اختلاقُ الذرائع وترويجُ الأكاذيب نهجٌ بائسٌ لدول العدوان على اليمن

 

المسيرة: عبدُالوهاب الوشلي

في 26 مارس من العام 2015م، شن تحالُفٌ دوليٌّ غاشمٌ عدواناً واسعاً على شعب اليمن وسيادته الوطنية، يتصدَّره شكلياً نظامُ آل سعود والإمارات المتحدة، ويقفُ إلى جانبه -توجيهاً وإسناداً- الولاياتُ المتحدة الأمريكية وكيانُ الصهاينة، فضلاً عن تقديم أشكال المساندة المختلفة من قبل دولٍ عِدة، ولا سيما من قِبل الدول الأوربية التي تزوِّدُ بصفقات الأسلحة تحالف العدوان، الذي ظل يستهدف بهجماته الوحشية آلاف الأطفال والنساء وغيرهم من المدنيين الأبرياء في اليمن، منتهكاً بذلك النهج قواعدَ القانون الدولي ذات الصلة بحظر توريد الأسلحة. وعلى الأخص، عندما يتعلق الأمر باستخدام تلك الأسلحة فعلاً في ارتكاب جرائم دولية على شكل فظائع الحرب المشهودة لدول العدوان على اليمن.

ومن خلال سَوْق الذرائع المتعددة، سعت دولُ العدوان، ابتداءً، نحو تعزيز الأسانيد الواهية لتسويغ تدخلها العسكريّ من جهة، وتغطية الأبعاد الفعلية لعدوانها الوحشي من جهة ثانية.

فبذريعة دعم وإعادة الشرعية، حاولت دول تحالف العدوان تدليساً أن تُسوغ عدوانها على شعب اليمن وحقه في تقرير مصيره وصيانة سيادته، غير أن تضليلها البائس ما لبث أن تلاشى، إذ أزاحت سلسلة الأحداث المتعاقبة الستار عن حقيقة دعم الشرعية على أرض الواقع، كهدفٍ ساقه العدوان لتبرير تدخُله الهمجي، وإذ عمدت دول العدوان تكراراً، وخصوصاً الإمارات المتحدة إلى إهانة هادي وحكومته، فضلاً عن التقويض المستمرّ لوجودها الميداني بمختلف الأشكال والأساليب، وتوجيه الهجمات الجوية بطائراتها الحربية نحو مليشيات هادي وحكومته وقتلها في عدن، واصفةً إياها بعناصرَ الإرهاب في بيانٍ رسمي لسلطات الإمارات.

وبحُجَّة حماية الشعب اليمني، عَمدت دولُ تحالف العدوان إلى تضليل الرأي العام الدولي، بَيد أن تدليسَها المفضوحَ لم يدم، إذ اتسع فور شن العدوان نطاق جرائمها المشهودة من إبادة وحشية للمدنيين الأبرياء، وقتلٍ شنيع عن قصدٍ للأطفال والنساء، إلى استهداف ممنهج للبنية التحتية المدنية على نطاقٍ واسع، ناهيك عن الحصار اللاإنساني المفروض على الشعب اليمني دون تمييز، والذي طالت آثاره التدميرية مختلف مناحي الحياة المدنية على امتداد أرجاء إقليم الجمهورية اليمنية.

وبزعم مساندة الشعب وإغاثته، تمادت دول العدوان في تضليلها، حتى تَكشفت الأغراضُ الفعلية لعدوانها الهمجي على أرض الميدان، واتضحت جلياً أبعادُ الحديث عن تقديم المساعدة الإنسانية للشعب اليمني تسويغاً للعدوان، إذ عمدت الإمارات تحت ستار النشاط الإنساني في جنوب اليمن عبر الهلال الأحمر الإماراتي إلى تغطية فعلِها العدواني.

وعملت الرياض من خلال نشاط مركَز سلمان على توظيف العمل الإغاثي في إطار عدوانها العسكريّ، وتضليل الرأي العام الدولي عبر تضخيم نشاط المركز الوهمي في تقديم المساعدات، إسقاطاً لالتزاماتها الدولية تجاه الكارثة الإنسانية التي خلفها العدوان على اليمن.

