السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في المحاضرة الرَّمْضَـانَية الـحادية عشرة: لو اتخذت الأُمَّـة قراراً حاسماً بالعودة الصادقة للقُـرْآن لفصلت حالة التبعية لأعداء الأُمَّـة

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.

اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

في الحديثِ عن التقوى على ضوء الآيات القُـرْآنية المباركة نرى مسائلَ مهمةً وجوانبَ أساسية لا بـُـدَّ من ملاحظتها والالتفات إليها، ولكي تتحقَّـقَ التقوى للإنْسَـان، تقوى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى لا بـُـدَّ من العودة إلى القُـرْآن الكريم؛ لنتعرَّفَ من خلال القُـرْآن الكريم كيف تتحقّـقُ لنا التقوى التي بها الوقايةُ بأنفسها من عذاب الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، والتي بها الوقاية لأنفسنا من كُـلّ ما فُطرت عليه نفوسنا من الحرص على الوقاية منه، الوقاية من الشر، الوقاية من الخزي، الوقاية من الضلال، الوقاية من كُـلّ ما يسبّب الهوانَ في الدنيا والآخرة، الوقاية من الشرور والمصائب التي يتسبب بها الإنْسَـان من خلال أعماله السيئة، وإذا عدنا إلى القُـرْآن الكريم نجد أن هناك أسساً مهمةً تقومُ عليها التقوى، ومن أول ما نلحظه في مسألة التقوى وكيف تتحقَّـقُ للإنْسَـان أنه لا بـُـدَّ لنا أن نعرفَ الطريقَ والبرنامجَ المشروعَ الذي تتحقّـقُ لنا به تقوى الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، لا بـُـدَّ لنا من رؤية نعرف من خلالها ماذا علينا أن نعمل لكي تتحقّـق لنا التقوى، وما ينبغي لنا أن نترك، ما ينبغي علينا أن نتجنب، ما ينبغي علينا أن نتوقى لكي تتحقَّـقَ لنا هذه الوقاية، الوقاية من كُـلّ ما نسعى للوقاية منه، كيف نسلم من الضلال، كيف نسلم من الشر، كيف نسلم من الخزي، كيف نسلم من عذاب الله في الدنيا والآخرة.

 

التقوى برنامجُ حياة

اللهُ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى لأهميّة التقوى للإنْسَـان ولأهميّة التركيز عليها بشكل أساسي حتى تتحول إلى برنامج حياة ومشروع حياة ومسار حياة، يصف عبادَه المؤمنين الفائزين المفلحين بالمتقين، بالمتقين؛ لأنَّها حالةٌ لا بـُـدَّ أن يلازمَها الإنْسَـانُ، لا بـُـدَّ أن يرتبطَ بها كمسار حياة، مسار حياة، عمل معين أَوْ مخالفة معينة، أَوْ خطيئة معينة يمكن أن تجلبَ على هذا الإنْسَـان شراً كبيراً وخطراً عَظيماً، يمكن أن تكونَ سببَ هلاك لهذا الإنْسَـان، أَوْ سببَ شقاء لهذا الإنْسَـان، أوَلم تكن خطيئة واحدة لأبينا آدم عليه السلام سبباً لشقائه آنذاك وخروجه من الجنة التي كان ينعم فيها ويرتاح فيها ووفرت له فيها كُـلّ أسباب السعادة والاستقرار ومتطلبات الحياة الأساسية، [إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ]، فكيف بجنة الخلد، جنة الخلد التي وعد الله بها من؟ المتقون، قرأنا في الآيات الماضية أن أغلب الآيات القُـرْآنية التي تحدثت عن الجنة، وعن رضوان الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى الذي هو أَكْبَـر وأعظم من الجنة، وما الجنة إلا من نتائجه من تجلياته من امتداداته، كُـلّ هذا ارتبط بالتقوى، وتعلق الوعد الإلهي به بالتقوى، [تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا]، [أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ]، التي وعد المتقون، [مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ]، وهكذا آيات كثيرة ربطت المسألة بالتقوى، فما أعظم التقوى وما أهميّة التقوى، وما أهم التقوى، وما أهم أن يسعى الإنْسَـان بكل جهده وبالاعتماد على الله وبالاستعانة بالله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى لكي يكون واحدا من عباد الله المتقين.

