مدير عام كلية الشرطة العميد هاجس صالح الجماعي في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”:

  • كلية الشرطة تعرضت للقصف بأكثرَ من 40 صاروخاً واستهدافُ الخيول العربية الأصيلة هو استهدافٌ لثروتنا الوطنية
  • قضيتنا عادلة ولا بد لها من انتصار حتى وإن تكالب علينا العالم كله
  • العنصر الأَسَاسي الذي يحفظ للشعب كرامتَه وعزته هو ثقافة الاستشهاد وهي التي تخرجهم من رحمة الوصاية الأمريكية والصهيونية
  • الشهيد الصمّاد عرفناه نبيلاً نقياً طاهراً وزيارة ضريحه تمثل دافعاً للشعب اليمني للمضي على دربه
  • لا نحب الوساطات وحريصون أن تكون مقرّرات الكلية تعتمدُ على الجوهر أكثر من المظهر
  • يجب أن نهيِّئَ أنفسنا لمواجهة التحديات والإشكاليات المستقبلية في مواجهة الجريمة بكل أشكالها

 

  • العدوان الأمريكي السعودي استنفد كُـلَّ خياراته وخساراتُه تتضاعف من يوم إلى آخر
  • استكملنا إجراءات تخرج كافة الدفع لسنة 2020 بينها دفعة خاصة بالشرطة النسائية
  • وزير الداخلية يولي أقسام الشرطة اهتماماً كَبيراً وقيادة الوزارة تبني كوادرَ ذات كفاءات عالية

المسيرة – حاوره أحمد داوود

أكّـد مديرُ عام كلية الشرطة، العميد هاجس صالح الجماعي، أن العدوانَ الأمريكي السعودي قصف مقرَّ الكلية بأكثر من 40 صاروخاً، مستهدفاً العديد من القاعات والمراكز بالكلية.

وقال العميد الجماعي في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن العدوان استهدف كُـلّ شيء في اليمن بما في ذلك الخيول العربية الأصيلة والتي تعد ثروة وطنية لبلادنا.

وأوضح العميد أن العدوان استنفد كُـلّ خياراته وأن خسارته تتضاعف من يوم إلى آخر، وأن الشعب اليمني الواعي بثقافة الاستشهاد والتضحية جدير للخروج من الوصاية الأمريكية والصهيونية.

كما تطرق العميد إلى العديد من القضايا والمواضيع.

إلى نص الحوار:

 

  • تحيي بلادُنا هذه الأيّامَ الذكرى السنويةَ للشهيد.. ما أهميّةُ إحياءِ هذه المناسبةِ وإقامةِ معارِضَ للشهداء برأيكم سيادةَ العميد؟

في الواقع إن الذكرى السنويةَ للشهيد هي ذكرى مهمةٌ جِـدًّا، وهي ترسِّخُ معنى الشهادة، وحُبَّ الاستشهاد، ونحن نعتقدُ أن العنصرَ الأَسَاسيَّ الذي يحفظُ للشعب كرامتَه وعزتَه هو ثقافةُ الاستشهاد.

والشهادةُ في سبيلِ الله هي التي تحرِّرُ الناسَ من ظلم الطواغيت والكهنوت، كما قال قائدُ الثورة السيدُ عبدُ الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله-، وهي التي تخرج الناسَ من الوصاية الأمريكية والصهيونية؛ ولهذا فَـإنَّ أكثرَ ما يحتاجُ إليه الناسُ هو حُبُّ التضحية والاستشهاد؛ لأَنَّ هذا يجعلُ الأُمَّــةَ قويةً في مواجهةِ الطواغيت والجبابرة.

