الوحدةُ الإسلامية في مشروعِ الشهيد القائد

 

علي يحيى عبدالمغني

تميَّزَ مشروعُ الشهيدِ القائدِ حُسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- بمرجعيتِه القرآنية الجامعة، ولم يتعامَلْ مع الأحداث التي مَرَّت بها الأُمَّــة في الماضي والحاضر بخلفيةٍ مذهبية أَو قومية أَو مناطقية، ولم يتبنَّ أيًّا من الاتّجاهات الفكرية التي سادت في القرن الماضي، كما فعلت بعض الأحزاب والتيارات والجماعات التي ظهرت في الوطن العربي والإسلامي، بل تعامل معها الشهيد القائد من منظور قرآني، وهذا أكسب المشروع الذي جاء به مرونة عالية وحيوية دائمة وجنّبه الأخطاء والسلبيات التي وقعت فيها كافةُ المشاريع التي سبقت مشروع الشهيد القائد، وذلك أن خلفيةَ مشروع الشهيد القائد -رضوان الله عليه- ربانية لا يعتريها النقص أَو الخطأ، وصالحة لكل زمان ومكان، وكفيلة بإخراج الأُمَّــة من محنتها، وإعادتها إلى سابق عهدها، لم يُصَبِ الشهيدُ القائدُ بالذهول من حالة الانقسام والفُرقة التي تعيشها الأُمَّــة، كما أُصيب الكثير من علماء الأُمَّــة وقادتها ومفكريها، بل صار يبحث عن جذور هذه الفرقة والانقسام، فانتقد كافة المذاهب والطوائف الإسلامية دون استثناء، وحدّد الأخطاء التي وقعت فيها عبر تاريخها، وقدّم للأُمَّـة الحلولَ الواقعية والمعقولة والمنطقية للخروج من هذه الحالة الرهيبة من كتاب الله -عز وجل-، لم يذهب إلى ما ذهب إليه الكثير من أن الأُمَّــة مستحيلٌ أن تتوحد وقد وصلت إلى هذا المستوى من الانقسام والتشرذم، لم يوافق على هذا الطرح ودعا إلى مواجهته، بل رأى أن الأُمَّــة يمكن أن تتوحد وأن تكون وحدتها حقيقية متى امتلكت مقومات الوحدة وهي المنهج السليم والقيادة الربانية، وهذا ما ذكره الله بقوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، وهذا يمثل المنهج السليم (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) القيادة الربانية، ورأى بأن قوله تعالى: (واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا) نزلت على رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- وعدد المسلمين لا يتجاوز الأصابع، إلا أن هذه الدائرة أخذت تتسع حتى اكتملت، واعتبر الشهيد القائد الدعوات للتقريب بين المذاهب الإسلامية تلفيقات لا يمكن أن تحقّق الوحدة للأُمَّـة؛ لأَنَّها قائمة على التنازلات من هذا الطرف أَو ذاك وهذا سرعان ما يذوب ويتلاشى، وأن الوحدة الحقيقية هي التي تقوم على المنهج والقيادة، وهذا ما تميز به مشروع الشهيد القائد رضوان الله عليه، فالمنهج الذي قامت عليه المسيرة القرآنية هو كتاب الله عز وجل وهو منهج لا خلاف عليه بين كافة المذاهب والطوائف الإسلامية، والقائد الذي حمل هذا المنهج هو علم من أعلام الهدى وبيت النبوة، امتلك ما لا يمتلكه غيره من المؤهلات الإيمانية العلمية والعملية.

لم يكن عددُ أفراد المسيرة القرآنية حينما بدأ الشهيدُ القائد بطرحِ هذا المشروع يتجاوز أفرادَ قرية صغيرة من القرى اليمنية لا يتجاوز عددهم العشرات، إلا أن هذه الدائرةَ أخذت تتوسع وتنتشرُ حتى تجاوزت أبناءَ المذهب الزيدي إلى المذاهب الأُخرى، وتتعدى الحدود اليمنية إلى عدد من الدول والبلدان العربية والإسلامية وبدأت الوحدة الإسلامية تلوح في الأفق، فالشعار الذي انطلق من مران أصبح يجول دول العالم، والقائد الذي كان محاصراً في حيدان أصبح رمزاً للأحرار في الأُمَّــة والعالم، وكلّ يوم يثبت أن المشروع القرآني الذي جاء به الشهيدُ القائدُ هو المشروعُ الوحيدُ القادرُ على توحيد الأُمَّــة العربية والإسلامية وإنقاذها من الهيمنة الأمريكية والصهيونية، ذلك أن هذا المشروع ليس حكراً على طائفة من الطوائف أَو مذهباً من المذاهب؛ لأَنَّ مرجعيته كتاب الله -عز وجل- وهذا ما لا خلافَ عليه بينهم جميعاً، كما أن قائد هذا المشروع الكبير لا يعتبر نفسه مسؤولاً عن فئة دون أُخرى أَو شعب دون آخر بل يعتبر نفسه مسؤولاً عن كافة أبناء الأُمَّــة؛ ولذلك تميز موقف السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في قضية غزةَ عن مواقف غيره من حكام العرب والمسلمين؛ فهو الوحيد الذي أعلن رسميًّا وقوفه مع القضية الفلسطينية والدخول في مواجهة مفتوحة وشاملة مع الكيان الصهيوني ومن يقف وراءه، وعلى الرغم من الشوط الكبير الذي قطعه مشروع الشهيد القائد خلال فترة زمنية قصيرة إلا أن هذه هي البداية الفعلية لتوحيد الأُمَّــة وتأهيلها لتكون بمستوى مواجهة أعدائها والانتصار عليهم، وهذا ما يهدف إليه المشروع القرآني وما سيتحقّق في القريب العاجل إن شاء الله.

* أمين عام مجلس الشورى

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com