كلمةُ مسيرة ميدان السبعين ألقاها عضو لجنة نصرة الأقصى أحمد محمد حامد:

على كُـلّ حراس الصهيونية ألا يقربوا بحارنا فالطوفان بانتظارهم والحيتان جائعة وتشتهيهم

نعلنُ حالة الجهوزية لأية معركة والتهديدات الأمريكية أشعلت حماسنا للتنكيل بالأعداء

نؤكد على استمرار موقفنا المتصاعد والصادق مع القدس وفلسطين واستمرار موقفنا الواعي والحكيم المناهض والمعادي لأمريكا و “إسرائيل”

 

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وتـحيةُ إجلال وإكبارٍ لهذا الشعب العزيز، شعبِ الإيمان والحكمة، شعبِ الوعي والعزيمة، شعبِ الحرية والاستقلال، شعب الصبر والصمود شعب الجهاد والمسؤولية، شعب الثقافة القرآنية والهُــوِيَّة الإيمانية

هذا الشعبُ العظيمُ الذي يقفُ المواقفَ الإيمانيةَ المشرفة، ويخرج باستمرار في مسيراتٍ مليونيةٍ كبيرة؛ مِن أجل الله، وجهاداً في سبيل الله، ونصرة لقضايا الأُمَّــة ووقوفاً مع فلسطين، ومع القدس ودفاعاً عن القرآن وعن النبي والمقدسات، شعوراً منه بالمسؤولية، وقياماً بالواجب، الذي يفرضه عليه دينه وإيمَـانه، وإنسانيته، وإدراكاً لخطورة التقصير، والعواقب الوخيمة للسكوت، أمام ما يعمله اليهود، وما يمارسه أعداء الأُمَّــة من ظلم وفسادٍ في الأرض، ومحاربةٍ للدين، وتجريفٍ للقيم، ومسخٍ للأخلاق والفضيلة.

لا يثنيه عن ذلك لا عدوانٌ ظالمٌ، ولا حصارٌ جائرٌ، ولا حساباتٍ سياسيةٍ، ولا عقوباتٍ محتملةٍ؛ لأَنَّه يعرف أن من يجب أن يُخاف منه هو الله سبحانه وتعالى، الذي بطشه شديد وعذابُه أليمٌ، الملكُ المهيمن الذي إليه يرجع الأمر كُله ومَنَ عواقبُ الأمور بيده، وَمَن يُدبر الأمر، ويَخلقُ المتغيرات، ويَحكمُ ما يريد، وهو سبحانه، مِنْ وَرائهم مُحيط، يَمكر وَيَكيد، يَنصر ويُؤيد، جبارٌ منتقم، بكلِ شيء عليم، وعلى كُـلّ شيءٍ قدير، وهو الوليُ والناصرُ، وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً.

شعبَ الإيمان والحكمة: إن هذا الوعي الذي حملناه، والمواقف المشرفة التي تبنيناها، هي ثمرةٌ من ثمار الثقافة القرآنية، ومكاسبِ الجهاد في سبيل الله، وبفضل نعمة القيادة، التي تمثل مع الهدى أكبر نعمةٍ منَّ الله بها على هذا الشعبِ العزيز وعلى الأُمَّــة بكلها.. قيادةٌ وفيةٌ عزيزة، قويةٌ شجاعةٌ حكيمة، صادقةُ واثقةُ رحيمة، أعزت هذا الشعب، ورفعت رأس الأُمَّــة، وأعادت الأمل للشعوب المستضعفة، قائدُ عزيز أبرز قوَة الإسلام، وحكمَة القرآن، وأعاد للمسلمين الاعتبار، ودَّلهم على طريق العزة وَالفوز والفلاح، في إطار مسيرة قرآنية، ومشروع عملي، يُمثل الحلَّ والمخرجَ للخروج من هذا الواقعِ السيء، وحالةِ الهوان والذلة التي تعيشها أُمتنا الإسلامية والتي وصلت فيها إلى مستوى من الضعف والهوان باتت فيه غير قادرة على اتِّخاذ موقفٍ مشرفٍ أَو حتى صياغَة بيانٍ مؤثرٍ بل وصل بها الحال إلى أن أصبحت تدافع عن أعدائها وتخدُمَهم، وتُقبل اليد التي تضربها، والقدمَ التي تدوسها، وتجندُ كُـلّ إمْكَاناتها في إسكات الأصوات الحرة خدمة لأعدائها.

