ناشطون ثقافيون لصحيفة “المسيرة”: تضحياتُ الشهداء أثمرت مواقفَ مشرِّفةً في مواجهة أعداء الأُمَّــة والإنسانية

 

المسيرة | أيمن قائد

تُعتبَرُ الذِّكرَى السنويةُ للشهيد محطةً تعبويةً هَامَّةً، من خلال استذكار تضحيات الشهداء ومواقفهم البطولية في سبيل الله وفي طريق التحرّر من الخوف وقيود التبعية والاستعباد، لا سِـيَّـما أن الأمّةَ اليوم تعيشُ في حالة من الخضوع والاستسلام للاستكبار العالمي المتمثل في أعداء البشرية أمريكا وإسرائيل عدا القليل منها.

ويرى الكثيرون أن ذكرى الشهداء تعطي دروساً قيمة تعزز حالة القوة والموقف خلال الرجوع إلى القضية التي ضحى؛ مِن أجلِها الشهيد وقدَّم أغلى ما يمتلكه لدفع الشر والمخاطر المحدقة بالمجتمع البشري.

فيما يؤكّـد الناشطون والثقافيون أن “إحيَـاء ذكرى أسبوع الشهيد في كُـلّ عام له الأثر الكبير في إحيَـاء روح الجهاد والاستشهاد بين أبناء الأُمَّــة العربية الإسلامية، والتي تعاني معاناةً كبيرةً؛ نتيجة المؤامرات المُستمرّة من جهة أعداء الله والمتمثل في يومنا الحاضر باللوبي الصهيوني ورأس الشر الأمريكي”.

حيث يعتبر الناشط الثقافي عبد الخالق براش، الذكرى السنوية للشهيد ثقافةَ وفاء وعزٍّ أبدي وذكرى عزيزةً على قلوب الجميع، مُشيراً إلى أن “الشعبَ اليمني ينتظر هذه المناسبة بكل شوق ولهفة تعظيماً وإعزازاً وإكباراً للشهداء العظماء، من قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الله تعالى؛ وإدراكاً لأهميّة الشهادة وأثرها الروحي والمعنوي على النفوس وفي واقعهم في حياتهم”.

ويقول براش: “إنَّ ما يتحقّق من نتائجَ وثمار عظيمة للناس في حياتهم من العزة والكرامة والحرية والاستقلال والتحرّر من قيود الذل والاستعباد والخوف، كُـلّ ذلك من خلال عطاء الشهداء والتمسك بثقافة الجهاد والاستعداد للتضحية في سبيل الله”، موضحًا أن “هذا ما يحصل من ثمار ثقافة الجهاد والاستشهاد في الدنيا إضافةً إلى الفوز برضا الله وجنته في الآخرة”.

ويضيف أن “أهميّة هذه الذكرى العظيمة تكمن فيما تتركه من أثر روحي ومعنوي في النفس والشعور بالعزة والكرامة والتحرّر من قيود الخوف وذل الاستعباد في واقع الحياة وفيما يكتبه الله للأُمَّـة المضحية والتي قدمت الشهداء، وما للشهادة من فضل ومنزلة عظيمة عند الله تعالى”.

 

تجديدُ العهد:

بدوره يتلو الناشط الثقافي أبو مالك السراجي، قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، مؤكّـداً بالقول: “إن إحيَـاء ذكرى أسبوع الشهيد في كُـلّ عام له الأثر الكبير في إحيَـاء روح الجهاد والاستشهاد بين أبناء الأُمَّــة العربية الإسلامية والتي تعاني معاناة كبيرة نتيجة المؤامرات المُستمرّة من جهة أعداء الله، الذين حذرنا الله سبحانه وتعالى منهم في كتابه الكريم وعلى رأسهم أئمة الكفر اليهود والنصارى، والمتمثل في هذا الزمان أمريكا وإسرائيل واللوبي الصهيوني ومن يدور في فلكهم من الغرب الكافر والمنافقين من الأنظمة العميلة ومن على شاكلتهم، وهم الذين يسعَون جاهدين بكل ما يستطيعون لمحاربة الإسلام المحمدي الأصيل؛ بما يمثله من قيمٍ وأخلاقٍ ومواقفَ وحلولٍ لكل مشاكل الأُمَّــة والبشرية جمعاء في كُـلّ جوانب الحياة”.

ويشير السراجي إلى دور الشهداء العظماء من أبناء الأُمَّــة في مواجهة هذا التهديد الخطير على مستقبل البشرية في الدنيا والآخرة، وفي الدفاع عن الإسلام العظيم في قيمه وأخلاقه وكذلك الدفاع عن كرامة الإنسان والذود عن الأرض والعرض والشرف.

