تقرير : سكاكين القاعدة في عدن تذبح على القضية الجنوبية وتطال رموز الجنوب

صدى المسيرة : إبراهيم السراجي 

 

بعدَ أكثر من أربعة أشهر من العُـدْوَان السعودي على الـيَـمَـن، وتجييش المرتزقة من السنغال وباكستان، بالإضافة إلى آلاف الغارات التي شنها طيرانُ العُـدْوَان السعودي على عدن، مدمراً بُنيتها التحتية، من محطات كهرباء وصوامع غلال وموانئ، ودخول مئات الآليات الإماراتية، لم يجنِ الجنوبُ من كُلّ ذلك سوى إصابة القضية الجنوبية في مقتل وحضور سكاكين القاعدة.

ولم يكن بإمكان القضية الجنوبية أن تصمد وقد انجر بعض القيادات الجنوبية للمشروع السعودي فاصطفت القضية الجنوبية مع قضايا أفقدتها وجودها، وإلا كيف بالإمكان الحديثُ عن قضية جنوبية يقاتل بعض فصائلها في صفوف السعودية باسم الشرعية المزعومة؟.

الذين حملوا في الماضي القضية الجنوبية وظهروا باسمها مثل علي سالم البيض أو حيدر العطاس الذي انتهى حديثَه باسم القضية الجنوبية بأن قبل بمنصب مستشار لهادي تحت مظلة الشرعية المزعومة داخل الرياض، هؤلاء يعجزون عن تقديم إجابة واحدة عما أنجزته القضية الجنوبية من خلال وقوفهم مع العُـدْوَان سوى حضور سكاكين القاعدة التي شرعت بذبح شباب الحراك الجنوبي الذي رفض تأييد العُـدْوَان، بل وفق قوائم أعدتها حكومة هادي الذي أَصْـبَـح العطاس مستشاراً له، فمن أية زاوية يستطيع أن يتحدث عن القضية الجنوبية بعد اليوم؟.

يستطيعُ تنظيمُ القاعدة أن يقدم نفسَه اليوم على أنه الرابح الوحيد مما حدث في عدن، ويستطيع أن يواصل معاركه اليوم في دار سعد بعدن ضد إحْـدَى فصائل الحراك الجنوبي، بعد أن كان الهدف الوحيد الذي دفع بالجيش واللجان الشعبية لدخول عدن بشكل خاص والجنوب بشكل عام، لكنه اليوم استفاد من تعويم القضية الجنوبية وإقحامها في صفوف العُـدْوَان السعودي فأَصْـبَـح الحراك الجنوبي اليوم هدفاً سهلاً لتنظيم القاعدة، وما يحدث من مواجهات بينهما في دار سعد بعدن إلا واحدةٌ من تلك الشواهد التي تؤكد حجم الاستفادة التي حصل عليها تنظيم القاعدة، الذي لم يحدث أن كان هدفاً لطيران العُـدْوَان السعودي، بخلاف ما حدث للحراك الجنوبي من استهداف سعودي كما حدث في لحج وتحديداً في بلة وصبر عدة مرات وراح ضحيتها العشرات من مقاتلي الحراك الجنوبي، وانتهت بمطالَبة بإجراء تحقيق في تلك الضربات لم تلق السعودية لها بالاً.

 

  • سكاكين القاعدة.. وتجاهل ناقوس الخطر

في السابق عندما تحرَّكَ الجيشُ واللجانُ الشعبية لمواجهة القاعدة في المحافظات الشمالية، كان ذلك نتيجة خطوة استباقية لتدارك ما حدث في سوريا والعراق وليبيا، هذه الخطوة التي نجحت في الشمال بفعل ثورة 21 سبتمبر وفي وقتٍ كانت السعودية تلملم أوراقها المبعثرة في الـيَـمَـن، ولكنها سعت لإفشال التصدي للقاعدة في الجنوب، فما كان من سكاكين القاعدة إلا أن حضرت بقوة في حضرموت وعدن.

