القوى الإمبرياليةُ وَالنزعُ الأخير

 

نادر عبدالله الجرموزي

(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) من هذا الوعد الاستحقاقي من الله سبحانه وتعالى لأوليائه المؤمنين، الذين تمثلت فيهم جل أركان الإيمان الصادق، متوكلين على الله، واثقين بوعده “نصره” على أعداء دينه..

هنا تتحدث المشاهد وتترجم ذاك الوعد الإلهي، ويفرز فيها من أنعم الله عليه وهداه وأكرمه لأن يكون من ضمن أُولئك الرجال الصادقين “المؤمنين” الذين تحَرّكوا في سبيل نصرة دين الله ومنهاجه ضد أُولئك الطغاة المستكبرين من أهل الكتاب المغضوب عليهم والضالين..

لقد تلقت أمريكا (الشيطان الأكبر) صفعات تلو الصفعات -تاريخيًّا وحاضراً لا تزال ومستقبلاً بتأييد الله وعونه- جاهدةً في تحقيق وفرض مشروعها في الشرق الأوسط الذي لا تزال في غياهب من أمرها، وهو أن تجعل من الكيان المأزوم (إسرائيل) شأناً في المنطقة، بمعنى أن تكون قائدة وموجهة الشرق الأوسط، وأن تكون في مكانة تعلى ولا يعلى عليها، وهذا على الجانب الجيو سياسي، ويا فرحة ما تمت!

تحَرّكت ولا تزال أمريكا الملعونة في تغذية الصراعات وفرض وإدارة المشاريع التمزيقية والإضعافية لدول المنطقة، وبالأخص أحداث دول الربيع العربي، بمساندة ومؤازرة القوى الإمبريالية من دول الغرب الكافر، وَأَيْـضاً لا ننسى دول العهر والتطبيع من المحسوبين على الدول العربية الإسلامية، الذين هرولوا أذلاءً صاغرين استجابة لأوامر الأفعى الكبرى (أمريكا)..

أرادت وحلمت بذاك الحلم المجهض بجعل مدلَلَتها يدها وعصاها الغليظة في الشرق الأوسط، وهيأت الأجواء للدول الضالة بالمسارعة للتطبيع معها وترسيم المشروع الصهيوني بقوة في المنطقة، وحشدت جهودها وأرست القواعد الإسرائيلية في الجزر والخلجان لتكون تلك القوة المتحكمة والمتنفذة بالمنطقة وليكون لها حضورها، لتضمن قوة سيطرتها وفاعليتها..

جاءت الأحداث وتتالت، تصاعدت تباعاً، لقد صفعت وتلقنت دروساً في سوريا بشكل مباشر أَو غير مباشر، وقبلها في أفغانستان، صفعت في مؤامراتها الكيدية المتكرّرة مع جمهورية إيران لضرب الداخل وشق الصف والإخلال بالجبهة الأمنية، لبنان أَيْـضاً في مواجهة حزب الله وتصفية قاداته وحوادث الاغتيالات والتفجيرات، إلَّا أنهم كانوا بذاك العنفوان والصمود والمواجهة بكل قوة وصلف..

هزمت أمريكا في اليمن وما أدراك ما اليمن؟

منذ بداية الصدح وانبثاق النور المبين بشعار الصرخة، شعار الصرخة الذي جاء موقفاً تعبيرياً ويلازمه تحَرّكاً عمليًّا في مواجهة المشروع الأمريكي والإسرائيلي انتصاراً لدين الله ونصرةً للقضية الفلسطينية، التي تصدرت قائمة القضايا لأنصار الله واعتبروها (القضية المركزية)..

تحَرّكت أمريكا آنذاك -ولهذه اللحظات ما زالت في رمقها الأخير محاولة يائسة- بمساندة من النظام العميل وبتمويل ودعم خليجي لإسكات صوت الحق وإطفاء النور المبين، لقد أرعبهم الشعار وكان ولا يزال يعتبر حرباً نفسية للعدو، خاض رجال الله حروباً دامية في الحروب الست التي شنت على أنصار الله بتوجيه وتخطيط أمريكي بريطاني، جروا ترسانة مسلحة وجيش جرار على مجاميع من المؤمنين المجاهدين الصادقين بواقعية قضيتهم منتصرين لها..

استكبر النظام الهالك وأذعن في الإبادة والقصف والتدمير والقتل والحصار حتى انتهت رحى الحرب بارتقاء روح السيد القائد / حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، ولَكنها بأمر الله وغلبة لأمره ها هم أنصار الله بقيادة السيد المجاهد/ عبدالملك بن بدر الدين الحوثي (حماه الله وأعانه وأمكنه) منذ 9 سنين في مواجهة أمريكا وبريطانيا وأذيالهم من الغرب وأدواتهم الملعونين الذين تولوهم من العرب والمسلمين..

ها هم ينتصرون للمشروع القرآني المبارك..

ها هم يحرقون آلتهم الحديدية ويسحقون جيوشهم ويمزقون أوصالهم، وهم في مفارقة في موازين القوى للحرب، ولكنهم بسلاح الإيمان والوعي مواجهين منتصرين..

هنا بحديثنا أعلاه يتبلور أخيراً مضمون النزع الأخير للقوى الإمبريالية وآخرها هذه الأحداث على غزة ومواجهة محور الإيمان ضد محور الكفر والضلال، بطريقة مباشرة لدول قادة المحور للمقاومة، وهَـا هي أمريكا لا تستطيع تغطية سوءاتها بما حدث ويحدث، فقد تجلجلت الأحداث والوقائع، وعرف العالم مدى هشاشة ووهن تلك القوى الإمبريالية في أول مواجهة مباشرة لإسرائيل المهزومة من يومها الأول (الـ7 من أُكتوبر المبارك)..

بالرغم من جميع الدعم وفتح جل الخيارات العسكرية أمام إسرائيل بدعم أمريكي علني سياسي وعسكري ولوجستي وَو وَ، إلا أن ذاك الصوت الرفيع انخفض أمام رجال المقاومة اليوم، وذاك المتسلق والمتبجح من أعلى الشجرة، ها هو اليوم ينزل ويقرب صاغراً يجر أذيال خيبته وحسرته من كُـلّ خياراته الإبادية وجرائمه الدموية التي أراد بها أن تكون وسيلة لانعكاس صورة نصر لجيشه الكرتوني الهش..

أخيرًا.. نفتقرُ إلى الله تعالى بعظيم عونه ورعايته وتمكينه وتأييده لأوليائه الذين أمرنا الله بتوليهم آل بيت رسول الله الأطهار.

وما النصرُ إلا من عند الله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com