الشهداء.. محطة للتزود الإيمــاني .. بقلم/ منصور البكالي

يستعدُّ شعبُنا اليمني لإحْيَــاء ذكرى الشهيد خلال هذه الأيام، منطلقاً من تفقد أحوال أسر الشُّـهَـدَاء والإحسان اليهم، وإحْيَــاء سِيَرِهم الخالدة في الوجدان الشعبي، كجزاء لمن ما قدموه وضحّوا به في سبيل الدفاع عن المستضعفين والمظلومين، وجزء بسيط من استشعار واجبنا تجاههم.

فهم من رخصت أرواحهم ودماؤهم الزكية، وكل هذه الدنيا وزخرفها، أمام الفوز بفضل الله والصدق في البيع منه من منطلق الثقة بوعده لهم بالنصر في الدنيا والفلاح في الآخرة.

فصدروا لنا بذلك وعياً شعبياً لن يتوقفَ عند هذه الحدود بل سيواصل السير في ركبهم مستشعراً لواجب الوفاء لدمائهم، ويحيي سيرَهم ومواقفهم ومناقبهم خلال أيام عيشهم في أوساطنا وبين أظهرنا، فنخلد في المدى محياهم الأبدي.

ونقدمهم كنماذجَ عظيمةٍ يتقمص منهم أبناؤنا جيلاً بعد جيل، قيمَ العزة والتضحية والاخلاص مع الله ورسوله والمؤمنون المستضعفين في عالم اليوم.

ونصنع من هؤلاء الشُّـهَـدَاء مدرسةً تربوية وإيْمَــانية يتخرج منها جيوشُنا الصاعدة في مواصلة دربهم وطريقهم لمواجهة قوى الشيطان والاستكبار العالمي الذي جلب على شعبنا كُلَّ هذا العدوان والجبروت الماثل في قتلنا وتدميرنا واحتلال أرضنا وانتهاك كُلّ المحرمات ومصادَرة كُلّ القيم والمبادئ التي نحافظُ عليها عبر مختلف الوسائل والطرق المسخرة لذلك.

قاصداً تخلينا عن درب الشهادة والشُّـهَـدَاء وهيهاتَ له ذلك!!.. أمام شعب تربّى على نهج القُــرْآن وثقافته في مدرسة شهدائه العظماء من آل بيت المصطفى صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

مدرسةُ الشُّـهَـدَاء النظرية أوجدت لنا ورشاً تطبيقية لإنتاج جيوش مؤمنة بالله ووعده ووعيده، فعرفت اللهَ حقَّ المعرفة ومن مصادرها وأعلام الهدى، ومستشعرة لمسئوليتها في الدفاع عن المستضعفين بالوقوف لردع الطغاة والمستكبرين المستهترين بحياة الشعوب وحريتها وثرواتها مهما كلفهم ثمن ذلك؛ لأنه ثمنٌ كفيلٌ بصناعة المتغيرات في مصير هذه الإنْسَانية على المدى المتوسط والبعيد بعون الله وتأييده.

فهؤلاء العظماء حملوا على عواتقهم مشروعا قرآنياً يحمل همَّ الأُمَّـة الإسْلَامية والإنْسَانية بكلها بإخلاص وتفانٍ ووفاء واستبسال منقطع النظير في زمن اليوم، مستمدين ذلك من سيرة حيدر الكرار يوم غزوة الأحزاب، فاستحقوا أن يكونوا مع الخالدين في الدنيا والآخرة.

وهذا الحملُ لن يتوقف عندهم بل صدّروه لنا كمصدر للفخر ومنارة للهدى وسُلّم للنصر ومعراج للشهادة، وسنكون أهلاً لحمله إن شاء الله وبكل قوة واقتدار.

فنحن نملكُ القيادةَ الربانية والمشروع القُــرْآني الواضح، وإمْكَانيات تقديمه للأُمَّـة، كمخرج وخيار وحيد مما هي فيه من الضعف والهَوان والاستعباد والهيمنة الصهيوأمريكية إلى ميدان العزة والاستخلاف والتمكين والحرية والاستقلال.

ومَن لم يدرك حجم ما صنعته دماءُ الشُّـهَـدَاء من متغيرات، أربكت كُلّ الخطط والموازين العسكريّة، وأحالت كُلَّ قواها إلى وهن كبيت العنكبوت خلال الحروب الست الظالمة على محافظة صعدةَ وخلال هذا العدوان الغاشم منذ أربعة أعوام فهو أعمى البصر والبصيرة وبعيدٌ عن كتاب الله، ولا يجد في صدره مثقالُ ذرة من الثقة بالله وبما وعد به عبادَه المظلومين، المتحَـرّكين في مقارعة الظالمين والمعتدين المجرمين، من نصر عزة ورعاية.

فيجبُ علينا الوقوفُ أمام هؤلاء العظماء بتأمل وتمعُّن لنزداد هدىً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com