شعبَ الإيمان والحكمة، لقد كان لـ “طُـوفان الأقصى” الدور الكبير الذي يقدم الشواهد والبراهين على صدق الموقف وأصالة الانتماء ويفرز الصادقين من الأدعياء.

إنه زمن كشف الحقائق الذي تحدث عنه الشهيد القائد –رضوان الله عليه- والذي تجلت فيه الحقائق على أرقى مستوى، ترى فيه من الشواهد ما يكفي لمعرفة الحقيقة لمن أراد الحقيقَة في الساحة الإسلاميةِ وخارجِها، فقد كشف بكل وضوحٍ كذبَ وزيفَ وخداعَ أمريكا والغربِ الكافر، في عناوينهم الزائفة التي خدعوا بها العالم واستعمروا بها الشعوب، ونهبوا ثرواته، وخدعوا شبابه، والكثير من مثقفيه، حَيثُ ظهر جليًّا مستوى الدعمِ والتحريضِ والتبني والمشاركة، من قبل أمريكا والغرب الكافر، لليهود الصهاينة في ارتكاب أبشع الجرائم بكل حرية، وبكل استخفاف بالدم المسلم، في مجازرَ بشعةٍ لم يشهْد لها التاريخ مثيلاً في تاريخ الإجرام فظهرت الصورةُ الحقيقية للحرية المزعومة، في تلك المجازرِ الجماعيةِ التي يرتكبها قتلة الأنبياء بالجملة، وفي تلك الأطنانِ من القنابل والأسلحة الفتاكة التي يقتلون بها الأحرار والحرائر، من أبناء الشعب الفلسطيني بكل حرية، وبلا رحمة، وبلا إنسانية، وعلى مرأى ومسمع من هذا العالم الصامت والمتواطئ، ظهرت حريتهم الزائفة في قتلِ عشراتِ الصحفيين ومعاقبةِ وطردِ الرياضيين الذين يعبرون عن تضامنهم مع فلسطين داخل الغرب المتشدق بالحريات، وتجلت هذه الحرية في إطلاق الكلاب البوليسية لنهش الجرحى واستهداف مدارس الأونروا المكتظة باللاجئين، وشاهدنا حقوقَ الإنسان واضحةً جليةً بين ركام المباني، التي امتلأت بها الأحياء والحارات، حَيثُ الإنسان يمزق والأسر تباد وَتقطع، والبشر يداسون بالمجنزرات وَيدفنون أحياءً، فلا حقٌ حفظ ولا حُقوق بَقيت.

وشاهدنا الأطفال بالآلاف قتلى وجرحى، وآلاف أُخرى يبحثون عن بقايا أم ممزقة، وأشلاء أبٍ متناثرة، لم يحصلوا على أبسط الحقوق في هذه الحياة، التي ملأتها أمريكا إجراماً وظلماً فأسرٌ بأكملها أُبيدت ومُسحت من السجل المدني وعشرات الآلاف لم يعد لهم مأوى ولم يعودوا يحصلون على شربة ماء أَو حبةِ دواء.

شاهدنا المستشفياتِ تُقصف، والمخابزُ تُستهدف، وظهرت تلك العناوين الزائفة في أحزمة نارية وبراميل متفجرة ودعمٍ ومساندةٍ أمريكية وتصريحاتٍ تقول إنه لا أدلة بعد عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وحرب الإبادة الجماعية.

وجدنا القانوَن الدولي ممزقٌ بين جماجم الأطفال، ومرميٌ داخلَ حضاناتِ الخدج وأشلاء الرضع، والأمم المتحدَّة علينا مكبلة بلا قلق ولا أسف.

