مناقشات عمَّــان: العدوّ يتهرَّبُ من “فتح الطرق” ويبحث عن مكاسبَ عسكرية!

المسيرة: خاص

أبدى تحالُفُ العدوان ومرتزِقتُه تعنتاً جديدًا في مناقشات عمّان الخَاصَّة بفتح الطرقات وفقاً لاتّفاق الهُدنة، إذ رفضوا مبادراتٍ قدمها الفريقُ الوطني للبدء بتخفيف معاناة المواطنين في محافظات تعز ومأرب والضالع والبيضاء، وتمسكوا بمطالبَ ضيقة تنطوي على أهداف عسكرية مخالفة للاتّفاق وهدّدوا بالانسحاب من المناقشات، الأمر الذي مثل مؤشراً إضافياً واضحًا على عدم جدية العدوّ في التوجّـه نحو معالجة الملف الإنساني، وإصراره المُستمرّ على استخدامِ الاتّفاق كغطاء وذريعة للضغط والابتزاز وإثارة الرأي العام.

 

انقساماتُ المرتزِقة تؤثِّرُ على المناقشات

وقال رئيسُ اللجنة العسكرية الوطنية في مناقشات عمّان، اللواء الركن يحيى عبد الله الرزامي، الخميس: إن صنعاء قدمت مبادرات مهمة تسهم في رفع كُـلّ ما يسبب المعاناة الإنسانية لأبناء اليمن عامة وأبناء تعز خَاصَّة.

وينُصُّ اتّفاق الهُدنة على إجراء مشاورات لفتح الطرقات المغلقة في تعز وبقية المحافظات، غير أن تحالُفَ العدوان يحاولُ الالتفافَ على هذا النص، بتسليطِ الضوءِ على مناطقَ معينةٍ لأغراض عسكرية واضحة.

وبخصوصِ المبادرات التي قدّمها الجانب الوطني، قال نائبُ وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ، حسين العزي: إنها تضمنت مبادرةً تقضِي بفتحِ طريقَين مهمين في محافظة تعز، إلى جانب فتح طرق في محافظات أُخرى بحسب الاتّفاق.

وأضاف: “مع أن النقاشَ يجري في أجواء ودية يسودُها الحرصُ على التخفيف من المعاناة العامة إلا أن ممثلي الطرف الآخر من ناحية عملية ما زالوا متردّدين”، مُشيراً إلى أن: “هذا التردُّدَ يعودُ في الحقيقة لطبيعة التعقيدات وتباينات الفصائل المتعددة في تركيبة الطرف الآخر، خَاصَّة وأن ممثليه كما يبدو غيرُ مخوَّلين بما يكفي للبت في ما طرح”.

وطيلةَ السنوات الماضية، كان عدمُ امتلاك المرتزِقة للصلاحيات والقرار يمثل دائماً عائقا كَبيراً أمام كُـلّ المشاورات والمفاوضات الإنسانية والسياسية؛ لأَنَّ كُـلّ المقترحات المطروحة على الطاولة تصطدم بسرعة بجدار من السلبية يخلقه انقسام وتفكك ممثلي المرتزِقة، الأمر الذي يسد الطريق أمام أي مخرجات عملية إيجابية.

وفي هذا السياق أَيْـضاً، قال رئيس لجنة صنعاء العسكرية إن: “الطرف الآخر يعاني من التشتت وعدم وحدة القيادة وعدم امتلاك القرار وهذه بعض الأسباب التي أَدَّت إلى تأخره في الحضور للمشاركة وتردّده في عدم انتهاز الفرصة والقبول بالأفكار الأولى المنصفة والعادلة لفتح الطرق في تعز ومأرب والضالع والبيضاء”.

وكان فريقُ المرتزِقة قد تأخّر ثلاث أَيَّـام قبل الوصول إلى عمان لمناقشة فتح الطرقات، وهو ما مثَّل مؤشراً مبكراً على عدم وجود نوايا حقيقية للخروج بحلول في هذا الملف.

 

أجندةٌ مشبوهةٌ تخالِفُ الاتّفاق

لكن انقسامات المرتزِقة وعدم امتلاكهم القرار ليس العائق الوحيد أمام مشاورات عمان، إذ كشفت صنعاء أن فريقَ العدوّ يحمل أجندة خَاصَّة تتضمن مطالب مخالفة للاتّفاق، حَيثُ أوضح اللواء الرزامي أن: “وفد الطرف الآخر لا يريد أي نقاش لفتح الطرقات إلَّا في مناطق محصورة في مخالفة صريحة لبنود الهُدنة التي تنص على تشكيل لجان لفتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات”.