لقد جنّدت دولُ العدوان منظماتِ المجتمع المدني تحت غطاء العمل الإنساني، ولا سيما الجمعيات التابعة لحزب الإخونج الإجرامي في إطار تحقيق سلوكها العدواني، بل لم تتوانَ دول العدوان في استخدام أساليب الحرب البيولوجية لقتل النساء والأطفال، ولم تتردد في فرض حصارٍ شامل أنهك المدنيين الأبرياء، وضاعَفَ من معاناة الجرحى والمرضى في عموم محافظات الجمهورية اليمنية، حتى أضحى التجويعُ الممنهجُ أسلوبَ حربٍ تنتهجه دولُ العدوان في إطار سياسة واسعة؛ لتحقيق مآربها العسكريّة في حربها على اليمن.

وتحتَ ستار مكافحة الإرهاب، كهدفٍ مُعلَن لتحالف العدوان على اليمن، عملت دول العدوان على تعزيز دور التنظيمات الإجرامية في جنوب اليمن، وجنّدتها بشكلٍ رسمي في إطار صفوف قوات ومليشيات العدوان، ودعمتها بالأسلحة وأبرمت معها الصفقات السرية للقتال إلى جانبها، حتى وصل الحال بعناصر من قيادات “القاعدة” و”داعش” إلى التصريح علناً على شاشات التلفزة حول قتال الجماعات التكفيرية إلى جانب قوات التحالف بمختلف الجبهات في اليمن، ناهيك عن الرصد الموثق لعدسات محطات الأخبار وتقارير الصحافة الاستقصائية وغيرها من التقارير الأممية والدولية لعناصر وتنظيمات إجرامية، وهي تُقاتل إلى جانب قوات العدوان، التي ظلت تُوظف وتدعم بالمال والسلاح من كانت تزعُم أنها جاءت لقتالها من عناصر إجرامية، أضحت تتربع اليوم على رأس وحدات عسكريّة في إطار ما أسموه تدليساً بـ “الجيش الوطني”، الذي أنشأته دول العدوان لتحقيق أهدافها اللامشروعة، وكمِظلةٍ لإجرامها الوحشي في اليمن.

لقد أضحى من المعلوم بالأدلة الموثقة أن جهود ما تسمى “مكافحة الإرهاب” التي تُروِّجُ لها السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها الإقليمية في منطقتنا العربية، وفي مقدمة تلك الأدوات الوظيفية كيان الصهاينة ونظام آل سعود والإمارات المتحدة، تعني على أرض الواقع دعم وتدريب ونشر عناصر التكفير وتنظيماته وجماعاته؛ لتوظيفها واستغلالها في إطار إنجاز الأهداف الأمريكية والصهيونية، وكأدوات إجرامية لصالح تحقيق سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أضحت السفارات والقواعد العسكريّة أماكنَ مُحصَّنة لإدارة وتحريك ومساندة وتدريب وحماية جماعات ” التكفير والإجرام” وتنظيماته المختلفة، على غرار القواعد العسكريّة للولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا، ومراكز ومناطق تواجد قوات التحالف في اليمن، بل وأصبح “الإرهاب” على منوال القرصنة سياسة أمريكية صهيونية للضغط والابتزاز؛ تسويغاً لتوافد البوارج الحربية وتواجد القواعد العسكريّة؛ بحُجَّة حماية خطوط الملاحة الدولية.

وعلى نفس النهج من التضليل، اتجهت دول العدوان نحو الترويج لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 (2015) كغطاء يُؤسس تزييفاً لشن العدوان الوحشي على اليمن، غير أن وثائقَ الأمم المتحدة الرسمية ذات الصلة بممارسات مجلس الأمن المُنحازِ لجهة دول العدوان، تَدحَضُ قطعاً أكاذيبَ دول تحالف العدوان في هذا السياق، على الرغم من أن دولَ العدوان هي من صَاغت تلك القرارات على ضوء تقديرها الأرعن بحسم التحالف لأهدافه في اليمن خلال أيامٍ أَو أسابيعَ كحَدٍّ أقصى لانتهاء العمليات العسكريّة، وفي ظل تغاضٍ مُتوقَّعٍ لأجهزة الأمم المتحدة المعنية تجاه خروقات وتجاوزات دول العدوان من جهة، وتمادي دول التحالف الغاشم في توظيف القرارات الدولية لتسويغ عدوانها، من جهة ثانية.

وعلى ذات النحو من التدليس، تَداعت دولُ تحالف العدوان الهمجي لتبرير تدخلها العسكريّ في اليمن؛ بزعم الدفاع عن النفس في تضليل بائس غايته الفعلية على مستوى المنطقة التغطية على أهداف العدوان الصهيونية، بما في ذلك استكمال تدمير الجيوش العربية، وتفكيك المنظومات الجوية، واستهداف البنية العسكريّة التحتية في سياق تنفيذ سياسة الفوضى الهدامة؛ تحقيقاً لأغراض ومآرب السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

إنَّ إعلانَ ناطق العدوان الجبير من واشنطن عن بدء عمليات تحالف العدوان بقيادة السعودية، لَدليلٌ واضح على التخطيط السابق بأشهر لشن التحالف العدوانَ الغاشم علي اليمن، وفقاً لتصريحات الجبير سفير الرياض آنذاك في واشنطن.

