وكيل وزارة المالية الدكتور يحيى السقاف في تصريحات خَاصَّة لصحيفة المسيرة: العدوان يستغل الهُدنة لترتيب حساباته السياسية والاقتصادية والعسكرية

المسيرة: عباس حسن

بالتزامن مع انتهاء مهلة الهُدنة التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن والتي تضمنت وقف المواجهات العسكرية والتخفيف من المعاناة الإنسانية لليمنيين وفتح مطار صنعاء والسماح بدخول سفن السلع الأَسَاسية إلى ميناء الحديدة، والتي وللأسف الشديد لم تلتزم الأمم المتحدة ودول العدوان بذلك مع استمرار الخروقات والقرصنة على سفن المشتقات النفطية وعدم تنفيذ فتح مطار صنعاء كما نص عليه الاتّفاق، وعلى أعتاب انتهاء فترة الهُدنة لاح في الأفق إعلانُ المبعوث الأممي في مشاورات عمان عن التوصل إلى اتّفاق على توحيد العملة وصرف المرتبات وإعادة نقل صلاحيات البنك المركزي إلى صنعاء وتوريد جميع عائدات النفط والغاز والضرائب والجمارك إليه.

وفي هذا الشأن وحول الأبعاد السياسية والاقتصادية لدول العدوان من الاتّفاقات ما بعد الهُدنة، يقول وكيل وزارة المالية والكاتب والباحث في الشأن الاقتصادي الدكتور يحيى علي السقاف، في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “للاتّفاق المعلن في مشاورات عمان والذي أشار إليه المبعوث الأممي، أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية، يهدف العدوان إلى تحقيقها من خلال تلك الخطوات المعلنة منها نقل البنك المركزي إلى صنعاء”.

 

خلط الأوراق وتدمير الاقتصاد

الأبعاد السياسية تتلخص بعضها في قطع الطريق أمام الرؤية الوطنية، والحل الشامل الذي تقدم به المجلس السياسي الأعلى إلى المبعوث الأممي كحل شامل لإيقاف العدوان وفك الحصار بشكل كامل وبدون تجزئة، وكذلك تهدف دول العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي إلى استثمار الإعلان عن هذه الهُدنة والاتّفاق في الجانب الاقتصادي والإنساني لما له صدى أمام المجتمع الدولي لإخراج نفسها من السخط الدولي الكبير؛ بسَببِ ارتكابها لآلاف المجازر بحق المدنيين في اليمن ومحاولة الهروب من أمام المحاكم الدولية المختصة، وكما فشلت دول تحالف العدوان ومرتزِقتها في تطبيق بنود الهُدنة خلال الشهريين الماضيين، فَـإنَّها بالتأكيد لن تكون صادقة في تنفيذ تلك الاتّفاقات التي أعلن عنها المبعوث الأممي في عمان.

وحول الأبعاد الاقتصادية، يؤكّـد الدكتور السقاف، أن دول العدوان تسعى إلى تحقيق ما فشلت عنه في الجانب الاقتصادي، حَيثُ يهدف العدوان من هذه الخطوة إلى تحقيق المزيد من التدمير الممنهج للاقتصاد اليمني وضرب الجبهة الاقتصادية، وتحقيق مكاسب وهمية فشل في تحقيقها في جميع الجبهات، ومنها الجبهة الاقتصادية، حَيثُ تؤكّـد جميع المؤشرات الاقتصادية ما وصلت إليه حكومة المرتزِقة من فشل كبير ومخزٍ في إدارة البنك المركزي في عدن نتيجة السياسات المالية والنقدية الفاشلة التي اتخذتها والفساد الغارقة فيه من طباعة العملة المزورة والمضاربة بها ونهبها لعائدات النفط والغاز وجميع إيرادات الدولة فهي تهدف إلى تغطية جميع جرائمها وفسادها في نهب ثروات اليمن السيادية واحتياطاته الخارجية والخروج من هذا الفشل أمام الرأي العام الدولي.

 

ترتيب الصفوف وتعويض الخسائر

وفيما يخص الجانب العسكري، يقول وكيل وزارة المالية السقاف: إن للعدوان الأمريكي السعوديّ ومرتزِقته أهدافاً أُخرى في الجانب العسكري منها محاولة ترتيب صفوفهم وتعويض خسائرهم في جبهات القتال من الهزائم التي تلقوها في الميدان ومنها عمليات كسر الحصار، وضربات القوة الصاروخية والطيران المسيَّر على منشآتهم الاقتصادية الحيوية، التي كان آخرها منشأة أرامكو، وكذا عمليات نصر من الله والبنيان المرصوص وعملية فأمكن منهم، وهزائمهم في الجوف ومأرب وشبوة، وقرب تحرير محافظة مأرب المحتلّة.

