الأمينُ العامُّ القُطري لحزب البعث العربي وزير الثروة السمكية محمد الزبيري في حوار لصحيفة “المسيرة”: القيادةُ تدركُ أن معركتَنا مع تحالف أهدافُه قذرةٌ لكنها مصيرية بالنسبة لليمن

المسيرة- حاوره إبراهيم العنسي:

دعا الأمينُ العام لحزب البعث العربي -فرع اليمن- وزير الثروة السمكية في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، الأُستاذ محمد الزبيري، إلى تنفيذ عمليات عسكرية نوعية إذَا واصل النظامُ السعوديّ المراوَغةَ والمماطَلةَ، ولم يجنح للسلام.

وأكّـد الزبيري في حوار خاص لصحيفة “المسيرة” أن “القادمَ سيكونُ أشدَّ وأقوى في مواجهة مشاريع الاحتلال”، مطالباً الجميع بالتحَرّك؛ مِن أجل إخراج اليمن من تحت البند السابع وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦، وكذلك طرد قوات الاحتلال من بلادنا.

وأكّـد أن “القيادة في اليمن تدرك أن العدوان على بلادنا هو أمريكي بريطاني صهيوني، وأن الإمارات والسعوديّة مُجَـرّد أدوات”، مؤكّـداً كذلك أن “حقوق اليمنيين سيتم انتزاعها سلماً أَو حرباً”، مُشيراً إلى أن “العدوّ يزعجه كُـلّ تطور وانتصار لصنعاء والقادم سيكون أشد وأقوى في مواجهة مشاريع الاحتلال”.

إلى نص الحوار:

 

– بدايةً كيف تقرؤون رسالةَ العرض العسكري الأخير لصنعاءَ والذي توج بالكشف عن صاروخ “طوفان” والصواريخ البحرية عالية الدقة؟

في البدءِ نتوجَّـهُ بالتهاني والتبريكات لقائد الثورةِ، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ولقيادتنا السياسية بذكرى الثورتَينِ اليمنيتين المجيدتَينِ: ٢١ سبتمبر وَ٢٦ سبتمبر، وَحلول ذكرى المولد النبوي الشريف -على صاحبه وآله أفضلُ الصلوات وأزكى التسليم-، ونؤكّـد هنا أن اليمنَ -تاريخاً وشعباً- يصنع انتصاراً جديدًا يضافُ لانتصار صمودِه ومقاومته الجبروت العالمي. والعرضُ -الذي شهدناه، وشهده العالَمُ، وتناقلته بعض وسائل الإعلام العالمية- كان رسالةً واضحة بأن اليمن اليوم غيرُ يمن الأمس، وأن معطياتِ اليوم غيرُ معطيات الأمس، وأن تحالُفَ العدوان أمامَ خيارَينِ: السلام للجميع وإما الفوضى للجميع، واليمن لم يعد لديه ما يخسرُه، على عكس السعوديّة والإمارات اللتين هما أحوجُ ما تكونانِ للاستقرار والسلام؛ لأَنَّها دولٌ تعيشُ رَغَدَ العيش، ومن كان بيتُه من زجاج لا يرمي بيوتَ الناس بالحجارة، والكُرةُ اليومَ في ملعبهم.

 

– اليومَ هناك إجماعٌ سياسي وشعبي على أهميَّة التمسك بالثوابت الوطنية بعد أن تكشَّفت نوايا وأهداف العدوان من حربه على اليمن، ونحن نتحدَّثُ عن نُخَبِ الداخل السياسية وجزء من النخبة السياسية خارج الوطن.. ألم تكن ظروفُ العدوان القاسية هي من خلقت هذا التوافق؟

