صالح.. استغل المؤتمر لبناء أكبر “كنيست إسرائيلي” للتطبيع في اليمن

 

عبدالفتاح حيدرة

وثائقُ التطبيع المبكّر مع إسرائيل التي نُشرت مؤخّراً لم تكشف أَو تفضح شخصَ الرئيس السابق (صالح) فقط، بل كشفت ما هو أخطر وأبعد من ذلك بكثير، ففي الأول والأخير (صالح) كشخص قد رحل عن الحكم وعن الدنيا بكلها، وأصبح عند ربه له ما له وعليه ما عليه، الخطير هنا أن وثائق التطبيع مع إسرائيل كشفت تطبيع نظام حكم صالح السياسي والتشريعي والتنفيذي، النظام الذي كان يُحكم به الشعبُ كلُّه، بل كشفت وثائق التطبيع أَيْـضاً ما هو أكثر خطراً من تطبيع صالح كشخص وَمن تطبيع نظام حكمه كرئيس، الخطر الحقيقي يكمن في انكشاف منظومة التطبيع الحزبية والتعليمية والقضائية والإعلامية والأمنية والعسكرية والقبلية… إلخ.

هنا فضيحة التطبيع مع إسرائيل الحقيقي، الفضيحة ليست في شخص صالح، فالرجل كان إسرائيليًّا مطبعاً منذ اليوم الأول لصعوده للحكم، الفضيحة الأكثر خجلاً وخزياً وعاراً هي في تطبيع نظام الحكم ومنظمة المحكوم، هذا التطبيع شمل كافة أبعاد نظام الحكم السياسي والتشريعي والتنفيذي، ومحتوياً كافة جوانب المنظومة المتحكمة بالشعب اليمني كله؛ لذلك لاحظوا -وبالتأكيد أنه لاحظ الكل- جيِّدًا وبمُجَـرّد ما ظهرت هذه الوثائق وتم الكتابة عنها في مواقع التواصل الاجتماعي بالغضب من تطبيع ويهودة “صالح” كشخص أَو كرئيس، حتى أصبح الحوارُ مع بعض رواد السياسة الحزبية في مواقع التواصل الاجتماعي “قبلياً ومؤتمرياً وعفاشياً” أشبه بعملية السباحة في الوحل.

للأسف الشديد أنه تم ويتم استغلالُ واستخدامُ حزب المؤتمر ومن بوابة الديمقراطية وممارسة الحقوق والحريات السياسية كأكبر “كنيسيت إسرائيلي” في اليمن، لتدجين المنظومة السياسية والشعبية والاجتماعية اليمنية للتطبيع مع إسرائيل، هذا ما حدث ويحدث وسوف يحدث عندما يفقد الحزبُ أمانته الدينية والوطنية والقومية، ويلوذ بالصمت أمام موقف يضعه بارزاً على “كوشة” التطبيع مع إسرائيل، أَو يحاول ساسته وقادته نقلَ رسائل كاذبة ومغلوطة لجماهيرهم، وأن هذا الحزب وتلك القيادات وفي اليمن خُصُوصاً، لا يفقدون مصداقيتهم فقط، بل يفقدون أَيْـضاً شرفهم الديني والوطني والقبلي والسياسي.

الخطر القائم اليوم من مؤامرة التطبيع مع إسرائيل، هو عندما يعلم شرفاءُ وأحرارُ حزب المؤتمر وشرفاء وأحرار اليمن المتعاطفون مع حزب المؤتمر، أن إجراءات التطبيع كانت قراراتها تنفيذية وعملية، وأن نتائجها التطبيعية وفي أقصى حالات التفاؤل ستؤدي إلى لعنة شعبيّة ومجتمعية على كُـلّ من حكموا وَأيدوا وانتخبوا وشاركوا شخص وحزب وَنظام ومنظومة “صالح”، وهم يلوذون بالصمت أَو يتحرجون من اتِّخاذ موقفهم الحر والشريف من ذلك التطبيع السري، هذا هو الخطر الذي لا ولن يسقط بالتقادم إطلاقاً، ومهما كانت المبرّرات، سوف تبقى مبرّرات مصطنعة لا تحمل أيَّ قدر من الحقيقة، وصمت حزب المؤتمر من تطبيع نظام ومنظومة رئيسه السابق، سوف يجعل من هذا الحزب أكبرَ “كنيسيت إسرائيلي” للتطبيع في اليمن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com