ونستذكرُ هنا الشهيدَين قاسم سليماني وأبا مهدي المهندس، فهما شهيدا الأُمَّــة، وليسا شهيدين لمنطقتهما كما ذكر السيد القائد في خطاب له قبل أَيَّـام؛ لأَنَّ القضية هي قضيةُ أُمَّـة وليست قضيةً شخصية؛ ولهذا فنحنُ بحاجة إلى تعزيز مبدأ الشهادة، واستذكار الشهداء وما بذلوه؛ مِن أجلِ الوطن ومن أجل السيادة والاستقلال والتحرّر من هيمنة الطغاة والوصاية الأمريكية والصهيونية.

 

– على مدار السنة تتواصل الزيارات لضريح الرئيس الشهيد صالح الصمَّـاد، لكنها مع الذكرى السنوية للشهيد تزداد بشكل لافت.. ما قيمة هذه الزيارات؟

نحن نعتقدُ أن الزيارةَ لأضرحة الشهداء ومن بينهم الشهيدُ الرئيس صالح الصمَّـاد وأبو حرب الملصي وطه المداني وغيرهم، هي تعطي جانباً إيمانياً ورُوحياً، وتزرعُ في الإنسان حُبَّ التضحية.

وأُحِبُّ أن أُشيرَ هنا إلى أن قائدَ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يؤكّـدُ على أهميّةِ الزيارةِ الشهريةِ لروضات الشهداء؛ لما لها من أهميّةٍ في تعزيز الجانب الإيماني والجهادي.

وفي مسألةِ الشهيد الصمَّـاد، فقد عرفناه نبيلاً، نقياً، طاهراً، وزيارةُ “ضريحِه” تمثّل دافعاً لكل الشعب اليمني، وليس للمجاهدين فقط؛ لأَنَّه تأكيدٌ على أنني سنمضي على دربه وعلى مشروعه إلى ما لا نهاية، ولكن في حالِ غياب زيارة أضرحة الشهداء فَـإنَّ الأُمَّــةَ ستصلُ إلى مرحلة الإحباط.

 

– كيف يمكن -سيادة العميد- تعزيز ثقافة الشهادة في المجتمع، ولا سيما أن البعض من المخدوعين لا يزال ينظر بازدراء إلى هذه التضحيات ويعتقد أنه يتم الدفع بهم إلى المحرقة؟

السيدُ القائدُ عبدُ الملك الحوثي قد وضّح في خطاباته عظمةَ الشهادة، ونحن ندركُ أن الحضاراتِ لا تُبنى إلا بالتضحية، بما في ذلك الدول الغربية وغير الإسلامية، لكن ما يميزنا في اليمن أننا نحملُ مشروعاً إيمانياً، وقضيةً محقةً، وهنا تكمُنُ أهميّةَ التضحية.

والشهداءُ هم الذين يحرّرون الأُمَّــةَ بأكملها، وَإذَا عرف الناسُ عظمةَ الشهادة، فسيندفعون جميعاً إلى الجبهات؛ لأَنَّ الشهيدَ لا يموتُ وإنما يحيى حياةً أبديةً؛ ولهذا فنحن بحاجة إلى تعزيز مفهوم الشهادة والاستشهاد بمفهومه القرآني؛ كي يكون هناك استعدادٌ للتضحية والاستشهاد، وحتى نربّي أولادَنا على ذلك، وصدقني أن الشعوبَ لن تتحرّر إلا إذَا استوعبت مفهومَ الشهادة والتضحية في سبيل الله، ومَن يثبطْ عن الجهاد، ويصد عن دين الله فهناك بالتأكيد خللٌ كبيرٌ في إيمانه.

 

  • في مسألة تكريم الشهداء.. أعلنتم عن تخصيصِ أَيَّـامٍ في الأسبوع والسنة لتدريب أبناء وأسر الشهداء على رياضة ركوب الخيل.. حدثونا عن ذلك؟ وهل هناك أنشطةٌ أُخرى تعتزمون تقديمها؟

نحن في الحقيقة، نحاولُ كُـلَّ سنة، ولا سيما في الذكرى السنوية للشهيد، أن نقدِّمَ كُـلَّ ما نستطيعُ لأبناء وأسر الشهداء، معتقدين أن ذلك واجبٌ ديني ومسؤوليةٌ إيمانية ووطنية، وهي كذلك استجابة لتوجيهات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.