 

علاقة الإيْمَـان بالتقوى

في القُـرْآن الكريم نتحدث من خلال عدة محاضرات إن شاء الله عن جملة من المواصفات القُـرْآنية الأساسية التي يصفُ اللهُ بها عبادَه المتقين، والمتقون هم المؤمنون، يعني لا يتحقّـق أن يكون الإنْسَـان من المؤمنين، المؤمنين الصادقين، المؤمنين الذين وعدوا من الله بكل تلك الوعود الإلهية العظيمة، أن يحظوا برعاية عظيمة من الله في الدنيا والآخرة، بالفوز بالنجاح بالفلاح بالسعادة، بالخير بكل ما وعد الله به، هي حالةٌ متلازمةٌ، الإيْمَـان والتقوى، يقول الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم [ألَمْ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ]، البرنامج الذي يعود إليه المتقون، والمرجع الثقافي والفكري الذي ينطلقون من خلاله في هذه الحياة، في أعمالهم في مواقفهم في التزاماتهم، في ولاءاتهم، برنامج حياتهم يأخذونه من أين؟ هل من المفكر الفلاني، هناك رؤى في الدنيا، هناك نُظُم حياة في الدنيا، هناك الكثير من أبناء البشر يعتمدون في مسيرة حياتهم، في اتجاهاتهم بكلها على رؤية لفيلسوف معين، أَوْ مفكر معين، كُـلّ اتجاهات الناس في هذه الحياة لها مدارسها، لها مفكروها، لها المفلسفون لها، ينطلقون من خلالها معتمدون عليها في هذه الحياة أَوْ معتمدون لها في هذه الحياة، المتقون اعتمادهم بالأساس هو على كتاب الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، يمثل القُـرْآنُ الكريمُ المرجعيةَ والوثيقةَ الأساسيةَ التي يعتمدون عليها بشكل رئيسي، وبهذا تتحقّـق التقوى، لا يمكن أن تتحقّـق التقوى إلا بهذا، فاللهُ يقولُ: [ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ]، ذلك الكتاب، هذه إشارة إلى علوِّ شأن القُـرْآن في المعاني والبيان والبديع تستخدم الإشارة للبعيد أَحْيَـاناً، ذلك، وبهذا الأسلوب، ذلك الكتاب، الإشارة إليه في علو شأنه، علو شأن القُـرْآن الكريم من جوانب متعددة، أَوّلاً أنه كتاب الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، فله هذه العظمة وهذه الأهميّة وهذه القيمة لكونه كتاب هداية، كتاب عظيم، أنه من الله، كلماته، هديه، ضمنه من علمه، ضمنه توجيهاته، الرحيمة والحكيمة والهادية والنافعة والمفيدة، وضمنه أَيْـضاً الحقائق التي لا ريب فيها ولا شك فيها ولا ريبَ أَبـْـدًا ولا قلق أَبـْـدًا ولا شك نهائياً في أن القُـرْآن كتاب الله بحرفه ومضمونه، كلماته سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، وفي أنه ضمن هذا الكتاب من علمه، من حكمته، وجعله أَيْـضاً تجلياً لرحمته فيما ضمنه وفيما فيه، فالقُـرْآن ننظر إليه