الناطقُ باسم الجماعات السلفية في اليمن الشيخ صالح العويري في حوارٍ لصحيفة “المسيرة”: مواقفُ اليمن المناصِرةُ لفلسطين رفعت رؤوسَنا عاليًا والسلفيون يؤيدون كُـلّ خيارات السيد القائد

المسيرة – حاوره أيمن قائد:

أكّـد الناطقُ باسم الجماعات السلفية في اليمن، الشيخ صالح العويري، أنه ليس هناك منكرٌ أنكرُ مما هو حاصل اليوم على إخواننا في قطاع غزة من اعتداء وحشي من قبل اليهود الغاصبين، وأنه من لم يكن مع فلسطين اليوم فهو مع الصهاينة.

وأوضح أن السلفيين يؤيدون كُـلّ خيارات السيد القائد وأن اليمن مقبرة الغزاة وسنواجه القوة بالقوة والدم بالدم.

وأشَارَ إلى أن القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبد الملك الحوثي، قدمت كُـلّ ما تستطيع من عمل مبارك وعظيم لنصرة غزة.

إلى نص الحوار:

 

– كيف تقيِّمون موقفَ علماء الأُمَّــة ودورهم في مناصرة القضية الفلسطينية، في ظل المعركة “طُـوفان الأقصى”؟

لقد ظلت فلسطينُ -بحكم موقعها الثقافي والديني وعلى مدى أكثر من سبعة عقودٍ من الزمن- تهُزُّ الضميرَ اليمني خَاصَّة؛ والضمير العربي والإسلامي على وجه العموم، وما تزال فلسطين ذلك الوجع الكبير والجرح النازف في وجدان الأُمَّــة والذي بالضغط عليه يحس الجسد كله بالألم، فكلما بدأت الشعوب العربية والإسلامية تميل إلى التبلد والإحساس بالتعايش مع الظلم والقهر، ومع الخضوع والخنوع، يأتي الألمُ الفلسطيني فيوقظها من النوم، ويهز ضمائرَها هزًّا.

وبلا شك أن علماء الأُمَّــة اليوم هم على صنفين، فصنف يقبع في السجون؛ لأَنَّهم لا يروقون للحكام، كما هو الحال في السعوديّة أَو غيرها، وصنف آخر محسوب على البلاط يسبحون بحمد الملك؛ وهذا الصنف من العلماء فقد دوره الموكل إليه من رب العالمين، فلم يعمل بتوصيات النبي الكريم ولا الكتاب الحكيم، ولم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر، وليس هناك منكر أنكر مما هو حاصل اليوم على إخواننا في غزة من قبل اليهود الغاصبين.

وهناك كذلك صنف من العلماء وهم قليل يقتصرون بالدعاء بالخفية، وذلك خوفاً من أن تسجل عليهم مواقف أَو يتعرضوا لبطش السلطات ولكن هذا لا يشفع لهم، فأعظم الجهاد الصدوع بالحق في وجه سلطان جائر؛ وليس هناك على الإطلاق من قام وأعلن موقفه كعلماء اليمن، فعلماء اليمن كان لهم موقف بارز ومشرّف ومتميز؛ مِن أجل المقدسات الإسلامية وقضية الأُمَّــة المركزية.

 

– وماذا بشأن معركة “طُـوفان الأقصى”.. كيف تنظرون إليها؟

لقد نقلتنا “طُـوفان الأقصى” من موقع الاستجابة إلى موقع المبادرة، وهو تحوّل نوعي وجديد لجيل اليوم الذي يبحث عن أفق ومشروع يبذل فيه كُـلّ طاقاته الكامنة، وهذا التحوّل الرهيب وفي دقائق معدودة، من أن تكون لقمَة إلى أن تصير فَماً، والانتقال من مستوى الفريسة الضعيفة إلى مستوى الصيّاد الماهر ليس بالأمر الهين.

والواقعُ أن “طُـوفان الأقصى” التحرّرية نقلتنا من عقليةِ الهزيمة إلى عقلية الانتصار مهما كانت التضحيات، وقد تحقّقت فعلاً، لقد كُسِرَت حلقة العجز المُكتسَب والخوف المُوَّرَث مرّة واحدة وإلى الأبد، وستكون جميع مواجهاتنا القادمة مع أعداء الأُمَّــة، مواجهات المبادأة والخيال الحرّ، والممكن غير المحدود؛ فالأرض أرضنا، والسماء سماؤنا، (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أكثر النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).

