إنَّها المنهجيةُ والقائد

 

وائل الجرفي

عندما نقفُ برهةً مِن الزّمن لنتأمَّلَ طبيعةَ الواقّع الَّذي يعاصرُه الشّعبُ اليمني، وخُصُوصاً عندما يمُرُّ بتسع سنوات وهو لا يزال فِي ميدان المعركة يواجه أكثر من ١٧ دولة وهي على مستوى عالي جِـدًّا من الإمْكَانيات والقُدرات العسكّرية والاقتصادية والإعلامية، وحاولت أن تستخدمَ كُـلّ الوسائل في كُـلّ المجالات بعد أن مهدت لكل ذلك عبر علماء الضلال فكانت تارة تتخذ أُسلُـوب الإبادة والدّمار والتّخويف وتارة أُخرى تستخدم أُسلُـوب التجويع بخنق الشعب من نجاته الوحيد “ميناء الحديدة” أَو عزله عن العالم عن طريق إغلاق مطار صنعاء الدولي أَو عبر الهجمة الإعلامية الشرسة ثُمّ سرعان ما تلجأ إلى استخدم حرب الشائعات لتحبط العامل النفسي لديه.

إن من يقرأ في طيات هذا الواقع الّذي مر به الشعب اليمني يجد أنه قد استُخدم معه كُـلّ الوسائل والطرق من أساليب التّرهيب والتّرغيب والتّطويع والتّجويع وكلّها غير ناجحة ونهايتها الحتمية هي: “الفشل والخسران المبين” وهنا يتجلى قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِـمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) وقوله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ) وَأَيْـضاً يتجلى مصداقاً آخر من مصاديق الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا).

لكن ما يثير الانتباهَ والدهشة ويجب التوقف عنده أن هذا الشعب العظيم وهو في ظل هذه الحالة ركب غمار معركة عظمى عالمية مع أكبر قوى العالم أمريكا وبريطانيا ودول أُورُوبا.

لم يترك فرصةً لنفسه لنفض غبار حرب تسع سنوات أَو خلع جعبته وبندقيته ليرتاح قليلًا؛ بل نسي كُـلّ آلامه وجروحه عندما سمع أخاً له يصرخ ويستغيث من أقصى الشمال العربي؛ فهب لنجدته متحدياً كُـلّ قوى الشر في العالم؛ بل صنع المستحيل بمواقفه مما أحرج كُـلّ شعوب العالم وأنظمتها.

كان عنوانُ وجهته “مع غزةَ ولو فُنينا” رغم ما حصل من خِذلان من قبل إخوته العرب وتكالب عليه العالم، شغله الشاغل كيف ينفذ إليه لإنقاذه فلجأ إلى الجو بالمسيّرات والمجنّحات ثمّ اضطر لاستخدم أخطر الطرق وهي البحرية، وهي طريق لا يسلكُها إلا مغامرٌ وآخر ما يفكر به الحياة وثمّ ملأ الساحات التي من خلالها ضَجَّ بصرخاتِه وهتافاته المعبِّرة عن الوفاء والحرية والإنسانية أرجاءَ العالم وأخزى الأنظمة والشعوب في العالم أجمع، ثم التحقَ إلى معسكراتِ التدريب مئاتُ الآلاف، أمَّا جيشُه الشجاعُ المغوار ارتفعت وتيرتُه يبرزُ الجندي وكأنه بركانٌ سَينفجرُ أمام أعدائه وكأن هذا الجيش طوفان سيجرف هذا العالم المليء بالشر والنفاق والانحطاط القيمي والأخلاقي.

ويعمل على إنقاذ أخيه المكلوم المغلوب على أمره ويرسِّخُ أُسُسًا وقواعدَ لظهور عالم جديد الملامح والأُفق والأفكار والرأي وينهل من نبع صافٍ زلال ويتربى في مدرسةِ منهجها تستقيم به حياة الشعوب خالي من كُـلّ الشوائبِ والعيوب، ومعلم صُنِع على يده الأبطال.

وفي الأخير قد يتساءلُ من هو منهمك في قراءة هذا الواقع: من أين لهذا الشعب العظيم وجيشه المغور كُـلّ هذه القوة التي لا يقوى على طاقتها، والعزة التي أذللت طواغيت الأرض وكرامة وعنفوان لا يمتلكهما أي بشر من على وجه المعمورة؟!

إنها مدرسةٌ سلكت منهجيةَ القرآن فَشَعَّ منها النّورُ في طريقٍ يستنار به ومعلّم تخرَّجَ على يدَيه سالكو هذا الدّرب المُشرق بنور الإيمان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com