الاحتلالُ الصهيوني يلجأُ إلى سياسة الأرض المحروقة تمهيداً لحربٍ برية والمقاوَمةُ مستعدة

المسيرة | متابعة خَاصَّة:

مع دخولِ عمليات طوفان الأقصى، أسبوعَها الثانيَ تكثّـفُ طائراتُ الاحتلال قصفَ المنازل والمباني والأحياء الفلسطينية، في سياسة “الأرض المحروقة”، التي لجأ إليها؛ تمهيداً لحرب برية؛ إذ يحاول كيان الاحتلال الصهيوني هذه الأيّام من خلال آلته العسكرية الغاشمة، إفراغَ قطاع غزة من سكانها وذلك على غرار ما فعل هذا الكيان بداية احتلاله للأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1948م، حين أرغم الفلسطينيين على مغادرةِ منازلهم والتهجير القسري؛ بفعل مجازره الوحشية آنذاك.

وباتت محاولاتُ كيان الاحتلال منذ أسبوع على انطلاق عملياته العسكرية الدموية بالفشل، رغم ممارسة أبشع أساليب القتل والإرهاب والتدمير بحق المواطنين العزل في غزة، حَيثُ بات يحاول إيصال رسالة لأهالي غزة، مفادها أن من يريد الحياة فعليه الرحيل من غزة ومن لا يغادر فعليه أن ينتظر الموت المحتوم.

 

مجزرةٌ جديدةٌ للاحتلال في غزة.. العدوّ يُلاحق الفلسطينيين إلى الأماكن الآمنة:

في اليوم الثامن من العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ارتكب العدوُّ مجزرةً جديدةً بحقِّ ثلاث قوافل للمواطنين في مواقع مختلفة على شارعَيْ: صلاح الدين والرشيد، ممن حاولوا الوصول لجنوب وادي غزة، بحسب طلب جيش الاحتلال، وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، هذه المجزرة خلَّفت حتى اللحظة وفي حصيلة أولية 70 شهيدًا جُلُّهم أطفالٌ ونساء وأكثر من 200 إصابة.

حركة “حماس” أكّـدت في بيان لها السبت، أن مجزرةَ الاحتلال ضد عائلات نزحت تحت القصف جريمة نكراء، مشدّدة على أنها “لن تزيد شعبنا إلا تمسّكًا بأرضه”، وأشَارَت إلى أن “المجزرةَ المروّعةَ التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني ضدّ النازحين من أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزّة الصامد، وراح ضحيتها 70 شهيدًا تكشف مدى كذبه وتضليله وخداعه”، ولفتت إلى أنها “جاءت بعد الدعوات المشبوهة التي أطلقها؛ مِن أجل خروج أهلنا من بيوتهم، فجاء استهدافهم المباشر بارتكابه جريمة نكراء ستبقى شاهدة على إرهابه وعدوانه”.

بالموازاة، أكّـد مستشفى العودة في جباليا شمالي قطاع غزة أنّه تمّ تهديدُ المستشفى بالإخلاء من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مُشيراً إلى أنّ التهديد يأتي في الوقت الذي تعجّ فيه أقسام المرضى بالمصابين مِن جرّاء عدوان الاحتلال المتواصل، ولافتاً إلى أنّ طواقمه الطبية تقدم خدمة الولادة كُـلّ نص ساعة.

وفي السياق، ذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن طيرانَ الاحتلال يستهدفُ بصواريخَ كثيفةٍ محيطَ مبنى السفينة غرب مدينة غزة، كما استهدفت طائرات الاحتلال عدة مناطق غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

أعلنت الصحةُ الفلسطينية أن حصيلة شهداء القصف والغارات الصهيونية وصلت إلى 2215 شهيداً بينهم 614 طفلًا و370 امرأة، وأكثر من 8714 جريحًا في غزة، منهم 2000 طفل و1400 امرأة، وإلى 54 شهيداً وأكثر من 1100 جريح في الضفة الغربية المحتلّة، كما أكّـدت الصحةُ في بيانها استشهاد شاب فلسطيني يبلغ من العمر 27 عاماً السبت، أُصيب برصاصة “إسرائيلية” في الرأس في مدينة أريحا، وأشَارَت الوزارةُ في بيانها إلى استشهاد فتيَّيْنِ فلسطينيَّين خلال اشتباكات “جمعة الغضب” يوم أمس، أحدُهما يبلغ من العمر 17 عاماً والثاني 16 عاماً.

