تقرير:مفترق طرق بين الرياض والقاهرة..تحالف العدوان السعودي على اليمن يواصل الانهيار

صدى المسيرة:إبراهيم السراجي

 

في الأيام الأولى للعدوان السعودي على اليمن كانت هناك تكهنات وقراءات تستشف وجود خلاف بين النظام السعودي والمصري، لكن هذا الخلاف أصبح اليوم حقيقة ملموسة لا تحتاج للتوقعات وتعاظمت مظاهر ذلك الخلاف منذ أعلنت مصر موقفاً صريحاً من التدخل الروسي في سوريا ضد الإرهاب وهو ما اعتبره البعض مفترقا للطرق بين القاهرة والرياض.

 

جاء التدخل الروسي في سوريا بمثابة ضربة قاصمة للمشروع الأمريكي وبطبيعة الحال المشروع السعودي واثار غضباً لدى المعسكر الغربي وهو الغضب الذي وقفت أمامه أمريكا والسعودية عاجزة عن مواجهة روسيا، غير أن تأييد مصر للعمليات الروسية كان ضربة قاصمة للنظام السعودي وأثار الخلاف الكبير بين مصر والسعودية.

 

  • تأييد مصر للتدخل الروسي يضعف تحالف العدوان على اليمن

في الأول من أكتوبر بدأت روسيا غاراتها الجوية على مواقع داعش في سوريا وبعدها جرى اتصال بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي الذي أعلن للأول ترحيب مصر بالعمليات الروسية ضد داعش.

 

وإذا كانت مصر بموقفها في سوريا تكون قد ضحت بعلاقتها بالنظام السعودي القائمة على أساس المال وسارعت لإعلان موقف يتضمن شرارة لخلاف كبير مع الرياض فإن الأخير ردت على الخطوة المصرية بأخرى بدا عليها الغضب والعجز.

 

حيث وجهت السفارة السعودية قبل أيام دعوة رسمية مفاجئة للقيادي الاخواني يوسف القرضاوي في الدوحة لحضور احتفالية رسمية، وقد حظي القرضاوي باستقبال كبير من السفير السعودي وتغطية إعلامية أرسلت من خلالها الرياض رسالة تهديد للقاهرة عبر الإشارة إلى استعداد النظام السعودي لدعم جماعة الإخوان التي تمثل صداعاً للنظام المصري القائم.

 

عندما أعلنت مصر انضمامها للتحالف السعودي ضد اليمن وجدت النخبة المصرية نفسها في موقف محرج فهي التي دعمت السيسي في مواجهة الاخوان من منطلق الإدراك بخطورة المشروع الاخواني على مصر لتجد نفسها مضطرة للسكوت عن انضمام مصر للتحالف السعودي الذي يهدف لتقوية اخوان اليمن والجماعات الإرهابية خصوصاً أن لدى النخبة المصرية علم بإن حزب الإصلاح عندما امتلك السلطة حول اليمن منطلقاً للعناصر الإرهابية التي تم تدريبها ومن ثم ارسالها إلى مصر لتخوض حرب استنزاف ضد الجيش المصري.

 

غير أن المتغيرات التي أدت لنشوب خلاف بين القاهرة والرياض حول سوريا انعكس بطبيعة الحال على تأييد مصر ومشاركتها في العدوان على اليمن وأعطى فرصة مناسبة للنخبة وللإعلام المصري للتحدث بنوع من الحرية عن العدوان السعودي على اليمن وكذلك أن القاهرة اعتادت أن تعبر عن اختلافها مع الدول الأخرى بإطلاق يد الإعلام للهجوم بدلا عن القنوات الدبلوماسية والرسمية.

 

القول بأن خلاف القاهرة والرياض حول سوريا انعكس سلباً على التحالف السعودي في عدوانه على اليمن يأتي من طبيعة النظام السعودي الذي لا يتصرف كدولة وإنما من منطلق مصالح الأسرة الحاكمة وما دمره النظام السعودي في ليبيا إلا صورة لطبيعة سلوك آل سعود فخلافهم مع القذافي على خلفية ملاسنات أورث لديهم حقداً عليه وعلى ليبيا التي تقسمت وتنهشها الحروب والجماعات الإرهابية.

  • النخبة والإعلام المصري مدافع موجهة ضد آل سعود

 

بالعودة للأيام الأولى للعدوان على اليمن نجد أن النظام السعودي استطاع بسهولة إيقاف عدد من الإعلاميين المصريين وإيقاف برامج تلفزيونية على خلفية انتقادات وجهت للسعودية على خلفية عدوانها على اليمن.

