عضو مجلس الشورى والقيادي في حزب الحق عبد الواحد الشرفي في حوار لصحيفة “المسيرة”: اليمنُ فاجأت العالَمَ بقوتها البحرية الصاعدة والقواتُ المسلحة تمتلكُ الكثيرَ من أوراق الضغط على الأمريكيين والصهاينة

 

المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي

أكّـد عضو مجلس الشورى والقيادي في حزب الحق، عبد الواحد الشرفي، أن الأحداث في المنطقة جراء العدوان الصهيوني على قطاع غزة أوجدت ملامحَ تغيير في النفوذ الدولي نتيجة التراجع الواضح للهيمنة الأمريكية.

وقال في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن قيادةَ المرتزِقة يسارعون في خدمة العدوان ويتطوعون للظهور بمواقف الذل والهوان، مؤكّـداً أن “اليمن فاجأت العالم بقوتها البحرية الصاعدة والقوات المسلحة تمتلك الكثير من أوراق الضغط على الأمريكيين والصهاينة”.

إلى نص الحوار:

 

– بداية أُستاذ عبد الواحد.. مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة برز الموقف اليمني المساند بشكل لافت ومفاجئ للجميع وترجم أنصار الله شعار الصرخة إلى الواقع العملي.. ما تعليقكم على ذلك؟

بدايةً نؤكّـدُ على بُعْدِ نظرِ وإدراكِ السيد القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- منذ وقت مبكر على أهمية رفع شعار الصرخة في وجه قوى الاستكبار وعلى رأسها الشيطان الأكبر أمريكا التي تقف وراء استمرارية الكيان الصهيوني الغاصب ودعمه بكل الإمْكَانيات العسكرية والاقتصادية والسياسية.

فقد ركّز -رضوان الله عليه- نشاطَه الفكري والتوعوي لكشف وتعرية السياسات والتوجّـهات الأمريكية الخاطئة بحق الأُمَّــة العربية والإسلامية، ومقدساتها وما تعانيه جراء المؤامرات والحروب التي قادتها وشنتها أمريكا وإسرائيل ضدها وضد بلدانها العربية والإسلامية والتي كانت برهاناً جليًّا ودليلاً واضحًا على صوابية وفاعلية هذا الشعار تجاه أعداء الأُمَّــة وفضح الشعارات الأمريكية الزائفة كالحرية وحقوق الإنسان… إلخ.

وقد انزلق البعض للأسف الشديد لمحاربة شعار الصرخة والسخرية منه وعمدت السلطات لقمع مسيرة القرآن واعتقال ناشطيها فيما كان يعرف بالمكبرين، الذين كانوا يذهبون كُـلّ جمعة للجامع الكبير لترديد شعار البراءة لإيقاظ وعي الأُمَّــة بخطورة السياسات الأمريكية والصهيونية.

وإلى وقت قريب ما زال البعض لا يدرك أهميّة الشعار ومضامينه إلى أن كشفت أحداث العدوان والحرب ضد اليمن لتسع سنوات في محاولة لإسكات ووأد هذا المشروع التحرّري المقاوم، ولعل العدوان على إخواننا في فلسطين كشف مدى خطورة وعدوانية أمريكا وربيبتها إسرائيل لتصفية قضية العرب والمسلمين الأولى في فلسطين، وأكّـدت صوابية النهج المقاوم النابع من هدى الله.

 

– ما بعد دخول اليمن في مواجهة “إسرائيل” ظهر التفاف شعبي ومباركة داخلية وخارجية للحدث الفريد بتاريخ اليمن الحديث المناصر للثورة.. كيف تقرأون هذا الالتفاف بما فيه موقف أبناء المحافظات المحتلّة؟

عندما قرّر السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، الدخولَ في مواجهة دويلة الكيان الصهيوني مع محور المقاومة في المنطقة عبّر الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه عن ارتياحهم وارتباطهم الوثيق بالخط الإسلامي الرافض للظلم والظالمين والمدافع عن دين الله ومقدسات الأُمَّــة والمناصر لإخوانهم في فلسطين، في الوقت الذي خذلتهم الأنظمة العربية التي تدَّعي تمثيلَها للإسلام، ومنها من سارع في خيانة الأُمَّــة وقضيتها المحورية، وهرول نحو التطبيع مع الكيان الغاصب والبعض الآخر في طريقها للإعلان الرسمي عن التطبيع.

