الخبيرُ والمحلل العسكري العميد الركن عابد الثور في حوار خاص لـ “المسيرة”: قواتُنا في حالة تأهب واستعداد لتنفيذ تحذيرات القيادة وما بعد المولد لن يكونَ كما قبله

المسيرة- حاوه منصور البكالي:

أكّـد الخبيرُ والمحللُ العسكري العميد الركن عابد الثور، أن القوات المسلحة اليمنية في حالة تأهب واستعدادٍ لتنفيذ تحذيرات القيادة، مُشيراً إلى أن ما بعد المولد لن يكونَ كما قبله، في حال استمر التعنت الأمريكي، وفشلت المفاوضات الجارية في الرياض.

وقال في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن “هناك خططًا ذات أبعاد استراتيجية لتصل القوات المسلحة اليمنية إلى أفضل الجيوش في المنطقة”، مؤكّـداً أن قواتنا بدأت الاهتمام بالدفاعات الجوية وتطويرها، وصناعة الطائرات المسيَّرة، وحقّقت بذلك معادلة توازن الردع الاستراتيجي، وأن قواتنا تتجه لتطوير وبناء القوات البحرية لتوجيه أقسى الضربات لأية قوى أجنبية تتواجد في المياه والجزر اليمنية، مُشيراً إلى أن الجيش اليمني وما حقّقه من تطور في مسار الصناعات العسكرية يمثل إضافة نوعية وقوة كبرى إلى محور المقاومة.

المسيرة- حاوه منصور البكالي

 

– بالتوازي مع احتفالات شعبنا اليمني بالذكرى التاسعة لثورة 21 سبتمبر هناك تحول وتغيُّر أحدثته الثورة في مسار الصناعات العسكرية والتي غيرت واقع القوات المسلحة اليمنية من الضعف إلى القوة، رغم العدوان والحصار المفروض على الشعب اليمني براً وجواً وبحراً.. ما تفسيركم لذلك؟

نحن في القوات المسلحة اليمنية نعتبر ثورةَ الحادي والعشرين من سبتمبر امتدادًا لثورتَي 26 سبتمبر و14 أُكتوبر، بل كانت هذه الثورة نقية وصافية من أي تدخل خارجي، وهي تعبر عن هموم وتطلعات أبناء شعبنا اليمني، ولا توجد فيها أية مشاورات لأية أطراف إقليمية، أَو دولية، وجاءت في وقت كانت فيه القوات المسلحة اليمنية في وضع كادت فيه أن تفقد أهم قدراتها ومقوماتها، فكانت هذه الثورة بمثابة روح الشعب الذي أنقذها، وأنقذ الشعب اليمني بأكمله.

وبفضل الله استعادت القواتُ المسلحة اليمنية مكانتها، على الرغم من العدوان والحصار، وما سبقها من الوصاية منذ عام 1962م، وما تلتها من الأحداث والمؤامرات التي أدخلت اليمن في عدد من الحروب الداخلية، في عام 1972م و1974م، وبعد ذلك تدخلت السعوديّة في مختلف القرارات الخَاصَّة بالتسليح وغيرها، وحين خالف شروطَها الرئيسُ الحمدي تم اغتياله، ونصّبت السعوديّةُ على اليمن شخصياتٍ تابعةً لها.

وبعد ذلك دخلنا في أزمة الجنوب، وما بعدها من الحروب التي شنتها الحكومات السابقة خدمة لأجندة خارجية، وكانت القوات المسلحة اليمنية تضعف وتنهك عاماً تلو آخر، وثورة الحادي والعشرين من سبتمبر كانت بمثابة الخطوة الأولى لبناء صمام الأمان من خلال الاهتمام بالقوات المسلحة اليمنية؛ وبها ظهر التصنيعُ الحربي منذ عام 2016م، وتطورت القدرات العسكرية اليمنية، بشكل مشرف، وظهرت بوادره على شكل صواريخ محدودة، وطائرات مسيَّرة محدودة وبعض الأسلحة، وهي الآن تمر بثورة صناعية على مختلف المسارات الجوية والبرية والبحرية، وتحظى باهتمام غير مسبوق من قبل قائد الثورة والقيادة السياسية، حتى وصلت بفضل الله إلى مرحلة تحقيق الردع للعدوان وأسلحته.

