عملية “فجر الحرية”.. المكاسب والرسائل والانعكاسات

شمسان: العملية أعطت إطلالة استراتيجية على شبوة وراكمت معطيات القوة لصالح الجيش واللجان

راشد: البيضاء تحولت من هدف استراتيجي للعدوان إلى مصدر خطر أفقده أبرز عناصر القوة

الجفري: العملية فتحت باب الاحتمالات القادمة وتعاون الشرفاء كشف السخط الشعبي تجاه العدوان وأدواته

 

48 ساعة قتال نسفت آخر آمال المخطّط الأمريكي المدبّر منذ 17 عاماً

تحوّل استراتيجي ضيّق الخناق على مرتزقة مأرب وقطع إمدَاداتهم وفتح مساراً جديدًا للمعركة

 

المسيرة: نوح جلاس

تتزامن الذكرى الـ7 لثورة الحرية والاستقلال الـ21 من سبتمبر المجيدة، هذا العام مع سلسلة انتصارات عديدة، زادت من رصيد المكاسب الاستراتيجية لقوات الجيش واللجان الشعبيّة، في مسار معركة الحرية والاستقلال، وضيقت الخناق أكثر على تحالف العدوان وأدواته المرتزِقة بكل أجنحتها وأشكالها، لا سيما “التكفيرية، الإخوانية”، ومع إعلان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع، أمس الأول، عن تفاصيل ومشاهد عملية “فجر الحرية” التي انتهت بتحرير كامل محافظة البيضاء، وما تلاها من تغيرات ميدانية، بينت أكثر حجم المكاسب الاستراتيجية المهمة التي حصدتها صنعاء على ضوء “فجر الحرية”.

العملية انتهت بتحرير ما يزيد عن 2700 كيلو متر مربع في مديريات مسورة والصومعة وأجزاء من مكيراس –وهي آخر المناطق التي تسيطر عليها العناصر التكفيرية المرتزِقة في البيضاء– فيما تكبدت العناصر الإجرامية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، توزعت ما بين 70 قتيلاً و120 جريحاً ونحو 30 أسيراً، وإعطاب وتدمير 10 مدرعات وآليات عسكرية.

وبالحديث عن الخسارة الميدانية الاستراتيجية التكتيكية التي تكبدها تحالف العدوان وأدواته داعش والقاعدة، فَـإنَّ خسارته البشرية في صفوف عناصره التكفيرية لم تكن موجعة مقارنة بالخسارة الميدانية، وهو ما سيجعله يدفع باستمرار بالمزيد من العناصر التكفيرية المرتزِقة لهثاً وراء تقليل خسائره على الأقل، في حين لاحت في الأفق الأهميّة الاستراتيجية لعملية “فجر الحرية”، وذلك بترجمة ميدانية على “المثلث” الحدودي لمأرب –شبوة –البيضاء، وسّعت الخارطة الجغرافية الحرة، وفتحت الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة قادمة، تسري وفق ما قاله قائد الثورة في خطابه بذكرى استشهاد الإمام زيد “سنحرّر كُـلّ بلدنا ونستعيد كُـلّ المناطق التي احتلها العدوّ وسخّرها للبريطاني والأمريكي والإسرائيلي”.

 

أهم المكاسب الاستراتيجية.. خسائر أمريكية موازية:

حقّقت عملية “فجر الحرية” العديد من المكاسب الاستراتيجية لصالح صنعاء، وذلك على حساب خسائر تكتيكية -استراتيجية جسيمة بالنسبة لواشنطن وأدواتها، حَيثُ عززت القوات المسلحة واللجان الشعبيّة تموضعها في مأرب، وتمكّنت من التوغل والإطلال على مسارات عسكرية أُخرى.

وعلاوة على تجديد فضح واشنطن وحلفاءها ووقوفهما في دعم “الإرهاب” بالغارات المساندة للتكفيريين في العملية الأخيرة بـ30 غارة وما سبقها من عمليات، فقد مثل تحرير كامل البيضاء من العناصر التكفيرية أكبر خسارة للولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تحمل مخطّطاً تكتيكياً عسكريًّا من وراء زرع العناصر التكفيرية في البيضاء منذ العام 2004م، وبالتالي فَـإنَّ دحر القاعدة وداعش نسف المخطّط الأمريكي الذي كان يراهن على البيضاء كمنطلق لتمكين الإجراميين من السيطرة على أكبر قدر ممكن من المحافظات التي تنوي واشنطن تدميرها واحتلالها بذريعة “مكافحة الإرهاب”، ولم تختر واشنطن البيضاء كـ “مرزعة” للتكاثر التكفيري؛ باعتبَارها جغرافياً خالية أَو مفتوحة، بل إن اختيار البيضاء جاء بعد دراسة أمريكية مخطّطة واستشارات عسكرية مستفيضة؛ كونها تتوسط ثمان محافظات يمنية، أربع شمالية وأربع جنوبية، ومن خلال هذا الموقع الاستراتيجي بالنسبة للمخطّط الأمريكي، فَـإنَّ تمكين داعش والقاعدة من ثمان محافظات يمنية في آن واحد، كانت عملية سهلة ومخطّطة بإحكام –كما جرى في الموصل العراقية– وبالتالي فَـإنَّ عملية “فجر الحرية” ومن قبلها عملية “النصر المبين” في مراحلها الثلاث نسفت مخطّطاً أمريكياً بريطانياً صهيونياً وجهوداً كبيرة بذلتها منذ 17 عاماً، أي منذ زراعة أولى الخلايا التكفيرية في البيضاء لغرض احتلال اليمن بذريعة “الإرهاب”، وهنا يتبين حجم الخسارة الكبيرة التي منيت بها واشنطن وحلفائها وأدواتها.

