خمسةَ عشرَ عاماً من العدوان الأول .. بقلم/ عدنان قاسم علي قفلة

العدوانُ العالمي الغاشم والحصار الجائر الذي يعاني منه اليمنُ الآن، ليس الأولَ من نوعه وإنما هو امتدادٌ لعدوان وحصار كبير عانت منه أجزاء من هذا الوطن الغالي بصورة شاملة وإن كان حصاراً وعدواناً جزئياً من الناحية الجغرافية.

فالعدوان الأول الذي تم شنه على جزء مهم من اليمن العزيز كان في أجزاء من محافظة صعدة حينما حوصرت مران من جميع الاتّجاهات وهاجمتها السلطة والمنافقين في العام 2004 / 1425هـ، حَيثُ حوصرت بحوالي 28 لواء مكونين من أكثر من (ثلاثون ألف جندي 30.000 جندي) وأربعة عشر ألف من المرتزِقة (14.000 من المرتزِقة) وطوقوا مرّان من جميع الجهات وسخروا معهم كُــلّ الآلة العسكريّة التي تملكها الدولة وكل مقدّرات الدولة.

واستهدفوا الجميعَ في تلك المنطقة الشجر والحجر والبيت والمزرعة الكبير والصغير الرجل المسنّ والمرأة والطفل بدون حرمة لدم ولا صون لعرض ولا احترام لكرامة، وواصلوا هجومَهم على المنطقة، مرتكبين أبشع الجرائم بحق الإنْسَانية وارتكبوا مختلفَ أنواع جرائم الحرب إلى أن وصلوا إلى المكان الذي كان يتواجد فيه الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-، في عملية هجمة وحشية وعدوان غاشم خالف كُــلّ القيم والمبادئ والأَخْلَاق بل وحتى الأعراف الإنْسَانية فاستشهد -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- بعد أن أحرقوا المكان الذي يتواجد فيه مع من معه من المؤمنين وبأسرته وأطفاله فخرج من المكان مضرجاً بالدماء فصبوا عليه وابلاً من الرصاص وهو بين أيديهم حتى ارتقت روحه الطاهرة عند بارئها.

ليس هذا فحسب بل تم أسر جميع مَن كان معه ممن تبقى على قيد الحياة في ذلك الحين رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً بالتزامُن مع ذلك كله كان يتمُّ سجنُ كُــلّ من كان له علاقة بهذا السيد القائد العظيم أَو بفكره أَو ثقافته القُــرْآنية في أيِّ مكان في صنعاء أَو صعدة أَو حجة أَو ذمار أَو أي مكان بل واستهدف أغلب الذين لم يوافقوا لهذا العدوان أَو غير الراضين به وأغلقت الكثير من المراكز العلمية ودُمِّرت العديدُ من المدارس العلمية في ضحيان ومرّان ودُمّرت العديد من المساجد وسجن الكثير من الشخصيات العلمائية وفصل الكثيرون من وظائفهم لمجرد النسب أَو المنطقة في هجمة عرقية ومناطقية بغيضة لم يسبق لها مثيل.

 

لماذا كُــلّ ذلك؟

لأَنَّ الشَّهِيْـدَ القَائِدَ السَّيِّــدَ حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- جاء بمشروع قرآني يُخرِجُ الأُمَّـة من حالة الضعف والذل والهوان والانكسار والهزيمة إلى حالة القُـــوَّة والعزة والمنعة والتمكين والانتصار.

لأَنَّ الشَّهِيْـدَ القَائِدَ السَّيِّــدَ حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- أخرج الأُمَّـة من حالة التيه والضياع والعمى والظلام إلى حالة البصيرة والوعي والإدراك والنور.

لأَنَّ الشَّهِيْـدَ القَائِدَ السَّيِّــدَ حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- حدد للأُمَّـة مسارها وطريقها الصحيح وعرّفها بنفسها وما هي مهمتها والمكانة التي يجب أن تكون فيه.

لأَنَّ الشَّهِيْـدَ القَائِدَ السَّيِّــدَ حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- عرّف الأُمَّـة من تكون وماذا يجب أن تحقّقه ولماذا يجب عليها أن تحقّق ما تريد، وكيف ستحقّق ما تريد وتصبوا إليه وترغب أن تكون فيه من وضعٍ طبيعي من العزة والتمكين والقُـــوَّة والاستقلال والمنعة والكرامة وفق رؤية قرآنية ببصيرة عالية ورؤية ثاقبة استراتيجية وعميقة.

لأَنَّ الشَّهِيْـدَ القَائِدَ السَّيِّــدَ حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- عرّف الأُمَّـة من هو عدوّها وماذا يريد هذا العدوّ، ولماذا يريد ما يريد، وكيف ممكن أن يحقّق ما يريد ضمن المشروع القُــرْآني كي تكون محمية ومصانة من الانحراف والضياع وعدم الهزيمة.

