المسؤوليةُ تكليف وليس تشريفاً..بقلم/ علي الموشكي

 

التحَرُّكُ بمسؤولية (أداء أمانة) واستشعار الرقابة الإلهية هو أَسَاسُ نجاح الأعمال والمهام المنبثقة من البرامج والأنشطة والخطط التشغيلية والتنفيذية والاستراتيجية، ولا نعني بالمسؤولية التحكم والانفراد بالقرار بما يخلق التسلط ويؤدي إلى الظلم والطغيان والتهميش للأعمال وللأدوار، المسؤولية بمفهومها القرآني هي تكليف وليس تشريفاً، وتعني تمكين أمانة معينة يرافقها أداء وإدارة حكيمة للأعمال من خلال أداء وظائفها الأَسَاسية من خلال الإدارة ووظائفها الهامة تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة (تفقد وتقييم) وَتغذية راجعة ومن ثم اتِّخاذ قرار، يرافق كُـلّ عملية معايير أَسَاسية وضرورية منها الاعتماد على الله والثقة بالله والتحَرّك وفق منهجية الله وأعلام آل البيت -عليهم سلام الله-، لأَنَّ أي قرار أَو التحَرّك في تنفيذ قرار أَو عمل معين دون الاعتماد على الله يشوبه نقص ولن يكون بالشكل المطلوب، وَأَيْـضاً الإقدام بالقيام بالأعمال دون الثقة بالله يسلب التوفيق ويؤدي إلى الفشل في أداء الأعمال، ومع غياب الاستشعار الدائم أننا في ميدان مقدس خُصُوصاً ونحن نواجه عدوانا شاملا لكل المجالات وعراقيل؛ لأَنَّ العدوّ يستغل كُـلّ الثغرات في كُـلّ الميادين وخُصُوصاً ونحن في خضم هياكل إدارية وقوانين ولوائح مستوردة من الغرب في كُـلّ الوزارات والوحدات يغلب التعامل والإجراءات فيها على روتين مادي دون الاستشعار للمسؤولية أمام الله وهذا بدوره جعلنا تحت أقدام اليهود، يقول الشهيد القائد -رضوان الله تعالى عليه- (ألم نصبح نحن كعرب أذلاء تحت أقدام اليهود والنصارى؟؛ لأَنَّنا أضعنا ما استوجبنا به أن نكون تحت أقدام من قد أُذلوا، مَن ضُرِبَتْ عليهم الذلة والمسكنة)، أصبحنا كذلك؛ لأَنَّنا أضعنا النور والبصيرة رغم أننا نمتلك من الكوادر الذين تفتخر بهم جامعات العالم الغربي ممن تم ابتعاثهم للخارج للدراسة وتفوقوا في مجالات كثيرة جِـدًّا، البعض من هذه المجالات لا يوجد في اليمن ومن درسوا هذا المجال يعملون في مجال آخر ولو استرجعنا قاعدة بيانات من تم ابتعاثهم للخارج لوجدنا تخصصات كثيرة هذا إن وجدت قاعدة بيانات؛ لأَنَّ النظام السابق لم يكن يعطي الكوادر الاهتمام والتوظيف الأمثل للكوادر وللموارد أَيْـضاً فكان يغلب على الوزراء والقيادات ومحسوبية القرارات فكان التنافس والريادة والتطوير منعدماً؛ لأَنَّ كُـلّ وزير كان محسوباً على فئة معينة ويبحث كيف يوقع بالوزير الفلاني والعلاني في الفشل بدلاً من التعاون والمشاركة الفاعلة للارتقاء وخدمة المواطن وبدلاً عن الافتخار بالمنجزات وتطوير المؤسّسات، كنا نجدهم ينبهرون في نموذج الدولة الفلانية، وكل فئة وكل حزب يهرب وينهب ويختلس ويتاجر ويعقد الصفقات ويعمل على غسيل الأموال لصالحة ويدعم بها توجّـهه وتحَرّكه التنافسي في الانتخابات والترويجات التي لا تخدم البلد ولا توفر للمواطن القوت الضروري، لم يكن هنالك اهتمام بالتعليم ولا بالصحة ولا بالخدمات الأَسَاسية من (ماء وكهرباء وصحة ومواصلات) وَإذَا وجدت في عواصم المحافظات انعدمت في القرى والأرياف حتى أن بعض التجمعات السكانية يعيشون في وضع مأساوي جِـدًّا ويفتقرون لأبسط الخدمات يموت البعض منهم وهو في طريقه للعلاج في مستوصف في مركز المديرية الذي إن وصل إليه لم يحظ إلا بالإسعافات الأولية للأسف؛ بسَببِ وعورة الطريق والبعض ينقل بالنعش (الخاص بنقل الموتى) وضع مأساوي يعيشه سكان أرياف اليمن وبعض المدن، ومع الحرب والحصار تفاقمت الأزمة وازدادت المعاناة.

