الشهيد غائب دعلة.. حضورٌ متجدد ومسيرةٌ معطاءة..بقلم/ عبدالله دعلة

 

– الشهيد غايب علي صالح دعلة

– من مواليد محافظة صعدة منطقة مران ١٩٨٤م.

– واصل تعليمه حتى أكمل الثانوية والتحق بالجامعة إلى المستوى الثالث قران كريم.

– أحد أعضاء فرقة الرسالة الإنشادية.

– تاريخ الاستشهاد الحرب الخامسة.

الشهيد “غايب دعلة” غائبٌ جسده، حاضرةٌ سيرته الكريمة وأخلاقه الفاضلة، وجهاده الدؤوب ومقارعته لقوى الطاغوت الحقود، للتاريخ أن يتوقف خجولاً أمام مواقفه الحيدرية، ولنا أن نقفَ إجلالاً لنرتشفَ من معين سيرته المعطاءة، ونتعلم من وفائه الوفاء له ولجميع الشهداء.

الشهيد غائب دعلة نشاء نشأةً إيمَــانية مفعمة بالولاء، شرب الهدي زلالاً من منبعه، وارتوى من فيضه منهجاً لا يضاهيه منهج، وقضية عادلة لا تعادلها قضية.

من بدايات ظهور المشروع القرآني وفي مرحلة الإعداد الثقافي في المراكز الصيفية ما قبل الحرب الأولى، تعلم طالباً على يد الشهيد زيد علي مصلح، وتخرج مجاهداً واعياً بخطورة المرحلة ومتطلبات المواجهة مع أعداء الله، فكان بحَقٍّ من أنصار الحق الأوفياء للمسيرة القرآنية المباركة منذ انطلاقتها.

نبراتُ صوته حين كان منشداً في فرقة الرسالة ما زالت تولد في نفوسنا نبرات من الحرية والإباء، إن الذي جعل من الشهيد غايب دعلة رجلاً عظيماً وأُنموذجاً يقتدى به إنما هو ثمرةً من ثمار معلمه سيدي الشهيد زيد علي مصلح سلام الله عليهما.

فالشهيد غايب بكل ما حمله من القيم الإيمَــانية والحب لله والخشية منه -سبحانه وتعالى- هي التي غرست في نفسه الإباء والحرية والعزة والكرامة، ورفض الذُل ودفعت به إلى أن يتحَرّك مجاهداً في سبيل الله حاملاً سلاح الإيمَــان في قلبه قبل أن يحمل البندقية على كتفه، بائعاً من الله نفسه وماله، ومتاجراً مع الله وأنعم بها من تجارة وأنعم به من بيع.

من القصص المروية والمؤكّـدة عن الشهيد غايب في خوفه من الله وحبه للشهادة في سبيل الله وتألمه مما تعانيه الأُمَّــة أنه في منتصف الليل وَأَيْـضاً في الثلث الأخير من الليل لم يكن يوقظ رفاقه ولم يكن يوقظ زوجته إذَا كان في البيت إلَّا أنّات بكائه وتأوهاته ودموعه المنهمرة على صفحات وجهه الطاهر والمشرق، خوفاً من الله وألماً لما تعانيه الأُمَّــة وحباً وتطلعاً للشهادة في سبيل الله.

أيضاً قصة له قبل استشهاده بساعات كان مع رفاقه وهم في ميدان النزال وعندما قرب الوقت لصلاة الظهر توضأ متجهزاً للصلاة وَإذَا بأصوات آليات العدوّ قادمةً إليهم، تحَرّك الشهيد لملاقاة العدوّ وأشَارَ إلى رفاقه قائلاً (أنا سوف أصلي في تلك المكان) وأشَارَ إلى المكان التي كانت محرابه ليصعد إلى ربه، واجه العدوّ وأعطبوا آلياته، وعندما انهالت عليه رصاصات العدوّ الغادرة سقط إلى الأرض بوضعية الساجد العابد الشاكر لله متجهاً نحو القبلة وكأن لسان حاله يقول الحمد لله الذي وفقني للشهادة في سبيل الله؛ لأَنَّها المطلب الذي كان يرجوها وهي المقصد الذي كان يتمناه بل كانت حلمه وغايته الأولى في حياته.

لم نلبث إلَّا يوماً واحداً من استشهاد شقيقي غايب وَإذَا بنبأ استشهاد والدي قد لحق بركب ولده شهيداً في سبيل الله وكان تاريخ استشهادهم الحرب الخامسة ومن بعد إخوتي في الحرب السادسة الشهيد صالح علي دعلة والشهيد عبد الكريم علي دعلة ولم يكن بين استشهاد الأول والثاني إلَّا ثلاثة أَيَّـام والحمد لله على هذا الفضل العظيم من الله علينا أن وفقنا للجهاد والتضحية في سبيل الله ونصرة دينه والمستضعفين في أرضه.

الشهيد له قصص ومرويات كثيرة لا يتسع المجال للحديث عنها، ولا يستطيع أحداً أن يوفيهم حقهم مهما كانت فصاحته وكتاباته فهم رمزٌ لنا في كُـلّ وقتٍ وحين فسلامُ الله على الشهداء من بدمائهم نلنا الحرية ومن صنعوا لنا النصر المبين، والفتح القريب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com