ما وراء انسحاب المدمّـرات الأمريكية من البحر الأحمر؟

المسيرة – محمد الكامل

أثارت مغادرةُ حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور” والمدمّـرة الأمريكية “يو إس إس غريفلي” من البحر الأحمر، وَاستقرارها في البحر الأبيض المتوسط الكثيرَ من التساؤلات.

ما الهدف من هذه المغادرة وفي هذا الوقت بالتحديد، وهل للعمليات اليمنية دورٌ في ذلك؟ أم أن هناك مخطّطا أمريكيًّا، ومؤامرةً تنسج خيوطها على اليمن؟

وقالت البحرية الأمريكية: إن حاملة الطائرات “أيزنهاور” والمدمّـرة “غريفلي، عبرت قناة السويس يوم الجمعةِ الماضي، متجهةً إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، بعد مغادرتها البحر الأحمر”، دون أن تعطي أية تفاصيل حول ذلك، ولماذا غادرت منطقة البحر الأحمر، لا سِـيَّـما أن هدفَها من التواجد فيه منذ البداية كان لما يسمِّيه حماية الملاحة الصهيونية من الهجمات اليمنية المتواصلة.

وخلال الأشهر الماضية، نفّذت الولاياتُ المتحدة الأمريكية وبريطانيا طلعات جوية، وعدواناً غير قانوني على اليمن، حَيثُ كانت الطائرات تقلع من حاملة الطائرات “أيزنهاور”، وقد تسببت في استشهاد وإصابة العشرات من المدنيين اليمنيين.. كان الهدف إرعاب اليمنيين وإيقاف هجماتهم الصاروخية على السفن الإسرائيلية التي تعبر مضيق باب المندب باتّجاه ميناء أم الرشراش الصهيوني، لكن كُـلّ هذه المحاولات باءت بالفشل، وأثبتت عمليات القوات المسلحة اليمنية فاعليتها وأثرها على السفن المعادية الأمريكية والبريطانية والغربية.

ويقول عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، تعليقاً على هذا الانسحاب: “إذا كانت أمريكا زعمت انخفاضَ عمليات القوات المسلحة اليمنية؛ لتحافظ هي على ماء وجهها وتنسحب من عسكرة البحر الأحمر، وتوصل رسالة لشركات التأمين عكس رسالتها في البداية؛ فهذا خداعٌ ذاتي إيجابي”.

ويضيف في تدوينة له عبر منصة “إكس”: “أما إن كانت ترى انخفاضَ العمليات حقيقة فلتوجّـه سفنها، وسفن ربيبتها “إسرائيل” بالإبحار مجدّدًا، لتكون صيداً شهياً لقواتنا”.

من جانبه تساءل وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، ضيف الله الشامي: “من يتذكر حفلات التهديد والوعيد التي عمل عليها إعلام العدوّ الصهيوني الأمريكي وأبواقهم العربية بدخول حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور” إلى البحر الأحمر وتصوير المعركة محسومة لصالحهم”.

ويؤكّـد في تدوينة له على منصة “إكس” أن “أمريكا اليوم تجر أذيال الهزيمة بعد عجزها الكامل عن حماية نفسها، فضلاً عن حماية بقية القطع البحرية الأُخرى”.

بدوره يرى نائب دائرة التوجيه المعنوي، العميد عبد الله بن عامر، أن “انسحاب حاملة الطائرات “أيزنهاور” من البحر الأحمر مؤشر إيجابي”، مُشيراً في تدوينة له على “إكس” “إلى أن التحَرّك العسكري الأمريكي في دول الجوار منذ 48 ساعة الماضية وحتى الآن مؤشرٌ سلبي”.

 

سقوطُ أُسطورة أمريكا:

ويأتي انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور” من البحر الأحمر بعد الاشتباك مع القوات اليمنية؛ ليؤكّـد مرة أُخرى فشل الأمريكيين في مواجهة اليمن وسقوط أُسطورة أمريكا أمام العمليات العسكرية اليمنية؛ وهو ما يؤكّـده وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال بصنعاءَ، عبدالعزيز البكير، الذي يقول إنه “وبعد عمليات القوات المسلحة اليمنية الأخيرة والتي طالت السفن الإسرائيلية في المحيط الهندي انسحبت اليوم مفخرة القوة الأمريكية حاملة الطائرات ”أيزنهاور” من البحر الأحمر”.

ويتساءل البكير في منشور له على منصة “إكس”: “هل اقتنعت أمريكا بعدم جدوى وجودها بعد فشلها في إيقاف عمليات القوات المسلحة اليمنية المناصرة لغزة أم أن لديها خطةً جديدة؟”.

ويرى عدد من الإعلاميين والمحللين السياسيين والعسكريين أن “عملية الانسحاب هذه تحمل الكثيرَ من الرسائل والدلالات الاستراتيجية للداخل والخارج ومرتزِقة العدوّ الأمريكي في المنطقة”، مؤكّـدين أن “العدوَّ الأمريكي لم يتمكّن من حماية نفسه، ولا حماية سفنه ومدمّـراته التي يتباهى ويخوف بها العالم والمنطقة”.

وفي هذا السياق يقول الخبير العسكري اللواء يحيى المهدي: “إن دلالة انسحاب حاملة الطائرات “أيزنهاور” والمدمّـرة “يو إس إس غريفلي” الأمريكيتَينِ من البحر الأحمر لها دلالات استراتيجية كبيرة وهامة؛ فمن ناحية أولى هو دليل على فشل كبير للقوات الأمريكية من الناحية الاستخباراتية، حَيثُ لم تستطع اكتشاف الصواريخ والطائرات المسيرة التي تنطلق من اليمن، والتي أصبحت مزعجة ومقلقة؛ ما يجعل السفينتَينِ أَو المدمّـرتَينِ مهدّدتَينِ بالإغراق في يوم من الأيّام لتكون بداية الإعلان عن أكبر فضيحة للأمريكيين في العالم”.