خلال الفترة الماضية حذّر السيد عبدالملك الحوثي في عدة خطابات من المؤامرة التي تسعى لتمكين القاعدة من إقامة إماراتها في الـيَـمَـن وارتكاب جرائم الذبح والحرق بحق أبناء الـيَـمَـن، واعتبر مواجهةَ تلك المؤامرة مسؤولية الجميع، فاستطاع الجيش واللجان الشعبية طرد عناصر القاعدة في محافظات الشمال كالبيضاء وإب والعاصمة صنعاء أيضاً، كما نجحوا في ذلك في الجنوب قبل أن يتدخل العُـدْوَان السعودي الذي وفّر غطاءً جوياً للقاعدة انتهى بتقويتها في عدن ودعم مشروعها في حضرموت، ولم تحصل عدن من ذلك إلا على الدمار.

كما خاطب السيد عبدالملك الحوثي مراراً الجنوبيين محذراً لهم من خطر القاعدة ومؤكداً أن خطرها عليهم أكبر من خطرها على شمال البلاد، ولكن هذه التحذيرات اصطدمت بالمال السعودي الذي تمكن من شراء بعض القيادات الجنوبية وطوَّعها لتعمل في خدمة المشروع السعودي الذي حصدت ثمارَه القاعدة دون غيرها.

 

  • سكاكين القاعدة تطال رقاب شباب الجنوب أولاً

إذا كان النظامُ السعوديُّ قد تمكن من شراء بعض القيادات الجنوبية التي انضوت في صفوفه وقبلت بذلك على حساب القضية الجنوبية، غير أنه فشل في شراء بعض فصائل الحراك الجنوبي التي نأت بنفسها عن تأييد العُـدْوَان السعودي والقبول به، مدركة أن ذلك سيكون على حساب القضية التي يحملونها، ولذلك لجأ النظام السعودي إلى إرهاب تلك الفصائل التي رفضته تارةً باستهدافهم بالغارات الجوية، وأخرى بتوجيه إرهاب القاعدة إليهم.

وفي نهاية شهر يوليو الماضي قامت عناصر القاعدة في عدن باختطاف 12 من شباب الحراك الجنوبي الرافض للتدخل السعودي وقامت بإعدامهم بالسكاكين وفق قوائم أعلن عنها المدعو رياض ياسين وزير خارجية الهارب هادي الذي حاول إصباغَ صفة التواطؤ عليهم.

وقد أكد ناشطون من الحراك الجنوبي السلمي آنذاك أن المدعو نايف البكري من حزب الإصْـلَاح والذي تم تعيينه محافظاً لعدن وكذا عبده الحذيفي المعَيَّن وزيراً للداخلية من قبل هادي يقودان حملة لتصفية شباب الحراك الجنوبي السلمي عبر تنظيم القاعدة بحجة أنهم سهَّلوا دخول الجيش واللجان إلى عدن.

وفي مقابلة سابقة أجرتها قناة الجزيرة القطرية مع الحذيفي أكد فيها أنه تم إلقاءُ القبض على كتيبة من الحرس الجمهوري في المعلا بعدن.

الرواية السابقة نفاها ناشطون في الحراك وأكّدوا بالصور أنه جرى إعدام 12 شاباً من نشطاء الحراك كانت وسائل إعلامية تابعة لهادي والإصْـلَاح قد نشرت قوائم بأسمائهم ضمن المطلوبين قاعدياً وسعودياً بتهمة التواطؤ مع اللجان الشعبية والجيش.

جريمة الإعدام تلك التي ارتكبتها عناصر القاعدة بالسكاكين وجرى نشرُ الصور في الوسائل الإعلامية باعتبارها انتصاراً، كان المدعو رياض ياسين وزير خارجية هادي قبلها بساعات يؤكد في حوار مع صحيفة الرياض السعودية أن “حكومته” تملكُ قوائمَ بالأسماء لمَن أسماهم المتواطئين مع الجيش واللجان الشعبية وآخرين كانوا يتعاملون مع حكومته وفي الخفاء يتعاملون مع من أسماهم المتمردين.

 

 

  • القاعدة تعدم باعة متجولين في عدن باسم المناطقية

سيطرت عناصر القاعدة على أحياء عدة في عدن بالتزامن مع دخول القوات الغزية السعودية والإماراتية التي وفرت غطاءً عسكريا لتحركات التنظيم الإرهابي الذي بادر إلى خلق مشكلة مناطقية لإثقال كاهل الجنوب وتغييب الصوت الجنوبي، فقامت عناصر القاعدة بإعدام بعض الباعة المتجولين في عدن القادمين من المحافظات الشمالية.

