سفنُ العدوّ تلجأُ إلى الإبحار حول أفريقيا: طوفان يمني يضربُ حركةَ الشحن “الإسرائيلية”

شركة “زيم” الصهيونيةُ تعلنُ تحويلَ مسار سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر وباب المندب

صحيفةُ “غلوبس” الاقتصادية: ما يجري يمثِّلُ “ضربةً للتجارة بين إسرائيل وآسيا”

ارتفاعُ أسعار الشحن إلى أشدود بنسبة 14 % وتأخيراتٌ كبيرةٌ في وصول السلع والبضائع

خبراءُ صهاينة: الشراكةُ بين رجال الأعمال اليهود وشركات الشحن الأجنبية أصبحت مهدَّدة

 

المسيرة | متابعة خَاصَّة

تواصَلَ تصاعُـــدُ تداعياتِ المعادلة العسكرية التأريخية التي فرضتها القواتُ المسلحة في البحرِ الأحمر وبابِ المندب على حركةِ التجارة الصهيونية، حَيثُ أعلنت واحدةٌ من أكبر شركات الشحن التابعة للعدو تغيير مسار سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر، فيما كشفت وسائل إعلام “إسرائيلية” أن كيان الاحتلال أصبح يواجه مشاكلَ كبيرة فيما يتعلق بالملاحة ووصول السلع والبضائع؛ نظرًا للتهديد اليمني على سفنه.

وأعلنت شركة “ZIM” الإسرائيلية للشحن، مساء الاثنين، رسميًّا، إعادةَ توجيه بعض سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر والبحر العربي، وذلك “في ضوء التهديد للعبور الآمن للتجارة في المنطقة”.

الشركة التي تعتبر واحدةً من كبريات شركات الشحن الصهيونية ولها ارتباطات وثيقة مع قيادات كيان الاحتلال وجيشه، قالت إن قرارها سيؤدّي إلى “إطالة فترات العبور على الرغم من بذل كُـلّ جهد ممكن لتقليل الاضطرابات”.

وجاء هذا القرارُ بعد يومَينِ من تحذير مبطَّن نشره المتحدِّثُ باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، حَيثُ كتب على حساباته الرسمية اسم الشركة (ZIM) بدون أية تفاصيل، الأمر الذي اعتبره مراقبون رسالةَ إنذار للشركة الصهيونية بأن سُفُنَها ستكون في دائرة الاستهداف إذَا مَرَّت في البحر الأحمر أَو باب المندب.

وحاولت الشركة أن تخفيَ تفاصيلَ السبب الحقيقي لقرارها، لكن صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية قالت: إنَّ “قرار ZIM تم اتِّخاذه بعد مشاورات مكثّـفة أجرتها إدارة شركة الشحن مع كبار مسؤولي الدفاع الإسرائيليين في أعقاب الهجمات الأخيرة على السفن المملوكة لإسرائيل”.

وكما حاولت ZIM أن تخفيَ التفاصيلَ حول “فترات العبور الأطول”، لكن الصحيفة نقلت عن خطوط الشحن الدولية الأُخرى أن “المسار الأطول قد يضيف 18 يوماً للإبحار”.

ونقلت الصحيفةُ عن مصادرَ في صناعة الشحن أن “إعادة التوجيه سترفع بشكل كبير تكاليف الشحن وسيكون هناك أَيْـضاً ارتفاع حاد في أقساط مخاطر الحرب التي تفرضها شركات التأمين” مشيرة إلى أن ذلك سيرفع أسعار السلع المستوردة من آسيا في الربع الأول من العام القادم.

وكانت شركة “زيم” أعلنت في الثامن من أُكتوبر وبعد يوم من انطلاق عملية “طُـوفان الأقصى”، أنها “ستقوم بوضع سفنها وبنيتها التحتية لصالح الاحتياجات الوطنية لدولة إسرائيل” وأنه “سيتم توجيه سفن الشركة، كأولوية أولى، لنقل البضائع من أي مكان في العالم إلى إسرائيل وفقًا لمتطلبات واحتياجات وزارة الدفاع وحكومة إسرائيل”، وهو ما يعني أن اليمن قد وجهت ضربة كبيرة للكيان الصهيوني من خلال إعاقة عمل هذه الشركة التي يبدو بوضوح أنه كان يعتمد عليها لنقل احتياجاته حتى على المستوى العسكري.

وانخفضت أسهم شركة “زيم” هذا الأسبوع بشكل غير مسبوق منذ عدة سنوات، بحسب بيانات اقتصادية.

وفي السياق نفسه أَيْـضاً، نشرت صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية تقريرًا أكّـدت فيه أن مختلف شركات الشحن التابعة للعدو الصهيوني بدأت تتجهُ نحو الإبحار حول أفريقيا؛ لتجنب التهديد اليمني في البحر الأحمر وباب المندب.

وقال التقرير: إن “التهديد الذي تتعرض له السفن المملوكة لإسرائيل والممرات الملاحية في البحر الأحمر ليس مُجَـرّد تهديد فارغ” مشيرة إلى أن السفن التي لها علاقة مع رجال الأعمال “الإسرائيليين” قد باتت تتعرض للهجمات بالفعل.