وبالنسبة لهذا العام، فنحن ندرِّبُ أبناءَ الشهداء على فن الفروسية، وركوب الخيل يوميًّا طول فترةِ أسبوع الشهيد، وكل يوم خميس وجمعة طوال العام، وهذا أقل واجب نقدمه وفاءً لآبائهم الذين فقدوا أرواحهم في سبيل الله.

ومن الأنشطة في هذا الجانب أن هناك مسيرةً ستخرُجُ عن مديرة الوحدة، والخيول ستتقدمهم، وسيرفعُ شعار المناسبة، كما أننا قد فتحنا صالةً لضرب النار، يتعلم فيها أحياناً أبناء الشهداء القادرون على الرماية، ولدينا استعدادٌ كذلك لتقديمِ خدمات كوجبات خفيفة، وإقامة رحلات لأسر وأبناء الشهداء، وهذا أقل واجب نقدمه لهم، كما أحبُّ التنويه هنا أننا على تواصُلٍ مستمر مع مؤسّسة الشهداء، ونحن على استعداد لتقديم ما نستطيع لأبناء وأسر الشهداء.

 

  • إذا ما انتقلنا إلى محورٍ آخر.. كيف تفسّرون سيادةَ العميد استمرارَ العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا لما يقارب العام السابع؟

علينا أن ندركَ أن العدوانَ الأمريكي السعودي الصهيوني جاءَ في الأَسَاس للوقوف أمام عظمة هذا المشروع؛ بهَدفِ إحباطه، لكننا على ثقة أن الله سيُظهِرُه للعالم؛ ولهذا فقد كان العدوان قوياً وشرساً.

إن الاستمرارَ في العدوان إلى اليوم لما يقارب السبع سنوات، هو نابعٌ من التوجيهات الأمريكية وبرعاية أممية، ونحن على يقين أنه كلما طال العدوان، كلما ظهرت القضيةُ أكثر، وبلغت الحُجّـَة على العالم.

وما أود التأكيدُ عليه في هذا اللقاء هو أننا أصبحنا في صحوةٍ كبيرةٍ مع استمرار العدوان الذي أصبح في حَرَجٍ وخسارته تتضاعفُ من يوم إلى آخر، كما أود التأكيدَ على أن العدوَّ قد استنفد كُـلَّ خياراته وأوراقه سواء من صواريخ أَو تطورات عسكرية، أَو من خلال العناصر الإجرامية “دواعش والقاعدة” التي يستخدمهم كأدوات، لتنفيذِ تفجيرات وغيرها، لكن في المقابل لا يزال أمام الشعب اليمني والقوات المسلحة المجال مفتوحاً، ومساراتنا متعددة وخياراتنا كثيرة.

وهنا نقطةٌ هامةٌ يجبُ أن نتنبهَ لها وهي نعمةُ القيادة التي تقودُ المشروعَ العظيمَ، وعلينا أن ندركَ أننا أمام مشروع وقضية عادلة، لا بد لها من انتصار، ولا بد لها من الظهور، حتى وإن تكالب العالم كله علينا، وفي مقدمتهم أمريكا وإسرائيل وأذنابهم في دول الخليج، ونحن نؤمن أن دينَ الله سينتصر، وهذا وعد إلهي والله لا يخلف وعده.

أما استمرار العدوان فهو يزيدنا حكمة وبصيرة وقوة في كُـلّ الجوانب، سواء العسكرية أَو غيرها، ويزيدنا استفادة بالتجربة والتعلم والتعامل مع مجريات العدوان والاستمرار في تطوير أساليب المواجهة والردع، بعكس العدوّ الذي لا يملك شيئاً، ويعتمد على أمريكا وإسرائيل في تسليحه وتدريبه وعدوانه علينا بشكل عام.