هذه النظرة أنه كتاب الله من علمه من حكمته، من رحمته من هديه، من نوره، وفي نفس الوقت أن الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى جعله على مستوى عظيم جِـدًّا في الحكمة في الإتقان، في الإبداع، في الحَـقّ فهو كتاب حق {لا يَأتيهِ الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلا مِن خَلفِهِ} [فصلت: 42] هذه قيمة كبيرة للقُـرْآن في الدنيا هذه كم كتب كم رؤى كم مدارس كم مشاريع قدمت للبشرية لتعتمد عليها لتتمسك بها لتعتمد عَلَّها في حياتها في مواقفها في نظامها في شؤونها في الحياة كم فيها من الباطل كم فيها من الأخطاء كم فيها من الجهل كم فيها من الحسابات الخاطئة والاعتبارات الخاطئة والأفكار الخاطئة، أما القُـرْآنُ فهو حقٌّ محض حقٌّ محضٌ خالصٌ لا يشوبه الباطل بأية نسبة معينة لا بنسبة 1 بـ % ولا 5 بـ % ولا 10 % ولا 20 بـ % كثيرا جِـدًّا في هذه الدنيا من الكتب والرؤى والدراسات والأفكار الأبحاث قد يصل بعضها نسبة الباطل فيها إلى 90 بـ % أَوْ 100 بـ % أَوْ 50 % أَوْ 30 بـ % أَوْ 40 بـ % مخلط يعني نسبة ضئيلة من الحَـقّ أَوْ الحقيقة ونسبة كثيرة جِـدًّا من الباطل من الأخطاء من الأمور التي لا أساس لها لا تعتبر حقا لأي اعتبار من الاعتبارات من حيث مطابقتها للواقع والحقيقة ولا من حيث سلامتها من كُـلّ أشكال الظلم أَوْ الفساد أَوْ غير ذلك، فالقُـرْآن الكريم هو الحَـقّ المحض هو حق كما قال الله عنه {لا يَأتيهِ الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلا مِن خَلفِهِ} [فصلت: 42] بأي شكل من الأشكال وهو الحكمة؛ لأنَّ توجيهاته تعليماته الأوامر التي فيه من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى التوجيهات التي فيه من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى مع كونها حق هي حكمة كلٌ منها فيما يرتبط به من زمن من ظروف من أعمال من مواقف مما تستدعيه الظروف والمراحل يتطابق ويتناسق بحيث يكون أفضل ما ينبغي أن يعتمده الإنْسَـان أَوْ يعتمد عليه أفضل ما ينبغي أن يعتمد عليه الإنْسَـان، إما من حيث أنه مَثَـلاً يناسب هذا الإنْسَـان أَوْ يمثل حلاً لهذا الإنْسَـان مع كونه حق؛ لأنَّ القُـرْآن الكريم توجيهاته هادية تلامس ظروف هذا الإنْسَـان وواقع هذا الإنْسَـان ومتطلبات حياة هذا الإنْسَـان فهو أحسن ما يعتمد عليه في المواقف يكون هو أحسن موقف في الأعمال أحسن عمل في التصرفات أحسن تصرف في كُـلّ الاعتبارات اعتبار الخير لهذا الإنْسَـان اعتبار الحل لهذا الإنْسَـان وكل الاعتبارات التي يمكن أن يتطرقَ إليها الإنْسَـانُ بأي شكل من الأشكال.