لكن الرياض اليوم تقف عاجزة عن وقف البرامج المصرية والإعلاميين والنخب ومنعهم من الهجوم بشراسة على العدوان السعودي وهو نتيجة طبيعية للخلاف الذي نتحدث عنه ومفترق الطرق بين القاهرة والرياض.

 

ظهر الكاتب المصري المخضرم والمعروف محمد حسنين هيكل في الحوار الأسبوعي الذي تجريه معه قناة سي بي سي المصرية والمقربة من النظام المصري في برنامج مصر أين وإلى أين؟ وتحدث بجرأة كبيرة عن العدوان السعودي وما خلفه من دمار في اليمن.

ولدى إجابته عن سؤال حول الحرب السعودية على اليمن قال هيكل أن العدوان دمر ما استطاعت اليمن أن تبنيه خلال مائة عام.

وقال هيكل “في اليمن لم تبق مدرسة واحدة قائمة ولا مستشفى” مضيفاً ان التحالف السعودي “يضرب في اليمن ضرباً عشوائياً ودمر ما استطاع الشعب اليمني أن ينجزه خلال مئة عام”.

وأضاف أن “اليمن يتعرض لمذبحة لا أحد يتكلم حولها وكل يوم الطائرات تقصف في اليمن وهناك أناس كثيرون يموتون والعالم العربي كله يبدو وكأنه غير مهتم والولايات المتحدة مشاركة في ذلك. واستدرك هيكل قائلا ان السياسية الأمريكية الجديدة أوكلت للعرب الضرب في اليمن لمصلحتها هي.

 

وبالعودة مرة أخرى لبداية العدوان السعودي نجد أن النظام السعودي استطاع بنفوذه أن يوقف برنامجاً للإعلامي المصري المعروف إبراهيم عيسى عندما وجه انتقادات للعدوان على اليمن.

يعود الإعلامي المصري إبراهيم عيسى ويعود برنامجه موجها انتقادات أكثر شراسة من سابقتها ولا تستطيع الرياض التي تعاني من مشاكل اقتصادية أن توقفه او توقف برنامجه.

في حلقته الأخير خاطب إبراهيم عيسى وهو يتحدث عن هجوم داعش في عدن التحالف السعودي الإماراتي قائلا: “إنكم تسلمون اليمن لداعش” ثم خاطب مشاهدي برنامجه بالقول إن على أحد ألا يقول إن عدن تحررت بل أصبحت واقعة تحت سيطرة القاعدة وداعش والجماعات المسلحة.

وواصل حديثه للمشاهدين حول وقوع عدن تحت سيطرة القاعدة وداعش قائلا: “إنكم لا تسمعون لأصوات اليمنيين، أنتم تستمعون لصوت الإعلام الحربي العربي إنما الحقيقة مفجعة ولا يراد لليمن أن تكون مثل سوريا بل أن تكون أسوأ من ليبيا”.

وقال الإعلامي المصري أنه يجري تسليم اليمن لداعش نكاية بالحوثيين مضيفاً أن الحوثيين شعب يمني أصيل وعريق لم يأتوا من أفغانستان أو دول أخرى في إشارة للإخوان وأنه يقول ذلك لكي تكون الأمور واضحة على حد تعبيره ولم يرد أن تنتهي حلقة برنامجه قبل أن يوضح موقفه من العدوان على اليمن قائلاً إنه ضد ذلك رغم مشاركة مصر فيه معتبراً ان موقفه هو موقف الشارع المصري.

كما أشاد بقرار مصر بعدم إرسال جنود مصريين إلى اليمن قائلاً إنه لو كان المصريين اليوم يتكلمون اليوم عن ضحايا مصريين في اليمن ما كان يمكن للشعب المصري أن يحتمل أو يتحمل ذلك.

ما قاله الكاتب المصري هيكل أو الإعلامي إبراهيم عيسى لم يكن إلا عنوان بارز لمرحلة جديدة لسلوك النخبة والإعلام المصري والحديث صراحة على خطر دعم الإرهاب في اليمن وانعكاسه على مصر التي تعاني من هجمات مستمرة وإرهابية تقتل بين الحين والأخر عشرات الجنود المصريين وبالتالي انعكاس لصورة أخرى لتفكك التحالف السعودي في عدوانه على اليمن.

 

صحيفة صدى المسيرة العدد64 الاثنين 12 اكتوبر

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com