ونحن نعتمد على الله وعلى أنفسنا في التصنيع وفي كُـلّ شيء، وكلما طال العدوان والحرب طالما تطور التصنيع وزاد الاعتماد على الذات أكثر.

وما يجب علينا التوضيح هنا هو أن العدوّ يقيم وضعنا من خلال إقامة المناسبات العامة والدينية، مثل مناسبة المولد النبوي الشريف والذي كان مناسبة كبيرة وأثبت اليمنيون من خلالها مدى انتمائهم لهذا المشروع ولهذا الرسول الكريم، كما أن الشعب اليمني من خلال صموده واستمراره في رفد الجبهات بالمال والرجال يثبت مدى أصالته ووعيه في مواجهة هذا العدوان المستمر في فشله وتخبطه إلى الآن.

 

  • تعرض مبنى كلية الشرطة للقصف من قبل طيران العدوان.. كما تعرضت عدد من المنشآت الأمنية.. هل بالإمْكَان أن تعطونا جانباً من ذلك؟

كلية الشرطة تعرضت للقصف مع بداية العدوان، وقد تم استهداف القاعات، والعنابر، والمستوصف، والإدارة، وقاعة الطعام بأكثر من 40 صاروخاً، لكن والحمد لله ليس هناك ضحايا بشرية.

وأود التأكيد هنا أنه على الرغم من كُـلّ التدمير الذي طال مبنى كلية الشرطة إلا أنه لم يخلق أيَّ يأس لدينا، واستمررنا في العمل بالكلية، ونحن نؤمن أن العدوان الأمريكي السعودي يستهدف مؤسّسات الدولة ويدمّـر مبانيها؛ بهَدفِ إيقاف العمل، غير أننا بالصمود والإرادَة نستطيع العمل حسب الإمْكَانات المتاحة.

 

  • لم يترك العدوان شيئاً إلا وَقصفه بما في ذلك منازلُ المواطنين والطرقات والجسور والمستشفيات، حتى الخيول الأصيلة لم تسلَمْ من القصف.. على ماذا يدُلُّ هذا التوحش برأيكم؟

استهدافُ الخيول جريمةٌ كبرى، والعدوُّ يحاولُ تفريغَ حقده على هذا البلد بأية طريقة، فهو يدمّـر كُـلّ شيء بكل دناءة، حتى الخيول لم تَسْلَمْ منه.

إذاً، نحن أمام عدوان يقتُلُ كُـلَّ شيء في بلادنا، النساء والأطفال، الرجال والشيوخ، واستهداف الخيول العربية الأصيلة هو استهدافٌ للثروة الوطنية اليمنية، وهذا تخبُّطٌ واضحٌ من قبل العدوان وخزيٌ.

 

  • انتصاراتٌ كبيرة حقّقها اليمنيون على الصعيدَين العسكري والسياسي خلال سنة 2020.. برأيكم ما سِـــرُّ هذه الانتصارات سيادةَ العميد؟

السِرُّ يكمُنُ أولاً في الإرادَة والقوة والارتباط الوثيق بالله، ووجود القيادة السياسية الموحَّدة والقيادة الثورة ممثلةً بالسيد عبد الملك الحوثي -حفظه الله-.