ولهذا وبحسب السقاف فَـإنَّ الواقع يثبت أن تحالف العدوان ومرتزِقتهم لم ولن يلتزموا بأية هُدنة أَو وقف لغاراته ولن يلتزموا بأي اتّفاق سواء كان في الجانب الاقتصادي أَو الإنساني، وهو ما يؤكّـده رجال الله في الميدان من أول يوم من العدوان، حَيثُ كانوا ولا زالوا الدرع الحصين ضد كُـلّ المؤامرات والمخطّطات التي تسعى للسيطرة على هذا الوطن ونهب ثرواته، وجوابهم يشهد عليها الانتصارات التي يحقّقوها في جبهات العزة والكرامة ولسان حالهم يقول: لا نريد وقف إطلاق النار أَو هُدنة مجزأة بل نريد حلاً دائماً وشاملاً يتضمن وقف العدوان وفك الحصار وخروج المحتلّ الغاصب من كُـلّ شبر من أرض الوطن الحبيب وتحقيق النصر الكبير بإذن الله.

 

حصارٌ وتجويع

وبحسب الكاتب والباحث في الشأن الاقتصادي، الدكتور يحيى علي السقاف، فَـإنَّ كُـلّ الأحداث التي تحصل في وقتنا الحاضر في العالم ما هي إلا امتداد طبيعي للحرب الباردة التي كانت موجودة سابقًا بين أمريكا وروسيا من جهة وبين أمريكا والصين من جهة أُخرى، وخَاصَّة فيما يتعلق بالحرب الاقتصادية والسباق على السيطرة على التجارة الدولية والمنافذ البحرية والتي اليمن هي جزء هام فيها، لذلك تسعى دول العدوان لفرض اتّفاق لا تتوفر فيه نية حقيقية وصادقة لتنفيذه من جانبهم، حَيثُ جاءت أول الخطوات في مطلع إبريل الماضي، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها عندما قامت قيادة البحرية الأمريكية مع 34 دولة في الشرق الأوسط بتشكيل قوة مشتركة للقيام بدوريات في البحر الأحمر بذرائع وأسباب ضعيفة ووهمية.

وبخصوص الغرض الأَسَاسي الذين يسعون للقيام به من خلال التواجد الأمريكي في البحر، يوضح السقاف أن أمريكا وعبر القوات المشتركة تريد حماية دول العدوان وعلى رأسها النظام السعوديّ والإماراتي المحتلّين من ضربات القوة الصاروخية والطيران المسيَّر، وتغطية هزيمتهم وفشلهم العسكري أمام الجيش واللجان الشعبيّة والقيام بما عجزوا عنه من فرض المزيد من الحصار الاقتصادي على اليمن وتجويع الشعب اليمني واستغلال الملف الاقتصادي والإنساني لتحقيق أهدافهم الخبيثة، والتي تتمثل في تحقيق الأطماع الاستعمارية الأمريكية الصهيونية من خلال السباق على من يسيطر على الثروات الطبيعية من النفط والغاز والتحكم بالتجارة العالمية في منطقة الشرق الأوسط ومن ضمنها التجارة الصينية التي تتربع على عرش أكبر المصدرين حول العالم، حَيثُ بلغت إجمالي صادراتها في عام 2021م حوالي 3.364 تريليونات.

ولهذا لا يخفى على أحد في هذه المرحلة ما يجري من صراع وحرب مشتعلة؛ بسَببِ الاجتياح الروسي العسكري لأوكرانيا وما تقوم به أمريكا وحلفائها من محاولة التصدي للحرب الروسية ومحاولة إفشالها وإضعافها عن طريق دعم أوكرانيا بالسلاح والتدريب وغيرها من الإمْكَانيات ووضع العقوبات الاقتصادية ضد روسيا مما أَدَّى إلى سعي روسي كشف جميع المخطّطات التآمرية لأمريكا في السيطرة على المنطقة وما إلى ذلك من الانقسام الدولي الذي سيحصل في العالم فمنهم من سيقف في صف أمريكا والآخر مع روسيا وكلّ هذا ينذر بوقوع حرب عالمية ثالثة تؤكّـد جميع الحيثيات على أنها ستؤثر على جميع الدول في العالم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com