًا آخر غير أن يحرق جسده، مثلاً كان ليفكر بما أنه طيار مضحٍ بروحه كان بإمْكَانه أن يقوم بقصف السفارة الإسرائيلية في بلاده، بدلاً من أن يقوم بحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية وتلتهم جسده النيران، ولكن وجعه وألمه سبق تفكيره؛ فما كان أمامه إلا أن يقوم بإشعال النيران على جسده لتلتهمه، كما تلتهم أهل غزة، أراد أن يتألم كما يتألمون، ويحرق كما يحرقون.

أية شجاعة تلك؟!

وأية روحية حملها ذلك الجندي؟!

ولماذا فعل ذلك وكان باستطاعته أن يتجاهل ولا يبالي كما فعل غيره من المسلمين والعالم كله؟!

ضحى بنفسه عندما رأى الصمت العربي، وتعجب من عروبة العرب المزعومة، ضحى بنفسه لعل الضمائر تصحو، ويقف أي أحد بجانب أهل غزة، إلا أنه لا حياة لمن تنادي!

فمات وهو يردّد كلماته التي ستبقى محفورة في جبين التاريخ (الحُرية لفلسطين، ولن أكون متواطئاً بعد الآن في الإبادة الجماعية).

وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أين العرب وعن أية عروبة ونخوة تتحدثون، أمام ما فعله ذلك الجندي الأمريكي؛ مِن أجل فلسطين؟!

فماذا فعلتم أنتم؛ مِن أجلِها؟!

حتى كلمة واحدة لم نسمعها منكم لمناصرة قضية الإسلام..

ألا تستحون أن تغلب إنسانية الأمريكي نخوتنا العربية؟!

صدق من قال إن لم تستحِ فاصنع ما شئت.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com