رجالُ العصر في معركة “طُوفان الأقصى”

 

د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي

كانت أمريكا تعملُ على تسوية الأرض في الوطن العربي؛ ليتمكّنَ الكيان الصهيوني من فرض نفوذه وهيمنته على دوله، وقد بدأت بتدجين الحُكَّامِ العرب وفرضت على مَن يرغبُ منهم بالاستمرار في منصبِه أن يمتنعَ عن مواجهةِ كيان العدو، أَو حتى أن يقومَ بتوجيه الانتقاد له، وبالتوازي عملت أمريكا على تغيير عقيدة الجيوشِ العربية من اعتبار الكيان الصهيوني عدوًّا إلى اعتباره صديقًا أَو حليفًا، وُصُـولاً إلى القبول به كقائدٍ لتلك الجيوش، من خلال تَرَؤُّسِهِ للمنطقة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد عملت أمريكا في هذا الجانب على اختراقِ الجيوشِ العربية، من خلال تقديم الدعم العسكري والتدريب وغيرها من الوسائل، وهذه السياسة أَدَّت إلى تطويعِ الجيوش العربية، وأصبحت على استعداد لتنفيذ ما تؤمر به؛ مِمَّا جعل أمريكا تشعُرُ بالطمأنينة، والتأكّـد من عدم تحَرّك الجيوش الرسمية في حال قيام حرب مع الكيان الصهيوني، أَو في حال تعرض الشعب الفلسطيني أَو الدول المجاورة لمجازرَ صهيونية.

وكانت المفاجأة الصادمة لأمريكا والكيان الصهيوني بظهور قوىً وحركاتٍ جديدة تؤمِنُ بالجهاد وسيلةً لحرب اليهود، وتعمل على استعادة حرية وحقوق الأُمَّــة، وغير مخترَقةٍ من أعدائها، ومستقلة في القرار والفعل مثل أنصار الله في اليمن وحزب الله في لبنان، والمقاومة الإسلامية في العراق، والحرس الثوري في إيران، وأصبح أملُ الشعوب العربية والإسلامية معلَّقًا على هذه القوى التي أصبحت بديلًا للجيوش الرسمية، وبالفعل عندما بدأت معركة “طُوفان الأقصى” سارعت هذه القوى بالانخراط في المعركة تباعاً، فقد بدأ حزب الله إشغالَ العدوّ الصهيوني في الشمال ثم تبعته المقاومة الإسلامية العراقية من خلال التركيز على مهاجمة القواعد الأمريكية في المنطقة.

ثم جاء دور أنصار الله الذين لم يتأخروا في الانخراط في “طُوفان الأقصى”؛ لأَنَّهم يعتبرون القضيةَ الفلسطينيةَ قضيتهم الأولى، ورغم الحصار الذي تعيشه اليمن والعدوان الغاشم المُستمرّ عليها، إلَّا أنها لم تتردّدْ في الإعلان عن دخولها المعركةَ، من خلال إرسال دفعات عديدة من الصواريخ البالستية والصواريخ المجنَّحة والطائرات المسيَّرة إلى مدن ومعسكرات الكيان الصهيوني، والتي تسببت في إقلاق العدوّ وإرباكه؛ إيمَـاناً منها بقُدسيةِ المعركة وبواحدية الجبهات؛ وتنفيذاً للوعد الذي قطعه قائدُ الثورة اليمنية السيد عبدالملك الحوثي بالوقوف إلى جانبِ الشعب الفلسطيني في معركته التي يخوضُها ضِدَّ كيان الاحتلال.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com