لأَنَّ الشَّهِيْـدَ القَائِدَ السَّيِّــدَ حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- أتى بالثقافة القُــرْآنية التي تجعل الأُمَّـة في خير ورخاء نعيم وأمن وأمان يسلم لها دينها ووطنها وكرامتها مستقلةً مستقرةً محمية.

لهذا وأكثر كان هذا العدوان الأول وكان هذا حجم الاستهداف بأوامر أعداء الله اليهود وأمريكا وإسرائيل عبر أدواتهم الحاكمة في اليمن والمنطقة

وكانت النتيجة أن خسرت الأُمَّـة اعظم قائد لها وأفضل حكيم لديها من خلال الفاجعة الكبرى والكارثة العظمى باستشهاد الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- وبخيرة الرجال الصادقين الذين ساروا معه.

 

ماذا كان بالإمكان أن يكون؟

لقد كان بإمكان الشهيد القائد أن يعيش كما يعيش الآخرون في بيت مترف وكان بإمكانه أن يعيش مع أولاده في قصر ينعم بالرفاه والترف والأموال والخدم والحشم، ولكنه أبا لنفسه إلا أن يعمل على إخراج الأُمَّـة من وضعها الكارثي التي تعيش فيه وهي تحت رحمة الأعداء، تحت رحمة من ضُربت عليهم الذلة والمسكنة.

بل وكان بإمكان الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- بعد أن تحَـرّك في هذا المشروع أن يعدّل فيه ما يريد وقد قُدمت له الإغراءات والمناصب والعروض، إلا أنه كان ذلك الذي (جاء بالصدق وصدّق به) فرأى أن كُــلّ شيء لا يساوي بأن يكون ثمناً للثقافة القُــرْآنية التي قدمها من خلال القُــرْآن الكريم وإن كانت الدنيا بحذافيرها.

بل كان بإمكانه وهو في إطار المواجهة في العدوان الأول والحرب الأولى أن ينجو بنفسه من المعركة وبأسرته إلا أنه فضّل أن يقدم للأُمَّـة نفسه وروحه وماله وأولاده فداءً لهذه الأُمَّـة وكنموذج للفداء والعطاء والتضحية في سبيل الله وأن يكون ذلك كثقافة إن أرادت الأُمَّـة أن تنتصر على أعدائها، تماماً كما قدّم الإمام الحسين بن علي عليه السلام نفسه في سبيل الله يوم عاشورا، وكما قدّم الإمام زيد بن علي عليه السلام نفسه.

 

ارتباط ما يحصل اليوم من عدوان بالعدوان الأول

وما يحصل اليوم من عدوان سافر وظالم على اليمن ليس إلا امتداد لذلك العدوان الأول قبل خمسة عشر عاماً والذي استمر منذ ذلك الحين وحتى الآن وإن في فترات متقطعة في حروب أكلت الأخضر واليابس تستهدف قادة هذا المنهج ومناصريه والمتعاطفين معه بل وكل من يرتبط بهذه الثقافة حتى وإن من باب المنطقة أَو النسب.

وهكذا كانت الأسباب وكانت النتائج والعدوان لم يتوقف منذ ذلك الحين وحتى الآن وقد قدّم الشهيد القائد نفسه وأولاده وإخوانه فداءً لهذه الأُمَّـة من أجل سلامتها وسلامة دينها ومن نتائج هذه السلامة أن يسلم لها كرامتها من أن تهان وَعزتها من تذل وقوتها من أن تضعف، تحت قيادة أخيه العظيم خير خلف لخير سلف تحت قيادة سيدي ومولاي عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله بنفس الثقافة والمشوار وبنفس القُـــوَّة والعزيمة، بل ويواجه نفس المغريات وأكثر، ونفس الترغيب وأعظم، ونفس الترهيب والتهديد وأشد.

فسلام الله وبركاته على الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي ما تعاقب الليل والنهار الذي أعاد لهذه الأُمَّـة قوتها وهيبتها وأعاد لليمن احترامه وتأريخه وأسألُ اللهَ الحفظَ والرعاية والحماية لسيدي ومولاي عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي حافظ على هذا الخط وهذا النهج وهذه الثقافة بحنكة وحكمة وشجاعة وبصيرة، حَيثُ تخرّج على يده القادةُ في جميع المجالات الثقافية والعسكريّة والسياسيّة والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية ولا زال يتخرج على يده الكثير وفق المنهج القُــرْآني والثقافة القُــرْآنية بعد أن كانت حصراً وحكراً على الدين فقط.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com