 

– ما هي المقوماتُ والأُسُسُ التي اعتمدت عليها القيادةُ العسكرية لإحداث ثورة صناعية في المسار العسكري؟

كانت القوات المسلحة اليمنية تمتلك العديدَ من الخبراء والمفكرين والعلماء في الهندسة العسكرية، وقوات الصواريخ، وفيها كوادر كانت من أوائل الدفع في الأكاديميات العسكرية التي درست في الخارج، إضافة إلى وجود أبحاث ودراسات عسكرية، وجدت من يحتويها ويطبقها في الواقع العملي، كما هو اهتمام القيادة بهؤلاء الكوادر واحتوائهم وتشجيعهم وتمكينهم من أعمالهم التي انعكست إلى نجاح مثمر بفضل الله.

كما هي المخازن التي كانت موجودةً من السلاح الروسي، وتم تحديثها وتطويرها وصناعة أجيال متعددة منها، وبمديات وأبعاد وسرعات متفوقة.

 

– ما هي العواملُ والأسباب التي ساهمت وساعدت في نجاح ثورة الصناعات العسكرية برأيكم؟

عونُ الله وتسديدُه، ووجودُ القيادة الفعلية، كانت من أهم عوامل النجاح المشجعة للمضي في هذا المسار بعزم، وإرادَة، وإصرار، وتحد، ينطلق من الحاجة لمواجهة العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ، وحمل روحية الإباء والثقة بالله وبعونه، إضافة إلى توفر الخبرات اليمنية التي تعلمت، وتخرجت من أفضل الأكاديميات العسكرية في العالم بدرجات متفوقة، حين وجدت من يحتويها ويحقّق طموحاتها ومشاريعها وأبحاثها، إضافة إلى استمرار العدوان والحصار لسنوات متتابعة، وهذا أشعل الحماسَ لدى الجيش اليمني، وقيادته؛ للسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في ما تتطلب المعركة، من الأسلحة المختلفة والمعدات العسكرية، فتضاعفت الجهود وتوسع الاهتمام من منطلق الشعور بالمسؤولية لحماية الشعب اليمني وحريته ووحدته وسيادته الوطنية، ومن عام لآخر تنامت القدرات، وزادت الخبرات، وتوسعت المعارف، وتحقّق في الميدان العسكري تغييرات مشجعة على الاستمرار في مسار التصنيع بعزم وإرادَة عالية جِـدًّا.

 

– ما هي الخططُ والبرامجُ التي عملت عليها القواتُ المسلحة اليمنية حتى وصلت إلى هذه المكانة في التصنيع العسكري؟

من الخطط والبرامج التي بدأت القوات المسلحة اليمنية العمل عليها، تأمينُ الاحتياج من الذخائر بأنواعها والصواريخ القريبة المدى والمتوسطة المدى، وتطوير الصواريخ الموجودة والبناء عليها، وُصُـولاً إلى صناعة الصواريخ البالستية التي تصل إلى عمق العدوّ الصهيوني، وبعدها بدأت القوات المسلحة اليمنية الاهتمام بالدفاعات الجوية وتطويرها، وصناعة الطائرات المسيَّرة، وحقّقت بذلك معادلة توازن الردع الاستراتيجي، وها هي خلال العامين الماضيين تتجه لتحديث وتطوير وبناء القوات البحرية باهتمام كبير جِـدًّا، لتحقيق القدرة على حماية المياه الإقليمية اليمنية، وكافة الجزر والموانئ اليمنية وتوجيه أقسى الضربات لأية قوى أجنبية تتواجد في اليمن ومياهها وجزرها، وهناك خطط وبرامج ذات أبعاد استراتيجية وبجهود متواصلة لتصل القوات المسلحة اليمنية إلى أفضل الجيوش في المنطقة.

 

– البعض يقول إن تطورَ وامتلاك اليمن لأسلحة توازن ردع جعل دولَ العدوان تتوقَّفُ عن المغامرة في استهداف البلاد وشن الغارات المتتالية.. ما تعليقكم على ذلك؟

العدوان الأمريكي السعوديّ كان في السنوات الأولى مُستمرّ في عنترياته وجرائمه الوحشية وخطابه المتعالي، إلى أن ظهرت أسلحة الردع الاستراتيجية، وتم استخدامها بشكل دقيق، ومركز على المنشآت النفطية لشركة أرامكو السعوديّة في “بقيق” و”خريص” و”تنورة”، فعطلت عدد من المطارات التي استخدمها العدوّ السعوديّ لأغراض عسكرية، ودكت غرف التحكم والسيطرة للعدو ومواقعه وقواعده الحساسة، رافق ذلك الفشل الذريع للدفاعات الجوية الأمريكية، أمام هذه الأسلحة المصنعة بأيادٍ وخبرات يمنية 100 %، حينها أدرك العدوّ أنه لا جدوى من الاستمرار في الاعتماد على الحماية الأمريكية التي لا تستطيع توفير الحماية لقواعده وجنوده ومعداته، وأدرك العالم أن العودة لطاولة المفاوضات والبحث عن الحلول السياسية هو الحل الوحيد والفرصة الأخيرة لتنجوا السعوديّة بجلدها.