 

 علاقتنا بالقُـرْآن

هذه مسألة مهمة جِـدًّا الكتاب القُـرْآن الكريم له عظمة وقيمة أنه من الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى ومن إبداعه من علمه من حكمته برحمته برحمته أرحم الراحمين والذي يريد لنا بحكم رحمته لنا ما فيه الخير لنا ما فيه السعادة لنا ما فيه الفوز ما فيه السمو لنا ما فيه الكرامة لنا ما فيه العزة لنا ما فيه كُـلّ الاعتبارات المهمة والعظيمة والمفيدة والنافعة والمشرفة لهذا الإنْسَـان موجودة في هذا الكتاب، في تعليماته، في هديه، فيما فيه من الحقائق، فيما فيه من المعارف، فيما فيه أَيْـضاً من الحقائق الواسعة، التي يستفيد الإنْسَـان وينتفع من معرفته بها ثم تتحقّـق له الوقاية ثم تحقّـق له الوقاية، القُـرْآن الكريم بعظمته بأهميته بقيمته باعتباره الحَـقّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وباعتباره صلةَ وصل مع الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى صلة بالله وصل مع الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى لا ينفصل عن الله في تقديره الأخذ به يساعد على أن تحظى بمعونة إلهية وتحظى برعاية إلهية بتأييد إلهي بتوفيق إلهي بهداية إلهية فالتعامل مع القُـرْآن لا يأتي في حالة منفصلة عن الله، كتاب نعكف عليه هناك ونرى أن تعليماته تعليمات هناك منفصلة لا تربطنا بالله على العكس هي تربطنا بالله الأخذ بها يترتب عليه تدخل إلهي في شؤون حياتنا بالرعاية بالهداية بالرحمة بالتوفيق بالمعونة بالدفع بما يدفع الله عنا وفيما يعطينا وفيما يهيئه لنا فيما يقدم لنا من عطاءات نفسية ومعنوية وروحية ومادية وبكل الأشكال فهذا يعطي قيمة عظيمة جِـدًّا جِدًّا جِـدًّا للقُـرْآن الكريم أنه في أصله فيما تضمّنه هدى خير حكمة رحمة حق حقائق إلى آخره, وفي أنه يمثل صلة بالله الأخذ به يتيح لك هذه الرعاية الإلهية الواسعة يهدي به الله من اتبع رضوانه تحظى بالبركة من الله {كِتابٌ أَنزَلناهُ إِلَيكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّروا آياتِهِ} [ص: 29] مبارك البركة، هذه مسألة مهمة بالنسبة للإنْسَـان أن يحظى من الله برعاية وبركات في كُـلّ شؤون حياته البركة في النفس بركة في الفهم البركة في الجوانب النفسية في الحياة بكلها، {لا رَيبَ ۛ فيهِ} [البقرة:2] لا ريب فيه أَبـْـدًا لا ريب فيه أنه من الله ولا ريب في أيٍّ من حقائقه كلها حقائقُ مؤكَّدةٌ موثوقة متطابقة مع الواقع لا التباس في ذلك، ولا نقص أَبـْـدًا في أية حقيقة من حقائقه القُـرْآن تام تامٌّ في عدله تامٌ في صدقه تامٌ في حقيقته، هدى للمتقين علاقة المتقين في القُـرْآن الكريم هي علاقة الاهتداء علاقة الاهتداء، والاهتداء فيه فهم معه تأثر والتزام معه تفاعل والتزام عملي وهذه مسألة من أهم المسائل على الإطلاق؛ لأنَّ الكثيرَ من الناس لم ترتقِ علاقتهم بالقُـرْآن إلى درجة الاهتداء به في شؤون حياتهم في مواقفهم في ولاءاتهم في مسيرتهم في الحياة البعض علاقتهم بالقُـرْآن علاقة محدودة جِـدًّا مَثَـلاً الالتزام ببعض من الأمور التي تضمنها ضمن ما ورد في القُـرْآن أن نصليَ نصلي ومما ورد في القُـرْآن أن نصومَ يصوم ضمن ما ورد في القُـرْآن أن نزكي البعض يزكي والبعض عندهم مشكلة في الزكاة، البعض في جوانب عملية معينة يعني البعض قد يتجه في نسبة أمور حياته مواقفه توجهاته في هذه الحياة بنسبة 1 % والباقي من غير القُـرْآن ومن غير ما يتطابق مع القُـرْآن إما وفق المزاج النفسي وهوى النفس أَوْ بالتبعية العمياء لآخرين ليس لهم هذه العلاقة بالقُـرْآن، علاقة الاهتداء بالقُـرْآن، أصلاً لم يتخذوا قرارَهم في أن يعودوا في كُـلّ شؤون حياتهم ومواقفهم وتوجّهاتهم ومسيرتهم في هذه الحياة لينطلقوا على أساسِ الإتباع للقُـرْآن، البعض لم يصل يعني بكل وضوح إلى اتخاذ قرار لهذا الشأن, وبديهي وبشكل طبيعي هو يبني على أنه ينطلق في هذه الحياة من خلال منطلقات أُخْــرَى رؤى أُخْــرَى توجهات أُخْــرَى أفكار أُخْــرَى، يعني التوجه من أساسه لم يتحصل بعد عند البعض ما قد عنده توجه ما بلا أنا عاد عندي إلا غلط ولا ما قد سبرت المسألة ولا ما قد نظّمها ولا عاد عنده التباسات، أَصْـلاً ما قد فكر في الموضوع واتخذ قرار بهذا الشأن.

 

