الحقدُ السعوديّ يقتلُ 14 طالباً بصنعاء ويدمّـرُ مدرسةً بالكامل بصعدة 7 إبريل خلال 9 أعوام.. يومٌ دامٍ في مدرسة الراعي بسعوان

 

المسيرة – خاص

سيظل يوم السابع من إبريل خلال 9 أعوام، شاهداً على وحشية وعنف وقسوة العدوان السعوديّ الأمريكي الذي واصل ارتكاب جرائمه بحق المنشآت العامة والمدارس.

في مثل هذا اليوم ارتكب العدوان جرائمَ بشعة لن تمحى من ذاكرة الشعب اليمني، وستظل تطارد المعتدين إلى يوم الساعة.

 

7 إبريل 2015.. العدوان يستهدف عدداً من المنشآت العامة بصعدة:

في صباح يوم 7 إبريل نيسان 2015م، وبعد مرور أسبوعَينِ من الحملة الهمجية المسعورة للعدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن كانت المنشآت العامة في منطقة الملاحيط بمحافظة صعدة، على رأس قائمة الأهداف الاستراتيجية في أجندة ومخطّطات العدوّ العسكرية، وأبرز الإحداثيات المقدمة لغاراته الجوية، التي دمّـرت مستوصف الأقصى الطبي وشبكات الاتصالات، ومشروعَي المياه، وخزانات التحلية لها، إضافة إلى مصنع بلك وكسارة معصار.

وكشفت غارات العدوان على المنشآت العامة التي تقدم خدماتها المدنية للمواطنين، في الملاحيط، تركيز العدوّ على تدمير البنية التحتية وكلّ مقومات الحياة في اليمن بشكل عام، وفي محافظة صعدة ومديرياتها الحدودية بشكل خاص؛ تمهيداً لارتكاب جرائم إبادة جماعية، تخلق الرعب والخوف في قلوب المواطنين وتدفعهم إلى النزوح، أَو الاستسلام، واستهداف الجبهة الداخلية والحاضنة الشعبيّة في خطوط المواجهة، بعد حرمانهم من الحصول على أبسط الخدمات الصحية، والمياه، وغيرها.

وأسفرت غارات العدوان في الملاحيط عن تدمير كلي لمستوصف الأقصى الطبي، ومشروعي مياه، وخزانتها الخَاصَّة بالتحلية، وشبكات الاتصالات وخزانات الوقود، والأبراج، وأضرار كبيرة في مصنع البلك والكسارة ومعداتها، وحفر عميقة لعدة أمتار كشفت نوعيةَ الأسلحة الخطيرة المستخدَمة في تدمير اليمن وقتل شعبه.

 

7 إبريل 2018.. طيران العدوان يستهدف مدرسة في رازح:

بعد دخول العدوان عامه الرابع، ونقله للبنك المركزي اليمني وقطع المرتبات، لم يكن التعليم في منأىً عن الاستهداف الممنهج، بل كانت المدارس من ضمن الأهداف التي شن عليها جام حقدِه ووحشيته، في مسعى للقضاء على الجبهة التعليمية في اليمن، حَيثُ استهدفت غاراته الإجرامية في يوم 7 إبريل نيسان 2018م، مدرسة الإمام علي -عليه السلام- في مديرية رازح، ولم تكن المدرسة الأولى، بل سبقها تدمير غارات العدوّ لعشرات وآلاف المدارس وإخراج غالبيتها عن الخدمة.

في صباح اليوم التالي من الغارات التي دمّـرت المدرسة بالكامل، أظهرت المشاهد أحد الطلاب، وبجواره ضجيج زملائه في الصفوف التمهيدية، كانوا يفترشون الأرض، قائلاً: “والله لن تثنونا عن مواصلة التعليم مهما كانت غاراتكم على مدارسنا، وعلى منازلنا؛ فنحن صامدون صمود الجبال، ولن تحرمونا في حقنا المشروع والقانوني، بل إن غاراتكم تزيدنا هِمَّةً، واستشعاراً للمسؤولية، وإدراكاً لأهميّة التعليم والحصول عليه”.

وأسفرت غارات العدوان عن تدمير مدرسة الإمام علي -عليه السلام- في ظل صمت منظمة اليونيسف، وهيئات الأمم المتحدة المختصة بدعم قطاع التعليم، وحماية منشآته، وتجريم استهدافه، في زمن الحروب، والصراعات.

 

7 إبريل 2019.. مأساة استهداف مدرسة الراعي بسعوان:

ودوّن العام 2019 جرائمَ متعددةً للعدوان السعوديّ الأمريكي، لا تزالُ تشكّل إلى يومنا هذا جرحاً غائراً في قلوب المتضرِّرين وأسر الضحايا.

