ذاكرة العدوان.. 29 إبريل خلال 9 أعوام: قصف العدوان السعوديّ الأمريكي يحول مدينة حرض إلى أرض محروقة ويهجر كُـلّ سكانها – شهيد وعدد من الجرحى في قصف الطريق العام بنقيل سمارة بإب

المسيرة: منصور البكالي:

واصل العدوان الأمريكي السعوديّ كعادته ارتكاب الجرائم والمجازر الوحشية بحق الشعب اليمني واستهداف المنشآت العامة والخَاصَّة والطرقات ومصالح المواطنين، وكان يوم 28 إبريل خلال 9 سنوات أحد هذه الأيّام المشهودة، حَيثُ استهدفت غاراته بعض المؤسّسات الحكومية والخَاصَّة، وتسببت في تهجير كامل لسكان مديرية حرض.

وفيما يلي أبرز الجرائم التي حدثت في مثل هذا اليوم:

 

29 إبريل 2015.. استشهاد مدني وإصابة آخرين في قصف نقيل سمارة:

في مثل هذا اليوم من العام 2015م، كان طيران العدوان كعادته يحلق فوق محافظة إب، ويرصد حركة المواطنين هنا وهناك، ويستهدف معيشتهم وممتلكاتهم وخدماتهم ومصالحهم، قبل أراوحهم.

هذه المرة التقطت الأقمار الصناعية وطائرات الرصد المسيَّرة للعدو راعي أغنام، في نقيل سمارة بيده عصا يهش بها على غنمه، إلى جانب حركة سير وسائل النقل في الطريق العام للنقيل الرابط بين محافظة إب وعدد من المحافظات اليمنية الأُخرى.

صور الراعي في النقيل وحركة مرور شاحنات المواد الغذائية وغيرها من المركبات المتوسطة تصل تباعاً إلى غرفة عمليات العدوان في الرياض وواشنطن، وعلى إثرها قرّر الخبراء العسكريون للعدو إصدار التوجيهات إلى غرفة القيادة والسيطرة المشتركة بضرورة توجيه غارات جوية على الهدف المدني الحسَّاس، في قائمة الإجرام بحق الشعب اليمني.

وفيما كان الراعي منهمكماً على قارعة الطريق وتحت أشعة الشمس في مراقبة غنمه ومنعها من الشرود نحو مناطق تغيب عن ناظريه، أَو تعرضها لحادث مروري من قبل السيارات والشاحنات في الطريق الأسفلتي المتعرج، باغته طيران العدوان بغارة جوية حولته إلى ركام من اللحم، ومزقت جسده وملابسه على منحدرات جبل سماره وحيوده الشاهقة.

تواصلت غارات العدوان على الطريق العام في نقيل سمارة، وكان من بين الذين هرعوا نحو مكان الغارة طفل، وقعت عينيه صدفة على معوز “مئزر” والده الممزق على قارعة الطريق وبه آثار دماء.

قطعة من جمجمة الرأس وقف بجوارها الجموع، فيدنوا أحدهم ويرفعها على أطراف أصابع يده، ويلقيها بجوار قطعة القماش الممزقة قائلاً: “هذه قطعة من حقه الرأس”.. مشهد متوحش، يصرخ الطفل من بينهم حالفاً، والله إنه أبي، هذا قميص أبي، أين هو أبي، أرجوكم تحَرّكوا يا أبتاه.. “الدموع والبكاء والشعور بفقد الأب في لحظة مفاجئة لطفل لا يقدر على شيء، مأساة تهتز لها الضمائر الحية والنفوس الأبية”.

