النورُ الذي لا ينطفئ

 

الزهراء عادل

في كُـلّ زمان وعصر، بالأمس وباليوم، على مر الدهور يتحَرّك أهل الباطل لبسط سيادتهم ومد نفوذهم، يسعون دائماً لأن يكون الباطل هو ما يسود الأُمَّــة؛ يريدون بذلك أن يطفئوا نور الله ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره، مهما ساد الطاغي وتجبر، مهما عبث وجار على هذه الأرض، مهما هيمن وتسلطن، سيعلُ الحق ويسُدْ، سيُزهق الباطل على أيدي أهل الحق، سيقرأ من على المنابر {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}، سينتهي سواد الليل؛ ليعم نور الصباح.

تمر الأيّام لتصبح شهورًا والشهور أعوامًا إلى أن أتى شهر شعبان لعام 1379 هـ ومن بلد يمن الإيمان، من منبع الهدي القرآني، من صعدة العز، شع نور الله بقدوم الأسد الغالب، حفيد أشجع طاعن وضارب، علم الهدى ونور الله على هذه الأرض، سُمي ذبيح كربلاء، العلم القائد، السيد المجاهد: حسين بدرالدين أمير الدين الحوثي.

وفي ظل أسرة كريمة، ومن على يدي عالم رباني تخرج لنا علم الهدى السيد/ حسين، ليخرج من أسرة قرآنية، كما تخرج جده حيدر من بيت النبوة.

“وهكذا نشأ وترعرع في رحاب القرآن وعلوم أهل بيت النبوة -صلوات الله عليهم-.

كان السيد حسين جديرًا ومؤهلًا بأن يؤتيه الله ما آتاه من العلم والحكمة والبصيرة والوعي والقدرة على القيادة كثمرة لما كان يحمله في عمق روحه الطاهرة من مؤهلات العظمة والقيادة…”.

وبينما كان الطاغوت منهمكاً في تحقيق أحلامه وأوهامه، وفي حين كانت تُحكم هذه الأُمَّــة من قبل أراذل القوم، وبين ليلة وضحاها، من منبع الهدي القرآني، -مدرسة الإمام الهادي بمران- تتوج بتاج العزة والكرامة، من تلك المدرسة يرفع وبأعلى الأصوات شعار البراءة من أعداء الله، ليسمع العالم أجمع مستضعفي القوم يتحَرّكون ويصرخون بما لا يجرؤ على قوله أنس ولا جان «الله أكبر /الموت لأمريكا /الموت لإسرائيل /اللعنة على اليهود /النصر للإسلام».

ليصبح الخميس السابع عشر من يناير 2002م يومًا يسجل على صفحة التاريخ، وتعلو صرخة الحق كما عُلي من قبلها أذان الله أكبر.

وفي الساعة العاشرة صباحًا ليوم الأحد 17/ 6/ 2004م، وبعد أن جاءت أوامر الشيطان الأكبر “أمريكا” للسلطة الظالمة بشن الحرب بدأ إطلاق القذائف المدفعية والدبابات والصواريخ لتشتعل بعدها حرباً لا تُبقِي ولا تذر، وبالمقابل قُوبِلت هذه الحرب من السيد بعزم وثبات وثقة كبيرة بالله مجسدًا قول الحسين بن علي -عليهم السلام -حين قال: “ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة وبين الذلة وهيهات منا الذلة”.

وكما حوصر شهيد كربلاء على تلك الأرض ومنع عنه وعن أهله الماء، حُوصر شهيد مران هو وأهله ومن معه من المؤمنين في جرف سلمان ليقطع عنهم أحفاد معاوية ويزيد الماء ويقوموا بضخ البنزين وإشعال النار في الجرف، ليخرج الشهيد القائد من الجرف مثخنًا بالجراح محمولًا على الأكتاف؛ بناءً على أمان كانوا قد أعطوه ولكن الخائن لا يُؤتمن، فما إن خرج السيد حسين حتى قاموا بإطلاق النار عليه من كُـلّ جهة لتعود كربلاء من جديد ويرتقي الحسين سيدًا شهيدًا ظمآنَ كجده الحسين -عليهم سلام الله-، ليسارع الأعداء بإخبار أسيادهم بما حقّقوه من إنجاز، كما سارع من قبلهم أبناء عمومهم عمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن لعنة الله عليهم أجمعين، راجين أن ينالوا بذلك رضا سيدهم، لكنهم إنما استعجلوا بذلك عقوبة الدنيا قبل الآخرة.

وهكذا في السادس والعشرين من شهر رجب لعام 1425هـ الموافق العاشر من سبتمبر 2004م ارتقى سيد الشهداء، حفيد الآل، علم الهدى، شهيدًا، حرًا أبيًا، كريمًا قائدًا، سيدًا وأميراً.

فاز الحسين وخاب الأعداء، ظنوا بقتلهم الشهيد القائد سينهون المشروع القرآني وأبى الله إلا أن يتم نوره، مكروا ومكر الله والله خير الماكرين، قالوا بعزة أمريكا إنا لنحن الغالبون، وقال الله: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}، هُزموا هم وانتصر الحسين، دثروا لكن الحسين ما زال حياً، فالسلام عليك يا سيدي يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حياً، ولا نامت أعين الأعداء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com