ومثّل قرارُ الوقوف مع إخواننا في أرض الأنبياء صدمةً لقوى الخيانة والعمالة وتعرية لمواقفها المذلة والخانعة، في حين لاقى تأييداً في الأوساط الشعبيّة لتلك الأنظمة، أما في الداخل اليمني فالخروج العفوي في مسيرات وتجمعات شعبيّة عبرت عن تأييدها المطلق لقرار القيادة الثورية للانتصار لمظلومية إخواننا في غزة ضد العدوان الأمريكي الصهيوني.

وقد أكّـد الالتفاف الشعبي نحو القيادة الثورية في المحافظات المحتلّة أَيْـضاً عن وحدة الموقف الذي يزداد يوماً بعد آخر في جذب أعداد كبيرة من فئة ما نسميهم بالمحايدين، وهذا يدل على صوابية القرار وسلامة المنهج الرباني المستمد من هدى المولى عز وجل.

 

– موقفُ صنعاء التاريخي ظهرت معه قوة اليمن المغيَّبة خَاصَّة في البحار كقوة وبلد يتحكم بمفاصل حساسة لتجارة العالم.. كيف سيغير هذا الحدث نظرة العالم لهذا البلد بعد كُـلّ ما شاهدناه من بأس وشجاعة ومواقف حالت بين سفن العدوّ والبحر الأحمر، ويشترط فك الحصار بفك الحصار غزة؟

يمكن القول إن موقفَ صنعاء التاريخي بمنع سفن العدوان الصهيوني من المرور من البحر الأحمر حتى فك الحصار عن غزة وإيقاف العدوان النازي عليها، وما تلاه من خطوات عملية في هذا الجانب أكّـد استعادةَ قوى الثورة لسيادة اليمن على مياهه المائية الإقليمية وممرها الهام وتحكمها بطريق التجارة، فضلاً عن قوة الإرادَة والحق والقدرة على فرض السيادة الحقيقة والمغيبة لسنوات.

لقد نمت هذه القوة الصاعدة في ظل العدوان والحرب والحصار ضد بلادنا، مما لفت أنظار العالم وقواه للحق السيادي والقدرة العسكرية لهذا البلد، الذي ساهم حكامه المتعاقبون في رسم صورة سلبية عنه كدولة ضعيفة لا تمتلكُ حتى الدفاعَ عن ثرواتها المائية وصياديها.

وأثبتت اليمن بقيادتها الحكيمة قدرتها على المحافظة على سير الملاحة البحرية وتأمين التجارة العالمية المارة بهذا الخط ما عدا السفن الخَاصَّة بالعدوّ الصهيوني حتى فك الحصار وإنهاء العدوان على غزة الإباء.

 

– ألا يعني هذا أن رهانَ العدوان في تمكين مرتزِقته من باب المندب قد سقط؟

منذ أن لجأ تحالف العدوان على اليمن إلى المرتزِقة وأتى بهم من كُـلّ أصقاع الأرض لاحتلال اليمن ومحاولة القضاء على قوى الثورة اليمنية واستعانته بمرتزِقة من الداخل إلا أن الهزيمة تلاحقه والفشل لمخطّطاته الاستعمارية حظه.

واليوم تُفاجِئُ قوى الثورة العالَمَ بقوتها البحرية الصاعدة والاستخباراتية وتسقط رهانات تحالف العدوان على مرتزِقته بالداخل الفارين من جبهات العزة والشرف والكرامة والمعتمدين على قوى تحالف الشر والعدوان وما تقدمه لهم من حماية جوية هشة ومن عتاد وأسلحة متطورة خسرت أمام القوى الوطنية من الجيش ولجانه الشعبيّة المدافعة عن السيادة والكرامة.

ويجدر بنا أن نذكر قوى تحالف العدوان بألا تراهن على أحصنة جبانة مسلوبة الإرادَة والعزيمة مرتهنة للمال المدنس.

