أمريكا في مواجهة مباشرة مع أنصار الله

 

شائق زرعان

لم تكن الضربات الأمريكية على اليمن بداية المواجهة مع أنصار الله ولكنها بداية المواجهة العسكرية المباشرة بين الطرفين.

منذُ بزوغ فجر المشروع القرآني الذي أسسه الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) تحَرّكت أمريكا لوأد المشروع القرآني وهو في مراحله الأولى.

بدايةً بالحملة القمعية التي قامت بها السلطة اليمنية بتوجيهات أمريكية ضد من كانوا يرفعون الشعار (الصرخة) واعتقالهم والزج بهم داخل السجون، وبعد فشل السلطة في إسكات هذا الصوت المزعج وهذا السخط المتنامي ضد الأمريكي ازداد القلق الأمريكي وبداء يضغط أكثر على السلطة اليمنية لحسم الأمور عسكريًّا.

جمعت السلطة اليمنية جحافل جيشها وعدته وعتاده متوجّـهةً إلى جبل مرآن للقضاء على الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) ومشروعه القرآني والثُّلَّة المؤمنة معه نزولاً عند رغبة الأمريكي وبإشراف مباشر من السفير الأمريكي في صنعاء.

شنوا عدوانهم على الشهيد القائد هو ومن معه من المؤمنين مستخدمين كُـلّ أنواع الأسلحة وكلّ إمْكَاناتهم العسكرية وقاموا بتطويق المنطقة من جميع الاتّجاهات وفرض الحصار المطبق واستمرت الحرب لما يقارب التسعين يوماً، انتهت الحرب بـ استشهاد السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) والكثير من المجاهدين العظماء وأسر آخرين وتشريد وملاحقة من لم يتم قتله أَو أسره لكنهم لم يتمكّنوا من القضاء على هذا المشروع القرآني.

تبعها خمس حروب قاد المعارك خلالها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله) الذي تولى قيادة المشروع القرآني بعد استشهاد أخيه الشهيد القائد (رضوان الله عليه)، لكن السلطة الظالمة وبدعم أمريكي فشلت في كُـلّ محاولاتها في القضاء على هذا المشروع العظيم.

في أواخر العام 2010 مطلع العام 2011 كان بداية طوفان الربيع العربي، وكان اليمن من تلك الدول التي عبرها الطوفان.

سارعت أمريكا لاحتواء الموقف وتمكين عملائها من الالتفاف على ثورة الشباب التي كان أنصار الله جزءاً منها، لكن أنصار الله رفضوا كُـلّ التدخلات الخارجية سواءً الأمريكية أَو من ينوب عنها، وتمثل ذلك في رفضهم للمبادرة الخليجية والذهاب إلى الرياض للتوقيع عليها.

ذهب أنصار الله إلى مؤتمر الحوار الوطني الذي كان حواراً يمنياً يمنياً برعاية أممية، وكان لأنصار الله حضور بارز ومميز، كان ذلك واضح فيما قدمه الشهيد الدكتور أحمد شرف الدين، من خلال رؤيته التي قدمها لبناء الدولة المدنية الحديثة وتم التوافق عليها بإجماع.

قامت الاستخبارات الأمريكية باغتيال الشهيد الدكتور أحمد شرف الدين وهو في طريقه لحضور الجلسة الأخيرة لمؤتمر الحوار سعياً منها لإفشال مؤتمر الحوار وانسحاب أنصار الله في اللحظات الأخيرة.

لكن أنصار الله كانوا أكثر فهماً وأكبر وعياً وأفشلوا كُـلّ المخطّطات الأمريكية.

وبعد ست جولات من الحروب الفاشلة التي خاضتها السلطة العميلة بدعم وإسناد أمريكي مباشر وكشف المخطّط الأمريكي للالتفاف على الثورة وإفشال مؤتمر الحوار الوطني، قام الأمريكي بتغيير خطته لمواجهة أنصار الله وعمل على تحريك الجماعات التكفيرية في دماج وفي كتاف وبعض المشايخ والقادة العسكريين الذين هم على ارتباط بالسفير الأمريكي والمخابرات الأمريكية؛ لتحويل الصراع إلى صراع ديني قبلي ولكنه فشل وتم القضاء على الفتنة التي حاولوا زرعها وتم التصدي لكل مخطّطاتهم وإفشالها وُصُـولاً إلى ثورة 21 من سبتمبر ودخول العاصمة صنعاء.

أغلقت السفارة الأمريكية أبوابها وغادر السفير الأمريكي صنعاء وهرب كُـلّ الخونة والعملاء وتم توقيع اتّفاق السلم والشراكة بين جميع المكونات والأحزاب السياسية اليمنية وكان أول اتّفاق يمني يمني.

ذهب جميع ألوان الطيف السياسي اليمني إلى حوار برعاية المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، كما أكّـد ذلك لمجلس الأمن في آخر إحاطة يقدمها له أن الأطراف اليمنية كانت قاب قوسين أَو أدنى من إبرام اتّفاق سياسي، غير أن استمرار الأعمال العدائية على الأرض وإطلاق عاصفة الحزم بقيادة السعوديّة لم تترك مجالاً لاستكمال جلسات الحوار.

استمر العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي على اليمن وبإشراف أمريكي مباشر من خلال الضباط والخبراء العسكريين المتواجدين في غرف العمليات العسكرية وتقديم الدعم العسكري والاستخباراتي وتزويد المقاتلات السعوديّة والإماراتية بالوقود للتحليق لفترات طويلة والوصول إلى مدَيات أبعد.

استمر العدوان على مدى ثماني سنوات من الحرب والحصار لكنهم لم يتمكّنوا من تحقيق أي إنجاز عسكري يذكر بل على العكس استطاع أنصار الله من تطوير قدراتهم العسكرية في جميع المجالات والوصول إلى عمق العدوّ وتنفيذ ضربات ردع استراتيجية كبيرة تمثلت في ضرب المنشآت النفطية إضافةً إلى استهداف الموانئ والمطارات وتعطيل الملاحة وشل اقتصاد البلدين.

فرضت هذه العمليات العسكرية قواعد اشتباك جديدة وأصبحت مصادر الطاقة معرضة لنيران أنصار الله في أية لحظة، هذا ما دفعهم للقبول بالهدنة وإدخَال اليمن في حالة اللا سلم واللا حرب وعدم التوصل إلى اتّفاق وإعلان وقف إطلاق النار، لكن قائد الثورة حذر أكثر من مرة أن الوضع لن يبقى على مَـا هو عليه بل إعطاء فرصة لإحلال السلام.

وبعد انطلاق معركة (طُـوفان الأقصى) وإعلان قائد الثورة وقوف الشعب اليمني إلى جانب الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقه وعرضه واستعادة أراضيه ودخول أنصار الله على خط المواجهة المباشرة مع الكياني الصهيوني ومنع السفن الإسرائيلية من العبور في البحر الأحمر، جاء الأمريكي لحماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر والتصدي لضربات أنصار الله وكانت هذه بداية المواجهة العسكرية المباشرة بين الطرفين بعد أن استنفد كُـلّ خياراته وفشلت كُـلّ مخطّطاته.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com