ويلفت إلى أن “المجاهدين في سبيل الله هم الأمل بعد الله تعالى لإنقاذ البشرية من شر أُولئك المجرمين والبغاة المعتدين؛ فكان ثباتهم وصمودهم واستبسالهم وتضحيتهم بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله هو أسمى وأرقى وأعظم مراتب الإحسان للبشرية كلها”.

ويقول الناشط السراجي: “عندما نحيي مثل هذه الذكرى العظيمة في كُـلّ عام هو إنما لنجدد العهد لصناع النصر وحماة الديار وأنصار الإسلام من شهدائنا العظماء بأننا لن نتخلى عن نهجهم القويم، وأهدافهم النبيلة في تحرير الإنسان من سطوة وجبروت الطغاة والمستكبرين، ولن نفرط في دمائهم وتضحياتهم، ولن نقبل بالذل والهوان والخزي والعار، بعد أن قد رسموا لنا طريقَ العزة والكرامة والبناء بدمائهم الطاهرة الزكية، وكذلك لن نفرط في المكتسبات الكبيرة التي وصلنا إليها ببركة جهادهم وتضحياتهم، وهي أننا أصبحنا أُمَّـة عظيمة يحسب لها الأعداء ألف حساب، وهي قدمت فيما مضى وتقدم اليوم وكلّ يوم الشاهد الحي والحجة الناصعة على عظمة دين الله تعالى في بناء الأُمَّــة في كُـلّ مجالات الحياة وبالأخص في مواجهة الأعداء مهما كانت مؤامراتهم وجبروتهم”.

أما فيما يتعلق بالدلالات الهامة في إحيَـاء الذكرى السنوية للشهيد يوضح الناشط السراجي أن “لها دلالات كثيرة ومنها أولاً لترسيخ المفهوم الصحيح للشهادة ودورها في إحيَـاء هذه الأُمَّــة، ثانياً: تعتبر مناسبة لاستذكار الشهداء وتمجيِّدًا لعطائهم وتقديراً لتضحياتهم، ثالثاً: هي مناسبة نتذكر فيها ما وصلنا إليه من عزة وشموخ ومواقف مشرفة في مواجهة كُـلّ التحديات، وبالأخص (قضية فلسطين والمسجد الأقصى الشريف) والتي لولا صمود وتضحيات شهدائنا الأبرار لما كنا كذلك، رابِعاً: نعتبر هذه المناسبة مناسبة مقدسة لقدسية المشروع الذي ضحوا بأنفسهم؛ مِن أجلِه بما يمثله من قيم وأخلاق ومواقفَ مشرِّفة؛ ولأنه الموقف الذي يريده الله تعالى منا في كتابه الكريم، خامساً: هي مناسبة عظيمة نستذكر فيها حجم المسؤولية الملقاة على عواتقنا في الوفاء لتضحيات الشهداء والثبات على مواصلة السير في دربهم حتى نلقى الله تعالى ووجوهنا مبيضة ورؤوسنا مرفوعة، وسادساً: من أهم ما يجب علينا أن نتذكره في هذه المناسبة هي مسؤولياتنا تجاه أسر الشهداء وذلك في الاهتمام بهم وتوفير حاجاتهم وتربية أبنائهم والرفع من قدرهم وشأنهم واحتساب كُـلّ ذلك عند الله سبحانه وتعالى، القائل في كتابه الكريم: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُم، سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} صدق الله العظيم”.

أما الدكتور يوسف الحاضري فيضيف قائلاً: “عندما يأمُرُنا الله بأن تكون صلاتُنا ونُسُكُنا وحياتنا ومماتنا له لا شريك له فهذا يعني أن هناك صلاةً ونسكًا ومحيا ومماتًا لغير الله”، مؤكّـداً أن “في الذكرى السنوية للشهيد علينا أن نعيَ أن هؤلاء الشهداء ممن استجاب لله عز وجل وتحَرّكوا في سبيله فجاءت نتائج تحَرّكهم حرية وعزة وكرامة للشعب اليمني كاملاً، وهو أصبح عند الله من المصطفين الأخيار الأحياء، فنال الحياة لإحيائنا، عوضاً عن أن تضحياتهم لم تقتصر على المستوى الداخلي بل تجاوز حدود اليمن لنصرة المظلومين والمستضعَفين في فلسطين فأصبح استبشارهم بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم سعادة تضاف لسعادة الحياة التي يعيشونها الآن”.

ويقول الحاضري: “إن علينا أن نجسِّدَ هذه الدروس العظيمة التي جاءت من عمق القرآن الكريم؛ أي من الله عز وجل، فليس هناك سنن وقوانين أحكم وأقوم من سنن الله وقوانينه”.