 علاقةُ المتقين بالقُـرْآن

علاقةُ المتقين بالقُـرْآن علاقة اهتداء، فهم يعودون إليه ليسترشدوا به ليتنوروا به ليستبصروا به يتخذون الموقف الذي يوجّهُ إليه القُـرْآنُ، يلتزمون بالعمل الذي يأمُرُ به اللهُ في القُـرْآن ينتهون عما نهى الله عنه في القُـرْآن يعتبرون التوجيهات الواردة في القُـرْآن توجيهات ملزمة في كُـلّ ما ألزمت به كُـلّ الأوامر الإلزامية في القُـرْآن يعتبرونها إلزامية، النواهي والمحرمات في القُـرْآن يعتبرونها بالنسبة لهم محرمة يمتنعون عنها إذا أخطئوا رجعوا إذا خالفوا رجعوا يعتبرون أنفسهم ملزمين، هذه قضية أساسية لا تتحقّـق التقوى إلا بها وهناك تلازم بين الأمرين، يعني لا يتحقّـق للإنْسَـان أن يكون متقياً إلا بالاهتداء بالقُـرْآن ولا يتحقّـق لهُ أن يكون مهتديا بالقُـرْآن إلا بالتقوى؛ لأنَّ البعض لهم علاقة غير علاقة تقوى بالقُـرْآن الكريم غير علاقة اهتداء، مثلاً علاقة البعض بالقُـرْآن الكريم علاقة النظرة إليه كوثيقة إلهية محترمة ننظر إليها باحترام بقدر من الاحترام الرمزي ما شاء الله القُـرْآن كتاب الله كتاب عظيم ومحترم الله يبارك فيه يمسح عليه ما شاء الله ما شاء الله ويطرحه في الكوّة وسابر هنياك هذا كتاب الله، لكن عملياً في مواقفك رؤيتك حتى تفكيرك نظرتك هذا القُـرْآن كتاب مليء بالهداية الإلهية نور الله رؤيتك تقييمك نظرتك إلى الحياة إلى الأحداث مواقفك هل تعتمد فيها على هذا الكتاب؟ قال لا، أنا انتمي إلى الحزب الفلاني لنا رؤانا المعينة كيف هو موقفك كيف هي رؤيتك كيف هي اتجاهاتك في هذه الحياة كيف أعمالك تصرفاتك القُـرْآن يا أخي ما شاء الله كتاب محترم ما شاء الله الله يبارك فيه ويمسح عليه ويطرحه في الكوة، لكن لن ينظر إليه ككتاب هداية أبداً يعتمد عليه كُـلّ هذا الاعتماد. البعض لا بأس نحن سنأخذ من القُـرْآن، القُـرْآن كتاب مهم الله أمرنا في القُـرْآن نصلي كيف ما نصلي وأمرنا لكن أمرنا نجاهد ما نشتي نجاهد أمرنا ننفق ما نشتي ننفق ولاءاتنا هل هي محكومة بهذا القُـرْآن لا لها اعتبارات أُخْــرَى لها نظرة أُخْــرَى لها استراتيجية ثانية، مواقفنا هل تعتمد على هذا الكتاب؟ لا، المسألة ثانية مدري ما هو ذاك ويحاول يخارج نفسه ويغالط نفسه، العلاقة الصحيحة للأُمَّـة كيف ينبغي أن تكون لنا كمسلمين في القُـرْآن الكريم هي هذه علاقة المتقين بالقُـرْآن علاقة الاهتداء بالقُـرْآن البعض ما شاء الله اهتمام بالقُـرْآن من حيث القراءة الاهتمام اللفظي غير الاهتداء الاهتمام اللفظي بالقُـرْآن قراءة وتجويد وعندهُ اهتمام بشكل رهيب جداً بالإدغام بغنة الإدغام بلا غنة والإخفاء والقلقلة والإظهار ونبرات الصوت، كُـلّ أحكام التجويد عمل على أن يتقنها جداً وبذل جهداً كبيراً في ذلك، طبعاً هذه المسألة تحظى فعلاً يعني في أوساط الأُمَّـة قطاعات كبيرة من أبناء الأُمَّـة تعطي اهتماماً كبيراً جداً جداً بتجويد القُـرْآن وتعطي عناية بالطبع الآن مصاحف كثيرة تطبع في طبعات يراعى فيها التجويد في القُـرْآن وتعتمد فيها عملية التلوين لتساعد الإنْسَـان على إتقان قراءة القُـرْآن وتجويده وترتيله وهناك البعض أيضاً يدخلون مسألة الصوت بعناية قصوى وَ… إلخ.

 

الوهابية والاهتمام الشكلي بالقرآن

ثم تأتي إلى كثير من هذه الفئات كيف هي مثلاً الحركة الوهابية والنظام السعوديّ ممن برزوا في العالم الإسْـلَامي على اهتمام كبير جداً بالطباعة للمصحف الشريف وبالاهتمام اللفظي بالقراءة والتجويد والإدغام وسيعتمد قراءة يعني سيبذل جهداً كبيراً في أن يتقن قراءة (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) ما شاء الله اهتم للإدغام فإنَّـــــهُ وسيهتم بالصلة فإنـَّـــــهُ وكل أحكام التجويد سيتقنها جيداً ولكنهُ مملوك من أخمص قدميه إلى قمة رأسه ولاءً لزعيمه الذي يتولى أمريكا ويتولى إسرائيل ولاءً مطلقاً ولاءً مطلقاً، هو بعيد عن مضمون الآية القُـرْآنية واهتمَّ بتجويدها ولكنهُ لم يهتد بها يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء المد المتصل سيهتم به ومن.. بعضهم أولياء بعض.. سيهتم بالمسألة ويبذل فيها اهتماماً كبيراً هذه حالة مأساوية لدى الأُمَّـة الإسْـلَامية.

