صنعاء: الوحدة اليمنية قدَرٌ تاريخي والاحتلال الأجنبي هو المشكلة

بن حبتور: العدوّ ومرتزِقته يتآمرون على وحدة اليمن تحت عناوينَ مختلفة

العجري: التفريط بالوحدة تفريط باليمن بأكمله

العزي: الوحدة ليست محل نزاع داخلي

البخيتي: يجب توحيدُ الصفوف ونبذ الخلافات لمواجهة مساعي التقسيم

 

المسيرة: خاص

مثلت الذكرى الثالثة والثلاثون للوحدة اليمنية المباركة، محطة هامة لتأكيد المواقف الوطنية المبدئية في معركة التصدي لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، وعلى رأسها موقف التمسك بوحدة الأراضي اليمنية؛ إذ تأتي هذه الذكرى بالتزامن مع تحَرُّكاتٍ عدوانية ترعاها الولاياتُ المتحدة الأمريكية وبريطانيا؛ لفرض مشروع تقسيم البلد؛ مِن أجل تثبيت المطامع الاستعمارية التي اصطدمت خلال السنوات الماضية بصمود الشعب اليمني وبقوته الرادعة؛ الأمر الذي يلقي بظلاله على مستقبل حالة التهدئة الراهنة التي كان من المنتظر أن تُتوَّجَ بالتقدم نحو خطوات سلام فعلي؛ لأَنَّ المساعي المتصاعدة من جانب العدوّ لتفكيك اليمن تمثل عائقاً رئيسياً أمام جهود السلام المبذولة.

وفي هذا السياق، جدّد رئيس حكومة الإنقاذ الوطني، الدكتور عبد العزيز بن حبتور، الاثنين، التأكيد على أن “دول العدوان الأمريكي السعوديّ والمرتزِقة والخونة يتآمرون على الوحدة ويعملون على تقسيم اليمن تحت عناوين مختلفة” في إشارة إلى المشاريع التي تمولها دول العدوان في المحافظات المحتلّة، وأبرزها مشروع الانفصال الذي كان رئيس الحكومة قد أكّـد في وقت سابق أن بريطانيا تقف وراءه.

وكان السفير البريطاني لدى حكومة المرتزِقة قد أكّـد ذلك قبل أَيَّـام في تصريحات نشرتها صحيفة الشرق الأوسط السعوديّة، حَيثُ قال إن بريطانيا مستعدة لاستخدام نفوذها في مجلس الأمن؛ مِن أجل إصدار قرار جديد يشرعن إعادة تشكيل “مستقبل الجنوب” حسب تعبيره، وقد جاءت هذه التصريحات الفجة بالتزامن مع إعلان المليشيات التابعة للعدوان في المحافظات المحتلّة عن إجراءات تصعيدية جديدة تكرس مؤامرة التقسيم.

وقوبلت إجراءات وتحَرّكات وتصريحات العدوّ ومرتزِقته بتأكيدات رسمية وشعبيّة واسعة على التمسك بالوحدة اليمنية وعلى استحالة التفريط بها أَو السماح للاحتلال وأدواته بتجاوزها؛ كونها قرارًا شعبيًّا وقَدَرًا تاريخيًّا.

وفي هذا السياق أكّـد رئيس حكومة الإنقاذ أن “اللحمة الوطنية الاجتماعية والثقافية الشعبيّة ثابت تاريخي لا يمكن تجاوزه” مُشيراً إلى أن مساعي تفكيك اليمن تأتي أَيْـضاً في إطار محاولات إضعاف الدور الفاعل الذي بات يلعبه ضمن محور المقاومة في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

بدوره أكّـد عضو الوفد الوطني المفاوض، عبد الملك العجري، أنَّ “الوحدة قدر اليمن التاريخي وهي عهدٌ عالقٌ في كُـلّ ذمة، إذَا أضعناها ضاع اليمنَ ولن يبقى لنا شمال ولا جنوب، ومن خانها خان عهدَه وتاريخَه ووجودَه”.

وتوجّـه هذه التصريحاتُ رسالةً واضحةً للأعداء بأن الوحدة اليمنية ليست فقط مُجَـرّد إجراء سياسي يمكن إلغاؤه أَو المساومة عليه، بل هي جزء أَسَاسي من الهُــوِيَّة الوطنية الجامعة، وأية محاولة للمساس بها ستقابَلُ بتحَرّكٍ كبير على كُـلّ المستويات للدفاع عنها.

وفي الوقت الذي تحاول فيه دولُ العدوان ومرتزِقتها التغطيةَ على هذه الحقيقة، من خلال تقديم موضوع الوحدة كـ”مشكلة” بين اليمنيين، وتزعم أن التقسيم وتمزيق الأراضي اليمنية هو الحل الأنسب، فَــإنَّ صنعاء تؤكّـد أن مساعيَ تفكيك البلد لا علاقة لها بأية مشاكل داخلية، بل إنها نابعة وبشكل كامل من مطامع دول العدوان ورعاتها الذين يسعون إلى تثبيت سيطرتهم على أراضي البلد وسواحله وجزره وثرواته؛ مِن أجل أهداف استعمارية طويلة الأمد.