ولو استرجعنا واقعَ اليمن قبل العدوان وثورة 21 سبتمبر، فقد كانت الأحداثُ متسارعةً، ووصل الحالُ بالعناصر الإجرامية التي تسمى “القاعدة” أن تقتحمَ مقرَّ وزارة الدفاع بالعُرضي وترتكب جرائمَ فظيعة، وحدثت الكثيرُ من الجرائم كتفجير السبعين وغيرها، حتى أن رجالَ الأمن وصل بهم الحالُ أنهم كانوا يخشون الخروجَ باللبس الأمني (الميري)؛ خوفاً من القاعدة أَو الاغتيالات، لكن كُـلَّ هذا تلاشى بفضل الله وصمود الناس والتعاون مع رجال الأمن، حَيثُ تم ضبطُ الكثير من الخلايا، واضمحلت الجرائمُ بشكل كبير، وتحقّقت إنجازاتٌ أمنيةٌ عظيمةٌ، حتى تمكّنت الأجهزةُ الأمنية من ضبط الجُناة الذين اغتالوا وزيرَ الشباب والرياضة حسن زيد خلال ساعات، وهذا يدُلُّ على أن قيادةَ وزارة الداخلية تبني كوادرَ ذات كفاءات عالية وعلى قدر من المسؤولية الدينية والإنسانية والوطنية.

 

  • في النظر إلى الواقع المأساوي خلال السنوات الماضية.. كانت التفجيراتُ والانفلاتُ الأمني مريعاً جِـدًّا، وقد تم استهدافُ طلاب حاولوا الانتسابَ إلى كلية الشرطة في هجوم إجرامي.. ما الجديدُ في هذه الجريمة؟

الجريمةُ وقعت سنة 2015 قبلَ بداية العدوان، حَيثُ تم تجميعُ الطلاب بطريقةٍ مدبَّرةٍ من جهات عليا في الدولة آنذاك أَيَّـامَ الإصلاح وحكم الإصلاح للبلد.

وبينما الطلاب محتشدون عند البوابة جاء باص كان يقودُه أحدُ العناصر الإجرامية من عناصر داعش وهو من محافظة عمران، ووضع الباص المليء بالمتفجرات بالقُرب من تجمع الطلاب ووقع الانفجار.

هذه السياسةُ خطيرةٌ جِـدًّا، وهو أُسلُـوبٌ خبيث، والحقيقة أنه تم التحقيقُ في هذه الجرية لكن لم يتبين الرأسُ المدبِّرُ؛ لأَنَّ الإصلاحيين هربوا وتلاشوا وهم متورطون فيها؛ لأَنَّ القاعدةَ الإجرامية كانت تدخُلُ إلى البلاد من خلالهم وكانوا يفتحون الأبوابَ لهذه العناصر ويحمونها.

وأريد التوضيحَ هنا إلى أهميّةِ التعاون المجتمعي مع الأجهزة الأمنية، فهذا لا يمكنُ أن ننساه؛ لأَنَّه عنصرٌ أَسَاسي في نجاح العملية الأمنية في المحافظات المحرّرة، كما أنه لا نجاحَ لأي جهاز أمني بدون تعاون المجتمع؛ لذلك فَـإنَّ تعاون المجتمع وتفانيه وتعاطفه مع الأجهزة الأمنية ساهم إلى حَــدٍّ كبيرٍ في ضبط الجريمة وضبط المجرمين وتلاشي الجرائم بكل أشكالها.

 

  • ما أبرزُ الأنشطة التي أقامتها كليةُ الشرطة خلال العام الماضي؟ وما آخرُ دُفعة تخرجت من الكلية بعد دفعةِ الرسول الأعظم؟

بالنسبة لدُفعةِ الرسول الأعظم، فقد كانت في العام 2019م، أما بالنسبة للعام 2020م، فقد شهد تخرُّجَ عددٍ من الدفع، هي “الدفعة الثالثة والمعروفة بدفعة الشهيد طه المداني، والدفعة الرابعة وهي (دفعةٌ خَاصَّةٌ بالشرطة النسائية)، بالإضافة إلى الدفعتين الخامسة والسادسة، والخَاصَّة بالطلاب الجامعيين، والحمدُ لله فقد تم استكمالُ إجراءات تخرج كافة الدفع المشار إليها سابقًا، والمتمثلة في الامتحانات والتصحيح، ولم يتبقَّ سوى إصدارِ القرار الجمهوري بتخرجها، وإن شاء الله ستكونُ هذه الدفع محوراً من محاور الارتكاز لقوات الشرطة، وبنائها وتحسين ورفع مستوى الأداء فيها، وفي مقدمتها أقسام الشرطة، حَيثُ أن الأخ معالي وزير الداخلية، اللواء عبد الكريم الحوثي، يولي أقسامَ الشرطة اهتماماً كَبيراً، وهذه الدفعتان (الخامسة والسادسة) سيتم توزيعهما على أقسام الشرطة، بالإضافة إلى المراكز والمصالح المهمة المتعلقة في تقديم الخدمات للمواطنين.