 

– في السابق كنا نحاول تجنُّبَ ذكر السعوديّة والإمارات كأنظمة طامعة في اليمن قياساً بحجمها التاريخي لكن اليوم يظهر حجم اليمن الحقيقي فهي لا تواجه السعوديّة والإمارات بل هي أكبر من هذا بكثيرـ.، حَيثُ تواجه أمريكا وإسرائيل والغرب المستعمر كما حصل باستهداف السفن وتأكيد منع مرور سفن المنافع الإسرائيلية.. ما تعليقكم؟

في لقاءٍ سابقٍ مع إحدى القنوات الإعلامية الوطنية تحدثت عن صراع العربية السعوديّة والإمارات على الهيمنة على الخليج العربي والبحر الأحمر والجزر، وأشرت فيه إلى تسابق تلك الدويلتَينِ في مضمار نيل رضا الغرب المستعمر وعلى رأسه أمريكا وإثبات القدرة على أداء دور شرطي المنطقة، لا تحَرّكه مصالحُ أَو منافعُ اقتصادية للدويلتين، وإنما مصالح شخصية لحكامها؛ لضمان بقائهم في اغتصاب حكم شعوبهم بوسائل القهر والاستبداد والفساد والقتل والاعتقال ونهب وتبديد ثروات هذه الشعوب وتمكين دول الاستكبار منها.

وما زالوا يسيرون في طريق الذلة والهوان وخدمة أسيادهم في مواجهة اليمن الحر، والذي أكّـدت الأحداث والمواقف المتتالية أنهم ليسوا سوى بيادق بيد قوى الشر والاستعمار، لم يفلحوا بتركيع اليمن الحر أَو ترويضه للتكيف مع مشاريع الهيمنة والاحتلال والاستعمار، ومحاولة استلاب ما حقّقه من مكاسب عظيمة في استعادة السيادة والكرامة والعزة وتحريرها من التبعية والارتهان.

 

– مواطنون في المحافظات الجنوبية المحتلّة يهتفون لغزة ويباركون مواقفَ صنعاء البطولية.. هل هذا مؤشرٌ على سقوط ورقة المحتلّ وأتباعه هناك؟

الجنوبُ كالشمال يعبّر عنه موقفِ اليمن الواحد المشرِّف من القضية الفلسطينية، ولعل صنعاء وموقفها البطولي حفز أحرار الجنوب وجعلهم يلتئمون من جديد مع إخوانهم من المحافظات الشمالية في موقف موحد يبارك قرار القيادة الثورية نصرة المستضعفين في غزة الصمود.

وهذا بحد ذاته ينهي آمالَ قيادة مرتزِقة الداخل في محاولة تسجيل مواقف خيانة تساند قوى البغي والاحتلال ضد أبناء الأُمَّــة.

وتأييدُ إخواننا بالمحافظات الجنوبية للقرار التاريخي للقيادة الثورية يؤكّـد أصالة أبناء شعبنا في الجنوب الحر واتساقه مع تاريخهم المقاوم للاحتلال الذي هزم أقوى مملكة استعمارية وأرغمها على الرحيل في 30 نوفمبر 1967م من الأراضي اليمينة المحتلّة، وبالتالي فالتاريخ سيعيد نفسه ويهب أبناء الشعب اليمني لدحر قوى الاحتلال السعوديّ والإماراتي الناهبة لخيرات الوطن، وأعتقد أنها ستخضع لشرط صنعاء في السلام وتأخذ مرتزِقتها وترحل.

 

– بالنظر لما يحدث يمكن القول إن هذا الحدثَ الكبير المرتبط بغزة وفلسطين قد أعاد لليمن اعتبارا كان ضائعاً؟

بلا شك أن الموقفَ اليمني من العدوان على غزة وحملات الإبادة فيها قد أحدث تحولاتٍ كبيرةً في البيئة العربية والإسلامية ومنها اليمنية، فقد جعلها أكثر التصاقاً بقضية المسلمين الأولى فلسطين، وقد أعاد الاعتبارَ لمكانة اليمن التاريخية وموقعها الاستراتيجي وأهميتها وقدرتها على التأثير الإيجابي على مسار أحداث الحرب والصراع مع العدوّ الأمريكي والصهيوني في المنطقة، فضلاً عن التأثير الأمني والاقتصادي على الكيان الصهيوني الغاصب.

