البُعدُ عن الدين سببُ فُرقةِ المسلمين وعنجهيةِ الصهاينة المعتدين
محمد أحمد البخيتي
دعك من طوفان الأقصى ومن النظرة السطحية لما يجري في فلسطين، وستجد الحقيقة لا تعتريها الشكوك، ولا تحجب عن رؤيتها الشوائب، وستعلم ألا غرابة فيما تسمعه أَو تشاهده كدعم أمريكا لإسرائيل وزيارة بلينكن للرياض والقاهرة وتل أبيب، واستنفار بريطانيا، وعويل الأعراب، وحيادية الأذيال، ومواقف المتخاذلين، وإدانة العملية من قبل المطبعين، وحيادية الزعماء المذبذبين، وتنازلات وحملات انتقاد الإمَّعات والمنتفعين من الكُتاب والناشطين، وتواطؤ وصمت معظم قنوات وإمبراطوريات إعلام الأعراب المتصهينين، وسقوط أصحاب شعارات تبرعوا لفلسطين، أدعياء الدين الذين طالما تشدقوا بنصرة فلسطين ودعم المجاهدين.
فحرب السلاح ومنهجية القتل وحصاد الأرواح التي ينتهجها كيان الاحتلال الصهيوني اليهودي ليست سوى مكملة لحروب دينية فكرية ثقافية شاملة، كان بدايتها تاريخ وفاة الرسول -صلوات الله عليه وآله- وتوظيف منابر وجوامع وفتاوى المسلمين لطاعة الحكام وشرعنة الطاعة لهم ولو على حساب مبادئ الدين والظلم للمحكومين، ونهايتها حملات الاستشراق والمستشرقين، ومخرجاتها من الثقافات الدخيلة على الدين، عن طريق جماعات وعلماء ومذاهب وتيارات متطرفة محسوبة على الإسلام والمسلمين، التي تسيئ للإسلام بعقائد خارجة عن مصادر الدين وثقافات أتت من خارج الثقلين.
وتوظف منابر ومدارس وجامعات المسلمين لبث سموم الفرقة ومنهجية التحشيد وَالتحريض والتكفير لبقية طوائف المسلمين، في إطار مساعيها لتنفيذ مخطّطات أعداء الدين، التي تهدف لضرب الإسلام بالإسلام، وتجييش الطاقات والقوة البشرية وشباب الأُمَّــة الإسلامية الذين يحملون روحية الجهاد في حروب داخلية تنهك الشعوب وتدمّـر الاقتصاد وتستنفد عوامل القوة وتسهل للأعداء مهام الغزو والاحتلال للدول الإسلامية.
ولو تأملنا الأحداث والمستجدات التي تفتك بالأمة الإسلامية من حولنا واستحضرنا الماضي وبحثنا في عتبات التاريخ وصفحاته المظلمة ودهاليزه العميقة لوجدنا من خلال الأحداث وترابطها الوثيق وتسلسلها التاريخي العجيب أن سبب عنجهية وعربدة العدوّ الصهيوني مخطّطات استهدفتنا سلفاً، وأن وراء كُـلّ مظاهر الفرقة والتناحر والاقتتال وكل أدوات القتل وآلات حصاد الأرواح وكل مصاب أَو داء ألم بجسد الأُمَّــة وتسبب في مآسيها وجراحها وأمراضها الخبيثة والمستعصية خطوات زرعها اليهود والمسيحيين ضمن حربهم التاريخية الشعواء على الإسلام والمسلمين، وثقافات دخيلة جعلوها كجزء لا يتجزأ عن مبادئ الدين، ساعد في نشرها وتعليمها وتربية وتثقيف وتعبئة أجيال الأُمَّــة بها عبر التاريخ كعقائد من أَسَاسيات الدين حكام ورؤساء وملوك وعلماء وخلفاء وولاة مسلمين.
حالهم حال الحكام المتخاذلين والزعماء المحايدين وعلماء البلاط والإعلاميين المنتفعين ومطبِّعي الكيانات الطارئة، التي أنشأتها بريطانيا على خارطة الأُمَّــة العربية، بالتزامن مع مخطّطها لزراعة كيان الاحتلال على أرض فلسطين كخناجر مسمومة في خاصرة الأُمَّــة الإسلامية، تسخر ثرواتها لحروب العدوّ على الأُمَّــة وتوظف إمبراطورياتها الإعلامية وناشطيها وساستها لخدمة أعداء الدين، ويتوسط ويرأس ملوكها ورؤساؤها وحكامها كُـلّ اجتماعات الدول العربية والإسلامية، ويثبطون أي نشاط إيجابي من شأنه لملمة الصفوف وتوجيه بُوصلة العداء نحو الأعداء الحقيقيين، ويرفضون إلَّا توجيه بوصلة العداء إلى داخل المسلمين، ناهيك عن الأحزاب والمذاهب والجماعات والساسة والعلماء والناشطين والإعلاميين الذين يسخرون قدراتهم للتحريض على من يقفون مع مقاومة فلسطين، ويجيشون طاقاتهم في ما يخدم الصهاينة المحتلّين ومشاريع وأجندات أعداء الدين ويشعل فتيل الحرب بين أبناء المسلمين.
لذلك لا غرابة في ازدواجية المعايير الأممية التي تبرّر للجلاد وتدين الضحية، والتي لا تظهر إنسانيتها وإداناتها إلَّا وفق الإرادَة الأمريكية والغربية، ولا في عربدة الصهاينة واستنفار البريطانيين وتحَرّكات الأمريكيين وتنقل بلينكن لدعم كيان الاحتلال بين دول الإسلام والمسلمين وجرائم الإبادة بحق الفلسطينيين، فجسد الأُمَّــة نخرته حروب عنصرية وفكرية وسياسية واجتماعية وطائفية ومناطقية كثيرة، وزرعت بريطانيا وأمم الشر في خاصرتها خناجر مسمومة وكيانات طارئة وزعماء ورؤساء وملوك تابعين للمخابرات الصهيونية والأمريكية والغربية، وكما قال الشاعر (تأبى العصيُّ إذَا اجتمعنَ تكسراً وَإذَا افترقنَ تكسَّرتْ آحاداً)؛ لذلك إذَا لم نصحح أوضاعنا فما بعد فلسطين سوريا والأردن ومصر ولبنان وسيستمر الحال بالصهاينة حتى يتم استكمال مشروع “حدودك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات”.