أما بالنسبة للدفعة الرابعة (النسائية)، فسيتم توزيعُها على عددٍ من الأقسام والمراكز، وستقتصر دور الدفعة النسائية على القيام بالمهام والأعمال والقضايا التي تخُصُّ المرأة كأعمال التحقيق وَالضبط القضائي، وإصدار الجوازات والبطائق وغيرها من الأعمال والمهام، وغيرها، وبإذن الله فَـإنَّ هذه الدفع مجتمعةً ستحدث نقلةً نوعيةً في أداء الأجهزة الأمنية، خَاصَّةً أجهزة وأقسام الشرطة، وبما يتناسَبُ ويحافِظُ على المبادئ والقيم والأخلاق.

وكما أسلفت، فَـإنَّ معالي وزير الداخلية لديه توجُّـهٌ لبناء الداخلية بشكل كبير، وعلى أَسَاس أن يكونَ العنصرُ الأَسَاسي هو الإنسانَ نفسَه، ونحن في كلية الشرطة نسعى لبناء الإنسان؛ لكي يكن قادراً على حمل المسؤولية والقيم، ولدينا توجُّـهٌ أن المظهرَ العسكري بدون وعي إيماني ومسؤولية أمام الله وأمام المواطن لا معنى له.

إن من أهدافنا في الكلية أن نبني رجالاً، من خلال تغيير المناهج والمقرّرات العلمية والتعليمية بالشكل الذي يكونُ المحتوى فيه هو الإنسان، بحيث يتخرج من الكلية وهو مستشعرٌ المسؤوليةَ الإيمانيةَ والوطنية، حتى يكونَ عنصراً فاعلاً.

 

  • ماذا قدمتم –سيادة العميد- في ما يتعلق بتطوير الأداء التعليمي؟ وكذلك فيما يتعلق بتطوير المناهج؟

منذُ تعييني في كلية الشرطة، اطّلعت على مقرّراتِ المناهج التعليمية، ولاحظت فيها شيئاً من الضعف.

وبعد ذلك شكَّلنا لجنةَ تطويرٍ أكاديمي بإشرافي، وهذه اللجنة كانت مهمتُها تدريسَ المقرّرات الموجودة في الكلية وتدرُسُ المقرّرات المماثلة الموجودة في كليات الوطن العربي، وعلى أَسَاس أن نخرج بمقرّر مفيد.

لقد ركّزنا على الجانب الإيماني والإنساني والتربوي؛ لأَنَّ المقرّراتِ السابقةَ لكلية الشرطة كانت تعتمدُ على المظهر العسكري أكثرَ من الجوهر، وكان خريجو الكلية يعتمدون على مظهرِهم أكثرَ من الاعتماد على الوعي الإيماني والشرطي والقانوني والإداري.

ونحن بفضل الله سعينا إلى أن تكونَ المقرّراتُ بالشكل الذي تخلُقُ شرطياً، يعني مثلاً لاحظنا ما هي الاحتياجاتُ في الواقع العملي، التي يحتاجها الضابط، وحاولنا أن تكونَ المقرّرات بالشكل الذي يلامِسُ الواقع.

سابقًا، كان الطالبُ يتخرج من الكلية وهو لا يستطيعُ كتابةَ محضر قضية، أَو يتخذُ إجراءاتِ قضية جنائية، لكننا نحرِصُ على تعليم الطالب قبل تخرجه كافةَ الأشياء، سواء فيما يتعلق بكتابة المحاضر أَو اتِّخاذ الإجراءات الجنائية وغيرها وتطبيقها في الواقع العملي.