صحيحٌ ما تفضَّلت به؛ فالعدوان منذ توقفت المعارك، والتي حقّق فيها الجيشُ اليمني انتصارات باهرة لجأ بعدها إلى معركة أُخرى اقتصادية وإعلامية، بتشديد الحصار الاقتصادي لاستهداف المواطن في معيشته ورزقه؛ بهَدفِ إحداث خلخلة في النسيج الاجتماعي، والأوضاع، وخلق سخطٍ لدى العامة، ينجم عنه تذمُّرٌ واصطدامٌ أَو تمرُّدٌ، وما صاحَبَه، والواقع أنه إذَا كانت هذه قد لاقت استجابةً عند البعض، إلَّا أنها لم تلقَ آذاناً صاغية؛ وذلك لإدراك شريحة واسعة من المجتمع طبيعةَ العدوان وأهدافَه الاستراتيجية التي فضحها احتلالُه للمناطق والجزر والموانئ اليمنية ومحاولةُ تقسيم اليمن وتجزئته ونهب ثرواته ومقدراته.. كُـلُّ هذا جعل المجتمعَ -وفي مقدمته القواعد والقوى السياسية- تعلن تمسُّكَها بالثوابت الوطنية وتأكيد وقوفها ضد العدوان بكل أشكاله وأساليبه، رغم بعض الأخطاء والهفوات التي تُرتكَبُ من طرفٍ هنا أَو هناك.

هذا الوضعُ الذي حوصر فيه الشعبُ اليمني والذي حاولوا استغلاله لم يكن قاصراً على شمال الوطن الحر، بل حتى الجنوب المحتلّ الذي يعاني مرارةَ التجويع والحرمان والقهر البوليسي للمحتلّ ومرتزِقته، وهذا الوضع أنضجَ القناعاتِ بأنه لا بُـدَّ من الثورةِ ضد الاحتلال ومواجهته بكل قوة؛ ولهذا رأينا الاحتجاجاتِ والمظاهراتِ، وُصُـولاً للاشتباكات مع مرتزِقة العدوان بعدن، والقادمُ سيكونُ أشدَّ وأقوى في مواجهة مشاريع الاحتلال.

 

– محاولاتُ استهداف الصف الوطني تصطدمُ بحكمة وقوة صنعاء دائماً.. كم أزعجت العدوَّ هذه الثقة؟

العدوُّ يزعجُه كُـلُّ تطور وانتصارٍ لصنعاء، والعملُ السياسي مشروعٌ وقاعدةُ التباين ليست عيباً، إنما هي وسيلة وطريقة التصحيح للأخطاء إن وقعت، والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وما موقف المؤتمر إلَّا تعبير عن هذا التناغم، ولكنه يؤكّـد في رسالة للخارج أن هناك رأيًا آخرَ يحقُّ له طرحُ وجهة نظره، وأن القيادة والحكومة ليست ضده، كما أن المؤتمرَ -وخلالَ تسعِ سنوات- كان ضد العدوان ومع الثوابت، وهذه تُحسَبُ له، كما أنه شريكٌ في السلطة، وما يؤخَذُ عليه أنه عضوٌ في المجلس السياسي والحكومة، وما كان بالإمْكَان طرحُ مواضيع الخلاف في إطار العمل المؤسّسي؛ حتى لا يستغلَّ العدوان ذلك ويوظِّفَه لصالحه وضمنَ حربه على اليمن واليمنيين.

والمهمُّ والمطلوبُ هو السعيُ لخروج المحتلّ والعمل على إخراج اليمن من تحت البند السابع وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦.

 

– العدوانُ كان ولا يزال يراهنُ على المِلف الإنساني ومرتبات الموظفين.. هل نحن أمام تحوُّلٍ جديد سينجحُ في انتزاع حقوق المواطنين من دول العدوان وهي حقوقٌ بسيطة مما يجب أن يحظى به؟

وفدُ صنعاء المفاوِضُ في الرياض يسعى لتحقيقِ هذا الهدف وغيره من أهدافِ حرية وسيادة اليمن واستقلاله، وإن شاء الله، تتكلَّلُ جهودُ المفاوضين بالنجاح لإنهاء معاناة الموظفين، وهذا ما تعد به السلطة اليوم، فحقوقُ اليمنيين سننتزعُها سِلْماً أَو حرباً.