وإن صبرَ الجمهوريةِ اليمنية الاستراتيجي وعدم ردِّها على الهجمات العسكريّة لتحالف العدوان إلا بعد مُضي أكثر من شهر، لَدليلٌ حاسمٌ على موقف اليمن الجاد تجاه السلام في المنطقة من جهة، وعلى مبادأة التحالف بشن العدوان العسكريّ على اليمن، وعلى تأكيد حق اليمن في الدفاع المشروع عن النفس ضرورةً، من جهة ثانية.

لقد عملت دول العدوان من ناحية ثانية على إشاعة الأكاذيب المفبركة صهيونياً حولَ تهديد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، بل ونصّبت نفسها مدافعاً عن المصالح الدولية، نيابةً عن المجتمع الدولي ومؤسّساته المعنية، كترويجٍ مفبركٍ ما برحت قوى العدوان تُسوغ له في سياق تصريحاتها المتكرّرة حولَ الأهداف المعلنة لتحالف دول عاصفة العدوان منذ اللحظة الأولى لتدخلها العسكريّ في اليمن.

وقد تكرّر هذا التضليل على لسان العديدِ من قيادات العدوان وعبر مختلف وسائط وقنوات إعلام التحالف وعملائه، حتى انكشف ستار أغراض العدوان الفعلية من الترويج الهائل لتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، إذ أعلنت دول العدوان إنشاءَ تحالف ما أسمته بـ “تحالف الدول المشاطئة للبحر الأحمر”، غايتُه الفعلية تنفيذُ سياسة الولايات المتحدة، وتعزيز تواجد كيان الصهاينة في باب المندب والبحر الأحمر تحت مِظلة تحالف إقليمي خطّطت له الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلن عنه الرئيس الأمريكي في وقت سابق، مصرحاً حينها بنوايا إنشاء تكتل دولي يضُمُّ في تكوينه الكيانَ الصهيوني وحلفاءَ الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب بعض الدول العربية، التي أُنيط بها دور تسهيل وتهيئة الأجواء الملائمة لتطبيع العلاقات مع الصهاينة.

وفي مقدمة تلك الدول العربية، السعوديةُ والإمارات كأدوات إقليمية، تعملُ في إطار تحقيق سياسات الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الصهاينة. وهذا ما كشفته بشكلٍ واضح الأحداثُ المتتاليةُ والتصريحات المتعاقبة والتحَرّكات الدؤوبة واللقاءات الأمريكية والصهيونية والخليجية المستمرّة، بما في ذلك مؤتمر “وارسو” الذي شارك فيه إلى جانب كيان الصهاينة عملاءُ التحالف في إطار ما يسمى “بحكومة فنادق الرياض” برئاسة دُمية العدوان وعملائه.

وعلى ذات النهج من التلفيق، تزعُمُ دول العدوان مواجهةَ ما أسمتها بـ “تدخلات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة”، كترويج ممنهج لحديث الصهاينة ومزاعم الولايات المتحدة الأمريكية، وكأحد الأهداف الشائعة والذرائع الزائفة لدول العدوان الصهيوني على اليمن.

غير أن جهود دول العدوان الدؤوبة في سياق تطبيع العلاقات مع كيان الصهاينة، ونشاطها المستمرّ في إطار حرف مسار مجابهة العدوّ الصهيوني، وسعيها الحثيث نحو توجيه الأنظار تضليلاً نحو إيران وحركات المقاومة والتحرّر الوطني من استغلال وتسلط الاستعمار الأمريكي واحتلال الكيان الصهيوني، فضلاً عن تغطيتها الفاضحة لنشاط الصهاينة في المنطقة في ظل تركيز الأضواء المكثّـفة نحو إيران وحركات المقاومة، ومحاولتها التسويغَ الشائنَ للاصطفاف المفضوحِ مع الكيان الصهيوني، لَدليلٌ قاطعٌ على زيف ذرائع العدوان من جهة، وعلى حقيقة الغايات الفعلية لدول العدوان الهمجي على شعب اليمن وسيادته من جهة ثانية.

واللهُ وليُّ الهداية والتوفيق، وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com