الجنوبُ.. الذي غابت عنهُ الشمس..بقلم/ رويدا البعداني
إنه ليشق على نفسي أن يمر هذا اليوم دون الكتابة عنه، خَاصَّةً ونحن لا زلنا نعيش في ظل وطأة استعمار عربي عبري أمريكي واستحمار داخلي بلغ من الغباء ذروته.
ثمة شيء في داخلي يهيب بي لأكتب عن بسالة أحرارنا النوفمبريين الذين ما برحوا من جبل ردفان حتى أعلن الاستعمار جلاءه في ٣٠ /نوفمبر /عام ١٩٧٦م.
ولكن…؟ ماذا…؟ هل انتهت الحكاية؟.. أبدًا.. بل للتو بدأت.
لطالما كانت أناشيد الثورة اليمنية كفيلةً لتشعل فتيل النزعة الوطنية في وجدان كُـلّ حرٍ أبيّ، ولعلي كُنت صغيرةٍ في العمر حين احتفلوا بهذه المناسبة الجليلة، وكم وددت حينها أن أرتدي معاقل الكبر لحظتها لأعيّ سر تلك النشوة الثورية التي كان يمتطيها أبطالنا البواسل على أرض اليمن والحكمة.
لا زلتُ أذكر جيِّدًا صوت (محمد محسن عطروش)، وهو يغني “برع يا استعمار برع من أرض الأحرار برع”، كان لهذه الكلمات صدى يعانق هُــوِيَّتي وَانتمائي بين الحين والآخر، وعليه اتضحت الرؤية أكثر أنه تم ردع كُـلّ من سولت له نفسه المساس بأرضنا التي لم تسمى عبثاً بمقبرة الغزاة، وشارعت بالغناء الثوري كعطروش.
هَـا هي حكاية الأمس تعود بنا اليوم إلى ما قبل 53 عاماً لتسرد حال واقع جنوبنا المنكوب الذي ما زال الاستعمار فيه نازلاً ومقيماً، ذلك؛ لأَنَّ أبناءه لم يهبوا لنجدته وردع كُـلّ غاصب محتلّ، بل سمحوا لمن لا هُــوِيَّةٍ له ولا مبدأ أن يتخلل في أوساطهم بزي الحليف، بينما ثعلب مكار حاقد؛ ولذا كان الجزاء وخيماً.
إذ أن هناك مستعمراً أمريكياً وهناك مستعمراً بريطانياً ولكن خلف نقاب خفي مستتر، وكل ما على بهائمنا سوى أن تمدد لهم سبل الحروب، وتساعدهم في نشوب الفتن، وكل ذلك لإسقاط اليمن، ولكننا اليوم كبرنا ووعينا، وزدنا مع العمر علماً بحقيقة أن الاحتلال والاستعمار يتمدد بتمزق الشعوب، ويترعرع بجهل الشعوب، وينحدر وينكسر بتوحد القلوب، وبتغليب قوانين الدين والوطن على النفس.
فيا أهل الجنوب: عودوا إلى حضن الوطن وافتحوا أعينكم مليًا وجليًّا، وانفضوا غبار الاحتلال، واحموا الوطن من الدخلاء.. من الغرباء من شق الجدار، بثورةٍ جديدة تنفي سطور الانقسام، وتثبت ثقافتنا، وتتوج أخلاقنا بالدين والإسلام، وتنبت للأجيال والأشجار والأحجار ربيعاً يزهر للوطن بالحرية والسلام لألف مليون عام، ومن هنا وإلى هناك لا ولن ينتهي المشوار يا ثورة الأحرار.