ومع ذلك ومع كُـلّ الظروف الاقتصادية والحصار ومصادَرة العدوّ لثرواتِ ومقدراتِ الشعب أقولُ: يجب ألَّا نسمحَ للعدو باستغلال معاناة الناس سياسيًّا في حربِه ضد بلادنا بأَيَّةِ حالٍ من الأحوال.

 

– العفوُ العامُّ الذي أعلنت عنه صنعاء كان بمثابة فرصةٍ ثمينة.. برأيكم كيف يمكنُ أن يستفيدَ منه هؤلاء المخدوعون؟

القوى السياسيةُ في الخارج رهنت نفسَها للعدوان، معتقدةً أن الطريقَ إلى السلطة والعمل مع التحالف هو السبيل لتحقيق مآربها، وبهذا الارتهان اتخذت مواقفَ بعيدةً عن أهدافنا، فخلقت فجوةً بين مواقف قواعدها وقياداتها، وقد ساهمت مع العدوان في تدمير البلد، وعليها الاستفادة من قرار العفو العام والعودة إلى جادَّةٍ للصواب، حيثُ إنها ستكونُ خارجَ قواعد اللُّعبة وقد أصبحت كذلك بالفعل.

 

– أنتم في موقعِكم كأمين عام لحزب البعث- قُطر اليمن.. كيف تفسِّرُ مطالباتِ العدوّ بإجراء حوار يمني يمني وتصوير السعوديّة بأنها مُجَـرَّدُ وسيط؟

لقد كَـثُـرَ الحديثُ عن الحوار اليمني- اليمني، والعدوانُ هُنا يقصدُ بذلك حوارَ حكومة الإنقاذ بصنعاءَ مع حكومة ما يسمِّيه “شرعية”، وهذا فهمٌ خاطئ، فلا يوجد كيانٌ مقابل حكومة الإنقاذ، ووفق فهمنا، فالحوار يكون بين القوى السياسية، ولكن القوى التي وقفت مع العدوان وتحالفت معه ودعته لتدمير اليمن عليها -وللضرورات الوطنية- أن تتوب أولاً بعد أن تعترفَ أنها ارتكبت المعصيةَ في حق الوطن وفي حق الشعب اليمني، عسى أن يقبَلَ اليمنيون توبتَها، وأن تعودَ إلى قواعدِها في الداخل.

 

– تتحدَّثُ الرياضُ اليوم عن السلام لكن العدوان لا يزال حاضراً وكذلك الحصار.. لماذا برأيكم يستمر العدوّ بكل هذا الطيش وهو على أعتاب إعلان فشله الصريح أمام العالم؟

الحصارُ الاقتصادي وتجويعُ الناس هدفُه إثارةُ المجتمع للخروج والتمرد على الدولة، وهي سياسة تعتقد دولُ العدوان أنها ستحقّق انتصاراً ولو جزئيًّا؛ للخروج بماء الوجه، وتراهن عليه لتحقيق انتصار بعد الهزيمة العسكرية، وباعتقادي أنه على الرغم من كُـلّ ما يحصل، فَــإنَّ السعوديّةَ ستظلُّ تساوِمُ على الراتب دونَ صرفِه للموظَّفين، وستطرَحُ شروطاً تعجيزيةً جديدةً، وستستخدم وسائلَ وأساليبَ مختلفة مهما زاد ضغطُ صنعاء عليها، كما سيستمرون على هذا الأُسلُـوب المراوِغِ طالما لم تتحقّقْ أهدافُهم الوضيعةُ في إخضاع صنعاء وقراراتها وإرادتها؛ وهو أمرٌ يتطلَّبُ من القيادة السياسية رؤيةً جديدةً لطبيعة المواجهة وعمليات عسكرية نوعية واعتماد أُسلُـوب الاقتصاد المقاوم وإجراء معالجات سريعة لحاجة الناس إلى جانب اعتماد غرفة عمليات للرد على الشائعات، فضلاً عن خارطة طريق لتوحيد الجبهة الداخلية والمزيد من التشاور والحوار.