وبينما يوفر العُـدْوَان السعودي الغطاء الجوي لتوسع التنظيمات الإرهابية على غرار داعش والقاعدة، فإن ما تقدم عليه تلك العناصر من الجرائم البشعة يتم بغطاء إعلامي سعودي.

ففي حين كانت تلك العناصر تعدم الباعة المتجولين الذي بحسب المعلومات أن جلهم من محافظة تعز، كانت قناة العربية تبث أخبارا عن أسر ما أسمتهم جنود من الحرس الجمهوري متنكرين بهيئة باعة متجولين في خطوة لتبرير إعدامهم وإبقاء جثثهم مرمية في شوارع عدن.

 

  • المعركة المبكرة مواجهات بين القاعدة والحراك في عدن

التناقضات التي احتواها النظام السعودي لم يكن مخططا لها أن تصمد فالغاية لم تكن في الجنوب أن يتحقق الاستقرار، ولكن أن تستمر الفوضى بين الأطْــرَاف بشرط أن يحتويها النظام السعودي، فمع توسع القاعدة في عدن بالتزامن مع دخول القوات الغازية إليها نشبت مواجهات متكررة بين عناصر القاعدة وإحْـدَى فصائل الحراك الجنوبي في منطقة دار سعد بعدن.

وخلال الأسبوع الماضي نشبت الاشتباكات بين عناصر القاعدة بقيادة المدعو “أبو البراء” والحراك الجنوبي في دار سعد بقيادة علي البوكري على خلفية قيام عناصر القاعدة برفع رايات التنظيم في شوارع دار سعد وتجوالهم على متن الدراجات النارية رافعين تلك الرايات.

وبحسب المعلومات الواردة من عدن والتي تنشرها وسائل إعلام جنوبية فإن تلك المواجهات تتكرر في الحين والآخر بسبب تكرار عناصر القاعدة لسلوكهم الذي اعتبره الحراك الجنوبي استفزازا متعمدا لهم.

 

  • منازل قيادات الحراك ورموز الجنوب في مرمى القاعدة

وفيما يبدو أنه استهداف سعودي لكل ما هو جنوبي خارج عن سيطرتها تقوم عناصر القاعدة بإثبات قدراتها وتحركاتها بحرية في عدن هذه المرة لاستهداف منازل رموز الجنوب وقيادات الحراك، كان آخرها اقتحام منزل العميد علي القحيف القيادي في الحراك وقبل ذلك اقتحام منزل الرئيس عبدالفتاح إسمَاعيل.

حيث شهدت عدن قيام مجموعة من عناصر القاعدة أمس الأول باقتحام منزل العميد علي القحيف وقاموا بنهبه في خطوة قبل تفجيره حيث يقع المنزل في منطقة الحوم بدار سعد خلف محطة السلام.

كما قامت عناصر تابعة للهارب هادي مسنودة بعناصر من القاعدة باقتحام منزل الرئيس عبدالفتاح إسمَاعيل الكائن في حي السفارات بخور مكسر.

ونقلت وسائل إعلامية جنوبية عن أسرة الرئيس إسمَاعيل قولهم إن مسلحي لجان هادي اقتحموامنزل الرئيس الأسبق عبدالفتاح إسمَاعيل، ومكتب ابنته المحامية وفاء عبدالفتاح إسمَاعيل، وقاموا بإتلاف محتوياتهما واحتلالهما.

وأضافت أن مسلحين من لجان هادي يقودهم شخص يدعى شكيب كدكد، قادوا عملية الاقتحام واحتلال المنزل ومكتب المحاماة بدون أي وجه حق.

ولفتت، أن المقتحم “شكيب كدكد” يدعي أن المنزل ملك أسرته، رغم أنهم حصلوا من الدولة على ثمن التعويض بأضعافه 3 مرات، وتهربوا ولم يدفعوا قيمة قرض بناء المنزل للبنك حينها، وغادروا إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي.

 

صحيفة صدى المسيرة العدد 51 الأثنين 10 اغسطس 2015

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com