 

– في ظل الصمت المخجِلِ للكثير من الدول العربية والإسلامية.. كيف تقيمون التحَرّك اليمني المناصر لفلسطين ولمقاومتها الباسلة؟

هذه المواقفُ التي صدرت وتصدر من اليمنيين هي من واقع إيمانهم الراسخ.. قد أسمع أحياناً من يقول: “إن تحَرّك اليمنيون؛ لأَنَّهم لم يعودوا يخافون على شيء”؛ أي لم يتبقَّ لهم ما يخسرونه، وهذه نظرة قاصرة، والحقيقة أننا حين تحَرّكنا قيادةً وشعباً هو من واقعِ إيمانٍ بالله عز وجلّ، ومن واقع الانقياد لأوامره وتوجيهاته، ونصرةً للدين والمستضعفين، حتى أني ومن خلال متابعتي لخطابات السيد عبد الملك، سمعته يقول: “نحن حاضرون على أن نقتسم اللقمة مع إخواننا في فلسطين؛ جاهزون على أن نؤثرهم على أنفسنا”، هذه القيادة لو قدر لها لبذلت ما هو أكبر من ذلك، لكنها قد قدمت كُـلّ ما تستطيع من عمل مبارك وعظيم في ظل تخاذل الأنظمة جمعاء، لا سِـيَّـما الذين على الحدود القريبة، وكأنهم أُصيبوا بالذل والهوان.

إن ما تعمله فلسطين اليوم؛ وما تعمله غزة تحديداً بالأمة بعد طول سبات، وبعد إحساس كثير من الناس باليأس والقنوط، أنها توقظ ذلك الضمير وتشعل فتيل التحرّر وتوقد جذوة الأمل من جديد، وأن أي موقف أَو تحَرّك اليوم في طريق نصرة فلسطين هو الطريق الذي يقربنا من الانتصار لمظلوميتها وتحريرها من النهر إلى البحر، وأن أي موقف يخالف هذا التوجّـه هو الإعلان صراحةً بأنه في خدمة أعداء الأُمَّــة وفي خندقهم سواءً حكومات أَو تيارات وفرق وجماعات هُنا أَو هُناك.

ونقول هنا إن الموقفَ اليمنيَّ قيادةً وشعباً هو موقف مشرف ويرفع رأس كُـلّ يمني، ومما زاده شرفًا بأنه باسم اليمن وباسم القوات المسلحة اليمنية؛ فاليمنيون في الخارج يتواصلون بنا ويشيدون بهذا الموقف البطولي ويقولون بأنه رفع رؤوسهم عاليًا بما في ذلك المحسوبين على التحالف السعوديّ الأمريكي، فقد قالوا: لقد شرفتمونا الله يشرفكم.

إن اليمنَ الكبيرَ بعظمته وعظمة جغرافيته وشعبه وعظمة القيادة حاضرٌ؛ ليعيد أمجاده وانتصاراته وتأثيره الإقليمي وميزانه في المعادلات الدولية ودوره المحوري والاستراتيجي الذي يؤهله أن يكون دولة إقليمية ذات فعل وتأثير، فارِضاً للوقائع الجديدة وصانعَاً للمعادلات والتحولات الاستراتيجية، فهو موقف تاريخي وبطولي يجعل الإنسان يفخر بأنه يمني وهذا بفضل الله وبفضل القائد الحكيم السيد عبد الملك الحوثي، والشعب اليمني المجاهد شعب الإيمان والحكمة.

 

– ولكن هناك من يشكِّك ويسخر أَو يحاولُ التقليلَ من أهميّة هذا الموقف اليمني البطولي المساند لإخواننا في قطاع غزة!

نقول لمن يشكك أَو يقلل من أهميّة الموقف البطولي اليمني: خسئتم وخبتم وخسرتم؛ فالواقع يقول لكم كذبتم، حتى إن الأعداء المنصفين باتوا يظهرون مدى جدية التحَرّكات اليمنية، وغيرهم سواءً من العرب أَو الغرب والتي كان آخرها وزير الخارجية في دولة جيبوتي، والذي أكّـد أن عمليات جيشنا في البحر الأحمر تأتي في إطار الدعم المقدم للقضية الفلسطينية، وهنا لا يسعني إلا أن أقول كما قال الله تعالى فيهم: {فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ، وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.

إن السيد القائد -يحفظه الله- قد قال في أحد خطاباته: “قوموا بدوركم ومن سيقدم أكثر مما قدمناه فسوف نشيد به ونؤيده، ولكم منا كُـلّ الاحترام والتقدير”؛ ولكن تكاد قلوبهم تتميز من الغيظ، ونحن نقول لهم ما قال الله في أدق وصف لهم: “قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ”، وصدق الشاعر، حَيثُ يقول: قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمدٍ.. وينكِرُ الفمُ طعمَ الماءِ من سَقَمِ.

وأود هنا أن أفصح عن بعض المراسلات التي ترد بين الحين والآخر، وكيف أن “البعض يقول لي لم نكن نعرف من قبل إن اليمن بهذا البأس كما أن الضخ الإعلامي المعادي لليمن ركز على التشويه خُصُوصاً خلال العشر السنوات الماضية، والبعض الآخر يقول يا ليتني كنت من اليمن، والبعض يعتذر لما قد سلف منه من مواقف سيئة ومعاديه تجاه اليمن وقيادته؛ وكما يقول العرب إن اليمن رفعت رؤوسهم جميعاً، والمسلمون يقولون بفضل الله تأهلوا لذلك، ونحن نقول لقيادتنا وجيشنا: لقد رفعتم رؤوسنا حقاً.

