اليمنُ يضعُ اللبناتِ الأولى لنهاية الهيمنة الأمريكية

 

منصور البكالي

هناك من يسأل عن الأسباب الرئيسية للهيمنة الأمريكية في هذا العالم؟ ومدى قدرتها على الاستمرار والثبات في واقع يشهد الكثير من التحولات، وبروز قوى حرة تملك قوة الإرادَة، وكامل المقومات والقدرات الفاعلة، ومفاتيح القوة ومكامنها الجيوسياسية؟ وهل بدأت أمريكا تخسر مكانتها وهيبتها العسكرية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية، منذ دعاية الحادي والعشرين من سبتمبر، وما تبعها من الحروب في العراق وسوريا واليمن وليبيا وأوكرانيا، والسودان ومؤخّراً قطاع غزة؟

نبتدئ الجواب بذكر جزء من الأسباب الرئيسية لهذه الهيمنة المرتكزة على نشر القواعد العسكرية والقوات البحرية في العالم، ما مكنها من نهب وسلب ثروات ومقدرات شعوب العالم الثالث، والتحكم بصناعة القرار السياسي فيها، عبر حفنة قيادات وظيفية من مرتزِقة وخونة لشعوبهم، وقيمهم الوطنية والدينية والإنسانية، ما عزز من نفوذ هيمنتها الاقتصادية والسياسية، وسطوتها على المنظومة الدولية وقراراتها ومواثيقها ومعاهداتها الزائفة، وتوسعها في تشكيل تحالفات عسكرية مسخرة لتنفيذ أجندتها وأهدافها الاستعمارية للعالم، عبر إشعال الحروب، في وجه من يخرج على إرادتها، وقرارتها، وفرض قيود وعقوبات اقتصادية هنا وهناك، أمام عالم يرصد ويوثق كُـلّ انتهاكاتها وجرائمها بحق الإنسانية وقوانينها ومبادئها، ومعاييرها المزدوجة.

امتلاك بعض عواصم القرار، لقيادات ثورية فتية تعد العدة، وتملك قوة الإرادَة، في الرد على الفعل الأمريكي، بمفاعيله المختلفة، وأسلحته ومتطلباته وخططه المناسبة، قلب المعادلات، وكشف للعالم السبب الجوهري للهيمنة الأمريكية، التي لم تعد في مأمن أمام الثورة الإعلامية، والطفرة التكنولوجية، والحروب الذكية، على الأفكار والعقول، وميول الإنسان بفطرته إلى الذود عن حرمة أخيه الإنسان، وقداسة النفس البشرية والدفاع عنها، كما هو موقف شعوب العالم من العدوان الأمريكي الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يرتكبه من جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والمجازر الوحشية، والحصار الخانق، بحق الإنسانية، ما أظهر السياسة الخارجية الأمريكية على حقيقتها المتناقضة والمزدوجة المعايير في الوقت ذاته.

هنا وفي هذه المرحلة الفاصلة من تأريخ الهيمنة الأمريكية بدأ العالم يترقب ويطالع ويتابع الأخبار عله يقرأ أَو يسمع، عن منقذ لهؤلاء الأطفال والنساء في هذا العالم، فلم يشاهد غير القائد العربي الإنساني الوحيد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وهو يعلن دخول اليمن في الحرب على إسرائيل، ويبدأ الجيش اليمني من بين جيوش العالم في ضرب موانئ الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلّة، ويمنع سفنها والسفن الذاهبة إليها من المرور بباب المندب والبحر الأحمر والعربي، يتلوها بعد أَيَّـام قليلة مشاهد استيلاء اليمن على أول سفينة إسرائيلية وجرها إلى شواطئ الحديدة، وفرض معادلة فك الحصار على قطاع غزة وإدخَال المساعدات ووقف العدوان، لتتوقف اليمن عن مشاركتها في نصرة غزة.

في هذه اللحظات الحالكة من عمر الهيمنة الأمريكية وكيانها المدلل اشرأب العالم لمن يفعل ذات الأمر من بقية الدول العربية والإسلامية!! لكنه يفاجأ باستمرار وتصاعد الأعمال العسكرية اليمنية، دون سواها، مقابل هروب أمريكي نحو تشكيل تحالف بحري لحماية السفن الإسرائيلية، وتعزيز القطع البحرية لحمايتها، ورغم ذلك فشلت كُـلّ تلك القوى، وهربت العديد من الدول من ذات التحالف، ورفضت الكثير من المشاركة، وضربت سفن الكيان، مرةً تلو أُخرى، وتبخرت الهيمنة الأمريكية في البحر الأحمر، لتبدأ أمريكا بسحب قطعتين بحريتين نحو الأبيض المتوسط، معلنةً قلقها على حاملات الطائرات، من الصواريخ البحرية اليمنية والطائرات المُسيّرة، والاكتفاء بحق الرد.

استمرار التعنت الأمريكي وعدم الوقف الفوري للعدوان على غزة يقود الهيمنة الأمريكية وأدواتها في المنطقة إلى الغرق، والأفول والهزيمة والخسران، عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وأخلاقياً، في أول لحظات من أي عدوان عسكري أمريكي جديد على أراضي الجمهورية اليمنية، ليمضيَ اليمن وفلسطين وكلّ محور المقاومة وأحرار العالم نحو النصر والانتصار للمستضعفين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com