إلى ذلك، أعدمت قواتُ الاحتلال، الليلة الماضية، شابّاً لم تُعرف هُــوِيَّته بعدُ، بالرصاص الحي في بلدة العيسوية شمال شرق القدس المحتلّة، وقالت مصادر محلية: “أطلقت قوات الاحتلال الرصاص بشكل مباشر صوب مركبة في العيسوية، كان بداخلها شاب”.

وأظهرت مقاطع فيديو، شابًّا ملقىً على الأرض بعد تعرضه لرصاص القوات الإسرائيلية أثناء وجوده في مركبته عند المدخل الشرقي للعيسوية، وقالت وفا: إن القوات الإسرائيلية “لم تسمح لأحد من الوصول اليه أَو تقديم الإسعاف له”، وزعم الجيش “الإسرائيلي” أن الشاب شكل خطراً على الجنود وأن قوة من الجيش قامت بـ”تحييده” وأعلن عن وفاته لاحقاً.

 

صفارات الإنذار تدوي في “تل أبيب” وأسدود عسقلان ورحوفوت:

أعلنت كتائب القسام، السبت، قصفَ “تل أبيب”، وبير السبع وعسقلان، برشقة صاروخية؛ رَدًّا على التهجير واستهداف المدنيين، كما أعلنت كتائب القسام قصف كيبوتس “نيريم” بعددٍ من قذائف الهاون ضمن معركة طوفان الأقصى.

بدوره، أعلن الجيش الصهيوني في بيان له، السبت، إصابةَ مروحية حربية تابعة لسلاح الجو بصاروخ مضاد للدبابات أطلقه مسلحو حركة “حماس” السبت، الماضي، وكشفت “القناة 12” العبرية أن كتائبَ القسام تمكّنت يوم السبت الماضي من استهداف مروحية “إسرائيلية” من طراز “يسعور” على متنها 50 جنديًّا، في الساعات الأولى من عملية السيطرة على مستوطنة بئيري في غلاف غزة.

ووفقًا للقناة، أصاب مقاتلو النخبة في كتائب القسام محرك الطائرة بالرصاص؛ ما اضطر الطائرة للهبوط، ومن ثَمَّ تم استهدافُها بالصواريخ المضادة للدروع، ولا تزال “إسرائيل” تتكتم على التفاصيل المتعلقة بمصير الجنود الذين كانوا على متن الطائرة، ومروحية “يسعور” هو الاسم الشائع لفئة من مروحيات النقل الثقيل التي تصنعُها شركةُ “سيكورسكي” الأمريكية، وتم تطويرُها لمشاة البحرية الأمريكية، وتستخدمها القوات الأمريكية والألمانية والإسرائيلية والمكسيكية.

وإلى الضفة الغربية المحتلّة، حَيثُ اندلعت صباحَ السبت، اشتباكاتٌ عنيفةٌ بين مسلحين فلسطينيين وجنود “إسرائيليين” في مخيم جنين ومخيم قلنديا شمال مدينة القدس، بعد اقتحام قوة إسرائيلية للمخيمين، وذكرت مصادرُ فلسطينية أن المسلحين فجّروا عُبْوَةً ناسفة بإحدى آليات الجيش الإسرائيلي خلال اقتحامها مخيم جنين.

وأظهرت الصورُ تصاعُدَ أعمدة الدخان من منطقة التفجير وقال شهود عيان: إن العبوة الناسفة كانت “شديدة الانفجار”، وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وصول تعزيزات عسكرية إسرائيلية كبيرة إلى المخيم، وذكرت مصادر فلسطينية أن قواتٍ كبيرةً من الجيش “الإسرائيلي” اقتحمت جنين ومخيمَها واستولت على مبانٍ وحوَّلتها لنقاط مراقبة، وأفَادت المصادر بأن إطلاقَ للنار استهدف القواتِ الإسرائيلية خلال اقتحامها مخيم قلنديا شمال القدس المحتلّة.

في السياق، أفادت وسائلُ إعلام فلسطينية بأن المقاومةَ الفلسطينية أطلقت فجر السبت، رشقةً صاروخية باتّجاه مدينة حيفا، ولفتت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أنباء عن انفجارٍ قوي في منطقة كريات (في حيفا) وأنه لم يكن هناك إنذار، كما أكّـد سكان كريات وقوع انفجار قوي في المنطقة، دون أن يتم إطلاقُ أية إنذارات، في حين أن الحدث قيد الفحص.

