خبراءُ ومحللون عسكريون لصحيفة “المسيرة: أمريكا ارتكبت خطأً استراتيجياً في البحر الأحمر وجريمتُها لن تمُرَّ دون رد

عثمان: العدوُّ الأمريكي ورّط نفسَه في معركة مباشرة لا يمكن أن يتخيلَها أَو يتحمل تداعياتها

شمسان: المحاولات الأمريكية لكسر الحصار اليمني على الكيان الصهيوني لن تفلح والموقف اليمني سيزداد صلابة

الزبيدي: المفاجأة التي لم يكن يتوقعُها الأمريكي هي تحَرّك اليمن الذي فرض حصاراً بحرياً على الصهاينة

 

 

المسيرة| عباس القاعدي:

تمضي الولاياتُ المتحدة الأمريكية إلى الخيار الأصعب في المواجهة مع الشعب اليمني غير مدركة نتائج وخطورة هذه المغامرة، ومتجاهلة تحذيرات السيد القائد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله- من ارتكاب أية حماقة في اليمن.

وبدأت البوارج الأمريكية بإطلاق النار صوب أبطال القوات البحرية؛ ما أَدَّى إلى استشهاد وفقدان 10 من هؤلاء الأبطال الذين حلقت أرواحهم في العلياء لتعانق أرواح المدنيين والأبطال المجاهدين في غزة وجنوب لبنان الذين يخوضون المعركة المقدسة مع الكيان المحتلّ، وبهذا يختلط الدم اليمني مع اللبناني والفلسطيني والعراقي والإيراني في معركة واحدة وساحة مواجهة واحدة.

ويترقب العالم باهتمام بالغ ما ستؤول إليه الأحداث بعد ارتكاب هذه الحماقة الأمريكية، لا سِـيَّـما أن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، كان قد حذر في خطابه الأخير من مغبة استهداف اليمن، وأكّـد أن بلادنا لن تظل مكتوفة الأيدي، وسترد على البوارج والمصالح الأمريكية في المنطقة.

وإلى جانب تحذيرات السيد القائد كان بيان القوات المسلحة اليمنية قبل ارتكاب هذه الجريمة واضح بأن اليمنَ سترُدُّ على أية حماقة للعدو الأمريكي، كما تجلت عدة رسائل للقوات الأمريكية وبرزت بوضوح خلال اجتماع موسع للقيادات العسكرية والأمنية في محافظة الحديدة، أواخر الأسبوع الماضي، وكانت الصورة بالغة الدلالة من خلال الخريطة التي وضعت كخلفية للاجتماع والعبارات التي أكّـدت أن القواعد العسكرية في المنطقة ستكون تحت دائرة النار اليمنية.

ويرى الخبير والمحلل العسكري زين العابدين عثمان، أن “أمريكا ارتكبت خطأً فادحاً باستهدافها قواتنا البحرية أثناء قيامها بمهامَّها الرسمية الاعتيادية في ترسيخ الأمن والاستقرار للحفاظ على أمن الملاحةِ البحريةِ، وأثناء أدائِها الواجبِ الإنسانيِّ والأخلاقيِّ بمنعِ عبور السفنِ المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي أَو المتجهةِ إلى موانئ فلسطينَ المحتلّةِ بشكل حصري، وكذلك بالتصعيد العسكري المباشر ضد قواتنا المسلحة التي تمتلك مخزوناً استراتيجياً لقوة الردع”، لافتاً إلى أن “أمريكا عرضت مصالحها في المنطقة للدمار، وستدفع الثمن غالياً لارتكابها خطأً استراتيجياً قاتلاً، وإعلانها الحرب التي فتحت بها باباً واسعاً لبنك أهداف لا نهاية له لدى قواتنا المسلحة”.

