تجارةُ الحمقى في سوق الأحلام ..بقلم/ إخلاص عبود

 

جملة جميلة مفيدة هي تعريف لكلمة غرق فيها الكثير، وغوى لتحقيقها الكثير، وانحرف لأجلها الكثير، جملة قالها سيدي المبجل، اختصرت الكثير من الحديث، والكثير من الشرح والتبيين، (الأماني) تجارة الحمقى، وأوهام الأغبياء، وسعي الكسالى، ولهيث المفرطين، ورغبة عديمي المسؤولية، التمنيات والأماني المستحيلة، لمن يعيشون في واقع الأعذار والتنصلات.

طغت في هذا الزمن ما لم تطغ في غيره في ظل التقدم الرجعي، والتطور الانحلالي، حتى أصبح الكثير متأثراً بالغرب مغرماً فيهم، يبحث عن النجاح من غير سعي ولا تعب، ولا يريد أن يلقى بحياته النصب، الأماني تجارة خاسرة، في سوق الوهم واللاحقيقة، في بحر من رغبات الخيال، واللهث وراء الآمال وطلب المستحيلات، طلب ما لا يمكن تحقّقه أبداً كحد أعلى، أَو طلب ما لا يسعى الطالب لتحقيقه أبداً كحد أدنى، في الوقت الذي يجب عليه بذل السبب، مع عزيمة الطلب، وترك اليأس واستغلال الفرص، وتحين أوقاتها، وتقنصها قنص الصيد الثمين.

ضعفت النفوس، وقلّ الإيمان، وازدادت فجوة البعد عن الله، وارتبط الناس بشياطين الإنس والجن، ووصل فساد اليهود والنصارى إلى كُـلّ بيت، حتى أصبح الشباب والشابات بلباس المستسلم، وقلب المتعلم المُعلم، بل حتى رأيناهم إعلام الغرب، وأدلة قوى الطاغوت والفساد -سواء من حَيثُ يشعرون أم من غير لا يشعرون- فباع الكثير ما تبقى من آثار دين في قلبه وموقفه وغيرته، وانسلخ الكثير من آثار إسلام في أشكالهم وأسمائهم، وتخلى الكثر عن ما تبقى في ألسنتهم من دليل ثقافة أَو أصالة انتماء، فلم يتبق للمقدسات مكان في قلوبهم، ولم يعد لما يربطهم بالتحَرّك أية أهميّة، فأصبحت الذلة رقياً، والاستسلام سلاماً، والصمت ذكاء، والانبطاح سياسة، وتقبل الأوامر حكمة، هذا هو الزمن الذي أخرج بشر بأشكالهم، جوفاء قلوبهم، تربوا على أيدي المواقع، ودُعسوا بأرجل الموضات، أُولئك الذين كثرت أمانيهم، فكثرت خياناتهم على المستوى الأسري والمجتمعي والدولي، فمنهم من باع نفسه، ومنهم باع عرضه، ومنهم باع أرضه، ومنهم من باعهم جميعهم.

عودتنا للدين هي الحفاظ علينا كبشر لا زالوا فعلاً بشراً، يحملون الإنسانية التي قلّ ما نراها، وتمسكنا بالثقلين-كتاب الله وعترة رسول الله -هو الحصن الحصين من الوقوع في هاوية الزمن الحاضر، والزمن القادم، والنجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، التمسك بهما هو الدين كله، وهو حفظ الدين بكله، ما نراه من ضياع الأمم، وفساد الذمم، ما كان سببه سوى ترك الثقلين، والتفريط فيهم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com