ذكرى الشهيد توقير وتذكير

 

فاطمة محمد المهدي

احتفل الشعب اليمني بذكرى أسبوع الشهيد كما جرت العادة في كُـلّ عام، وذلك من خلال إقامة الفعاليات المختلفة التي تعبر عن منزلة الشهيد الرفيعة عند المجتمع، وتعكس امتنانه وتقديره للتضحيات السامية التي بذلها الشهداء في سبيل الله وسبيل أمان وعزة وكرامة الشعب إضافة إلى تكريم أُسر الشهداء بطريقة بسيطة؛ بسَببِ ظروف الوطن الاقتصادية التي لا ترقَى إلى المستوى الذي تستحقه هذه الأسر من التكريم كونها ضحت وقدمت أبناءَها في سبيل الله وحماية الوطن، وَإذَا أتينا لتأمل الواقع فهو حقيقة لا شك فيها أن بنيان الأُمَّــة الراسخ وحصنها المنيع والشامخ الذي يحتويها ويحميها دينياً، أخلاقياً، سياسيًّا، عسكريًّا واقتصاديًّا، ليس إلا الشهداء وتضحياتهم وصبر أُسرهم.

الاحتفال بذكرى أسبوع الشهيد ليس تكريماً للشهداء وإنما هو تذكير بعظمتهم وعظمة بذلهم وتضحياتهم فالتكريم الحقيقي للشهيد أعظم مما نستطيع نحن، وهو تكريم الله عز وجل له والذي يفوق أي تكريم لأحد من الناس وهو منحة الحياة الخالدة في نفس اللحظة التي يبذل فيها نفسه لله، ففي لحظة سقوط بدنه وإصابتهِ، ترتقي نفسه حية إلى نعيم إلٰهي لا نعلمه دون أن يجري عليه من السنن ما يجري على سواه ممن يموت الموت العادي.

إن إحياء أسبوع الشهيد أَيْـضاً هو تكريم أسر الشهداء أولاً، وتذكير المجتمع ثانياً بما ينبغي له حمله تجاه هذه الأسر من تقدير وإعزاز وامتنان تستحقه ليس إلا؛ فلا أجر يمكن أن تناله تلك الأسر الكريمة من أحد؛ لأَنَّ أجرها عند الله عز وجل، وهنا نتذكر قوله تعالى: (يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ)، كذلك الشهيد حين يخرج يتحَرّك وهو مستعد للبذل والتضحية والفداء حتى بحياته، لا يخرج في سبيل أجر مادي أَو معنوي من أحد، فهو يعلم ويطلب الأجر من الله قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).

المودة في القربى هي أقل ما يمكن أن يقدمه المجتمع للشهيد كما قدمه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وما بقاء دين الله واستمراريته وعزته وكرامته وشرف المؤمنين والأمة إلا ثمرة تضحية وفداء الأنبياء والشهداء، فعليهم صلوات الله وسلامه ما بقيت الدنيا وما بعدها، ونسأل الله أن يلحقنا بهم أجمعين.

لقد أتت التضحيات في ظل أحداث جسيمة ومعركة تاريخية عظيمة يختبر فيها إيمان أُمَّـة بأسرها وهي معركة “طُـوفان الأقصى” الكبرى التي سقط فيها وما زال يسقط آلاف الشهداء في فلسطين، في الوقت الذي يقبع فيه جبناء الأُمَّــة ومنافقوها في خنوع وذلة، بينما نحن اليمنيون نحمد الله على مواقف الإيمان والثبات والقوة والعزة التي أعلناها إلى جانب إخوتنا وأهلنا في فلسطين بالقلوب والألسنة والأقلام والسلاح، وكله بفضل الله علينا وبفضل قيادتنا القرآنية التي منّ الله بها علينا وعلى رأسها سيدي ومولاي عبدالملك بدر الدين الحوثي، أيده الله وحفظه، ثم بفضل جيشنا الباسل، ثم بتأييد وثبات أحرار وشرفاء شعبنا، وكما قال أحد الفلسطينيين: إن قضية القدس لم تعد قضية الفلسطينيين فقط بل أصبحت قضية اليمنيين وهي كذلك، فمسيرتنا وقضيتنا ومعركتنا منذ سطوع شمس المسيرة القرآنية العظيمة هدفها تحرير الأُمَّــة من طاغوت متجبر يتخذ من أرض المقدس عاصمة له يحكم العالم منها.

الحرب الغاشمة التي شنت ولا زالت ضد شعبنا منذ سنوات، الحصار الذي يعانيه شعبنا لم يأتِ إلَّا لإثنائه عن مواقفه الإيمانية والإنسانية، وخوفاً مما تحقّق فعلاً وهو تحقّق وعد الله وتحرير فلسطين من ذلك الطاغوت التاريخي الأكبر المسمى “إسرائيل” والذي مكر هو ومكر الله فانقلب عليه مكره وكيده واستعجل زواله، وكما تحقّق نصر الله لشعبنا فكذلك اقترب الفتح، فسلام على الشهداء في سبيل الله في اليمن وفي فلسطين وفي أي مكان في العالم، الذين قدموا أرواحهم جسوراً تعبر عليها الأُمَّــة نحو النصر والخلاص.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com