ذواتُ الحِسابات الحمراء

 

بتول عبدالله الحوثي

ظاهرة الرايات الحمراء ظاهرة جاهلية معروفة انتشرت في ذلك العصر بشكل كبير، وهذا دليل التخلف العقلي والإنساني وذهاب الزكاء والأخلاق.

تلك الدعوة التي كانت تدعوها البغايا لا تنفك هن كونها دعوةً للشيطان؛ إذ عرض خطواته عرضاً مغرياً فاستجابَت له النفس الأمارة بالسوء خطوة خطوة حتى صارت من جنده.

والشيء المعروف أن ذلك لم يعد معروفاً بل أصبح منكراً مع تحول حال البشر من مجتمع جاهل أُمّيٍ بلا علم ولا حضارة أَو ثقافة إلى مجتمع مؤمن راقٍ قال الله عنه: “خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ”.

ولكن الطامة العظمى والفضيحة الكبرى أن تعود مثل هذه الظاهرة في هذا المجتمع الذي أريد له أن يكون: “… أُمَّـة وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” ولكن بأساليب جديدة وبتقنيات عصرية.

فبدلاً عن تعليق راية حمراء على الخيام تقوم النساء في العصر الراهن بتعليق منشور أَو مقطع فيديو ذو محتوى هابط لا يفهم منه إلا أنه راية حمراء تنادي من هب ودب للتلاعب بعرضها والمساس بعفتها.

تضع خلفية أَو حالة في أحد حساباتها لامرأة عارية أَو مناظر ليست مباحة، ولسان حالها يقول: (أنا أؤيد هذه التصرفات) وقد تفعلها لولا أخذها الأسرة والمجتمع والبيئة بعين الاعتبار.

وفي بعض الأحيان قد تضع صورة لأحد أطرافها بشكل مغرٍ وحركات غريبة لا تفهم حتى هي معناها، ناهيك عن البعض التي تظهر كامل الجسد وهي في أحسن طلة وكامل زينة.

هذه الشاكلة لا تجد بداً ولا ترى ضيراً في أن يعلق على منشورها رجل أَو أكثر وأن تقبل صداقة هذا وذاك من صالح أَو طالح، وتبدي فرحاً وسروراً إذَا جمعت الكثير من إعجابات الذين لا يغضون أبصارهم.

وتقبل صاحبة هذا الحساب خطاباً تجرد من حجاب، مستفرداً بها في أجواء خَاصَّة حتى استأنس كُـلّ منهما بالحديث للآخر وهي بفطرتها تبث له من عسل فمها أخضع القول حتى يسيل لعابه.

وقد تنوعت مظاهر التبرج والبهرجة بتنوع واتساع العوالم والأحداث، وتبنيها واتباعها ليس دليلًا على الحضارة والتقدم، بل من معالم العصر الجاهلي وعودة لزمن التخلف المقيت، وقد وصفه من هو أصدق حديثاً بأنه: “تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى”.

إن الرقي الحقيقي هو سمو الإنسان في نفسه وعلمه وثقافته ومبادئه وأخلاقه، والنهضة الحضارية هي العزة التي تمنحها العفة والطهارة وحسن السيرة والسلوك والتي تنقذ الشخص من أنياب الضباع المفترسة، والحرية الشخصية هي في عدم التبعية والتقليد الأعمى، وأن تبقى أذواقنا واختياراتنا وتصرفاتنا بما يتناسب مع شخصيتنا ويتوافق مع تعاليم ديننا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com