 

الشهداءُ صُنَّاع النصر:

من جهته يقول الناشط الثقافي مهدي حمود النجار: “الحمد لله الذي وفقنا أن نحيي ذكرى الأحياء عند الله سبحانه وتعالى، وهم الشهداء وصدق الله القائل: (وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ، بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ)، والقائل: (ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)”، مُضيفاً أن “إحيَـاءنا لذكر الشهداء تبعث الحياة في واقعنا النفسي والعملي وتشدنا إلى الله وإلى كتابه وإلى أعلام الهدى؛ فهم صناع النصر والتمكين والخير للأُمَّـة وهم القادة والقُدوة”.

ويشير النجار إلى شهداء القضية العادلة الذين قضوا نحبَهم في طريقِ الله المتمثل بالقرآن الكريم كمنهجية حياة أخلاق وقيم ومبادئ ومعاملة ومواقف في أُمَّـة واحدة وتحت قيادة واحدة، القيادة التي هي امتداد لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وولاية أمير المؤمنين علي -عليه السلام- وآل بيت النبي الطاهرين، لافتاً إلى أن “الشهداء كان هدفهم وغايتهم من البذل والتضحية والفداء هي إقامة دين الله وإعلاء كلمته ومواجهة أعدائه؛ لذلك تضحياتهم تثمر نصراً وعزاً وتمكيناً، وأن أكبر دليل على ذلك هي المسيرة القرآنية وتضحياتها اليوم، والتي نرى مواقفها المشرفة ضد أعداء الأُمَّــة والإنسانية أمريكا وإسرائيل”.

 

محطة تربوية:

من جانبه يعتبر الناشِطُ الثقافي طلال الغادر، الذكرى السنويةَ للشهيد محطة تربوية معنوية لكل من يستغل هذه المناسبة ويتفاعل معها وبرامجها المتنوعة، والتي تشمل الفعاليات والندوات والمحاضرات ومعارض الشهداء وزيارة روضات الشهداء وزيارة أسر وذوي الشهداء، إضافة إلى دراسة كلمة القائد المولى للمناسبة دراسة تحليلية، مبينًا أن “كُـلّ هذه المحطات تعطي الإنسان جرعة معنوية بكل ما تعني الكلمة لا سِـيَّـما حينما نتذكر الشهداء العظماء كيف كانت روحيتهم، كيف كان ذوبانهم في الله وإخلاصهم، ومواقفهم العظيمة التي قدموها، الواقع الذي فرضوه وفرضته تضحياتهم، وانكسار وتقهقر المشاريع التآمرية والاستعمارية والإجرامية؛ باعتبارها الباعثَ لتحَرّك الشهداء وكانت قضيتهم التي تحَرّكوا؛ مِن أجلِها، وأن استشهادهم كان أبرز مصاديق بيع النفس من الله”.

ويرى الغادر أن “تذكر الإنسان لكل ما سبق يترك أثراً في النفس وفرصة لفتح صفحة جديدة مع الله سبحانه وتعالى، وتقييم الواقع العملي في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى، وفي البرنامج الذي يصلنا بالله سبحانه وتعالى (برنامج رجال الله)”، مُضيفاً أن ذلك يقيم أَيْـضاً مدى ارتباطنا بالقضية التي حملوها وبذلوا دمائهم؛ مِن أجلِها، ويقيم أدائنا لمسؤولياتنا وواجبنا، وكذلك إلى مدى اهتمامنا بأسر وذوي الشهداء على مدار العام، وتقييم ارتقائنا في ذلك كله من عدمه، وبناءً على ذلك تصحيح وترميم وإعادة ترتيب الأولويات وفتح صفحة جديدة بإذن الله أعلاها وعنوانها القضية التي تحَرّك لأجلها الشهداء”.

كما يواصل حديثه قائلاً: “إذَا كان شهر رمضان المبارك محطة تربوية للتزود من التقوى والارتباط بالله سبحانه وتعالى؛ فَــإنَّ للذكرى السنوية للشهيد أهميّة تعد محطة للتزود وللتعبئة المعنوية الروحية تكمن، أهميتها بقدر حجم المتحولات والمتغيرات الإقليمية والدولية والتي تقتضي المرحلة وترسم لنا برنامجًا عمليًّا ومهامًّا بقدر كُـلّ تلك التحولات؛ باعتبارها بمثابة الوقود والدينامو المحرك لكل من ينتظر ولم يبدلوا تبديلاً”، مردفاً أنه “بدون ثقافة التضحية ومآثر الشهداء أكاد أجزم باستحالة مواصلة الطريق في هذه المرحلة”، مُشيراً إلى قول الله تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com