وفي سياق الخسائر الاستراتيجية، التي تكبدها العدوان ومرتزِقته، فقد تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من قطع خطوط إمدَاد المرتزِقة على خطوط التماس بين شبوة ومأرب وأبين، وبالتالي تضاءلت فرص الانتشار والتعزيز للصفوف المرتزِقة المتهاوية في جبهات القتال، لا سيما ما بين شبوة ومأرب، وسابقًا بين مأرب والبيضاء وشبوة وأبين قبل “فجر الحرية”، وهو ما يكشف –في ذات الوقت– الأهميّة الاستراتيجية للعملية والامتيَازات الميدانية التي أعطت الجيش واللجان الشعبيّة.

 

“فجر الحرية”.. العملية قولاً وفعلاً:

وفي سياق العملية “فجر الحرية” فَـإنَّ أبطال الجيش واللجان الشعبيّة حقّقواً مكسباً استراتيجياً كَبيراً مكنهم من التفرغ لباقي الجبهات الاستراتيجية شرقاً، على جنوب مأرب، ومواصلة مطاردة العناصر التكفيرية على شرق شبوة، حَيثُ تفيد مصادر ميدانية لصحيفة المسيرة بأن العناصر التكفيرية الفارة من مسورة والصومعة اتجهت صوب مديريات شبوة الشرقية في بيحان وعسيلان وعين، وهو ما قوبل بالرفض من قبل أهالي المديريات، الذين لم يكتفوا بذلك، بل طلبوا من الجيش واللجان الشعبيّة التدخلَ لمطاردتهم، وهو ما حصل، ليتم تحرير عين وعسيلان وبيحان، ومن ثم تسليم الملف الأمني والخدمي لأبناء المديريات، وسط محاولات فاشلة لقوات المرتزِقة بالعودة، لم تجنِ منها سوى المزيد من الخسائر البشرية.

وفي الصدد، تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من التوغل جنوب مأرب بعد قطع إمدَادات المرتزِقة، وتحرير مناطق واسعة منها حريب والتوجّـه صوب جوبة مأرب، وهو ما يؤكّـد أن معارك مأرب القادمة ستكون أكثر اشتعالاً وسط تراجع فرص وخيارات العدوان ومرتزِقته، الذين تم تضييق الخناق عليهم أكثر، وجعلهم أكثر عرضة للخسائر على كُـلّ المستويات ميدانيًّا وبشرياً.

وبالنظر في المعنى الدلالي لاسم العملية “فجر الحرية” فَـإنَّ اختيار القوات المسلحة لهذا الاسم، فتح باب الاحتمالات لسيناريوهات المرحلة القادمة، لا سيما أن القوات المسلحة لم تسمِ العملية بـ”النصر المبين” الرابعة؛ باعتبَارها في البيضاء التي احتضنت مراحل العملية الثلاث، فيما لم يعبر الاسم “فجر الحرية” عن الحدث الميداني، حَيثُ أن الحدث الميداني هو تحرير آخر مناطق البيضاء المحتلّة، وليس أولها حتى يتم استعمال مصطلح “فجر” الذي يعبر عن البداية، وهو ما جعل باب التكهنات والاحتمالات مفتوحاً أمام المراقبين والمحللين، الذين تنبأوا بمرحلة جديدة قادمة على مستوى معارك التحرير، وقد استندوا بذلك على المستجدات الميدانية في محافظة شبوة “جنوب اليمن”.

 

بنظر الخبراء.. انعكاسات العملية ورسائلها ونتائجها:

وفي ذات السياق، تحدث خبراء عسكريون ومحللون سياسيون تعليقاً على العملية “فجر الحرية”، مؤكّـدين أنها تمثل ضربة موجعة لتحالف العدوان ومرتزِقته، وفي ذات الوقت انتصاراً جديدًا للشعب وجيشه ولجانه يضاف إلى سلسلة الانتصارات.