– كيف تنظر اليوم إلى مستقبل المناطق المحتلّة في ضوء تواجد قوات الاحتلال الإماراتي السعوديّ الأمريكي؟

أبناءُ المحافظات الجنوبية والشرقية يدركون تماماً أن محافظاتهم محتلّة من العدوان، سواء بشكل مباشر أَو عبر مرتزِقة باعوا أنفسَهم للشيطان، فأحدثوا انقساماً وصراعاً اجتماعياً استغلوه في تنفيذ مخطّطاتهم، ومع هذا يدرك المواطنون أن هناك احتلالاً لأجزاءٍ من الوطن؛ لتنفيذ مخطّط خطير يستهدف الوطن وتفكيك المجتمع، وما المسيرات والتظاهرات المندّدة بالتحالف إلَّا دليل على ذلك، ونأمل أن تعودَ هذه المناطق لحاضنة الوطن الأمّ.

 

– برأيكم.. ما إمْكَانيةُ تنفيذ شرط صنعاء بخروج المحتلّ من الأراضي اليمنية والحديثُ هنا عن المناطق المحتلّة جنوباً وشرقاً وجزء من الغرب؟

المجلسُ السياسي وحكومة الإنقاذ -وفقاً لدستور الجمهورية اليمنية- مسؤولون عن الحفاظ على كُـلّ شبر من أرض الوطن، وتصريحات القادة السياسيين تؤكّـد ذلك، ومن هذا المنطلق فَــإنَّ الدولة كالماضي تحتضنُ المناضلين من هذه المحافظات، وتمُدُّ يدَ العون، وتسعى لطرد المحتلّين، وهذه إحدى النقاط الخمس المطروحة في عملية المفاوضات.

 

– بعد كُـلّ هذه المدة من عمر الهُدنة يظلُّ هدفُ السعوديّة معلَّقاً ما بين السلام وعودة الحرب.

اليوم الصورة باتت واضحة، فالعدوُّ هدفُه كُـلُّ اليمن.

الهُدنة أُسلُـوبٌ تكتيكي هدفُه إعادةُ تموضُعِ قوى العدوان وتنفيذ حزمة من السياسات التي تمكِّنُها من تحقيق أهدافها في تفتيت النسيج الاجتماعي، واليمن تتعامل معها وفق قاعدة ثابتة كما في قوله تعالى: (وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) صدق الله العظيم؛ وذلك لإقامة الحجّـة، ومع هذا فَــإنَّ الاستعدادَ قائمٌ فإذا لم ينفذوا الشروط فَــإنَّ انتزاعَ الحق لا بُـدَّ له من صولة وجولة.

 

– هل تتوقَّعُ أن تذهبَ السعوديّة نحو الحل والسلام وأخذ تهديدات صنعاء على محمل الجد دون اكتراث بالأمريكيين.

ندركُ منذُ بدايةِ العدوان أن المعركةَ أمريكيةٌ بريطانيةٌ صهيونيةٌ هدفُها إعادةُ التموضع إقليمياً في ظل الصراعِ القائم في العالم.

وإعلانُ تكتل “بريكس”؛ مِن أجل الحفاظِ على تدفُّق النفط والسيطرة على المنافذ الدولية وفرض واقع التطبيع، وما السعوديّةُ والإمارات إلَّا أدوات، ليس لهما أيُّ تأثير، وكما يقال المَثَلُ في البلدي (لا تهش ولا تنش)، ووفق هذا فَــإنَّ العدوان سيظل والسلام مُجَـرّد وَهْمٍ يُستخدَمُ لتمرير مخطّطات خطيرة، وقيادتُنا تدركُ أن معركتَنا هي مع تحالفٍ أهدافُه قذرةٌ وهي معركةُ مصيرٍ بالنسبة لليمن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com