أَيْـضاً دمجنا ما بين التعليم النظري والتطبيق العملي، وذلك من خلال إنشاءِ معمل جنائي تدريبي، على أَسَاس يتعلمُ الطالبُ الجرائمَ الجنائيةُ ويطبقُها عمليًّا هنا في الكلية، ثم بعد تطوير مقرّرات الكلية، استحدثنا برنامج اسمه (بكالوريوس في العلوم الشرطية)، وهذا البرنامج 80% منه مواد شرطية، و20% مواد قانونية، بينما الليسانس هو حوالي 70% مواد قانونية، و30% مواد شرطية.

يعني باختصار، عملنا برنامجاً فيه الموادُّ القانونية كثيرة، والمواد الشرطية قليلة، وبرنامج آخر، فيه المواد الشرطية كثيرة، والمواد القانونية قليلة، ونحن في هذا البرنامج ماضون إن شاء الله.

كذلك، لقد ساعدنا في إعدادِ المقرّرات نُخبةٌ من الإخوة المجاهدين والثقافيين، مثل الأُستاذ يحيى قاسم أبو عواضة، والدكتور أحمد الشامي، ليتم تدريسُ موادِّ مثل الثقافة الإسلامية والصراع العربي الإسرائيلي، والحرب الناعمة، والتاريخ الإسلامية وغيرها، وكُلُّ هذه المواد أضفناها ضمن المناهج والمقرّرات الرسمية التي يأخذُها طلابُ الكلية وهي تترك أثراً لدى الطلاب.

 

  • نفهمُ من كلامكم –سيادة العميد- أن الموادَّ الثقافية لم تكن تُدرَّسُ في كلية الشرطة قبل العدوان؟

نعم، لم يكن هناك موادٌّ ثقافية، وكانت كلها ثقافةً مستمدةً من النظام المصري، ثقافةٌ كُلُّها قساوةٌ وجلافة، بحيث يخرج الطالب من الكلية وهو متبلد، مجروح الكرامة، لكن بفضل الله وفضلِ الثقافة القرآنية فَـإنَّ هذا المواد تجعلُ الخريجين أقوياءً بثقافة القرآن.

وأشير هنا إلى أننا عملنا على إلغاء المصطلحات البذيئة والكلام غير اللائق الذي يمُسُّ كرامة الإنسان؛ لأَنَّ اللهَ يقولُ: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، ولا نسمحُ للضابط بأن يهينَ الطالبَ؛ لأَنَّ هذا يجرَحُ كرامتَه.

إن مهمتَنا هي بناءُ الإنسان، في واقعه وفي نفسيته، وأن يكونَ صاحبَ قوة وصاحبَ عزيمة، وصاحبَ إرادَة قوية، وكرامة، وفي نفس الوقت عنده وعي قانوني ووعي شرطي وجنائي، يستطيع أن يتعاملَ مع الجريمة ويستطيع أن يتعاملَ مع الجهات ذات العلاقة، سواء السلطة المحلية أَو النيابة والقضاء وفق الإجراءات القانونية الصحيحة والسليمة.

 

  • فيما يتعلق بالالتحاقِ بالكلية.. كما هو معروفٌ في السابق كان المتقدِّمُ يحتاجُ إلى وساطة وجهد كبير، هل ما زال هذا الشيء موجوداً، وهل سيستمر؟

يقول ضاحكاً: لا.. مستحيل.

نحن في الكلية، لا نعتمدُ على الوساطة، وأنا أولُ واحد يكرَهُ الوساطةَ ويشهدُ الله، وأية وساطة تأتي من أعلى فعليك أن تعرفَ أن الطالبَ غيرُ جدير بالانضمام إلى الكلية وأن يتخرج لخدمة الوطن.