وعند منتصف ليل الجمعة، أعلنت “سرايا القدس”، الجناحُ العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي في فلسطين، قصفَ مستوطنة سديروت بعدة رشقات صاروخية ضمن معركة “طوفان الأقصى”، كما تم قصفُ مدينة عسقلان برشقة صاروخية؛ رداً على استمرار المجازر وقصف البيوت المدنية.

وأعلنت كتائب القسام السبت، تدميرَ عددٍ من الآليات العسكرية “الإسرائيلية” شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، خلال اشتباكات مع جيش الاحتلال، وأوضحت كتائبُ القسام الجناح العسكري لحركة “حماس” أنها تخوض اشتباكًا مسلحًا مع الجيش الإسرائيلي شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

وجاء في بيانها: “معركة طوفان الأقصى مُستمرّة، وقد اجتازت مجموعةٌ من مقاتلينا السياجَ الفاصلَ شرق خان يونس، وهاجمت تجمعات لقوات العدوّ، ودمّـرت ثلاثَ آليات عسكرية، والمعارك لا تزال مُستمرّة”.

وإلى ذلك، أفادت مصادرُ إعلامية، بأن الجيشَ “الإسرائيلي” أعلن عدةَ مناطقَ في غلاف غزة مناطقَ عسكريةً مغلقةً من قبل الجيش، وطالب الصحافةَ بمغادرة المنطقة، وهو الأمر الذي استأنفت فيه المقاومة قصفها، الذي قالت إنهُ: “يأتي ذلك رداً على القصف “الإسرائيلي” المكثّـف الذي استهدف قطاع غزة منذ ساعات الصباح الأولى؛ ما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والمصابين بين الفلسطينيين”.

وأعلنت صحيفةُ “يديعوت أحرونوت” “انطلاقَ حَدَثٍ أمني في غلاف غزة لا يزال مُستمرًّا حتى اللحظة”، مع تكتم إعلامي حول ما يجري هناك، وقال الجيش الإسرائيلي في بيانه: “قصفنا خليةً من “حماس” أطلقت صاروخًا مضادًّا للدروع على قواتنا”.

 

طوفان الأقصى ميدانيًّا وفي يومِه الثامن:

لليوم الثامن على التوالي، ظل التعاوُنُ المُستمرُّ بين أطراف وَحدة المقاومة الفلسطينية ذا أهميّةٍ كبيرةٍ في التصدي للتحديات المستقبلية لمعركة طوفان الأقصى، والمضي قُدُماً في هذا المسار؛ مِن أجل تحرير فلسطين، وهذه الوحدة تجسد الأمل والإصرار على يجسّد معادلة تحقيق العدالة والسلام في الشرق الأوسط واسترداد حقوق الفلسطينيين المسلوبة.

في السياق، أعلنت القسامُ أنّها قصفت تحشيداتٍ بريةً للعدو الصهيوني قرب مستوطنة “كيبوتس نيريم” في محيط قطاع غزّة، بالصواريخ وقذائف الهاون؛ ما أَدَّى إلى وقوع 5 إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين بينها إصابات خطرة، وبثّت كتائبُ القسام مشاهدَ من استهداف تحشيدات العدوّ بقذائف الهاون من العيار الثقيل.

وقالت القسّام: “إنّ الرشقاتِ الصاروخية واستهداف التحشيدات الإسرائيلية، جاءت رداً على تهجير أهالي قطاع غزة واستهداف المدنيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي”، ولفتت القسام إلى “مقتل 9 أسرى آخرين من أسرى المعركة، بينهم 4 أجانب خلال 24 ساعة الماضية”، مضيفةً، “أنّ الأسرى قتلوا جرّاء القصف الإسرائيلي على أماكن حضورهم”.

وأكّـد مصادر إعلامية في غزة، أنّ “المقاومة الفلسطينية لا تزالُ تُطلِقُ الصواريخَ على المستوطنات الإسرائيلية والمدن الفلسطينية المحتلّة عام 48، على الرغم من ضراوة العدوان الذي قد لا تحتملُه دولٌ كُبرى”، وتابعت أنّه “على الرغم من الأوضاع الكارثية في غزة فَــإنَّ المقاومة لا تزال على صلابتها، الأمر الذي يؤكّـدُ فشلَ الاحتلال في استهدافها والنيل منها”.

