القضيةُ الفلسطينية مخاضٌ جديدٌ لأمة لن تُهزم

 

هنادي محمّد

  • نظام آل سعود، وخدّام بلاطهم وفي مقدّمتهم من يسمون أنفسهم (خدّام الحرمين الشريفين) لا يفوّتون على أنفسهم أية فرصةٍ ليبرزوا كمحاربين للدينِ الإسلاميّ حينما يتعلّق الأمر بمقدّساتهِ وقضاياه الأَسَاسية التي لا يُسمح بالمساس بها تحت أي مبرّر كان.

لقد شاهد الجميع مشهدًا على مواقع التواصل الاجتماعيّ لرجال الأمن في الحرمِ المَكيّ وهم يمنعون امرأة من رفع العلم الفلسطيني بعد أن باشرت برفعه، ثم يظهر أحد أئمة البيت الحرام (السديس) بتصريحٍ إعلاميٍّ على قناة الإخبارية السعوديّة مهدّداً ومحذّرًا من رفع أية شعارات في الكعبة، في تلميحٍ واضح منه يقصد به (العَلَم الفلسطيني) وكلّ ما يتصل بالقضية الفلسطينية ومناصرتها.

زمرةٌ لا يمتلكون أدنى ذرّةٍ من الحياء والخجل، ولا يحترمون موقعهم الحساس؛ باعتبار صلتهم ببيت الله الحرام فيحفظون ماء وجههم الأشر؛ لم يكتفوا بكونهم لم يتخذوا موقفًا إيجابيًا ومساندًا لأهالي غزّة، فصمتوا وجَمُدوا وتخاذلوا جَهارًا، بل سارعوا ليكونوا السوطَ الصهيوني الذي يجلدُ كُـلَّ من يناهض الظلم وينصف للمظلوم بكلمة حق أَو موقف شرف، وذلك بالوكالة عن سيّدهم نتنياهو.

الدّمُ الفلسطيني ينزِفُ حتى يجفَّ فترتقي النفسُ إلى بارئها، وجنائز الجوع باتت جماعيةً تتزايدُ يوماً تلو آخر، الغزّاويون يستنجدون حتى بُحَّت أصواتهم: “هل من ناصرٍ ينصرنا..؟!” لتكون الإجَابَة من الحُكّام الأعراب وبملء أفواههم: “قلوبنا معكم وسيوفنا مصوَّبةٌ نحوكم، تنحركم من الوريد إلى الوريد، ومنافِذُنا مؤصدةً عليكم”، جوابٌ مخز، والأكثر خزياً منه أن ينطلقوا بأقصى سرعتهم لتكميمِ الأفواه التي تجيب المظلومين وتلبيّ ندائهم.

القضية الفلسطينية، وبعد الأحداث الكبيرة التي حدثت عقب السابع من أُكتوبر، ما زال الواقع بلسان فلسطين وحالها المرير يكشف لنا الأقنعة المزيفة ويسقطها سقوطًا مدوِّيًا، لا يمكن أن تكون لها فرصة الاسترسال في التمثيل لوقتٍ أطول مما كسبته، ويميز أهل الحق من الباطل ويفرز كُـلّ قومٍ وفئةٍ وفردٍ على حــدة؛ لأَنَّ المشيئة الإلهية تريد أن تناول المظلومين النصر بعد تنقية شاملةٍ وعملية فلترة كبرى -وإن طال مداها وعَظُمت تضحياتُها- إلّا أن مخرجاتها وثمرتها لصالح الأُمَّــة المؤمنة بإذن المولى الواحد الأحد، والعاقبةُ للمتّقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com