لذا من يحملون المسؤولية ممن هم مكلفين بأعمال في الوزارات ومؤسّسات الدولة يجب أن يعلم ويتيقن ويستشعر الأمانة والمسؤولية عليه وَإذَا لم يسعَ بكل جد إلى أن تصل خدماته وبجودة وجدارة وفاعلية إلى كُـلّ المناطق التي يقطنُ فيها التجمعات السكانية اليمنية في (العزل والقرى والحارات والأحياء)، وتأدية الأمانة بمسؤولية بالمتاح والممكن والتعاون الجاد وطلب العون والتوفيق من الله وتفعيل المبادرات المجتمعية وكسب المجتمع المتشوق والمتلهف لوصول الخدمات إليه، فَـإنَّ هذا المسؤول ليس لديه ذرة انتماء لهذا الوطن العظيم يمن الإيمَـان والحكمة وليس لديه تحمل للمسؤولية بالشكل الذي أرادَه الله ويعتريه خلل في التولي الصادق لله ولرسوله ولعترة رسول الله -صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله-، معالجة قصوره هو كما ذكرنا من خلال الاعتماد على الله والتوكل على الله والثقة بالله والتولي الصادق لأعلام آل البيت -عليهم السلام-، وسيوفق الإنسان في كُـلّ الأعمال التي يتحَرّك فيها واستشعار الرقابة الإلهية دائماً واتباع هدى الله الذي فيه النور والبصيرة والابتعاد عن الشقاء، يقول الشهيد القائد -رضوان الله عليه- حول الآية الكريمة: (﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ ضلال في الحياة، ضلال معنوي وواقعي بالنسبة للنفس، ضلال في الحياة، ضياع بما فيه الضياع المعنوي يُسمَّى مجمله ضلالاً وشقاء).

وكما هو صاحب الحل والمخرج من الأزمات بنور بصيرته ورعاية وتوجيهات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- خلال تدشين الحكومة العمل المشترك بين أجهزة الدولة ومكونات المجتمع، والذي وضح فيه ضرورة أن تكون اللقاءات مفيدة ومثمرة في إطار مساعي الارتقاء بالأداء والعمل في مؤسّسات الدولة وفي مقدمتها السلطة التنفيذية، وبين أن الإنسان المكلف في هذه الحياة في موقع المسؤولية عليه مسئوليات والالتزامات أمام الله وسيحاسبنا الله ويجازينا على ذلك وأن المسؤولية أمانة من منطلق قرآني، وإن الإنسان إذَا تهاون وقصر فسيكون (ظلوماً جهولاً)، حذر من أن المسؤولية هي ليست لعبة أَو ممارسة لهواية أَو استغلال معنوي أَو لأطماع شخصية، وضرورة الحرص على تطوير المهارات والقدرات واكتساب الخبرات والاستفادة من الآخرين من خلال التعاون المشترك والعمل الجماعي الفعال لإنجاز الأعمال وتجنب العمل الفردي لينزوي ويبتعد عن العمل الجماعي والاستفراد بالرأي واتِّخاذ القرار بصورة فردية سيخفق ويفشل ويبقى نتاجه وعطاءه ونجاحه محدوداً جِـدًّا، والحرص على التواجد والالتزام بالدوام وتسهيل وصول المواطنين للمعنيين وتسهيل إجراءات المعاملات الإدارية وإنجاز المهام ومعالجة وحل الإشكاليات، وتفعيل التقييم للأداء لما له من دور أَسَاسي وفاعل في إنجاح الأعمال وتلافي القصور ومعالجة الخلل، وأكّـد السيد القائد -يحفظه الله- على الاستعداد لموسم زراعة القمح وما يمر به العالم من صرعات خطيرة تزداد توتراً يوماً بعد آخر ويمكن أن تصل إلى مآلات كبيرة وخطيرة على المستوى العالمي وأولها هو الجانب الغذائي ومن المشاكل الكبيرة هي الاعتماد على الاستيراد من الخارج وهذا يشكل خطراً على الأمن القومي للبلد والزراعة حَـلّ مهم وهي العمود الفقري للاقتصاد الوطني.

حلول وببركة إطلالته ينبعث النور وتجد البركة وتطمئن وأنت في الميدان العملي كُـلّ هذه الرعاية والبصيرة وبركة التوجيهات والمسارات العملية التي تصل من خلال تطبيقها وإعداد الخطط الاستراتيجية والتشغيلية والتنفيذية، وشملت إجراءات والتزامات أَسَاسية ضرورية للارتقاء بالأعمال والنهوض بالبلد في كُـلّ المجالات وسنحظى برعاية الله ملك السموات والأرض.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com