ويقول عثمان في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة”: إن المناورات التي ينفذها معسكر العدوّ الأمريكي وتحالفه في البحر الأحمر والتصعيد العدواني الذي قام به في البحر الأحمر، واستهداف بعض زوارق قواتنا البحرية أثناء قيامها بمهام في المياه السيادية تؤكّـد جميعها أن هذا المعسكر بدأ يتدحرج بالفعل إلى مستنقع ارتكاب الحماقات، وأن العدوّ الأمريكي بشكل خاص عبر هذا التصعيد قد ورط نفسه في معركة مباشرة لا يمكن أن يتخيلها أَو يتحمل تداعياتها، خَاصَّةً وأن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وجه تحذيره الجاد للإدارة الأمريكية، وأكّـد حرفياً في الخطاب الأخير أن الذهاب بهذا الاتّجاه سيجعل أمريكا في قلب حرب تتجاوز كُـلّ الفرضيات.

ومع هذا التصعيد الأمريكي في البحر الأحمر، يؤكّـد عثمان أن “قواتنا المسلحة لن تكتفي بعد اليوم بمنع السفن الصهيونية فقط بل ستواجه التصعيد بالتصعيد وسترد بنيران انتقامية مباشرة لتدمير أية سفينة أمريكية تعتدي في البحر الأحمر أَو البحر العربي، وهناك جاهزية كاملة لقواتنا المسلحة من حَيثُ الإمْكَانات الدفاعية والتسليح للذهاب بالمواجهة إلى أبعد مستوى وإلى واقع استراتيجي يفوق كُـلّ ما يتوقعه المنظِّرون العسكريون الأمريكيون”، مبينًا أن “العمليات البحرية اليمنية ستصعد بشكل دراماتيكي وستأخذ في الأولويات الاشتباك المسلح مع السفن الأمريكية أَو أية سفينة لأية دولة تتحالف معها، حَيثُ ستكون أهدافاً عسكرية مشروعة وستنزل عليها أقسى الضربات حتى تدميرها وإغراقها”.

وعن قدراتنا العسكرية لردع العدوان الأمريكي يؤكّـد الخبير العسكري عثمان أن “قواتنا المسلحة تمتلك الأسلحة الاستراتيجية والمثالية عالية الدقة من الصواريخ والطائرات الهجومية والإمْكَانات الدفاعية البحرية القادرة بفضل الله تعالى على تنفيذ عمليات هجومية تكفي لتدمير المجموعات الأمريكية وعلى رأسها أسطول السفن والمدمّـرات الحربية وحاملات الطائرات يو إس إس ايزنهاور التي تتمركز حَـاليًّا في باب المندب ومياه البحر العربي، مؤكّـداً أن الأجيال المتقدمة من صواريخ سطح – بحر المجنحة والباليستية يمكنها تحقيق إصابات دقيقة بهذه السفن وضربها في أية نقطة في البحر الأحمر والعربي بكفاءة عالية، حَيثُ يمكنها ضرب الأهداف الثابتة والمتحَرّكة بهامش خطأ ضئيل جِـدًّا، وَيمكنها تجاوز مختلف نظم الدفاع الصاروخي والحرب الإلكترونية وحمل رؤوس حربية عملاقة بزنة نصف طن قادرة على تحقيق قوة تدميرية عالية بالسفن الأمريكية”.

ويؤكّـد أن “مسار تصعيد قواتنا المسلحة والرد على أي اعتداء هي مسألة ثابتة وأن العدوّ الأمريكي إذَا ما أوغل في ارتكاب المزيد من الحماقات أَو شن عدوان في البحر الأحمر أَو على السيادة اليمنية فَــإنَّ خيارات قواتنا المسلحة ستظل مفتوحة وستصل بالمعركة إلى إشعال خط الملاحة الأمريكي في البحر الأحمر وباب المندب والبدء باستهداف المصالح وَالقواعد الأمريكية المنتشرة في الخليج والمنطقة والتي هي على طاولة الأهداف والأولويات”.