والسبت، أكّـد مصدرٌ في المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، أنّ المقاومين في الميدان في أعلى درجات الجاهزية، ويعملون وفقَ الخطط الموضوعة مسبقًا، وكشف المصدر أنّ المقاومةَ لديها خطّةٌ دفاعية مُحكمة تُغطّي كاملَ مساحة قطاع غزّة، وستفعّل في الوقت المناسب.

 

مقدماتُ الحرب الإقليمية والمعركةُ الأخيرة مع الكيان المؤقَّت:

لقد استطاعت المقاومةُ الفلسطينية من خلال عملية “طوفان الأقصى” أن تعلنَ لنفسها النصرَ منذ الساعات الأولى لهذه العملية، حَيثُ وضعت قادةَ الكيان وحلفاءَه بموقع فشل، لم يكن أحدٌ ليصدِّقَ أن هذا هو الواقع الاستخباراتي للصهاينة وبدا هذا الفشل عنوانًا لتحليلات كبار المسؤولين والساسة لحلفائه قبل أعدائه، وبالتالي تتحول عملية طوفان الأقصى لعنوان كبير للنجاح الاستخباراتي المنقطع النظير للمقاومة ويسجل لها موقعًا متميزًا في عالم الاستخبارات الحديث.

واستطاعت المقاومة الباسلة تحييد كُـلّ أنظمة التجسس الإسرائيلية وضربها ليتلقى هذا الكيان ضربة مؤلمة لأنظمته الاستخباراتية وبرامجه التجسسية “بيغاسوس” وغيرها من البرامج التي باعتها “إسرائيل” لدول كبيرة وصغيرة وقبضت ثمنها ملايين الدولارات، وفي الوقت ذاته أثبتت عدم الجدوائية للقواعد الأمريكية المنتشرة بالقرب منه لحمايته وهذا فشل مزدوج لأجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية على حَــدّ سواء.

من هنا أتت عملية طوفان الأقصى لأخذ المشهد بعيدًا جِـدًّا عن قراءة نتائجه على المشهد الإقليمي فحسب لناحية توسع دائرته لتشمل حلفاء المقاومة الفلسطينية من حزب الله إلى سورية إلى إيران، لتتسع دائرة مخرجاته لتشمل العالم بما ينذر بحرب عالمية ثالثة ونرجئ هذه الرؤية لناحية تضارب المشاريع بين القوى الكبرى المؤثرة في المشهد الدولي لناحية الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي من ناحية في مواجهة القوى الصاعدة ومشاريعها كالصين وروسيا من جهة أُخرى.

هذه الحسابات كانت واضحة ولو كانت بشكل ضمني في اجتماع مجلس الأمن الدولي منذ يومَينِ الذي أرادت منه أمريكا استخلاص قرار جامع من كُـلّ الدول المجتمعة، يدين عملية طوفان الأقصى بقيادة حماس إلا أن هذا لم يحصل وأفشلته روسيا والصين.

المشروع الأمريكي الذي تم الإعلان عنه في قمة العشرين المتمثل بإنشاء السكك الحديدية التي تربط الهند بكل من الإمارات والسعوديّة والاردن و”إسرائيل” بأُورُوبا في مواجهة المشروع الاستراتيجي الصيني المبارك روسياً المعروف بالحزام والطريق بات في مهب الفشل، لتأتي هذه العملية لتفشل المشروع في مهده فالمقاومة استطاعت تعرية الجيش الإسرائيلي وقدمته على حقيقته بأنه “نمر من ورق” مما يدفع بهذه الدول لإعادة حساباتها أن كانت فعلاً تنوي الانخراط فيه.

في السياق، أكّـد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان: “إن لدى المقاومة إمْكَانيات كبيرة وَإذَا ردت فبإمْكَانها إحداث زلزال كبير للكيان الصهيوني”، وقال: “قادةُ المقاومة أخبروني أنه في حال ردوا على العدوان الإسرائيلي فَــإنَّ ذلك سيغيِّرُ خارطةَ الأراضي المحتلّة”.

وَأَضَـافَ عبد اللهيان، “السيد نصر الله رَجُلُ الميدان ولطالما كان له الدور الأبرز في تحقيق أمن لبنان والمنطقة”، وأن “المقاومة لديها إمْكَانيات كبيرة وَإذَا ردت فبإمْكَانها إحداث زلزال كبير للكيان الصهيوني وهي وضعت نصب أعينها كُـلّ السيناريوهات المحتملة في هذه الحرب والإعلان عن ساعة الصفر في حال استمرار العدوان الإسرائيلي هو بيدها”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com