وجدنا الجامعةَ العربيةَ وقادة العالم الإسلامي يجتمعون على خذلان غزة ويخرجون ببيانٍ هزيلٍ تستحي أن تقوله عجوزٌ حرةٌ مثَّل طمأنةً للعدو الصهيوني وأعطى رسالهَ خزيٍ وعجزٍ واستسلام، أمام اليهود وأعداء الأُمَّــة، وجدنا صمتاً عربياً مخزياً، وفتاوى لعلماء السوء سيئةً مُريبة، تدعو إلى الصمت، وتحث على إغماض الأعين.

تأمر بالملاهي وتنهى عن المظاهرات، وجدنا مراقص في السعوديّة، وجلب للمغنين اليهود والملحدين، وإطلاق مسابقاتٍ للكلاب والقطط وكأن ما يجري في غزة حفلةُ عرسٍ لا جرائم إبادة.

وجدنا من يَعرضُ نفسهُ من الخونة والعملاء في سوق الخدمة دفاعاً عن اليهود، ونصرة للصهاينة، ومَن يُفَّعل سلاحه لحماية العدوّ الإسرائيلي.

وجدنا أنظمة تحاصر غزة، وتغلق معابرها وتفتح جسراً برياً لإمدَاد اليهود بالمواد الطازجة.

وجدنا زعماء همهم إخراج الأسرى الصهاينة، ومصافحةِ قادةِ الاحتلال، بدون حياءٍ ولا خجلٍ.

وجدنا منابرَ، وأقلاماً تـخدمُ اليهود، ومساحاتٍ وإعلام تدافع عنهم، تزرع اليأس، وتصنع التبريرات، ووجدنا في المقابل أصواتاً حرةً ومواقفَ صادقةً أبيةً، تُدافع وتناصرُ وتكشف الحقائق، تضرب العدوّ وتقدم الشهداء.

وجدنا شعباً يمانياً يُطلقُ الصواريخَ والطائراتِ، ويخوضُ للقدسِ الغمرات، يركبُ الأمواج، ويقتاد السفن الإسرائيلية، ويضربُ أية سفينةٍ تتجهُ إلى موانئِ الاحتلال، ويفرضُ حصاراً على العدوّ مقابل الحصار.

وجدنا قائداً عزيزاً برز في الميدان لم يتركْ غزةَ وحدها، ولن يتركها، أعلن وبكل وضوح، وأسمع كُـلّ العالم، أن المعركة واحدة، وأن العدوّ واحد، واتخذ خيارات لم يتخْذها لشعبه في مواجهة العدوان، ليتجلى بذلك أن القدس هي العنوان الكبير، الذي احتضناه قضيةً، وآمنا به مبدأً، واتجهنا إليه جهاداً ومسؤولية.

وجدنا شعباً لا تخيفه التحالفات، ولا توقفه التهديدات، ولا تُرعبه القطع العسكرية الأمريكية، وإن قالوا عنها مدمّـرةٌ، وحاملةٌ، ومزلزلةٌ، فنحن نراها صيداً ثميناً إذَا حركت أمريكا ذيلها وورطت نفسها.

لشعبنا اليمني العزيز نقول: إن هذا الموقف الشعبي، والالتفاف الجماهيري الكبير يَحسب له العدوّ ألف حسابٍ، فموقفكم العظيم والفاعل أوقف ميناء إيلات وغيرت به سفن الاحتلال والناقلة إليه طريقها عبر الرجاءِ الصالح، وجَمَّدت به كُبريات الشركاتِ البحرية عملها، وارتفعت به السلع في أسواق العدوّ الصهيوني وكبَّده خسائرَ فادحةً، موقفٌ غيرَ قواعدَ المعادلاتِ مع أمريكا وإسرائيل وكسر الحاجزَ الذي صنعوه لأنفسهم وأذلَ أمريكا وإسرائيل وأسقط هيبتها، موقف أحرج الأعراب وكشف النقاب عن مستوى السقوط لأنظمة تتفرج على ما يجرى في غزة من مجازرَ جماعية وحربَ إبادة وتجويع، ولا من مجيب إلا من بعض أصوات ومواقف، كنتم أنتم رجالها الصادقين قولاً وفعلاً وتأثيراً.

