صحيفة “المسيرة” تستطلع آراءَ الآباء والأجداد عن ارتباط اليمنيين بذكرى جمعة رجب

جمعة رجب.. نقطة محورية في حياة الشعب وهُويتهم الإيمــانية منذ العام الـ 7 للهجرة

 

تُمثّل جمعةُ رجب أهميّةً كبرى في حياة الشعب اليمني، وتكشف مدى ارتباطهم بهذا اليوم العظيم الذي يُعدُّ نقطة محورية في حياة اليمنيين وهُويتهم الإيْمَــانية منذ العام 7 للهجرة، وكيف تحوّل هذا اليوم لديهم إلى عيد الأعياد.

وحول هذا الشأن، أجرت صحيفةُ “المسيرة” استطلاعاً ميدانياً مع عدد من المواطنين كبار السن، للوقوف أمام احتفالات الآباء والأجداد بجمعة رجب، ومراحل استهدف الهُوية الإيْمَــانية وعزل الناس عنها، والأسباب التي تقف خلف ذلك، حيث يؤكّـد كبارُ السن أنهم كانوا يحتفلون بهذا اليوم، ويعيدون فيه ويلبسون الثياب الجديد ويزورون الأرحام والأقارب، ويعطفون على الفقراء والمحتاجين، ويقيمون المناسبات العامرة بالذكر وقراءة القرآن والسيرة النبوية وسيرة الإمَام عليّ -كرّم اللهُ وجهه-، مشيرين إلى عددٍ من التفاصيل التي تنشرها الصحيفةُ، فإلى الحصيلة:

 

استطلاع: منصور البكالي

كانت البدايةُ مع السيّد أحمد عبدالملك المروني البالغ من العمر 87 عَاماً، الذي قال: “مثّلت جمعةُ رجب والإمَام عليّ -كرّم اللهُ وجهه- نقطة تحوّل في هُـــوِيَّة شعبنا اليمني الإيْمَــانية، التي شهد بها رسولُ الله -صلواتُ الله عليه وعلى آله وسلَّم- منذ العام الـ7 للهجرة، حين قال: الإيْمَــان يمان والحكمة يمانية، ونزلت في القرآن الكريم سورة النصر التي يقول اللهُ فيها مبشراً نبيه بدخول قبائل همدان فيها آنذاك الإسلام أفواجاً (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).

 

نهنئ الشعب وقائد الثورة والقيادة السياسية:

بدورِه، قال الحاج محمد ملاطف الأعرج ذو 77 عاماً، ومعه الكثيرُ من كبار السن المنتمين لعدد من المحافظات: “بدايةً نهنئ شعبَنا اليمنيَّ بهذه المناسبة العظيمة التي لها قيمة على قلوبنا، ونهنئ قائدَ الثورة السيّد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقيادة السياسية والجيش واللجان الشعبيّة في مختلف الجبهات بهذا اليوم المفصلي في تحديد هُـــوِيَّتنا الإيْمَــانية، وبهذا اليوم الغالي على قلوبِ كُـلِّ يمني”.

في هذا السياق، قال القاضي محمد عبدالله علي الأكوع البالغ من العمر 58 عاماً: “كنا نُجهّز جعالة عيد رجب من قبل أسبوع، وكان أعظم من كُـلِّ الأعياد، وكنا نبخر البيوت والطيب من يوم الخميس الذي نصوم فيه، ونجتمع بالناس”.

أما صديقه الحاج علي محمد السياغي 68 عاماً من محافظة صنعاء، فقد أكّـد أن هذا اليومَ من أفضلِ الأيّام التي تذكرنا بدخولِ شعبنا اليمني الإسلام، ويُجدّد فينا الحبَّ والولاءَ للإمَام عليّ -كرّم اللهُ وجهه- وكل أعلام الهدى من بضعة المصطفى -صلواتُ الله عليه وعلى آله وسلَّم- إلى يومِ الدين، بل كان هذا اليوم محطة للتزود بالقيم والمفاهيم الإيْمَــانية في معاملاتنا وعباداتنا ومختلف شؤون حياتنا اليومية”.

 

من أهمِّ أيّام السنة:

ويوضح علي محمد المؤيد 80 عاماً، من أبناء محافظة صعدة، وعلي عبدالملك المروني، من أبناء محافظة ذمار “أن هذا اليومَ من أهمِّ أيّام السنة ومن الأعياد التي يحتفل بها شعبُنا اليمنيُّ في المناطق الشافعية والزيدية على حدٍّ سواء، وقالا: “كنا نلبس فيه الجديد ونعطف على الفقراء والمحتاجين ونقوم بزيارة الأقارب والأرحام، ونتبادل الهدايا، ونذبح المواشي ونوزعها صدقات على المستضعفين، وكانت ليلةُ الخميس إلى صباح الجمعة، عامرةً بالتجمعات للذكر وقراءة السيرة النبوية وسيرة الإمَام عليّ -كرّم اللهُ وجهه-، وكنا نسبح فيه الله كثيراً ونحمد الله على نعمة الإسلام ونعمة الهداية من منطلق التعبير عن صدق الولاء والتمسك بالدين الإسلامي وعترة آل البيت”.