في 7 إبريل 2019م، وبعدَ دخول العدوان السعوديّ الأمريكي عامه الخامس، حلَّق الطيران الحربي بكثافة على رؤوس طالبات مدرسة الراعي وأهالي الحي المجاور لها؛ ليلقي حمولته القاتلة والفتاكة عليهن وعلى أحلامهن وطموحاتهن، وحقوقهن في الحصول على التعليم كما يزعمون، وخلق حالة من الرعب والخوف المهول في نفوس صغيرات ودَّعن حنانَ أُمهاتهن وأهاليهن، قبل ساعات من بدء الغارات.

الصراخُ كان يعلو في حيطان ومربعات الفصول وجدرانها، ومئات الطالبات يشاهدن الموت المحقّق، ماثلاً أمامهن، وفي لون الدم الأحمر القاني المخضب للحقائب والكتب والدفاتر والأقلام، وما بقي من وجباتهن “الصبوح” المدرسية، في مشهد وحشي مرعب غير مألوف لبراعم الطفولة وبراءتها.

المعلمات لم يكن لديهن خيار أمام صرخات الطالبات؛ ما زاد من الهلع وحالة الفزع؛ فهذه تسقط جريحة وتلك شهيدة، وأُخرى مغمى عليها، والدم يسيل هنا ويظهر هناك.

حارس البوابة يلملم نفسه محاولاً التهدئة من الروع لأفواج متدفقة نحو الخارج، وسط غارات متتالية، وتحليق مُستمرّ، ودخان وغبار يملأ المكان وينبعث من الداخل والخارج.. إنها لحظات مؤلمة لا تكاد تصدق، تسببت بأمراض واضطرابات نفسية لدى العشرات من الطالبات الناجيات من المجزرة اليوم.

أهالي الطالبات، فور سماع الغارات ومعرفة المكان المستهدف، يهرعون على وجوههم، وبالكاد تتحَرّك أجسادهم المتجمدة فيها الدماء من هول الخبر وفظاعة الجريمة.

هذه الأم تهذي وتصرخ وتنادي بأصوات مرتفعة وقلوب مرتجفة وأطراف مختذلة لن تسعف صاحبها على قدرة الوصول، وهي تنادي باسم ابنتها وحفيدتها، ويلحق بها الأب والإخوةُ تاركين أعمالهم مسرعين لتفقد أهاليهم؛ فأُمٌّ سقطت من الخوف مغمىً عليها، وتلك أدخلت العناية المركزة من هول الخيال قبل معرفتها لمصير ابنتها، فيما الأُخرى وصلت بالكاد ومساعدة الآخرين ممن تعاطف معها محتضنة ابنتها المضرجة بالجراح والدماء، أَو الباكية هلعاً إن نجت.

لم تكن قصة من الخيال، بل هذه الحقيقة بأعمدتها المشاهدة والمنظورة وشهدائها وشهيداتها الذين قبضت أرواحهم، من هول الجريمة، دون شظايا الغارات، بعض الشهيدات أزهقت أرواحهن من هول الجريمة، وانعدام الأمل في الحياة في ظل غارات مُستمرّة وتحليق متواصل ومنع من الخروج، إلى غارات أشد تحيط بالمكان.

طالبات بين شهيدات وجريحات وأهاليهن في مستشفيات العاصمة صنعاء، يشكون القاتل لله، ويتساءلون: لماذا تعدمون أطفالنا؟ لماذا تحرمون فلذات أكبادنا من الحياة والتعليم؟ ماذا صنعنا بكم يا آل سعود؟ ماذا لكم عندنا لتقتلونا بهذه الوحشية وهذا الجبن الغادر؟! لماذا قتل الطفولة وتخويف النساء؟!

بعد دقائق من نقل الخبر الكل يهرع إلى المكان، والسيارات تزدحم خلف سيارات الإسعاف وفرق الدفاع المدني، والحزن الشديد بغمامته المختلطة بسحب الدخان ورائحة البرود والموت والدماء تغطي مكان الجريمة، والعاصمة صنعاء واليمن بكلها.

إنه الإجرام السعوديّ الأمريكي حاضر في مشهد من مئات المشاهد المتكرّرة خلال 9 أعوام من العدوان والحصار وجرائم الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية في مختلف المحافظات اليمنية الحرة.

وأسفرت غارات العدوان المستهدفة لمدرسة الراعي للبنات ومنازل المواطنين المجاورة لها عن جريمة إبادة جماعية بحق 14 شهيداً و95 جريحاً، ومعهم ملايين القلوب المكلومة والحزينة من أبناء شعبنا اليمني، وكلّ حر شاهد الجريمة، أَو عرف بها، إضافة إلى دمار واسع في المدرسة وملحقاتها والمنازل والمحال المجاورة لها، واضطرابات مزمنة في بعض الطالبات، في تحَدٍّ واضح وتواطؤ مكشوف للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وكلّ الهيئات والمنظمات الحقوقية والإنسانية التي تاجرت بدماء الشعب ومظلوميته، مقابلَ الصمت عن وحشية الطغاة المعتدين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com