ولاحقاً، نشرت وسائلُ إعلام العدوّ تصريحات لفريق المرتزِقة يهدّد فيها بالانسحاب من المناقشات إذَا لم توافق صنعاء على مطالبه التي تتمحور حول قيام الجيش واللجان -بصورة أحادية- بفتح طريق في مناطق تماس معينة في محافظة تعز فقط (لا زال يرفض مناقشة فتح أية طرق في مأرب والضالع وغيرها من المحافظات)، وهو الأمر الذي ينطوي رغبة واضحة في تحقيق مكاسب عسكرية مخطّط لها على حساب اتّفاق الهُدنة.

ويمثل هذا الموقف امتداداً واضحًا لتوجُّـهٍ معلَنٍ من قبل تحالف العدوان للالتفاف على نص ومضمون اتّفاق الهُدنة فيما يتعلقُ بفتح الطرقات، حَيثُ ركزت التصريحات الرسمية للعدو منذ أسابيع على استخدام دعاية “حصار تعز” كذريعة لتفريغ بند “فتح الطرقات المغلقة في المحافظات” من مضمونه واختزاله في سياق موجه يخدم مصالح تحالف العدوان ويخلق ضغطاً دعائياً ضد صنعاء لابتزازها، وَأَيْـضاً لتبرير إغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة.

وليست هذه المرة الأولى التي يستخدمُ فيها تحالف العدوان ومرتزِقته دعايةَ “حصار تعز” كذريعة للتعنت، إذ بات الاستغلال السلبي لمعاناة أبناء المحافظة أُسلُـوباً رئيسياً من أساليب العدوّ لتضليل الرأي العام ومحاولة تشويه صنعاء، مع أن كُـلّ الحقائق في مِلف محافظة تعز تدين دول العدوان والمرتزِقة، وأبرز تلك الحقائق أنهم قد رفضوا العديد من المبادرات التي قدمتها صنعاء لفتح الطرقات وإنهاء القتال في المحافظة وتحييدها، وهو ما يعني أنهم متمسكون بإغلاق الطرقات هناك لاستمرار توظيفها والمتاجرة بها، وهو الأمر الذي يعكسه بوضوح موقفهم في مناقشات عمان.

ويؤكّـد عضو الوفد الوطني، عبد الملك العجري، في هذا السياق، أن “موضوعَ فتح الطرقات تم توظيفه في سياق تبرير حصار العدوان للموانئ والمطارات والتغطية عليه”، مُشيراً إلى أن “الإجراءاتِ في تعز فرضتها الضروراتُ العسكرية للحفاظ على حياة المواطنين أما إغلاق الموانئ والمطار فهو دون مبرّر”.

وبرغم المؤشراتِ السلبية المتصاعدة من جانب العدوّ، لا زالت صنعاءُ تسعى لتحقيقِ تقدم في هذا مِلف فتح الطرقات في تعز وفي بقية المحافظات لتخفيفِ معاناة المواطنين، حَيثُ أكّـد اللواء الرزامي أن “اللجنة الوطنية ما زالت تنتظر التقدم في الخطوات الأولية وقبول الطرف الآخر فتح الطرقات في المرحلة الأولى، ليثبت أنه فعلاً يريد رفع المعاناة عن أبناء محافظة تعز وبقية المحافظات اليمنية”.

وأضاف: “نأملُ أن يدركَ الطرفُ الآخر ومن يقفُ خلفهم المسؤوليةَ الإنسانية تجاه شعبنا اليمني الذي يعاني من الحصار والعدوان الظالم وما نتج عنه من آثار كارثية”.

ومن شأن تعنُّتِ العدوّ في ما يخُصُّ فتح الطرقات أن يمثل عائقاً إضافياً أمام إمْكَانية تمديد الهُدنة أَو تجديدها، خُصُوصاً وأن صنعاء تشدّد على ضرورة تنفيذ بنود الاتّفاق بالشكل المطلوب أولاً، ثم تكون مناقشة التمديد بناءً على تحسين الشروط الإنسانية، الأمر الذي لا يبشّر به موقفُ تحالف العدوان ومرتزِقته في مناقشات عمّان، كما لا يبشّر به رفضُه المُستمرُّ لتعويض الاستحقاقات الإنسانية المتأخرة التي ضمنها الاتّفاق، وعلى رأسها الرحلاتُ الجوية التي منعها طيلة شهر ونصف شهر من عُمر الهُدنة، وَأَيْـضاً سفن الوقود التي تم احتجازها ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة، إضافةً إلى ما تمثِّلُهُ الخروقاتُ العسكرية المُستمرّة من عائقٍ كبير.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com