 

معركة بحرية:

من جهته يقول الخبير العسكري مجيب شمسان: “لا شك أن ما أقدم عليه الأمريكي من عدوان في البحر الأحمر، يشكل تصعيداً خطيراً وخطوة متقدمة يمكن أن تقود المنطقة إلى صدام؛ باعتبار أن هذه الجريمة تندرج في إطار الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني لممارسة جرائمه المتوحشة”.

ويؤكّـد شمسان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “الجريمة الأمريكية في البحر الأحمر لن تمر دون رد يمني، خُصُوصاً أن هذه الجريمة جاءت في سياق المساعي الأمريكية المساندة للكيان الصهيوني والتي تحاول كسر الحصار اليمني الذي يفرض على الاحتلال ودعم الموقف اليمني للقضية الفلسطينية”.

لذلك فَــإنَّ السيناريوهات المتوقعة لا شك أنها في تصاعد وستكون الأيّام المقبلة على صفيح ساخن وتنذر بمعركة بحرية، خُصُوصاً أن التحَرّك اليمني لقواتنا المسلحة فيما يتعلق بالموقف اليمني للرد على هذه الجريمة الأمريكية وارتقاء شهداء من قواتنا البحرية، ينذر بمعركة قادمة، وبالتالي وبهذه الجريمة دخل الأمريكي في العدوان على اليمن وأعلن الحرب المباشرة على اليمن؛ ولهذا فَــإنَّ كُـلّ الخيارات مطروحة أمام قواتنا المسلحة، سواءً فيما يتعلق بالخيارات العسكرية أَو الاقتصادية كنقاط ضغط إقليمية ودولية.

كما يؤكّـد الخبير العسكري شمسان أن “المحاولات الأمريكية لكسر الحصار اليمني أَو محاولة حماية السفن الإسرائيلية لن يمر والموقف اليمني سيزداد صلابة في القضية الفلسطينية وسيبقى مُستمرّاً، وستكون هناك خطوات تصعيدية طالما وأن الأمريكي اليوم قد صعد وأعلن الحرب من خلال هذه الجريمة، وبالتالي اليمن اليوم من حقه أن يمارس الرد المشروع على مثل هذه الجريمة الأمريكية، وأن البحر الأحمر في ظل الممارسات الأمريكية يمكن أن يتحول إلى منطقة حرب عسكرية”.

وحول تداعيات الجريمة الأمريكية يؤكّـد أن “تلك الجريمة التي أَدَّت إلى استشهاد عشرة من رجال قواتنا البحرية، تعتبر مدخلاً طبيعياً لمرحلة جديدة من المواجهة، حَيثُ انتقلت المعركة من مرحلة صراع الإرادات إلى مرحلة الحرب المباشرة”.

 

طريقُ القدس:

وفي ظل الوضع الحالي والهزيمة التي يتعرض لها ويعيشها الكيان الصهيوني ودور اليمن في قيادة معركة “طُـوفان الأقصى” إلى الانتصار يقول الخبير العسكري أحمد الزبيدي: إن “الوضع الحالي واستمرار الهزيمة للكيان جعل أمريكا أن ترتكب جريمة وتستهدف قواتنا البحرية التي كانت تؤدي دورها في المياه اليمنية؛ بهَدفِ حماية اقتصاد الكيان الصهيوني ووصول السفن إلى ميناء فلسطين المحتلّة”.

ويضيف الزبيدي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “كنا نتوقع العدوان الأمريكي في البحر الأحمر وأن تقوم أمريكا بأي تصعيد من بوارجها وسفنها مثلما كانت تعسكر البحر الأحمر وتهدّد الملاحة الدولية”، مؤكّـداً أن “التصعيد الأمريكي في البحر الأحمر، يشكل انعطافة خطيرةً للمواجهة مع العدوّ الأمريكي والإسرائيلي والغربي، الذي يحاول من خلال الاعتداء على قواتنا البحرية، أن يفتعل حرباً كبرى إقليمية ودولية؛ لأَنَّه يعلم حقيقة الرد اليمني وما ينتج عنه في المنطقة في حال استمر في جرائمه، التي تهدّد الملاحة الدولية، وتريد أن تجعل الملاحة في البحر الأحمر حكراً على أمريكا والكيان الصهيوني فقط والحاكم الفعلي وهذا غير ممكن أن يحدث في اليمن”.

