ذاكرة العدوان.. 6 مايو خلال 9سنوات: 50 شهيداً و9 جرحى في استهداف مباشر لمنازل المواطنين بمحافظة صعدة

المسيرة – منصور البكالي:

في مثل هذا اليوم خلال عامَي 2015م، و2018م، كثّـف طيران العدوان من غاراته على منازل المواطنين، مستهدفاً المنشآت الخدمية، والبنى التحتية والأسواق، والمحال التجارية، والمزارع والممتلكات الخَاصَّة، والمسافرين على قارعة الطريق في محافظة صعدة ومديرياتها الحدودية.

وفيما يلي أبرز تفاصيل جرائم العدوان الوحشية في مثل هذا اليوم:

 

6 مايو 2015.. 36 شهيداً وجريحاً في قصف على منزل مواطن بصعدة:

في مثل هذا اليوم 6 مايو أيار من العام 2015م، ارتكب العدوان السعوديّ الأمريكي جريمة إبادة جماعية ومجزرة وحشية يندى لها جبين الإنسانية بحق أسرة المواطن عبدالله الإبي، بعدد من الغارات الجوية، على منزله بالحي الثقافي بمدينة صعدة.

أسرة الإبي التي كانت تعيش تحت سقف واحد في ليلة من لياليها حولها العدوان إلى جثث مختلطة بالدمار والحجارة والحديد والنار، وإلى قطع وأشلاء متناثرة ومتطايرة في جو الحي المتفجر بصواريخ غارات غادرة، ألقتها طائرات العدوّ في وقت النوم على سقف منزل لمواطن يمني، قرّر الأعداء إبادتهم وقتلهم بهذه الطريقة الشنيعة.

27 شهيداً و9 جرحى ليسوا نتيجة حريق نشب في حي تجاري، أَو خلل فني في محطة قطار أَدَّى إلى خروجه عن المسار، أَو ما إلى ذلك، بل كُـلّ هؤلاء من عائلة واحدة، بأطفالها ونسائها ورجالها وشبابها وكبارها وصغارها، ألقت غارات العدوان حمم حقدها على رؤوسهم في لحظة لم يكونوا يتوقعونها، ولا يمكن أن تخطر لهم على بال.

مشاهد المجزرة الوحشية والمسعفين فوق الأنقاض ينتشلون جثة لأُمٍّ بصدرها جثة أُخرى معلقة لمولودها الصغير، جريمة يهتز لها الوجدان الإنساني، وتهيج على إثرها المشاعر الإنسانية الفياضة بالعطف والرحمة والحنان.

المشاهد أظهرت صوراً جسدت الجرم السعوديّ الأمريكي.. فعلى يمين أحد المنقذين ثلاثة يصرخون من تحت الأنقاض، وكلٌّ منهم يمد يده، وعلى شماله أربعة، أَو يزيدون، وهم كذلك يستصرخون قائلين: “أنقِذُونا، ارفعوا الحجار والدمار من فوق أجسادنا، فيما خلف المنقذ ذاته امرأة عجوز تلفظ أنفاسها الأخيرة، وإصبعها يؤدي طقوس الشهادتين، وعلى مقرُبةٍ منها امرأة فقدت الحياة، وطفلها الرضيع لا يزال يصرخ من شدة الألم.. إنها مشاهد مهولة تشيب منها رؤوس الولدان.

يواصل المنقذون رفع الأنقاض والشظايا من فوق الجثث والجرحى وانتشال الأطفال والنساء أولاً، ومن بقي على قيد الحياة ثانياً، وتمضي الدقائق والساعات وهنا شاب عالق تحت الأنقاض لا يظهر منه غير رأسه وذراعه، كان يطلب من المنقذين الذين حاولوا سحبه، فلم يقدروا على ذلك، البدء بالبحث عن جثة أمه وأبيه، وأخيه وأخته الصغار الرضع، تحت دمار الغرفة الشرقية من بقايا المنزل المدمّـر.

الشاب نفسه، وبعد أكثر من ساعة من نزيف الدم، من الجزء السفلي من جسده العالق بصبيات الدمار العملاقة التي وقعت عليه، يفقد القدرة على الحركة، والنطق، والمنقذون يتجمعون من حوله لسحب ما ظهر من جسده، لكن دون جدوى، هو الآخر يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو لا يزال عالقاً في الدمار.