 

– ماذا عن احتراق ورقة المرتزِقة بإعلان الدفاع عن سفن العدوان بباب المندب؟

كعادة قيادة مرتزِقة الداخل يسارعون في خدمةِ أولياء نعمتهم ويتطوعون بالظهور بموقف الذل والهوان لإرضاء أسيادهم الإماراتيين والسعوديّين ومن يقف خلفهم من الأمريكيين والصهاينة.

وإعلاناتهم المخجلة بالوقوف مع العدوّ التاريخي للأُمَّـة العربية والإسلامية وإن نفاها البعض قد أسقط ورقة التوت التي كانوا يتسترون بها وأنهم دعاة الاستقلال والحرية والخلاص والذي أثبتت الأيّام أنهم مُجَـرّد مرتزِقة وعملاء يتسكعون في فنادق الإمارات والسعوديّة وعلى أبواب الأمراء والسفراء للحصول على المال الحرام.

 

– برأيكم.. ما الأوراق التي تتمسكُ بها اليمن لمواجهة غطرسة واشنطن والرياض وأبو ظبي والكيان الصهيوني؟

الإرادَةُ اليمنية الواثقةُ والمستعينةُ بالله هي التي تصنعُ المعجزات وتغيِّرُ معادلةَ الصراع والموازين؛ بما تمتلكه من إمْكَانيات وقدرات عسكرية، علاوة على التطوير المُستمرّ لصناعتها الحربية من الصواريخ والطائرات والمسيّرة وغيرها والتي صنعتها في وضع استثنائي معقد في ظل سنوات العدوان والحصار وموارد شبه منعدمه، وهي إحدى ثمار ثورة 21 سبتمبر الخالدة، وهذه القدرات الاستراتيجية العسكرية في تصوري أسهمت بشكل كبير في توسيع بنك الأهداف وتحمل من المفاجآت الكثير بحسب تلميحات القيادة الثورية، ولعل آبار النفط لدولتي العدوان بالوكالة تعد إحدى خيارات الردع الاستراتيجي، ما يعني أن صنعاء تملتك العديد من أوراق الضغط على تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني وأدواته في المنطقة والتي تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وتضارب المصالح والتباين في التعامل مع تطورات المشهد السياسي والعسكري والصراع الخفي، فضلاً عن وجود أزمات سياسية داخلية.

 

– كيف تنظرون لمستقبل المنطقة في ضوء هذه الأحداث؟

تحاولُ الولاياتُ الأمريكية ودويلةُ الكيان الغاصب عبر آلتها الإعلامية التسويق لأهدافهما من العدوان على غزة وأحلامهما بإعادة ترتيب أوضاع المنطقة وفقاً لمشاريعهما الاستعمارية في التقسيم وإسقاط قوى المقاومة، متجاهلة الواقع الذي فرضه محور المقاومة ووضع سقفٍ لمسار العدوان ومآلاته ونتائجه السلبية على دول المنطقة.

إن تطورات الأحداث تنعكس على مسار مفاوضات التطبيع بين السعوديّة والكيان العبري وغيرها من الدول الخانعة في المنطقة والتي ستفضي لمواجهة مع العدوّ بانتصار المقاومة وستتجه بعض الدول العربية نحو المقاومة مراعاة لمصالحها وللتوازنات التي فرضتها المقاومة مع اقتراب نهاية إسرائيل والتي باتت تعاني من أزمة وجوديةٍ.

كما أن هناك ملامحَ للتغيير في النفوذِ الدولي في المنطقة وتراجع الهيمنةٍ الأمريكية ودخول سلس للنفوذ الصيني والروسي من البوابة الاقتصادية.

 

– كلمة أخيرة لكم؟

من المهم العملُ على ترسيخ قيم الوحدة الإسلامية انطلاقاً من المبادئ الإسلامية السامية ووحدة القضية المركزية للأُمَّـة العربية والإسلامية وفق منهجية واحدة، وقد أسهمت هذه الأحداثُ في تنمية الوعي لدى شعوب المنطقة بوحدة المصير ووجوب التصدي لمؤامرة قوى الاستكبار بروح مفعمة بالثورة والمقاومة والعزة والكرامة وإسقاط مشاريع الهيمنة والغطرسة والاحتلال، وأن العالَمَ سيشهدُ بإذن الله زوالَ هذا الكيان الغاصب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com