الخبير العسكري والمحلل العقيد مجيب شمسان تحدث لصحيفة المسيرة، عن ما تضمنته العملية من رسائل مباشرة وغير مباشرة، حَيثُ يقول: إن “المساحة التي تم تحريرها تصنف العملية من أكبر العمليات، حتى أكبر من عملية البنيان المرصوص 2500″، مُضيفاً “عكست العملية قدرات أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، حَيثُ تم تحرير 2700 كيلو متر مربع في زمن قياسي جِـدًّا لم يتعدَ 48 ساعة”.

وأكّـد الخبير شمسان أن العملية “نزعت العمق الجغرافي المهم من أيادي العناصر التكفيرية ومشغليها التي كانت تتخذ من البيضاء مقراً لتواجدها وتحريكها في جبهات القتال في مأرب وغيرها بحسب البوصلة الأمريكية”

وأشَارَ إلى أنها أسقطت “البروباغاندا” الإعلامية التي ظلت أمريكا تخدع شعوب العالم بها وتزعم أنها تكافح الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، حَيثُ أن العملية أظهرت مساندة تحالف العدوان لتلك العناصر، وهي ليست المرة الأولى، حَيثُ ساند العدوان التكفيريين في محطات سابقة، منوِّهًا إلى أن “العملية تجاوزت البعد المحلي إلى البُعد الإقليمي والدولي”.

وفي سياق رصده للمكاسب الميدانية، قال العقيد شمسان: “أعطت العملية إطلالةً استراتيجيةً على محافظة شبوة، وراكمت معطيات القوة لصالح الجيش واللجان الشعبيّة”.

وفي ختام حديثه، قال العقيد شمسان: “نحن أمام تحول استراتيجي هام ونوعي وكبير جِـدًّا، واسم العملية ينبئ بأن العمليات القادمة أكبر وأعظم على العدوان وقد تنقل المعركة إلى باقي المحافظات المحتلّة سواء أكانت تحتلها السعوديّة أَو الإمارات”.

من جهته، أكّـد الخبير العسكري العميد عزيز راشد، أن “أمريكا أكبر الخاسرين، حَيثُ أن عناصر القاعدة وداعش يتحَرّكون ضمن توجيهاتها، وبالتالي الخسائر البشرية في صفوف التكفيريين هي خسائر كبيرة تكبدتها أمريكا وليس فقط السعوديّة وتحالفها”.

وتطرق إلى أن “واشنطن لن تتوقف عن استخدام العناصر التكفيرية رغم خسائرها المتتالية والكبيرة”، مؤكّـداً أن “عودة واشنطن لاستخدام التكفيريين في القتال رغم خسارتهم في خمس معارك سابقة في البيضاء، يكشف إفلاس أمريكا العسكري ونفاد خياراتها”.

وَأَضَـافَ العميد عزيز راشد “إعادة استخدام التكفيريين رغم فشلهم يفضح أَيْـضاً الإصرار الأمريكي على زرع “الإرهاب” والعناصر الإجرامية الداعشية في اليمن وتقديم كُـلّ الدعم لذلك”.

ولفت العميد راشد أن تحرير البيضاء “جعلها محافظةً تشكل خطراً على العدوان وأدواته في الجبهات المجاورة، بعد أن كانت هدفاً استراتيجياً له”، مؤكّـداً أن “دحر التكفيريين من هذه المحافظة أفقد العدوان أبرز عناصر قوته”.

بدوره، تطرق العميد عبدالله الجفري –محلل عسكري وناطق سابق باسم القوات الجوية– إلى أن عملية “فجر الحرية” سريعة وخاطفة في وقت زمني سريع وحصدت أكبر قدر من الإنجازات.

وأكّـد أن تحرير المساحة الكبيرة في ظل تغطية العدوان بالطيران يشير بتطور قدرات الجيش واللجان.

وقال في حديثه للمسيرة: إن “محافظة البيضاء وحدود أبين وشبوة باتت مؤمنة لا يمكن للتكفيريين التواجد فيها”، مُضيفاً “العملية فتحت عدة مسارات عسكرية ووجهت صفعة موجعة لتحالف العدوان، وقد تم تحويط كماشة الخناق ضد العدوّ والمرتزِقة في مأرب”.

وأشَارَ إلى أن “الدور الكبير لأبناء المناطق التي تم تحريرها يعبر عن السخط الشعبي الكبير تجاه العدوان وأدواته في كُـلّ المناطق المحتلّة”.

وفي ختام تصريحه قال العميد عبدالله الجفري: “العملية دشّـنت تغيير المسار العسكري من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، وتترجم أهداف ثورة 21 سبتمبر في تحرير اليمن من الوصاية والاحتلال”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com