من جهته، قال حسين الكدس ذو 44 عاماً: “كان يوم الجمعة، عيد الأعياد وأتذكر عندما كنت طفلاً في سنِّ السابعة والثامنة حصولنا على الثياب الجديدة والعسب والهدايا والزيارات المتبادلة بين الأسر والأقارب، وكنا نفرح ونبتهج أكثر مما نشاهده في عيدَي الفطر والأضحى”.

كنا نعيد بهذا اليوم عيداً هو من أكبر الأعياد في السنة؛ لأَنَّ الشعبَ اليمنيَّ يفتخر فيه بدخوله الإسلام، فصار أكبر عيد وأكبر فرحة، نزور فيه الأرحام ونعطيهن سلام العيد ونعيش فرحةً وسروراً، وهذا ما نفتخر به جيلاً بعد جيل.

 

مراحل استهداف المناسبات الدينية وتغييب جمعة رجب:

وحول محاولة أعداء الإسلام حرف شعبنا اليمني عن هذا اليوم العظيم والتاريخي، يؤكّـد المروني أنه “منذُ سبعينيات القرن الماضي، بدأ دخولُ الفكر الوهّابي إلى اليمن ومحاولة تعميمه في غالبية المحافظات والمناطق اليمنية الشافعية والزيدية، وبدأ بعضُ الناسِ ينساقون خلف فتاويهم التي تصف إحيَاء المناسبات الدينية بأنها بدعة وضلالة، لتحل محلَّها الضلال والمسخ الحقيقي، وبشكل تدريجي زاد أثرُ ذلك مع الأيّام حتى وصل بنا الحال إلى عدم معرفة الجيل الجديد شيئاً عن جمعة رجب، وباتت من الماضي، ولكن اليوم وبفضل الله وبفضل تضحيات أعْلام الهدى السيّد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، وبعده أمير المؤمنين السيّد عبدالملك بدرالدين الحوثي وكل المخلصين المجاهدين من أبناء شعب الإيْمَــان المنتشرين في جبهات العز والشرف والجهاد المقدس، استطعنا الدفاعَ عن هُـــوِيَّتنا وديننا، وطردنا الفكرَ الوهّابي من الكثير من مناطق اليمن ليعودَ الشعبُ إلى هُـــوِيَّته الإيْمَــانية كما عهدناه في الماضي”.

ويضيف علي محمد المؤيد من جهته: “يدرك الجميعُ خطورةَ مرحلة الهيمنة الأمريكية على اليمن، حين كان السفيرُ الأمريكي الحاكمَ الفعلي وبات يتحكّم بتفاصيل كُـلّ شيء، ولما لذلك من أثر استهدفت فيه معالم الدين ورموزه وأعْلام الهدى والأيّام والمناسبات التي تجسّد حقيقة الهُـــوِيَّة الإيْمَــانية وتربط شعبنا اليمني بهُـــوِيَّته الإسلامية وبدينه، وحينها كان التكفيريون بفكرهم الوهّابي الذي مثّل الذراع الأمريكي الممتد إلى داخل مساجدنا، ومدارسنا ومناهج أبنائنا الدراسية، يفرضون على شعبنا ومجتمعاتنا أفكارَهم دون القبول بأفكار وهُـــوِيَّات الشعب الممتدة منذُ عقود”.

أما القاضي الأكوع يردف قائلاً: “جاء الوهّابيون وحرّموا وأماتوا هذه المناسبات بحجة أنها بدع، بينما البدعة الحقيقية أحيوها مثل صلاة التراويح جماعة في الجامع، مع أن عبدالله بن عمر في حديث جاء فيه أن عبدالله بن عمر بن الخطاب، منع الناسَ من صلاة التراويح جماعةً في المسجد، وعندما جاءُوا له بأصحاب أبيه، قال لهم إذَا رأيتم رسولَ الله يعمل عملاً، وأبي يعمل عملاً غيره فمن ستتبعون؟ قالوا نتبع رسول الله -صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم-، فقال: كان رسولُ الله يأمركم بصلاة التراويح في بيوتكم، وأبي جعلها في الجامع فمن تتبعون؟ قالوا: نتبع الرسولَ ثم ذهبوا”.

