العرب حبل النصر لأمريكا والصهيونية!!

دينا الرميمة

لم يعد خافياً على أحد حالةُ الإذلال والقهر التي تعيشها الأُمَّــة الإسلامية والوضع المأساوي الذي وصلت إليه وأصبحت تعيشُ حالةً من الخنوع لأعدائها الذين لطالما حذّر الله سبحانه وتعالى من توليهم، وتحدث في آيات كثيرة عن خطورتهم وعدواتهم الدفينة للإسلام وَللمسلمين، وعن استماتتهم الحثيثة في فصل الأُمَّــة عن دينها وعن نبيها وعن ربِّها، قال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم).
لكنهم تناسوا تلك الآياتِ التي لا شكَّ هي اليوم تدل على حالهم المزري الذي وصلوا إليه بعد أن كانت هي الأُمَّــة المؤهلة لقيادة هذا العالم في حال اتّخذت من القرآن منهجاً وسارت على درب تعاليمه ونواهيه، وبأخلاق نبيها تخلقت ومبادئه وقيمه التي أحيا بها أُمَّـة كادت قوى الطاغوت أن تدمّـرها وتسحقها، فجاهد قوى الشر وعلى يديه سقطت أعتى الإمبراطوريات، وذلت له الرقاب العصية وبنى أمة تركها وهي على المحجّـة البيضاء، وعقد على ناصيتها الخير لحمل رسالته المحمدية لتكون هي الأُمَّــة الأكثر فاعلية بين أوساط البشر والأُمة الأعظم والأُمة التي ستقود العالم برمته، بحكم ما تحمله من مبادئ وقيم وما تحمله من مشروع ومنهجية سمحة منبثقة من القرآن الكريم.

لكن منذ أن انحرف المسلمون عن أمر النبي الكريم في مسألة الخلافة، وولوا عليهم الظالمين والمتسلقين باسم الدين من بني أمية، من هنا بدأت انتكاسة الأُمَّــة الإسلامية، حَيثُ تعاقب على حكمهم حكام ظالمون بنوا إمبراطوريات لكنهم لم يبنوا أُمَّـة، بداية من بني أُمية وانتهاء بالعثمانيين.

فتلقت الأُمَّــة الإسلامية الضربات الموجعة على يد التتار والمغول والصليبيين، ومن ثم جاء الاحتلال البريطاني والفرنسي، وُصُـولاً إلى أمريكا والكيان الصهيوني الذين جاؤوا والأمة الإسلامية في حالة سيئة جِـدًّا ووهن أفقدها القدرة على الدفاع عن أرضها ومقدساتها وشعوبها، وأصبح ينطبق عليها حديثُ رسول الله -صلواتُ ربي وسلامه عليه وعلى آله- حين قال محدثاً أصحابَه: (توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها)، قالوا: أمن قلّةٍ يا رسول الله نحن يومئذ؟ قال: (أنتم يومئذ كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل، يُنزع الوهن من قلوب أعدائكم ويلقى في قلوبكم).

نعم.. أصبحت أُمَّـة الملياري مسلم ضعيفة أمام ستة مليون صهيوني احتلوا فلسطين وسيطروا على قرار وإرادَة الشعوب العربية، جاؤوا يحملون كُـلّ الحقد على الإسلام والمسلمين وطامعين بأرضهم، بداية من فلسطين التي عمدوا على احتلالها وارتكاب أبشع المجازر بالشعب الفلسطيني، ومزقوا وحدة المسلمين وجعلوا جزءا كبيرا منهم ينصاع لخدمتهم لضرب الأُمَّــة الإسلامية في وعيها ومبادئها وقيمها وعزتها وكرامتها، فأصبحت أمريكا واليهود يصفعوننا بأكفنا ويقتلون أبناء المسلمين بشبابنا وينتزعون القيم ويفسدون الأخلاق بعلماء دين عرب فسّروا آيات القرآن على حسب أهوائهم وبما يرضي اليهود عنهم، ووظّفوا منهم من يواجه أي تحَرّك نهضوي حر واع وفاعل في أوساط الأُمَّــة، وعطّلوا كُـلّ تحَرّك وأخرسوا كُـلّ صوت ينادي بالوعي والتحَرّك الجاد ضد الخطر الذي يتهددها.

تشترى الولاءات لليهود وأمريكا عبر الحكام العرب الذين كانوا خير خدمٍ للمشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة، فأثاروا النزاعات والحروب بأوامرَ أمريكية وأيادٍ وأموالٍ عربية، وأصبحت أمريكا هي ربهم الأعلى الذي لا يعصى له أمر، خوفاً من أن تصيبهم دائرة غضبها حتى أودت بهم إلى أحضان الصهاينة وأصبحوا يتزاحمون على بواباتها لتقديم الولاء والطاعة لهم، ضاربين بآيات القرآن الكريم عرض الحائط رغم معرفتهم أنهم مهما تفننوا في خدمتهم فَـإنَّهم لا ولن يرضوا عنهم إلا أن يتركوا ملتهم ودينهم ويكفرون بالله.

وها نحن اليومَ نرى كيف تعيش الأُمَّــة حالة ترقب للانتخابات الأمريكية، وما بين مؤيد لبايدن وراغب ببقاء ترامب؛ تخوفاً من أية سياسة جديدة قد تصدر أحكاماً مجحفة بحقهم، فأمريكا اليوم باتت تحكم العالم وعلى رأسهم المسلمون.

وعلى الرغم من معرفتهم أن الدستور الأمريكي هو الذي يسير عليه أي رئيس ولا يخالفه، وأن الرؤساء الأمريكيين مهما اختلفت أحزابهم إلَّا أن جميعهم خدم للصهيونية ومؤيدون لأفعالها، بل إنهم هم من يسهلون لها كُـلّ الطرق لتحقيق ما جاء في بروتوكولاتها العشرين للسيطرة على العالم، وهم على علم أن ما يقف أمام تحقيق هذا الحلم هو عودة المسلمين إلى دينهم وقرآنهم.

جميعهم يدركون أن السد المنيع والمعيق لمواجهة اليهود ورد كيدهم هو الإسلام إذَا ما اتخذه المسلمون منهجاً لمواجهة اليهود، وكذلك العرب أَيْـضاً والمسلمون يعلمون ذلك ويعلمون أن اليهود قد كتب الله عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله، لكن لا يزال العرب والمسلمون هم الحبل الذي يحقّق لليهود مبتغاهم في قهر الأُمَّــة والقضاء على الدين الإسلامي، قال تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ)..

فهل من عودة جادة للقرآن الكريم لقطع هذا الحبل الممتد بيننا وبين الصهيونية وإحياء لمعالم الإسلام حتى نكون كما أراد الله لنا أن نكون (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)؟!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com