وبهذا الخصوص، يؤكّـد نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، حسين العزي، أن “الوحدة اليمنية ليست محلَ نزاع داخلي، والصراع القائم ليس بين شمال وجنوب، بل هو صراع مضطرم ومحتدم بين اليمن والمحتلّ الأجنبي”.

ويضيف أن “مشكلتنا الأَسَاسية والجوهرية مع المحتلّ الأجنبي ولا سواه”.

ويسلط هذا التأكيد الضوء على طبيعة مساعي العدوّ في هذا التوقيت لفرض مشروع التقسيم، حَيثُ تتزامن هذه المساعي مع محاولات لتكريس دعاية “الحرب الأهلية” كعنوان رئيسي للمشهد اليمني، من خلال الإصرار على الدفع بالمرتزِقة إلى الواجهة وفرضهم كطرف رئيسي على طاولة مفاوضات السلام؛ الأمر الذي يعني أن دول العدوان ورعاتها تحاول إيجاد أرضية تفاوضية؛ لتمرير مشروع التقسيم، من خلال تحويل موضوع الوحدة إلى مشكلة سياسية تستدعي التفاوض بشأنها.

وقد أكّـدت تصريحات السفير البريطاني الأخيرة هذا الأمر بشكل واضح، حَيثُ قال أوبنهايم لصحيفة الشرق الأوسط السعوديّة، إن بلاده تصر على أن تكون مفاوضات السلام بين الأطراف اليمنية، وأن يتضمن أي اتّفاق قادم تقرير مصير ما أسماه بـ”الجنوب”، مؤكّـداً أن بلاده ستدعم إصدارَ قرار دولي يتبنى مثل هذا الاتّفاق؛ وهو ما يعبِّر بشكل جلي عن رغبة بريطانيا في تمرير مشروع التقسيم تحت مظلة السلام.

لكن موقف صنعاء الذي يعبِّر عنه التصريحُ السابقُ لنائب وزير الخارجية يغلقُ البابَ أمام هذا المسعى البريطاني، ويضع دول العدوان ورعاتها في المواجهة المباشرة التي تحاول أن تتهرَّبَ منها.

وفي هذا السياق أَيْـضاً، كتب عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محافظ محافظة ذمار، محمد البخيتي، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن “حقيقة مساعي دول العدوان لتقسيم وتفكيك اليمن واقتطاع أجزاء من أرضه قد تجلت بوضوح”، ودعا “إلى وضع الخلافات جانباً وتوحيد الصف لمواجهة هذا المشروع الخارجي وأدواته في الداخل”.

كما دعا البخيتي إلى “عدمِ الانخداع ببيانات ووعود دول العدوان التطمينية الكاذبة؛ لأَنَّ ما يجري على الأرض مختلف تماماً”.

ووفقاً لذلك فَــإنَّ مساعي دول تحالف العدوان ورعاتها لتمرير وفرض مشروع التقسيم تحت غطاء “السلام” تمثل عائقاً رئيسياً أمام جهود السلام الفعلية، بل إنها تنذر بتعقيد الوضع وُصُـولاً إلى الانفجار؛ لأَنَّ صنعاء -كما يبدو بوضوح من مجمل المواقف السابقة- لن تترك المجال مفتوحاً أمام العدوّ لإعادة تشكيل الخارطة اليمنية وفقاً لمطامعه ومصالحه.

هذا أَيْـضاً ما توضحه تصريحاتُ الرئيس المشاط والمجلس السياسي الأعلى، خلال الأيّام الماضية، والتي أكّـدت بشكل صريح، على أن الشعب اليمني سيحافظ على الوحدة، وأن صنعاء ماضية في مسار بناء اليمني الموحد لكل أبنائه.

وبناءً على ما سبق فَــإنَّ الموقف التفاوضي الثابت لصنعاء -بما يتضمن من رفض للتفاوض مع المرتزِقة بدلاً عن دول العدوان، ومحدّدات تحقّق مطالب الشعب اليمني في كُـلّ المحافظات- يعتبر أبرز وأهم المواقف العملية الراهنة التي تسهم في عرقلةِ المساعي الأمريكية والبريطانية لفرض مشروع تقسيم اليمن؛ لأَنَّ دول العدوان ورعاتها تدرك جيِّدًا أن كُـلّ مساعيها لن تكونَ لها قيمةٌ في ظل المشروع التحرّري الذي تتبناه صنعاءُ ويلتفُّ حوله الشعبُ اليمني حتى في المحافظات المحتلّة؛ لأَنَّ هذا المشروعَ سيبقى التهديدَ الأكبرَ ليس فقط لمؤامرات التقسيم، بل أَيْـضاً للاحتلالِ وللتواجد الأجنبي الذي تسعى دول العدوان لتثبيتِه وتوسيعِه، من خلال هذه المؤامرات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com