أولوياتُ السياسات الأمريكية واستراتيجية المصالح في الواقع المتناقض

 

فتحي الذاري

الحقيقة التي تكمن في مسار السياسة العدائية الاستكبارية الأمريكية الغربية ضد الحقائق والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فَــإنَّنا نشهد تاريخًا طويلًا من الظلم والتمييز والاستبداد منذ إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي في عام 1948، والتي تمت بتكليف من الأمم المتحدة على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.

واجه الفلسطينيون معاناة لا توصف، الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني واستمراره في بناء المستوطنات على أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة يعد انتهاكاً صارخًا للقانون الدولي والقرارات الدولية، ومع ذلك تظل الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الاحتلال الإسرائيلي بشكل قوي ومُستمرّ، وتقدم له الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي.

يكمن العداء الأمريكي في تجاهل الحقائق والتاريخ وتشويه الحقوق الوطنية للفلسطينيين، فمن خلال تحريف الحقائق وإظهار الصراع الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي بشكل مغاير للواقع تحاول الولايات المتحدة تبرير دعمها اللا مشروع للاحتلال الإسرائيلي، واحدة من أبرز الأمثلة على ذلك هي استخدام الولايات المتحدة لحق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع صدور قرارات تدين الاحتلال الإسرائيلي عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان والقانون الدولي، والتي كان آخرها في نهاية أُكتوبر2023 عندما تقدم الممثل الروسي لدى الأمم المتحدة بمشروع وقف العمليات الجوية على غزة، تعتبر هذه الخطوة تجاهلًا صارخًا للحقائق والحقوق الوطنية للفلسطينيين، وتظهر الولايات المتحدة الأمريكية تحيزًا واضحًا إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى ذلك تواصل الولايات المتحدة تقديم الدعم المالي والعسكري للاحتلال الإسرائيلي، وهو دعم يساهم في استمرار الاحتلال والقمع والتمييز ضد الفلسطينيين.

إن تجاهل الولايات المتحدة للمعاناة الفلسطينية وتضييق نطاق الحوار والتفاوض على الحل العادل والدائم يؤكّـد عدم احترامها للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وبدلاً من ذلك تتبنى الولايات المتحدة سياسة فرض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وتجاهل القضية الفلسطينية؛ مما يؤدي إلى تعزيز الظلم والاستبداد وعدم تحقيق السلام العادل في المنطقة، وهناك عدة عوامل تؤثر في السياسة العدائية الأمريكية تجاه الغضب والسياسات العربية والإسلامية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، قد يكون التشتت العربي والإسلامي أحد هذه العوامل، يمكن أن يؤدي التشتت السياسي والثقافي والاجتماعي في العالم العربي والإسلامي إلى صعوبة في توحيد المواقف والتوجّـهات السياسية تجاه القضية الفلسطينية، هذا التشتت يعزز الاستغلال السياسي للقضية من قبل القوى الأمريكية لتنفيذ الأجندة العدائية وعلاقات الولايات المتحدة بالدول العربية والإسلامية، أَيْـضاً تلعب دورًا هامًّا في تشكيل سياستها، هناك مصالح سياسية واقتصادية واستراتيجية تدفع الولايات المتحدة إلى اتِّخاذ سياسات تعارض الغضب والسياسات العربية والإسلامية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، هذه المصالح مرتبطة بالنفط والأمن والتجارة والتحالفات الاستراتيجية، وهناك تحالفات وعلاقات مختلفة بين الدول، وقد تؤثر هذه العلاقات على السياسات والتحَرّكات الخارجية لكل دولة.

للولايات المتحدة علاقات قوية مع بعض الدول العربية والإسلامية وهذا يمكن أن يؤثر في كيفية التعامل مع القضايا الفلسطينية، ويجب أن ندرك أن القضايا السياسية المعقدة لا يمكن تفسيرها بسهولة من خلال منظور واحد، هناك عوامل متعددة تؤثر في السياسة العالمية بما في ذلك الدين، الاقتصاد، الثقافة، والتاريخ، وهي تعتبر أولويات السياسة الأمريكية؛ لذا يمكن أن يكون هناك تفسيرات مختلفة للأحداث والتحَرّكات السياسية واللوبي الصهيوني هو جزء من العديد من اللوبيات التي تؤثر على السياسة الأمريكية، وهو يعمل على تعزيز المصالح الإسرائيلية وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

للوبي الصهيوني تأثير في صياغة السياسة الأمريكية تجاه قضية فلسطين والقضايا الإسلامية، وهي تعد المصالح الاستراتيجية وتشترك اللوبيات المختلفة في النظام السياسي الأمريكي في تأثيرها على السياسة، ويتم ذلك عن طريق التواصل مع المسؤولين الحكوميين والتأثير على قراراتهم ومواقفهم، ومع ذلك يجب أن نلاحظ أن السياسة الأمريكية لا تعتمد بشكل حصري على اللوبيات، بل تتأثر أَيْـضاً بالعديد من العوامل الأُخرى مثل المصالح الاقتصادية والاستراتيجية والأخلاقية، وجاء في القرآن الكريم في آيات متعددة تتحدث عن عدم قبول اليهود والنصارى للمسلمين حتى يتبعوا دينهم، ولكن الآية تذكر أن هداية الله هي الهداية الحقيقية وأنه إذَا اتبع المسلمون هواجسهم بعد أن جاءتهم المعرفة، فليس لهم من الله ولي أَو ناصر، يمكن فهم هذه الآية بأنها تحث المسلمين على الثبات في دينهم وعلى عدم الميل إلى الأهواء والشهوات التي يقدمها اليهود والنصارى.

إنها تذكر المسلمين بأن الهداية الحقيقية تأتي من الله، وأنهم يجب أن يتبعوا هدايته بدلاً من أن يتبعوا أهواء الآخرين، يمكن أن نرى في هذه الآيات التأكيد على أهميّة الثبات والتمسك بالإيمان الحقيقي والاعتماد على الهداية الإلهية.. والعاقبة للمتقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com