تصل جرافة “شيول” للمشاركة في رفع الأنقاض، فتحَرّك في رأس رافعتها جزءاً من جثة رجل، وفي المرة الثانية، تظهر في ملعقتها جثة طفل، متمسك بذراع أمه، العالقة تحت الدمار أَيْـضاً.

تزداد وحشية الجريمة كلما رفع المسعفون والمنقذون جثة وجثة وأُخرى، ورصت الصفوف لأسرة واحدة من الجثث المتقاربة في الأعمار، المتشابهة في الصور والملامح والأشكال، كانت قبل لحظات وساعات عامرة تنبض بالحياة.

كلما اقترب الأهالي من رفع أكبر قدر من الدمار ظهرت جثث أكثر فارقت الحياة قبل لحظات من عدم قدرتهم الوصول إليها، فهذه جثة الأم بجوارها جثة طفلها الرضيع، وجثث إخوته في عمر الزهور، كما هنا جثة الأب، بجوارها جثث الأبناء أطفال وشباب ومراهقين، كانت أحلامهم في الحياة نهار تلك الليلة، لا وصف ولا حدود لها، هذا أَو ذاك في الصفوف الأَسَاسية وآخر في الإعدادية أَو الثانوية وذاك في الجامعة، وآخر انتهى من عمله وعاد ليخلد إلى النوم، فكان خلوده إلى الموت تحت الدمار والنار للأبد.

في المستشفى أحد الناجين يروي للعالم تفاصيل الواقعة المؤلمة على قلبه من جوار جثامين أهله قائلاً وهو يشير بيده إلى الجثث: “هؤلاء 3 أطفال عيال أخي، وهذه خالتي زوجة أبي، وهذه أختي، وهذا أخي وهذه زوجة أخي، وتلك أمي، وذاك أخي من أبي، وآخر ابن خالتي، تطلع الغصة وتنهمر الدموع على خده، وبصوت متلعثم يقول: “كلنا من أسرة واحدة، كنا نتناول وجبة العشاء، وما سمعنا إلى الضرب، على منزلنا ونحن في أمان الله”.

ويتابع الناجي من هذه الأسرة “عاد باقي أربع بناتي وزوجتي و4 من عيال إخواني حوالي 10 تحت الأنقاض”.. إنها جريمة إبادة جماعية لأسرة واحدة كانت تسكن تحت سقف واحد، فأحالها العدوان بغاراته إلى مقبرة جماعية.

تزداد المأساة في مشاهد نقل الجثامين إلى مثواهم الأخير في أحد روضات الشهداء بمحافظة صعدة والنعوش تتوالى نعشاً تلو آخر، وترص على أرض المقبرة جثة جوار جثة بأكفانها البيضاء، قبل وضعها في اللحود، لتنقل للعالم صورة جسدت وحشية العدوان وتماديه في قتل الأنفس البشرية دون سبب، والمعنى الحقيقي لمن يسعون في الأرض فساداً ويهلكون الحرث والنسل.

أسفرت غارات العدوان على منزل المواطن عبدالله الإبي بمدينة صعدة عن 27 شهيداً و9 جرحى من أسرة واحدة، بينهم أطفال ونساء، كانوا يتناولون وجبة العشاء، وتم تدمير المنزل بالكامل وتضرر عدد من المنازل المجاورة، وحالة خوف وهلع ورعب غير مسبوقة في المدينة، التي عاشت ليلة مشؤومة، وجريمة إبادة جماعية لم تضع للقوانين والشرائع السماوية والإنسانية والحقوقية المتفق عليها أي اعتبار.

 

6 ما يو 2015.. 8 شهداء في غارة على منزل بصعدة:

وفي اليوم ذاته من العام 2015م، استهدف طيران العدوان منزل المواطن “محمد الهبي” بمنطقة الضميد بمديرية سحار في المحافظة ذاتها، بعدد من الغارات.

أسفرت غارات العدوان عن 8 شهداء في جريمة إبادة جماعية، حَيثُ حولت غارات العدوان حياة أسرة المواطن “محمد الهبي”، من الأمن في جوها الأسري المستقر إلى قيامة الانفجارات وهول الدمار والموت الجماعي تحت سقف منزلها.