وأضافت الصحيفة أن التهديد لا يقتصر على السفن “الإسرائيلية” بل يؤثر أَيْـضاً على “قابلية استمرار أيو شراكة بين اليهود أينما كانوا وشركات الشحن غير الإسرائيلية”.

ونقلت الصحيفة عن يهوذا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في سوق الشحن “الإسرائيلي” عبر الإنترنت (فريتوس Freightos) وهي منصة رقمية تقوم بإدارة عمليات الشحن البري والجوي والبحري ومقارنة الأسعار في الوقت الفعلي، قوله إن التهديد الذي تواجهه السفن الصهيونية “يؤثر بالفعل على جميع البضائع التي تصل إلى إسرائيل من الصين وتهبط في ميناء أشدود، والتي بدأت أسعارها في الارتفاع في الأسابيع القليلة الماضية”.

وَأَضَـافَ ليفين أن حركة الملاحة البحرية في الموانئ الإسرائيلية تشهد “تأخيرات أكبر من المعتاد” مُشيراً إلى أن “شركة الشحن MSC أبلغت عن اختناقات مرورية عند مدخل ميناء أشدود، كما قامت شركة Evergreen Line بتحويل السفن إلى حيفا”.

ونقل التقرير عن “فريتوس” أن “سعر الشحن لأية حاوية من الصين إلى ميناء أشدود قد ارتفع بنسبة تصل إلى 14 %”.

وقال ليفين: إن هناك “ضربة للتجارة بين إسرائيل وآسيا” موضحًا أن “السفن الأُخرى المملوكة لشركة راي شيبينغ (الشركة المالكة لسفينة غالاكسي ليدر التي استولت عليها القوات المسلحة) ابتعدت عن مضيق باب المندب؛ لتجنب الهجمات”.

وَأَضَـافَ أنّ “السفينة Glovis Star التابعة للشركة كانت قد دخلت البحر الأحمر عبر قناة السويس في طريقها إلى الصين، لكنها عادت أدراجها بعد الهجوم على سفينة غالاكسي ليدر، ودخلت القناة مرة أُخرى، ورست هناك”.

وَأَضَـافَ أنه “في نفس الأسطول كانت هناك حاملة السيارات هيرميس ليدر، تقف بالقرب من الساحل اليمني وقت الهجوم، ثم عادت أَيْـضاً شمالًا في البحر الأحمر، فيما اضطرت سفينتان أُخْرَيَان على الأقل لهما ارتباطات إسرائيلية إلى تغيير مساراتهما منذ الاحتجاز”.

وأكّـد ليفين أن “العديد من السفن التي لها روابط مع إسرائيل اضطرت؛ بسَببِ الظروف الحالية إلى الإبحار حول أفريقيا، أَو التخطيط للقيام بذلك، بدلاً عن المرور عبر البحر الأحمر، وهو طريق يمكن أن يطيل الرحلة لمدة أسبوعين ويزيد بشكل كبير من تكلفتها”.

وأوضح أن: “السفن الإسرائيلية، أَو الإسرائيلية جزئياً، تقوم بتعزيز الفرق الأمنية التي تحملها؛ مما يزيد من التكاليف” مُشيراً إلى أن “شركة زيم أعلنت أنها سترفع العلاوة المرتفعة على كُـلّ حاوية بأكثرَ من 100 دولار. ويمكن الافتراضُ أن هذه الخطوة أَدَّت بالفعل إلى ارتفاع أسعار شحن الحاويات على خطوط الشحن الدولية المؤدية إلى الموانئ الإسرائيلية”.

وَأَضَـافَ أن “محاولاتِ الابتعاد عن الساحل اليمني في مضيق باب المندب محكومٌ عليها بالفشل؛ لأَنَّ الحوثيين يمتلكون قدراتٍ بحريةً متقدمة، بما في ذلك أسطول طائرات الهليكوبتر وقوات كوماندوز بحرية” مُشيراً إلى أن الاستعانةَ بما يسمى القوات الدولية لمكافحة القرصنة لن يجديَ؛ لأَنَّها لن تتدخلَ؛ نظرًا لكون المسألة مسألةُ صراع سياسي، حسب تعبيره.

وكانت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية قد كشفت قبل أَيَّـام في تقرير أن عمليةَ الاستيلاء على سفينة “غالاكسي ليدر” سبّبت ارتفاعَ أقساط التأمين على السفن “الإسرائيلية” وجعلت شركاتِ ووُسطاءَ الشحن يتجنبون التعامل مع أية سفينة لها ملكية “إسرائيلية” أَو مرتبطة برجال الأعمال الصهاينة.

وتمثل هذه التأثيراتُ التي بات الإعلامُ الصهيوني والدولي يتحدث عنها بوضوح ضربةً كُبرى للاقتصاد الصهيوني ولحركته التجارية، وهي ضربةٌ يمكن أن تؤدي إلى المزيد من الخسائر في حال استمرار العدوان على غزة؛ لأَنَّ العملياتِ اليمنية -وبحسب التصريحات الرسمية- ستستمر حتى انتهاء العدوان.

كما أن آثارَ هذه الضربة اليمنية سترافقُ الكيانَ الصهيوني في المستقبل، حَيثُ سيكونُ عليه أن يتذكَّرَ دائماً أن اليمنَ يستطيعُ قتلَ حركته التجارية مجدَّدًا في أية لحظة، وبصورةٍ أكبرَ مما حدث.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com