وبالإضافة إلى ذلك فَــإنَّ الأمريكي ومنذ بداية العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة ووفق تصريحاته، يريد توسيع الحرب من خلال جلب حاملة الطائرات والبوارج إلى البحر الأحمر؛ لأَنَّ الاستراتيجية الأمريكية مع الكيان الصهيوني هي الاستفراد بغزة ثم الاستفراد بالجبهات الأُخرى، ولهذا وجد الأمريكي نفسه، أمام مفاجئة على مستوى محور المقاومة وكانت المفاجئة التي لم يكن يتوقعها هي تحَرّك اليمن، الذي يفرض حصاراً على الاحتلال ويمنع وصول السفن الإسرائيلية إلى الموانئ الفلسطينية المحتلّة، رداً على جرائم الاحتلال بحق النساء والأطفال، وهذا شكل بالنسبة لأمريكا المفاجئة الكبرى وغير المتوقعة، الأمر الذي اعتبرته واشنطن الجانب الخطير، وأن مناصرة الشعب الفلسطيني تهديد للملاحة الدولية.

ووفق الزبيدي الخبير العسكري فَــإنَّ “أمريكا بهذه الجريمة التي أَدَّت إلى استشهاد عشرة من قواتنا البحرية على طريق القدس، تعتقد بأنها تؤثر وتثني الموقف اليمني المناصر للقضية الإسلامية، وهو ما أكّـده المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع، أن هذا لن يثنينا عن موقفنا وعلى أمريكا أن تتحمل تبعات هذه الجريمة وهذا العدوان على الشعب اليمني، مبينًا أن العملية الإجرامية في البحر الأحمر، هي محاولة أمريكية تقيس نبض اليمن بالنار والدم، حَيثُ يريد الأمريكي يقول: هل اليمن سيرتدع ويتراجع عن موقفه؟ لكننا لن نتراجعَ، وهذا موقفٌ ديني وأخلاقي ووطني وإسلامي لا يمكنُ أن نتراجَعَ”.

 

معركةٌ إقليمية:

وفي إطار نوايا أمريكا في التصعيد العسكري ويزيد الأمور تعقيداً في المنطقة ما تقوم به من أنشطة عسكرية في البحر الأحمر.

وَيقول المحلل العسكري العميد عابد الثور: إن “أمريكا ومن خلال استهدافها زوارق قواتنا البحرية تكون قد حكمت على المنطقة بالتوتر العسكري ولن يكون لها مصلحة في ذلك، وجعلت من عملية السلام مستحيلاً في المنطقة، وأكّـدت للعالم أنها حليف استراتيجي للكيان الصهيوني وشريك رئيسي في جرائم الاحتلال في غزة، مؤكّـداً أن المنطقة اليوم في منعطف مهم جِـدًّا، حَيثُ أعلنت أمريكا باستهداف قواتنا الحرب المباشرة على قواتنا المسلحة، وربما تريد أن تختبر القدرات العسكرية اليمنية، التي قد عرفت ذلك من خلال المعركة المباشرة مع قواتنا البحرية التي استطاعت إرجاع سفينة الحاويات “ميرسك هانغتشو” الدنماركية، وشكلت ضربة استباقية للولايات المتحدة الأمريكية”.

ومع ذلك فَــإنَّ قواتنا المسلحة تمتلك العمق الاستراتيجي البحري والبري ولديها مساحة في البحر الأحمر قرابة 450 كيلو مترًا وهذا يعطينا فسحة لتحقيق ضربات نوعية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com