رفضوا العزة والكرامة فلينتظروا السقوط

 

منير الشامي

حينما تُعرض العزةُ على عشاق الذل فهيهاتَ أن يقبلوها؛ لأَنَّهم ألفوا حياةَ الذل والخضوع، وحينما تعرض الكرامةُ على من اعتاد عيش الهوان تحت أقدام الآخرين فمن المستحيل أن يقتنعَ بالارتقاء إلى عيش العزة والكرامة؛ لأن هذه الحياةَ بالنسبة لهم حياة غريبة لم يألفوها ولن يعتادوها.

ومرتزِقة العدوان وخصوصاً جماعة الإخوان أبرزُ مثال على هذه العينة من العبيد الذين أصبح خضوعُهم وانبطاحُهم في الحياة كمثل الماء لحياة الأسماك، فالإخوان في مأرب على سبيل المثال قدّم لهم قائدُ الثورة مبادرةً تضمن انتشالهم من سراديب حياة الذل والانبطاح والارتقاء بهم إلى أعالي قمم العزة والكرامة وتجنب مأرب سفك الدماء ونار الحرب، وتطهرهم من رجسِ العمالة ودنس الخيانة وتكسيهم بثوب الوطنية ووشاح الشرف دون أن تسلبهم شيئاً، بل تبقى مأرب تحت سلطتهم وإدارتهم وتصرفهم مقابل عودتهم إلى حضن الوطن وبراءتهم من تحالف العدوان وتسليمهم لحكومة الإنقاذ عن طريقِ التزامهم بفتح الطرق أمام المسافرين وإطلاق المحتجزين وإعادة الكهرباء، وإمداد بقيّة المحافظات بالغاز والمحروقات وتوريد الإيرادات إلى بنك صنعاء، وإعادة الكهرباء إلى مجاري خطوطها المعتادة.

ما يعني ويؤكّـد أن الإصلاحَ في مأرب لم يكونوا ملزمين وفق تلك المبادرة بدفع أي ثمن باهض أَو تقديم أية تضحية عظيمة عن خيانتهم للشعب والوطن وعمالتهم لأعدائه، فلم تُفرض عليهم سوى التوبة من ماضيهم الأسود وجرائمهم البشعة والعودة للحضن الوطني وتطبيع الوضع لا أقل ولا أكثر.

فرفضوا هذه الفرصةَ الثمينةَ وقد قدمت لهم على طبق من ذهب، وأعرضوا عن تلك اليد الطاهرة التي امتدت إليهم لتذهبَ عنهم رجس العدوان وتطهرهم من قذارة العمالة ووحل الخيانة تطهيراً، رفضوا هذه النعمةَ العظيمةَ التي منَّ اللهُ بها عليهم في لحظة ملأت مأرب فيها برحمة الله وحلم وليه قائد الثورة، كما رفض بنو إسرائيل مائدةَ السماء واستبدلوا تلك النعمة العظيمة بالبقاء في مستنقع العمالة والخيانة، كما استبدل بنو إسرائيل الأدنى بما هو خير.

لم يفكروا أبداً بعاقبة الكفر بالنعمة، ولم يعقلوا فيدركوا نهايةَ مصيرهم المحتوم وما سيترتب عليه رفضهم لمبادرة الرحمة وطوق النجاة الوحيد الذي طرح بين أيديهم.

ها هم اليوم يرون قربَ نهايتهم وقد تساقطت حصونُهم تحت أقدام جند الله من الجيش واللجان الشعبيّة، وتبخرت معسكراتُهم وتفرقت أعدادُ ألويتهم بين قتلى وجرحى وهاربين، وصارت كُـلُّ أسلحتها وآلياتها غنائمَ لرجال الرجال الذين أحاطوا بمدينة مأرب بفضل الله وتأييده، وأصبحت من جهات عديدة على مرمى أحجارهم.

لم يعد أمامهم سوى انتظار لحظة سقوطهم التي تقترب منهم شيئاً فشيئاً، وقد أصبحوا في الزمن الحرج منها، ذلك الزمن الذي يمرُّ عليهم سريعاً ويرون حركةَ عقارب الساعة فيها كحركة مراوح الطائرات.

وفي هذه اللحظات وبعد المعارك التي دارت خلال الأيّام الماضية، والتي تمخضت عن القضاء على معسكر الشدادي بين هيلان ومأرب، وتطهير معسكر الخنجر، أصبح مرتزِقةُ مأرب يسمعون وقع أقدام أبطال الجيش واللجان الشعبيّة تتعالى لتعلنَ لهم عن سقوطهم في وحل التاريخ إلى أبد اﻵبدين، وعودة مأرب إلى أحضان وطن فتي بصموده لم توهنه الجراحُ الغائرةُ رغم كثرتها، ولم تؤثر فيه كثرة الخونة وَالعملاء، فلا قصف مضخة صرواح سيحول دون تطهيرهم لمدينة مأرب، ولا قصف سجن النساء بتعز سيقف حجر عثرة أمام أقدامهم الطاهرة.

فلينتظروا إنا منتظرون…

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com