يحاول الذين هم بجواره تهدئته، مؤكّـدين إنه ليس أباك، ليس أباك، لكن دون جدوى، يسألونه: ما هو عمله هنا؟ يرد عليهم كان يرعي الأغنام، فيما المسعفون يأسرهم الألم ونوبات البكاء المرتفعة لطفل يبحث عن أبيه بعد أثر، فيلتفتون يميناً ويساراً، وفوق وتحت وينتشرون في منحدرات جبل سمارة، وتعرجاته وحيوده الخطرة للبحث عن جثة الراعي ليجدون أثر دمه المسفوك على الصخور المتتالية نحو أسفل المنحدر الشاهق، هذا يلتقط قطعة من جسد الراعي، وهذا يجد جزءاً من صاروخ العدوان، وذاك ينتشل بقايا جثة ممزقة، وملامح مخفية لرجل كبير في السن حولته غارات العدوان إلى كومة لحم مركومة أسفل الجبل، وجمعت بقايا أوصالها إلى داخل “طربال”.. إنه مشهد إجرامي بحق الإنسانية والبشرية والقوانين والمعاهدات الدولية والمنظمات الحقوقية، بل هو خطر التوحش السعوديّ الأمريكي المهدّد لسلامة المجتمع البشري، والممثل الفعلي على وجه الكرة الأرضية للمساعي الشيطانية.

تظهر مشاهد استهداف الطريق العام والمكان المحدّد للغارة مساعي العدوان في فصل محافظة إب عن صنعاء وذمار وعدد من المحافظات اليمنية، في مخطّط عسكري يفضي بتقسيم اليمن، ومنع وصول الإمدَادات العسكرية والمدنية والإنسانية من شمال اليمن إلى جنوبه.

أسفرت غارات العدوان على نقيل سمارة عن استشهاد الراعي، وجرح آخرين ونفوق عدد من المواشي، وتضرر عدد من المركبات، وتعطل حركة السير لساعات وأيام، وزرع حالة من الخوف والهلع لدى المارين بالنقيل، وأهالي القرى والعزل المجاورة له، من هول الجريمة وبشاعة المنظر الذي صدرته غارات العدوان الفتاكة.

 

29 إبريل 2015.. العدوان يحول مدينة حرض إلى أرض محروقة:

وفي اليوم ذاته 29 إبريل نيسان، من العام 2015م، كثّـف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي غاراته الجوية على عدد من المنشآت العامة والخَاصَّة في مدينة حرض، وحولها إلى مدينة غير صالحة للحياة.

في هذا اليوم الـ 34 من عمر العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن، كانت مدينة حرض القريبة من الحدود السعوديّة على رأس قائمة الأهداف الاستراتيجية للعدوان، وكشفت غاراته التي استهدفت المنشآت الخدمية ومنازل المواطنين عن مخطّطاته الرامية لاجتياح المدينة بعد تحويلها إلى أرض محروقة، تتصاعد منها أعمدة الدخان والغبار، ورائحة الموت ومشاهد المجازر الجماعية، والنزوح الجماعي للأهالي، تاركين منازلهم ومحلاتهم التجارية خلف ظهورهم، على أمل العودة إليها بعد حين.

مدينة حرض التي كانت نقطة وصل بين الشعبين الشقيقين اليمني والحجازي وأكبر بوابة عبور بري بينهما حولها العدوان إلى حاجز من الموت والدمار والخراب والأطلال المريبة، والجثث المتناثرة، والمقبرة الجماعية تحت الأنقاض، وبين الأزقة والشوارع العامة وفي الطرقات وعلى الأرصفة، والتي لم تسمح الغارات بالوصول إليها لانتشالها.

وتظهر المشاهد سيارات وشاحنات محملة بالعفش والعوائل، رجال ونساء، كبار وصغار يفرون من الموت المحقّق، صوب مستقبل مجهول حولهم إلى نازحين ينتظرون سلة غذائية من المنظمات الإنسانية وفتاتها غير المناسب للاستخدام الآدمي.

أسفرت غارات العدوان في مثل هذا اليوم المشؤوم في حياة اليمنيين عن تدمير بعض المنشآت الحكومية والخَاصَّة، وتهجير آلاف المواطنين، وتحويل المدينة إلى أطلال من الخراب والدمار، وخلق حالة من الخوف والهلع في نفوس النساء والأطفال والأهالي.