ويرى اللواء المهدي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “هذا الانسحاب رسالة للأعداء في الداخل، وكذلك الأعداء أدوات الأمريكي والصهيوني كالسعوديّة والإمارات وغيرها من الدول المطبّعة والمنبطحة تحت الولاء اليهودي بأن أمريكا لم تستطع حماية نفسها، بل حتى حماية مدمّـراتها التي أرعبتكم بها فكيف تستطيع أن تحميكم أنتم في بلادكم؟ وَكيف تستطيع أن تدافع عن منشآتكم، ومؤسّساتكم العملاقة؟ والتي ستكون أهدافاً عسكرية، إذَا ما تورطتم في عمل عسكري قادم ضد اليمن”.

ويتابع كلامه: “كما أنها تحمل رسالة لأبناء اليمن في الداخل بأن عليهم الثقة بقواتنا المسلحة ووحداتها الصاروخية والجوية والبحرية، وجميع الوحدات العسكرية الأُخرى؛ فالجيش اليمني بأكمله قادر على أن يحقّق الإنجازات الكبرى والانتصار العظمى على الدول العظمى”.

ويؤكّـد على أن “للشعب اليمني تأثيرًا كبيرًا جِـدًّا على مسار العملية العسكرية والسياسية، من حَيثُ التواجد الأكبر بالخروج المليوني كُـلّ أسبوع دون ملل، إلى جانب القدرات العسكرية المتنامية بشكل ملحوظ لدى اليمن وقواته المسلحة”.

ويكرّر التأكيد أن القوات البحرية والصاروخية والطيران المسير للقوات اليمنية نجحت في إرغام المدمّـرات الأمريكية وقبل ذلك أرغمت المدمّـرات الدنماركية والفرنسية والألمانية، في دليل واضح على أن الضربات اليمنية حقّقت أهدافها، وأصبحت تشكل رعباً على العدوّ.

ويضيف أن “في ذلك دليلًا على التفوق العسكري للتكنولوجيا الحديثة للقوات اليمنية الصاروخية منها والمسيَّرة والقوات البحرية التي تمكّنت من اكتشاف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها، وكذلك السفن الأمريكية والبريطانية، من خلال معلومات عالية وهامة جِـدًّا وعملية استخباراتية دقيقة واستهدافها بدقة عالية”.

 

تطوُّرٌ استراتيجي:

في السياق يقول المتحدث باسم القوى المناهضة للعدوان، الدكتور عارف العامري: “إن الاستراتيجية العسكرية التي ينتهجها المكون الوطني في صنعاء في مواجهة قوى الغزو والاحتلال، والتطور التكنولوجي الملحوظ في استهداف أحدث السفن الحربية الأمريكية والبريطانية، تركت أثراً كَبيراً لدى الإدارة الأمريكية والبريطانية من قدرات الجيش اليمني”.

ويؤكّـد العامري في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “العقيدة الجهادية وثقافة الهُــوِيَّة الإيمانية التي يتمتع بها أبطال الجيش بكافة تشكيلاته واللجان الشعبيّة في صنعاء، إلى جانب ما سبق جعلت أمريكا تعيد النظر في تواجدها العسكري على البحرَينِ الأحمر والعربي؛ وذلك لِمَا شهدته من استهداف مباشر من القوات البحرية والجوية والطيران المسير والدفاعات الجوية اليمنية، لم تستطع التعامل معه أَو صد العمليات العسكرية التي تنفذها قواتنا المسلحة بوحداتها المختلفة؛ دفاعاً ومناصرة للشعب الفلسطيني وتمسكاً بالقضية المحورية لدى الأُمَّــة الإسلامية”.

ويرى أن كُـلّ هذه العوامل المؤثرة على القوات البحرية والجوية الأمريكية والبريطانية وعدد من الأنظمة الموالية لها أَدَّت إلى سحب عدد من القطع البحرية العسكرية الأمريكية.

ويوضح أن “تحذيرات السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في توسيع مديات الاستهداف للسفن الحربية الأمريكية والبريطانية والتي قد تتسع لتطال عددًا من السفن الحربية الداعمة للمجازر التي تُرتكَبُ بحق أبناء الشعب الفلسطيني وجرائم الإبادة الجماعية في غزة بالغ الأثر والأهميّة لدى تلك الأنظمة وهي تبحث اليوم عن كيفية الحفاظ على ماء الوجه”، مؤكّـداً أن “هذا بالطبع يدل على أن أمريكا تخشى من سقوط هيبتها في القدرة العسكرية التي فضحتها قدرات محور المقاومة”.

ويكرّر التأكيد على أنه “أصبح لزاماً عليها سحب سفنها الحربية من البحرَينِ الأحمر والعربي وخليج عدن للحفاظ على ما تبقى لها بعد أن جعلتها القوات اليمنية في الحضيض، وأدركت تماماً أن ثقافةَ الجهاد التي يتمتع بها أبطال الجيش اليمني أكبر وأقوى من تقنياتهم العسكرية، ناهيك عن التطور الاستراتيجي الذي تملكه القوات المسلحة اليمنية”.

ويضيف أن “انسحابَ القوات البحرية العسكرية الأمريكية والبريطانية وعدد من الأنظمة الموالية لها من البحرَينِ الأحمر والعربي وخليج عدن جاء خشيةً من الاستهداف المباشر والدقيق في إصابة أهدافه، مع عدم قدرةِ قوات الاحتلال على التصدِّي لها”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com