رمضان.. جهاد وفرص وإسداءات

 

دينا الرميمة

ثمة محطات تأتينا كفرص سانحات وبمثابة إسداءات وهدايا من الرحمن الرحيم؛ لنكون بالقرب منه، وفيها نحظى بعفو وغفران وروحانية تغمر النفس المثقلة بهموم الحياة و أكدارها فتستوطنها الطمأنينة والسكينة.

رمضان إحدى هذه الفرص وأزكاها يأتي إلينا كضيف عزيز كُـلّ عام حاملاً معه الخير كله والثواب والأجر المضاعف، وليلة هي خير من ألف شهر!! تشتاق عودته كي تعود النفوس التواقة لرضى ربها فتعقد فيه العزم والعهد على اغتنام أيامه وساعاته وكل لحظة فيه جهاداً لها عن مغريات الحياة وملذاتها، صياماً وذكراً وتسبيحاً وشكراً.

وآيات تتلى بتأنٍّ وتدبر، وعظة وعبرة تجنبها مغبة ما وقعت فيه من قبلها من الأمم من معاص أوردتها سوء المصير، وتزكية النفس بهدى الله خَاصَّة وقد خصنا السيد القائد بمحاضرات يومية فيها كُـلّ الخير لسامعها، يستلهم منها الهدى ويزكي من خلالها نفسه ويحاول من خلالها أن يصل إلى رتبة المتقين.

أضف إلى اغتنامه بالبحث عن بيوت أهلها يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف للتخفيف عنهم بعض العوز والفاقة، خَاصَّة ونحن نمر في يمننا العزيز بفترة حرب وحصار أفقدت الكثير مصادر رزقهم وجعلت البعض دون معيل..

فتكون عاقبة كُـلّ ذلك تقوى يشعر بها من جد واجتهد بالطاعات والأعمال الصالحات قبل أن تنقضي أيامه عجلة متلاحقة، يندم على فواتها كُـلّ مقصر جعل من هذا الشهر محطة ترف أعد لها واستعد قبل مجيئها بكل ماديات الدنيا فيقضي نهارها نائماً لا يستشعر معاني الصوم الحقيقية ولا يستفيق إلا في دقائقها الأخيرة على مائدة فيها صنوف الأكلات، لتبدأ بعدها محطة السهر أمام القنوات التلفزيونية وبرامج تسلب الروح إيمانها أَو على مواقع التواصل الاجتماعي، فيخرج من رمضان بجسد قد اتخمته السمنة وصحيفة خالية من عائدات هذا الشهر وما فيه من جزيل الأجر!!

وهنيئاً للصنف الأول من أكرموا الشهر الضيف بما هو أهل له فلا تنقضي أيامه إلا وَلهم بعدد ثوانيه أعمال صالحات زادتهم قرباً من ربهم وفازوا بالعتق من النار.

وأهم ما يميز هذا الشهر أنه شهر الرباط في ثغور الجهاد ضد أعداء الله ورسوله، ونحن في يمن الإيمان ولسنوات عشر يحل علينا رمضان ونحن في حالة جهاد ضد من شنوا الحرب على اليمن من جهة، ومن جهة أُخرى رباط في جبهات الدفاع عن فلسطين ومقدساتها وغزتها، التي تصوم وتفطر على دخان الغارات وروائح الدماء وبطون لا تجد ما يكسر صيامها نتيجة حرب التجويع التي سلطها العدوّ عليهم.

في غزة اليوم تجتمع آيتان: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ”، “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ”.

وأية كرامة أعظم من هذه..

المعجزات هناك تلمس باليدين خَاصَّة وأن العدوّ أخشى ما يخشاه أن يستحث رمضان بالمسلمين فريضة الجهاد فيأتون لمناصرة غزة، ولكنه لا يعلم أنهم غارقون في بحر الصهيونية وأغرقتهم ذنوبهم في موائد الخيانة لله ودينه إلا ما رحم ربي الذين كانوا مع غزة في جهادها ونصرتها، منهم اليمن التي وقفت مع غزة قولاً وفعلاً وباتت في حرب مع أمريكا شريكة الصهاينة في حرب غزة!!

ختامًا فرمضان امتحان نحاول فيه الاجتهاد قدر المستطاع، وعسى أن نكون فيه من الفائزين وَ “خاب وخسر من أدركه ولم يُغفر له” بل خاب وخسر من لم يتعلم أن القرب من الله هو الأمان الذي كنا عنه نبحث وهو السكينة والطمأنينة والسلام كله، والغنيمة والاغتنام

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com