والحمد لله نستطيع القول إن ما جرى مؤخراً من مفاوضات في العاصمة السعوديّة الرياض، وما سبقها من المفاوضات والزيارات السعوديّة بوساطة عمانية إلى صنعاء ليس سوى ثمرة من ثمار ثورة 21 من سبتمبر والصناعة العسكرية للجيش اليمني، وحكمة وإلهام القيادة الثورية والسياسية والعسكرية التي بذلت قصارى جهدها طيلة الأعوام الـ9 للعدوان للخروج بشعبنا من هذه الحرب الظالمة وهو أكثر قوة ومهابة.

 

– أمام هذا التنامي لقوة الجيش اليمني وصناعاته العسكرية الفعالة.. على ماذا يراهن الأمريكي في تواجد قواته في المحافظات الشرقية والجنوبية وبعض الجزر والموانئ المحتلّة؟

لا يزال رهان العدوّ الأمريكي ومعه البريطاني والصهيوني وأدواتهم العربية ومرتزِقتهم على استهداف الجبهة الداخلية، وتقسيم اليمن إلى دويلات، وأقاليم كما هو جارٍ في المحافظات الجنوبية المحتلّة، وهذا الرهان سيفشل في كُـلّ الحالات، وفي حال رفضت دول العدوان مغادرة قواتها للأراضي اليمنية، حسب مفاوضات السلام، ستطالها يدُ صنعاء وشعبها وجيشها من يخالف، وتجتثُّ بضرباتِ أسلحتها المسدَّدة والدقيقة والفتاكة قواعد وأساطيل الغزاة والمحتلّين وأدواتهم من الخارطة اليمنية، ومياهها الإقليمية، وتستعيدُ السيادة الوطنية على كامل التراب اليمني.

 

– ما أبرزُ الصعوبات والعراقيل التي واجهت القوات المسلحة في مسار التصنيع؟ وكيف تم التغلب عليها؟

مما لا شك فيه أن استمرارَ العدوان وشدة الحصار كانت من أبرز الصعوبات التي وقفت في وجه الجيش اليمني، وحدت من قدراته على تبادل الخبرات والاستعانة بها، إضافةً إلى محدودية الإمْكَانيات والمواد الأَسَاسية في صناعة العتاد العسكري، ولكنها مع الأيّام تغيرت إلى فرص لتحقيق النجاح والتطوير والتحديث الذي واكب المعركة العسكرية مع دول العدوان، ووصل إلى إعادة النظر في البنية التحتية للجيش اليمني، وإعادة بنائه وفق رؤى وطنية جامعة.

وتم التغلب عليها من خلال حشد الطاقات والجهود والخطط المعمقة والعمل بها وفق كُـلّ ما هو ممكن ومتاح نحو هدف واحد، هو توفير تحقيق توازن الردع وإفشال مخطّطات وأجندة العدوان، التي تحطمت على صخرة القوة العسكرية للجيش اليمني وقياداته وأسلحته الرادعة.

 

– برأيكم.. ما حجمُ الأثر الذي حقّقته القواتُ المسلحة اليمنية كإضافة نوعية لمحور المقاومة؟

كان ولا يزال الشعب اليمني منذ بدء الدعوة الإسلامية الدرع الذي استند إليه رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، وهو كذلك مُستمرّ إلى اليوم، وشعبنا اليمني بقيادته الثورية وجيشه الوطني وما حقّقه من تطور يسابق الزمن في مسار الصناعات العسكرية يمثل إضافة نوعية وقوة كبرى إلى محور المقاومة، ما تحدث به وزير الدفاع الصهيوني في تصريحات سابقة، من أن الجيش اليمني بات يمتلكُ قدراتِ تهدّد الوجود الإسرائيلي في المنطقة ويهدّد أمنه القومي ومصالحه، هذه الشهادة من الأعداء، تدلِّلُ على أثر وفاعلية ما حقّقه الجيش اليمني من الصناعات للصواريخ البالستية والطيران المسيَّر، والعقيدة القتالية المبنية على الثقة بالله ونصره لجنوده وأنصاره المجاهدين في هذا العالم.

