الرسولُ الأعظمُ في وجدان اليمنيين

 

إبراهيم محمد الهمداني

إن الاحتفالَ بمولد النبي الأكرم، محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، يجبُ أن يكونَ في سياقِ تعظيمِ مَن عظَّمه الله، وتخليدِ ذكرى خلّدها الله؛ واعترافاً بفضل من فضَّله الله، “قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ”، وهذا هو الموضع الوحيد، الذي أمرنا الله تعالى فيه أن نفرح، وهذا هو الموضع الوحيد، الذي يكون الفرح فيه محمودا، وبذلك لا نغالي، إن قلنا إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، هو إحياء لشعيرة مقدسة من شعائر الله، “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ”، وهو احتفاء بمولد النور الإلهي، الذي أزاح الظلمة، وكشف الله به الغمة، وهدى به الناس إلى صراط العزيز الحميد، لكن الانحراف الذي أصاب الأُمَّــة، وحملات التبديع والتكفير الممنهجة، حجمت الفرحة في قلوب المسلمين، وحدَّت مظاهر الفرحة والاحتفال، وكادت علاقة المسلمين برسولهم الأعظم، ونبيهم الأكرم، أن تنقطع أواصرها، وتندثر معالمها، إلا من ثلة من المؤمنين، الذي مضوا في الوفاء بعهدهم لنبيهم، إجلالا وعرفانًا وتعظيما، لم يكترثوا بفتاوى التكفير، ولا بمشاريع القتل الممارس بحقهم، وعلى رأس هؤلاء يقف اليمنيون، أحفاد الأنصار، حاملين مجد أسلافهم، ومتممين عهدهم وبيعتهم للنبي الكريم.

حمل اليمنيون مشروعَ “هيهات منا الذلة”، وطافوا في محراب التضحية، مردّدين “لبيك يا حسين”، وحملوا مشروع “الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام”، وحجوا حول “كعبة النور”، مترنمين بصوت واحد، “لبيك يا رسول الله”، فكانوا أحق بهذه الكلمة، وكانوا أهلًا لها قبل غيرهم، وفازوا دون سواهم، بلقب أنصار الله، اختصاصاً وتكليفاً، وعهداً من الله وتشريفاً، وهو ما جعلهم أكثر ارتباطا بنبيهم ودينهم، وأكثر حرصاً على حمل الأمانة، التي أنيط بهم حملها، وأكثر تفانياً في تنفيد المهمة، التي عُهد إليهم بها، وأكثر تمسكا ومحافظة على المشروع الإلهي، الذي نذروا أنفسهم وأبناءهم وأبناء أبنائهم له، جيلا بعد جيل، وليس بغريب ما يلاقونه اليوم، من حملات القتل ومشاريع الإبادة، وتحالف العدوان الظالم، وتواطؤ العالم على الحصار الغاشم، والمجاعة المتفشية، والموت الشامل الأكثر فتكاً، فقد لاقوا مثل هذا كَثيراً على مدى التاريخ، إذ لم تخلُ فترة من الزمن، في تاريخ المجتمع اليمني، من مشاريع الموت الممنهج، وأساليب القمع والاضطهاد والاستعباد، والسعي الحثيث من عزة وكرامة وحرية، مجتمع الأنصار اليمني، الذي لم تثنه تلك المؤامرات والمشاريع الهدامة والجرائم، عن النهوض بمشروعه الإلهي، والوفاء بعهده الأزلي مع الله، المتوارث منذ نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وما كان من قبيلة جرهم اليمنية، ثم نبي الله سليمان عليه السلام، وقصة ملكة سبأ وقومها اليمنيون، وُصُـولاً إلى خاتم الأنبياء والمرسلين –صلواتُ ربي وسلامه عليه وعلى آله– وما كان من الأوس والخزرج (الأنصار)، القبيلتين اليمنيتين اللتين هاجرتا إلى المدينة المنورة (يثرب)، وسكنوّها وعمروها، بانتظار مبعث نبي الرحمة -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-؛ لكي يقوموا بواجبِهم تجاهَه، ويفوا بعهدِهم مع الله، في إتمام نوره وبلوغ أمره، مهما كانت التضحيات في سبيل ذلك، وهو ما كان منهم ومن ذريتهم من بعدهم، عبر التاريخ، إلى يومنا هذا، وما ذلك العدوان الكوني وحرب الإبادة الجماعية، والاستهداف الممنهج لبنية وفكر وتكوين المجتمع اليمني، إلا بعض ذلك الثمن الباهظ، الذي حرصت السلطات القمعية الحاكمة المتعاقبة، على جعلهم يدفعونه –قتلاً وتشريداً وسجناً– من جوهر أرواحهم ونبض قلوبهم ونزف دمائهم وارتعاشة أنفاسهم وتناثر أشلائهم، وذلك ما تؤكّـده كتب التاريخ السياسي، الذي خلفه الطغاة المنتصرون، بعد كثير من التهذيب والتنميق والزيف، وهو –أَيْـضاً– ما يشهد به الواقع المعيش الآن، في ظل عدوان دخل عامه الثامن، شاهدا على مسيرة من الإجرام والتوحش، والتواطؤ العالمي بحق هذا الشعب العظيم، الذي كان تمسكه وارتباطه بنبيه ودينه، وتكفله بحمل مشروعه، والتفافه حول قائده في مسيرته العظيمة، وسبيل نصره ونجاته، السيد القائد العلم المجاهد، عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، كفيلاً بأن يحقّق هذا الصمود الأُسطوري، ويستحق –عن جدارة– هذا النصر الإلهي العظيم، الذي أذهل العالم، وسحق أحلام تحالف العدوان، وأسقط مشاريعهم الاستعمارية الإجرامية، إلى غير رجعة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com