وبصراحة فَـإنَّ هؤلاءِ الذين يأتون بالوساطة سواءٌ أكانوا أبناء مشايخ، أَو أعضاء مجلس نواب، هم في الأَسَاس “مدلَّلون”، ويرَون أنفسهم فوق الناس، وهذا لا ينفعُ الوطن.

والحقيقة أن الكلية وجدت للطالب القادم من منطقة نائية ولديه طموحٌ بأن يخدم وطنَه وعنده مسؤولية وعنده إيمان، فهذه الكلية له، وليست لابن الشيخ أَو ابن الوزير الذي هو كثير دلع.

إننا في الكلية نستقبلُ أيَّ مستضعف، ونحاول إعطاءَ حصصٍ عادلةٍ بين كُـلّ المحافظات، ونحن نستخدمُ إجراءاتٍ قانونيةً عند التسجيل، بدايةً باللياقة البدنية والإجراءات الصحية والطبية، وأن المتقدمَ لا يعاني من أمراض في القلب والسكري أَو أمراض معدية، مُرورًا بالامتحانات التحريرية.

وَمن خلال هذه الأسئلة التي نطرحُها لهم نستطيعُ معرفةَ هل الطالب المتقدم لديه وعي وطموح لأن يكون رجلَ شرطة أم لا، ثم نقيِّم المتقدمين، ونعمل غربلةً، وَبعد استلام وثائقهم، نقابلُ مع الهيئة، ومن ثَم نفرز الطلاب الذين هم جديرون بأن يكونوا رجالَ شرطة.

والحقيقة أن لدينا توجُّـهاً بأن تكونَ المدخلاتُ إيجابيةً؛ كي تكون المخرجاتُ كذلك إيجابيةً، بحث تترك أثراً في الواقع الميداني؛ ولهذا نؤكّـد أنه لم تعد هناك محاباة ولا مجاملة، وأنا شخصيًّا احترمُ الطالبَ المتقدمَ بدون وساطة وأحطه على رأسي، ونحن في الواقع ما وُجدنا إلا لنساعدَ هؤلاء البسطاءَ الذين ليست لديها وساطات.

 

  • ما الذي تودون إضافتَه في ختام هذا الحوار؟

أود التوضيح هنا أننا المعنيون في حماية هذا المواطن الصابر والمحاصر، وحماية ممتلكاته وتحقيق الأمن والسكينة في الوطن.

الوطن بحاجة إلى الإرادَة والخبرة العالية والطموح القوي، ونحن على ثقة أننا نستطيع أن نتجاوز كُـلّ التحديات، فلا شيء مستحيل، ونستطيع أن نتعدى كُـلّ الدول الغربية إذَا ما امتلكنا الإرادَةَ؛ لأَنَّ المستحيلَ في النفوس وليس في واقع الحياة، وَإذَا ما امتلكنا الإرادَة، فالمستحيل في النفوس وليس في واقع الحياة.

وإذا ما ترسَّخت هذه القناعةُ عند الناس، فَـإنَّنا نستطيعُ ضبطَ الجريمة، وتحقيقَ الأمن بشكل كبير، كما أننا بحاجةٍ إلى تطويرِ إمْكَانياتِنا بشكلٍ أكبرَ فيما يخُصُّ الوعيَ في الجريمةِ المنظمة، ولو توقف العدوانُ خلال هذه المرحلة مثلا فَـإنَّ الحربَ القادمةَ هي حربٌ أمنية، فضروريٌّ أن نُهَيِّئَ أنفسَنا لما بعد الحرب، فالجريمةُ تتطورُ بأساليبَ حديثةٍ، وخَاصَّةً الجريمةَ الإلكترونيةَ، ونحن يجبُ أن نُهَيِّئَ أنفسَنا لمواجهة هذه التحديات والإشكاليات المستقبلية في مواجهةِ الجريمةِ بكُلِّ أشكالِها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com