كما هي الفرحة والسرور الذي نلاحظها في أوساط الشعوب المقاومة وناشطيها وقياداتها عند كُـلّ ضربة كان يوجهها الجيش اليمني لدول العدوان ومرتزِقتها وقواتها المحتلّة لبعض المحافظات والجزر اليمنية.

 

– على مستوى القوات البحرية.. ما هي الخططُ والبرامج التي تعملون عليها؟

هناك جهودٌ مضاعفةٌ للنهوض بالقوات البحرية اليمنية وبنائها وتطويرها وتحديثها، وباتت اليوم تمتلك أسلحة بحرية فتاكة وفاعلة ومقتدرة على تحقيق السيادة اليمنية وحمايتها من أية قوى عسكرية مهما كان حجمها ونوعية أسلحتها، وحال بدأت المعركة البحرية سيعرف العالم كُـلّ العالم حقيقة تحذيرات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وما حذر به رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط، وما حذَّر به الأخ وزير الدفاع، اللواء محمد ناصر العاطفي، وما صرح به رئيس هيئة الأركان، الغُماري، وخلال العرض العسكري في ذكرى العام الماضي لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر أوصلت الأسلحة البحرية رسالتها، وخلال عرض ذكرى هذا العام سيعرف اليمن إلى أي مستوى وصل الجيش اليمني، وألى أين هو ذاهب بعد ذلك.

 

– كيف تقرؤون مستقبلَ الجيش اليمني وصناعاته العسكرية؟

ثقتنا كبيرة بأن السيناريو السياسي للمفاوضات الجارية بين صنعاء الرياض سينجح، وينتهي العدوان والحصار على شعبنا اليمني، وسيكون مستقبل البناء والتحديث والتطوير للصناعات العسكرية اليمنية على مختلف المسارات وفي كافة المجالات، أفضل وأوسع وأكبر، وستتبادل اليمن خبراتها مع أبرز الدول المصنعة للأسلحة الحربية، خَاصَّة الدول التي لم تشارك في العدوان على شعبنا اليمني، وستكون هذه الأسلحة وهذا الجيش صمام أمان، ليس لليمن فقط بل للمنطقة ولكل الدول العربية والإسلامية وأولها دول الخليج الذي نتشارك معها الجغرافيا والمصير، وسيبقى هم قيادتنا توفير الحماية للأُمَّـة بكل شعوبها من خطر الأعداء الحقيقيين، ولن يكون هناك ما يزرع الخلاف بين أبناء هذا الأُمَّــة، خَاصَّة بعد معرفة العالم لحقيقَةِ المساعي الشيطانية الأمريكية والصهيونية والبريطانية والفرنسية.

أما في حال فشلت المفاوضات، فستنطلق معركة التحرير الكبرى، وسيتلاحم فيها الشعب من كافة المحافظات اليمنية والجيش والقيادة في توجّـه واحد، ومضمار واحد، وهدف واحد هو تحرير اليمن من الغزاة والمحتلّين، ودك حصونهم، وإنهاء أي أثر لهم على التراب اليمني بكل أنواع الأسلحة اللازم استخدامها في مسرح العمليات البرية والجوية والبحرية، وسيكون مضمار التصنيع بكميات ونوعيات حديثة تلبي هذا المسار وتأمن تحقيق الانتصار.

 

– كلمة أخيرة؟

نبارك لشعبنا وأمتنا وقائد الثورة والقيادة السياسية والعسكرية وكلّ وحدات الجيش اليمني الذكرى الغالية على قلوبنا ذكرى مولد خير خلق الله محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، وفي هذه المحطة نذكر أبناء شعبنا وأمتنا بعظيم الاقتدَاء بشخص رسول الله، ووجوب توحيد الصفوف لإحيَـاء مولده عليه السلام، وأخذ الدروس والعبر من رسالته الخاتمة وسيرته العطرة وتطبيقها في واقعنا العملي لتجاوز كُـلّ الخلافات والمشكلات التي يقف خلفها اليهود والنصارى.

كما نؤكّـد لقوى العدوان وأدواتهم أن ما بعد المولد لن يكون كما قبله، في حال فشلت المفاوضات الجارية في الرياض واستمر التعنت الأمريكي في إعاقة أي تقدم لإحلال عملية السلام في اليمن، وأن القوات المسلحة اليمنية في حالة تأهب واستعداد لتنفيذ تحذيرات القيادة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com