 

29 إبريل 2015.. شهداء وجرحى في استهداف مجمع العرب التجاري بعدن:

وفي سياق منفصل من اليوم ذاته 29 إبريل نيسان 2015م، وجهت غارات العدوان السعوديّ الأمريكي جام حقدها على مجمع العرب التجاري بخور مكسر في محافظة عدن.

وفي هذا اليوم كان عمال مجمع العرب التجاري يعيشون نشاطهم اليومي المعتاد، فيما كانت طائرات العدوان ترصد حركتهم وتضبط دقائق إزهاق أرواحهم وسفك دمائهم وقطع أرزاقهم وتخويف أطفالهم ونسائهم، وفي لحظة من نهار اليوم تلقي طائرات العدوّ الحربية صواريخها المتشظية وقنابلها المتفجرة، على رؤوسهم، وتدخلهم في حالة رعب وخوف غير مسبوقة.

أعمدة الدخان وكوم اللهب المتصاعد في سماء خور مكسر مثل مشهداً مرعباً وجحيماً منصباً على من بداخل المجمع ومن بحوله، بقدر ما استغله العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن كمادة إعلامية لرفع المعنويات وتضليل الرأي العام بصورة نصر زائف هدفها مدني وفعلها عكسي تجسد صورة لطلقة حرب نفسية على المشاهدين اليمنيين.

مجمع العرب ذو الخمسة طوابق كان مليئاً بالملابس والمفروشات والمواد الغذائية وكلّ متطلبات التسوق تحت سقف واحد، حولته غارات العدوان إلى دخان ورماد ممزوج بأجساد عمال متفحمة ومستقبل مستثمرين طار في غمضة عين.

 

29 إبريل 2018.. غارات العدوان تستهدف فرع البنك المركزي ومحطة الوقود بصعدة

أما في العام 2018 م، من ذات اليوم 29 إبريل نيسان، فكان هدف العدوان اقتصاديًّا بحتاً، حَيثُ استهدف فرع البنك المركزي ومحطة للوقود في محافظة صعدة، بعدد من الغارات المدمّـرة.

في الساعة العاشرة مساءً من ذلك اليوم حلَّقت طائرات العدوان في سماء محافظة صعدة بناء على معلومات غير دقيقة من قبل جواسيسها الخونة والعملاء في مؤسّسات الدولة، تقضي بضرورة استهداف فرع البنك المركزي اليمني بمحافظة صعدة.

غارات العدوان التي بدأت تلك الليلة واستمرت لليوم الثاني على التوالي، على فرع البنك بمحافظة صعدة كشفت تخبط العدوان في المواجهة الاقتصادية وحرب العملات النقدية، خَاصَّة بعد منع البنك المركزي اليمني بصنعاء تداول العملة المزورة في المحافظات والمناطق الحرة، ما تسبب بفشل المساعي الأمريكية لضرب ما بقي من قيمة الريال اليمني.

أسفرت غارات العدوان عن تدمير كلي لفرع البنك المركزي اليمني بمحافظة صعدة ووصول الشظايا إلى المحال والمنازل المجاورة وحالة من الخوف والفزع في نفوس الأطفال والنساء، وموجة نزوح من جوار البنك، وقطع الطريق العام المجاور.

وفي اليوم ذاته من العام 2018م، استهدف طيران العدوان محطة لتعبئة الوقود ما أسفر عن إتلافها بالكامل وتضرر عدد من سيارات المواطنين، وحالة من الفزع والخوف في نفوس المواطنين، وتصاعد أعمدة الدخان واللهب في سماء المدنية، في حرب شاملة تتعمد استهداف كُـلّ مقومات الحياة والصمود، وتعمل على مضاعفة معاناة المواطنين ودفعهم نحو النزوح والاستسلام، وهذا ما فشل العدوان فيه رغم مخطّطاته المستهدفة للمصالح العامة والخَاصَّة والمؤسّسات والمنشآت الخدمية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com