لا يمكن أن نضحكَ على الله ثم تعمل مجمع لطباعة المصحف الشريف تطبعه تطبعه تطبعه رب قارئ للقُـرْآن والقُـرْآن يلعنه هذا حديث عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وحديث واقعي من الذين لعنهم الله في القُـرْآن الكريم ألم يلعن الظالمين كم ربما كثير من أبناء الأُمَّـة الإسْـلَامية يتلو ما تيسر من القُـرْآن الكريم وهو مصر على الاستمرار في الظلم هو من ضمن الظالمين كم يا ظالمين وكم يا مواقف ظالمة، البعض من الناس في القُـرْآن الكريم يتولى أعداء الأُمَّـة وهذه خيانة يتولى أمريكا ويتولى إسرائيل هذه خيانة كبيرة للأُمَّـة وقضية خطيرة تصلُ في درجة خطورتها إلى مستوى قول الله تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ).

 

دعوة لعودة صادقة إلى القُـرْآن

لو أن الأُمَّـة تتخذ قراراً حاسماً بالاهتداء بالقُـرْآن والعودة إلى القُـرْآن عودة صادقة نظيفة سليمة أول مكسب سيتحقّـق ولن يتم ذلك إلا بهذا هو فصل حالة التبعية لأعداء الأُمَّـة، كُـلّ الذين يبدون اهتَمَاماً بالتجويد والقراءة والطباعة والتلاوة للقُـرْآن الكريم وهو في حالة من التبعية لأعداء الأُمَّـة حالة من التبعية لأمريكا وإسرائيل لليهود والنصارى أمريكا وإسرائيل هؤلاء لا يمكن أَبـْـدًا أن يكونوا مهتدين بالقُـرْآن الكريم على الإطلاق لا يمكن أن يكونوا بالقُـرْآن الكريم الاهتداء بالقُـرْآن سيجعلك تحمل رؤية القُـرْآن نظرة القُـرْآن فكرة القُـرْآن موقف القُـرْآن هذا له أثر عليك في نفسك في فكرك في ثقافتك في رؤيتك في توجهك في موقفك في عملك في ولائك في مسيرتك في الحياة، أما أسلوب المخادعة فهو الأسلوب الرخيص التافه الذي هو اتخاذ آيات الله هزوا اهتمام لفظي اهتمام شكلي طباعة وتجويد ومخالفة تامة، اتجاه في المواقف في الولاءات في الأعمال في مسارات الحياة في كُـلّ ما هو مهم في هذه الحياة وفق الرؤية الأمريكية، النظام السعوديّ يتحَـرّك وفق الرؤية الأمريكية ضمن الموقف الأمريكي الإماراتي يفعل كذلك، من يرتبطون بالنظام السعوديّ سواء حركات إسْـلَامية مطاوعة أئمة مساجد خطباء عسكريين إعلاميين سياسيين هم في نفس الاتجاه، اتجاه النظام السعوديّ والنظام الإماراتي ضمن الاتجاه الأمريكي ضمن البوصلة الأمريكية والإسرائيلية من يرتبطون به يتجهون نفس الاتجاهات مهما جودوا مهما طبعوا من المصاحف مهما وزّعوا القُـرْآن يلعنهم (رُبِّ قارئٍ للقُـرْآن والقُـرْآنُ يلعَنُه) هذا على المستوى العام (هدى للمتقين) فالمتقون علاقتهم بالقُـرْآن علاقةُ اهتداء.

نتحدث إن شاء الله في الكلمة القادمة حول هذه العلاقة كمحور رئيسي في التقوى وما يتعلق بها أَيْـضاً من اهتمامات ومواصفات إضافية على ضوء ما ورد في كتاب سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى وفي آياته المباركة.

نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى أن يتقبَّلَ منَّا ومنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ الأعمال، أن يوفقنا لنكونَ من عِباده المتقين المهتدين بكتابه، وَأَن يَرْحَمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وأن يشفيَ جرحانا ويُعافي مرضانا ويفكَّ ويفرِّجَ عن أسرانا، وأن ينصُرَنا على أعدائنا، إِنَّهُ سَمِيْـعُ الدُّعَـاء..

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com