وللمتصهينين من أنظمة العمالة: فكروا في أوجاع غزة بدلاً من التفكير في هموم الصهاينة والتخفيف من معاناة اليهود، تحالفوا؛ مِن أجل إخوانكم بدلاً من التحالف مع أعدائكم، ما بالكم؟ ما طبكم؟ ما دواؤكم؟ مَا الذي دهاكم؟ حتى وصلتم إلى هذا الواقعِ المخزي والغريبِ والمؤلم، إنكم بهذا التيه تدفعون ضريبة نسيانكم لله وإضاعتكم لكتاب الله وإعراضكم عنه وولائكم لأمريكا وطاعتكم لليهود ولن تنجوا من عقوبة الله لكم، تسليطه عليكم.

لمن تحتفظون بجيوشكم وأسلحتكم، إذَا لم تتحَرّكوا في موقف كهذا الموقف فمتى ستتحَرّكون؟ إذَا لم تحَرّككم هذه المجازر الوحشية ونداءات أطفال ونساء غزة فمَا الذي سيحرككم؟ أين غيرتكم؟ أين عروبتكم؟ أين إسلامكم؟ ما أخزاكم… وما أذلكم… وما أسوأ موقفكم، فمأساة غزة كبيرة لا يسكت عنها إلا من لا ضمير له.

لحراس إسرائيل المتحالفين؛ مِن أجل حماية سفنها، لا تتورطوا في إذكاء النار فالبحر عميق والحيتان جائعة ستندمون، وتغرقون، وتتفاجأون؛ لأَنَّ الموقفَ ثابتٌ والقرارَ نافذُ، حصار بحصار ولا حَـلّ إلا بوقفِ العدوان ومن يتحَرّك في هذا التحالف يعلم علماً يقينياً أنه يقدم خدمة لإسرائيل، أما أكبر خطر يهدّد الملاحة الدولية وجميع الدول فهو التحَرّك الأمريكي الذي يسعى لعسكرة باب المندب وخليج عدن وتأمين الصهاينة ليرتكبوا حرب الإبادة بكل أريحية.

وللمرتزِقة والخونة وحراس الصهاينة: لقد بعتم شعبكم وكنتم مطايا للاحتلال على بلدكم، وتنافستم في العمالة والخيانة، خدمة لأعدائكم، في أسوأ موقفٍ وأخزى عملٍ، فلا تتنافسوا في خدمة اليهود على حساب أهلنا في غزة، وتتاجروا بالدماء والمقدسات؛ لأَنَّكم ستخسرون حتماً وتضيفون إلى سجلكم السيئِ خزياً إلى خزيكم وسوءاً إلى سوئكم.

ولفلسطين وغزة لستم وحدكم؛ فالله معكم ناصراً ومعيناً، ونحن معكم وإلى جانبكم شعباً وقيادة حتى النصر بإذن الله.

ولسيد القائد نقول: يا سيدنا فوضناك، فنحن جنودك ورصاصة في يمناك، اضرب بنا أنى تشاء وخض بنا عمق البحار، لك العهد.. لك الولاء.. لك الطاعة.. لك الوفاء.

وفي الأخير نؤكّـد على استمرار موقفنا المتصاعد والصادق مع القدس ومع الأقصى ومع فلسطين وموقفنا الواضح والواعي والحكيم المناهض والمعادي لأمريكا وإسرائيل.

كما نشكر لكم حضوركم وتفاعلكم واستمراركم في الحضور والخروج الجماهيري الكبير مع إخواننا ومقدساتنا في فلسطين، والذي ليس بالأمر البسيط بل أقل ما يمكن أن نقول عنه إنه جهاد في سبيل الله، كما ندعو إلى تفعيل المقاطعة الاقتصادية بقوة والاستفادة من مدرسة الأحداث والشواهد والتسلح بالوعي العالي تجاه ما ينشره الأعداء وأذنابهم من شبه ومن دعوات تثبيط ومحاولات تقزيم لمواقفنا المؤثرة والفاعلة والعظيمة.

دمتم في عزٍ ونصر وثبات.

{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com