وعلى هذا جاء الوهّابيون ليقضوا على المناسباتِ الدينية المتصلة بالهُـــوِيَّة الإيْمَــانية ليحلوا محلها بِدَعِهم الحقيقية، والمتناقضة مع جوهر الدين تحت فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان”.

في السياق، أشار المؤيد إلى أن فقهاءَ الشافعية، وعلماء آل البيت عانوا خلال الفترة الماضية من محاولات التغييب والعزل ليحل محلهم هؤلاء، ومع هذا غيبت الكثيرُ من المناسبات مثل المولد النبوي ويوم عاشوراء ويوم جمعة رجب وغيرها من المناسبات التي تشدنا إلى ديننا الإسلامي الحنيف، تحت مبررات وفتاوى كاذبة وما أنزل اللهُ بها من سلطان يسمونها بدعة.

 

علاقة الهُـــوِيَّة الإيْمَــانية بيوم الجمعة وحب الإمَام عليّ:

ويقول القاضي الأكوع في حديثه لصحيفة “المسيرة”: “إحيَاءُ عيد يوم الجمعة من رجب، وحبُّ الإمَام عليّ ركيزتان أَسَاسيتان من ركائز الحفاظ على الهُـــوِيَّة الإيْمَــانية المتجذرة في وجدان شعبنا اليمني، وسور حماية لها من استهداف الوهّابيين وأعداء الإسلام والشعب اليمني”، مُشيراً إلى أن الهُـــوِيَّة الإيْمَــانية تعبّر عن مضمون رسالة الإمَام عليّ الذي قرأها وهو مجتمع بوجاهات وأعيان قبائل همدان في سوق الحلقة الذي في صنعاء القديمة.

وعن حبِّ الإمَام عليّ، لفت القاضي الأكوع إلى أن شعبَنا اليمنيَّ تربى على حبِّه وحب آل البيت -سلامُ الله عليهم-، وهذا تأكيد على تمسكه وحفاظه على هُـــوِيَّته الإيْمَــانية التي شهد له بها رسولُ الله -صلواتُ الله عليه وعلى آله وسلَّم-، وقال: “حبُّ الإمَام عليّ والهُـــوِيَّة والإيْمَــانية وإحيَاء يوم جمعة رجب خلاصة جامعة تجسّد دلالاتها بأن الإيْمَــان يماني والحكمة يمانية والفقه يمان، وإن تغيّرت الظروف وزادت المؤامرات إلّا أن شعبنا اليمني يظل متمسكاً بهذه الركائز”.

 

رسالة الأجداد للأحفاد:

“اتبعوا القائدَ العلم السيّد عبدالملك بدرالدين الحوثي وارفدوا الجبهات”.. بهذه الرسالةُ نصح السيّد المؤيد الأجيالَ الشابة قائلاً: “ننصح الأجيالَ الشابة التي غيب عنها الأعداءُ الكثيرَ من المناسبات المجسدة للهُـــوِيَّة الإيْمَــانية بإحيَاء هذه المناسبات واستشعار مسؤولياتهم الدينية في الحفاظ على هُـــوِيَّتهم ودينهم، والتحَرّك لتحرير أرضهم من الغزاة والمحتلّين الذين استهدفوا ديننا وهُـــوِيَّتنا منذُ عقود، والجبهات هي اليوم المكان الحقيقي والمترس الأهم للدفاع عن قيمنا وهُـــوِيَّتنا وكرامتنا وأوطاننا ومقدساتنا، وأنصحهم باتباع أمير المؤمنين لهذه الأُمَّة سيدي ومولاي الشاب المجاهد المخلص عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله ويرعاه-“.

 

المكانُ الذي خطب الإمَام عليٌّ فيه باليمنيين:

إلى ذلك، يقول الشيخ علي علي السلامي، الذي يقع بيتُه بجوار ساحة الإمَام عليّ: “بحسب ما رواه لنا الآباءُ والأجدادُ بأن الإمَامَ عليّاً خطب باليمنيين في هذا السوق الذي يسمى إلى اليوم بسوق الحلقة وساحة الإمَام عليّ، وفي هذا المكان بالتحديد في العام الـ7 للهجرة النبوية؛ ولهذا المكان صلة بالهُـــوِيَّة الإيْمَــانية إضافة إلى إحيَاء اليوم الذي أسلم فيه اليمن بكلِّ طوائفه ومناطقة”، وَأَضَــافَ: من الأماكنِ الدالة على حبِّ الشعب اليمني للإمَام عليّ -كرّم اللهُ وجهه- جامع بُني في السنة الثامنة باسمه، أي جامع الإمَام عليّ الذي يبعُدُ عن الحلقة بعضَ الأمتار فقط، ويعتبر أقدمَ مسجدٍ في اليمن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com