مشاهد الدمار على أسرة الهبي الساعة الثانية والنصف آخر الليل، واستشهاد كامل أفراد الأسرة، يعكس مستوى الإجرام والتوحش السعوديّ الأمريكي، وتواطؤ المجتمع الدولي الصامت عن هذه الانتهاكات المتكرّرة للإنسانية في اليمن خلال 9 أعوام.

وفي اليوم ذاته استشهدت أسرة مكونة من 7 أشخاص منهم 4 أطفال، و3 نساء في منطقة كتاف بصعدة، جراء غارات العدوان السعوديّ الأمريكي على منازل المواطنين.

لم يكتف العدوان بالجرائم السابقة، بل واصل في مثل هذا اليوم استهداف منازل المواطنين في صعدة.

وفي اليوم ذاته 6 مايو أيار من العام 2015م، استهدف طيران العدوان الأمريكي السعوديّ أسرة المواطن يحيى العياشي، التي كانت بداخل المنزل، لتحوله إلى ركام، وتصعد أرواح النساء والأطفال إلى السماء كشهداء أبرياء قتلهم توحش آل سعود وهمجية البيت الأبيض.

حول طيران العدوان أجساد الأطفال إلى جثث متفحمة لا يكاد يظهر عليها معالم الأعضاء وملامح الوجه أَو الأطراف، بل كانت كتلة محترقة ذابت وتبخرت دخاناً يتصاعد إثر غارة حاقدة بصواريخ وقنابل حارقة متشظية فتاكة.

في كيس أخضر يحوي جثامين متفحمة بها امرأة وأطفالها وزوجها، عرفت المرأة بأثر ما بقي عليها من الذهب، فيما الأثر للرجل بسلاحه.

وتتواصل جرائم العدوان الغاشم على محافظة صعدة، وفي مثل هذا اليوم 6 مايو أيار من العام 2015م، نفذت طائرات العدوان عدة غارات استهدفت أسرة على سيارة كانت تقلهم في زيارة عزاء من مدينة منبه إلى مدينة ضحيان، وحوَّلتهم إلى كتل فحم محترقة.

يظهر المشهد أخو أحمد شريف وهو يروي القصة بحرقة ودموع وغصة قائلاً: “هذه جثة زيد يحيى حتحت شريف، وهذه جثة والده وأُخرى جثة عمه”.

المشاهد تقشعر لها الأبدان وتنصدم من هولها عقول البشر وتنهد على بشاعتها الجبال.. إنه الإجرام السعوديّ الأمريكي بحق الإنسانية في اليمن.

وأسفرت الغارة عن استشهاد 4 بينهم امرأة وطفل من أسرة واحدة كانوا في طريقهم لأداء واجب العزاء في وفاة أم زوجة أحمد حتحت شريف، واحتراق السيارة، وحالة من الفزع والخوف في قلوب الأهالي والأقرباء، وتحول السير في طريق العزاء إلى مأتم آخر جدده طيران العدوان بطريقته الإجرامية.

 

6 مايو 2015.. استهداف الأسواق والطرقات بصعدة:

وفي اليوم ذاته 6 مايو أيار من العام 2015م، استهدف العدوان السعوديّ الأمريكي المنشآت الخدمية والبنية التحتية والأسواق في مدينه صعدة بخمس غارات.

هنا سوق شعبيّة لم يعد بداخلها أحد في وقت متأخر من الليل استهدفها طيران العدوان، وهناك مدرسة خالية من الطلاب ليلاً، وعدد من المحال التجارية التي دمّـرت ودمّـر ما بداخلها.

أسفرت غارات العدوان عن تدمير شبه كلي لأحد المدارس، وشبكة الاتصالات، وسوق تجاري، وعدد من المحال التجارية، والشوارع العامة، وتضرر العديد من المنازل، وخلق حالة من الرعب والخوف بين نفوس الأطفال والنساء، وإتلاف عدد من المركبات والسيارات والشاحنات ووسائل النقل الخَاصَّة بالمواطنين.

 

6 مايو 2018.. استهداف غارات العدوان لمنازل المواطنين بصعدة:

وفي العام 2018م، من اليوم ذاته 6 مايو أيار استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي منازل المواطنين في منطقة قهر التجار بمديرية باقم الحدودية.

أسفرت غارات العدوان عن أضرار كبيرة في منازل ومزارع المواطنين، وحالة من الخوف والهلع في نفوس الأطفال والنساء، في مشهد يعكس استهداف العدوّ لكل مظاهر الحياة والبقاء، في محافظة صعدة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com