إن الذي يشكك في هذا الأمر وما يزال حبيس الدعاية والتضليل هو شاذ؛ والشاذ يعرف بأنه مخالفة المقبول لمن هو أولى منه، ومن شَذَّ شَذَّ في النار، حتى أنه خالف نفسه الذي تقول له أنت كاذب؛ وكذلك زوجته تقول له أنت كاذب، لذلك فالخلل هو موجود في أنفسهم؛ فهم مفضوحون مهما قدموا من تشويه أَو حاولوا التقليل من أهميّة الموقف اليمني المتضامن مع فلسطين والمساند لمقاومته.

 

– كيف تقيمون مواقف التيارات السلفية تجاه هذه الأحداث؟

فلسطين اليوم أسَّست لحالة فرزٍ عجيبة، فرزت بين اتّجاهينِ متعاكسين، صراع إرادات ومؤامرات مهولة، دولية وإقليمية، وتحالفات مفضوحة الأهداف والاتّجاهات وفاشلة مسبقًا، حتى وإن قامت باستعراض عضلات في محاولةٍ لصناعة التحديات وفرض واقع بقوةٍ تعكسُ الإراداتِ الاستعماريةَ، فَــإنَّنا سنواجهُ القوة بالقوةُ والدمُ بالدم.. فاليمن مقبرة الغزاة والمستكبرين.

ويمكن القول إن السلفية وقفت كما وقفت بقية التيارات اليمنية الحرة على مدى تسع سنوات ونحن نساهم بما نستطيع في حمل الهم المشترك لهذه الأُمَّــة في جميع قضاياها ومنها الموقف من القضية الفلسطينية، فكل سيحاسبه الله عز وجلّ على قدر ما آتاه كما قال تعالى: (لِيَبْلُوَكم في ما آتاكُمْ)، فنحن كتيار موجود في المجتمع اليمني لن نبخل بأي شيء نقدر عليه، بالمال والرجال وبالعلم والبصيرة، وكما قال السيد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله- في خطابه الأخير والداعي إلى الوحدة والاعتصام، ونبذ الخلافات والاعتصام بحبل الله جميعاً، ونحن نؤيد كُـلّ خياراته.

وهذه هي نعمة كبيرة أن تشارك مجتمعك همومه وتكون عوناً له في تخفيف معاناته وتتحمل كما يتحمل الآخرون، فالتيار السلفي جزء من هذا المجتمع الذي عانى الكثير والكثير وشارك الناس هذه المعاناة.

إن وقوف السلفي اليمني في ميدان العزة والكرامة نعمة كبيرة وعطاء ملموس كان له الأثر والدور الكبير في هذا الصمود وفي هذا النجاح وفي هذا الفوز والانتصار؛ لأَنَّنا حملنا الهم والمسؤولية سوياً وكنا شركاء في السلم والحرب، والقيادة الثورية تقدر ذلك.

 

– ما رسالتُكم للذين يجندون أنفسهم لخدمة أعداء الأُمَّــة ويتخندق في صفوف العدو؟

إن من يجند نفسه لخدمة أعداء الله هم يعيشون حالة إهانة وخسران وإذلال كبير جِـدًّا، وقد انعدمت فيهم الشيم والقيم والمبادئ، كما أن هذا الشخص يعلمُ علمَ اليقين أنهُ مُجَـرّد أدَاة وأنه سيتعرض للإهانة من قبل أسياده ولا يستطيع أن يعمل شيء.

إن مواقف اليمن تجسَّدت اليوم بالقول والفعل وليست شعاراتٍ فضفاضة وفارغة المحتوى، فمن لم يكن مع فلسطين فهو مع الصهاينة في زمنٍ طُبِعَ عليه الولاءُ والتبعية والتطبيع والخنوع والخضوع لأمريكا وإسرائيل.

 

– وماذا بشأن المتخاذلين والمطبعين مع العدوّ الصهيوني والذين يلبسون الحق بالباطل؟

التطبيع بإجماع العلماء بالأمس واليوم وغداً لا يجوز مطلقًا وهذا يخالف النصوص الشرعية في كتاب الله عز وجلّ وسنة رسوله -صلى الله عليه وآله سلم-، وكلّ من طبع أَو تعامل مع العدوّ الصهيوني فقد صدق عليه قول الله عز وجل: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ).

وهنا أدعو كُـلّ المغرر بهم العودة إلى جادة الصواب والوقوف مع الحق، وأود التأكيد أن اليمنَ أعاد ضبط البُوصلة، ورسم الاتّجاه الصحيح مع العدوّ، وصنع المعادلات والتحولات الاستراتيجية، فكما كان المعروف عن اليمن منذ حقب التاريخ بأنه حامل راية الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها، سيظل حاملها إلى العالم أجمع كما سيظل مقبرةُ الغزاة والمحتلّين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com