مشاكلُ زراعيةٌ من منظور خطاب قائد الثورة (1-2)

المسيرة – أحمد داوود

خصَّصَ قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، محاضرةً كاملةً في شهر رمضانَ الماضي؛ للحديث مجدّدًا عن مشاكل وقضايا زراعية هامة، في إطار التوعية، والتوجيه، والإرشاد، والتحذير من مغبة التكاسل أَو الإهمال في الجانب الزراعي؛ ولذا فقد كان حديث قائد الثورة عبارة عن موجهات هامة لكل المهتمين والمختصين بالشأن الزراعي للاستفادة منها، والبناء عليها.

كان لافتاً حديثُ قائد الثورة عن المبيدات الضارة جِـدًّا بصحة الناس، والتي تسبب لهم أمراض خطيرة كالسرطان وفيروس الكبد، هي أمراض منتشرة في بلادنا، وتزداد من عام إلى آخر، فالتجار هنا يدخلون هذه السموم ولا همّ لهم سوى المكسب المادي، غير مبالين بحياة الناس أَو ما تسببه هذه المبيدات من أمراض قاتلة.

ويقول قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي –حفظه الله- في هذا الشأن: “البعض يتاجر في المبيدات الضارة جِـدًّا بصحة الناس، التي تسبب للناس مرض السرطان، أَو الفيروس (فيروس الكبد)، أَو أيًّا من الأمراض القاتلة، التي تقتل الناس، فنتيجةً للكسب المادي، والإغراء المادي، لا يبالي لا يبالي بما ينتج عن بيعه وشرائه، من إلحاق ضررٍ كبيرٍ بالكثير من الناس، على مستوى المتاجرة في ذلك، وعلى مستوى الاستخدام لذلك”.

وَإذَا كان التجار يبيعون هذه المبيدات، فَــإنَّ المزارعين هم الآخرون يفرِّطون في استخدامها؛ بهَدفِ الحصول على المال، فالقات مثلاً، يلجأ المزارعون إلى رشه بالسموم؛ مِن أجل قطفه وبيعه بسرعة، وهنا يتعرض المتعاطون للقات وهم بالآلاف للأمراض المتعددة، دون أن يكون هناك رادعٌ لمثل هذه التصرفات.

ويقدم قائد الثورة حلولاً فيما يتعلق بالمبيدات، فيرى أنه يمكن أن ينتج الناس مكافحات، مبيدات، وما يحتاجه المزارع من الأسمدة وغيرها، لكن بطريقة صحيحة؛ لأَنَّ الذي يُستورد، كثيرٌ منه فتاك، ضارٌ جِـدًّا بصحة الناس.

ويناشد قائد الثورة المزارعين الذين يستخدمون هذه المبيدات بأن يتقوا الله؛ لأَنَّهم عندما يستخدمون تلك المكافحات، والمبيدات، التي أصبحت مبيدات بشرية، وليس للحشرات، للبشر؛ مِن أجل الحصول على المال، وطمعًا في المال، فهم يتحملون الإثم الكبير، والوزر الكبير، بما يوصلونه من أضرار إلى الناس، إلى المجتمع، وهي قضية خطيرة جِـدًّا.

مخاطرُ الاستيراد:

ويعد الاستيراد واحداً من أبرز المشاكل التي تواجه القطاع الزراعي بشكل عام، وهي مشكلة متراكمة منذ سنين كثيرة، وسبق لقائد الثورة أن تحدث عنها في محاضرات سابقة.

ويقول قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي: “إن الناس يعتمدون على الاستيراد لمختلف المحاصيل الزراعية، وعندنا في اليمن يستوردون حتى الثوم من الصين، الزنجبيل من الصين، مختلف المتطلبات والمحاصيل الزراعية، يستوردها البلد من بلدان بعيدة، من الصين وغيرها، البقوليات، الفول، البازلاء، الفاصوليا، العدس، تُستورَد بعضها حتى من أستراليا، وبعضها من بلدان بعيدة، وهكذا يتحول الاعتماد في الحصول على المحاصيل الزراعية، التي هي ضمن الغذاء للناس، وضمن المتطلبات المعيشية لهم، يعتمدون في ذلك على الاستيراد من بعيد، بكل ما لذلك من سلبيات كبيرة، وكُلَف كبيرة، وتأثير على حياتهم، ومعيشتهم، وانتشار للبطالة في أوساطهم، يعطلون الأعمال المنتجة، الأعمال التي من ورائها كسبٌ لأرزاقهم، وتوفيرٌ لمتطلبات حياتهم، قوتهم، لغذائهم، لما يحتاجون إليه في حياتهم”.

وإذا كان الاستيراد آفة ومشكلة كبيرة، فَــإنَّ حلها يحتاج إلى تكاتف الجميع، من أعلى رأس السلطة إلى أصغر مزارع، فالاتّجاه نحو الزراعة مهم جِـدًّا، وإنتاج اليمن من خيرات أرضه، وبالتزامن مع السياسيات الحكومية الهادفة، ستحد بالتأكيد من الاستيراد، وستجعل اليمنيين يعتمدون في إنتاجهم على ما تجود به أرضهم، بدلاً عن أن تذهب أموالهم إلى الخارج ليستفيد منها المزارعون الأجانب.

ويعتبر استيراد القمح والبن من أبرز المشاكل العجيبة، “فالبلد –كما يقول قائد الثورة- أصبح يستورد البن من الخارج (الصافي)، القهوة، حتى القهوة، وتحول الاعتماد على الاستيراد في كُـلّ المحاصيل الزراعية، وتضرر الشعب كَثيراً، مع أن بلدنا من أحسن البلدان على المستوى الزراعي”.

عدم الاستفادة من مياه الأمطار:

ويتطرق قائد الثورة إلى مشكلة أُخرى تواجه الجانب الزراعي في بلادنا، وهي عدم الاستفادة من مياه الأمطار التي يذهب كثير منها إلى الوديان، وتصل إلى البحر، وإلى الصحراء.

ويرى قائد الثورة “أن مستوى الاستفادة من هذه النعمة محدود، وليس هناك اهتمامٌ بالشكل المطلوب بمسألة: الحواجز، البرك، الخزانات، السدود، كُـلّ ما يمكن أن يساعدنا على أن نستفيد من هذه النعمة، بما أمكن الاحتفاظ به؛ للاستفادة منه، وهو من أهم ضروريات الحياة، مُشيراً إلى أنه في بعض المناطق “هناك استفادة إلى حَــدٍّ ما، البعض-على الأقل- يؤمِّنون لأنفسهم مياهاً للشرب، وما يحتاجونه لمنازلهم، وبيوتهم، ومواشيهم، لكن مُتاحٌ أمام الناس أن يعملوا أكثرَ وأكثر، بكل هذه المستويات: على مستوى البرك والخزانات، هي ضرورية جِـدًّا، خَاصَّة في الأرياف، ويستفيد منها الناس حتى في المدن، لو كان هناك تخطيط صحيح.

ثم على مستوى الحواجز، التي يمكن الإكثار منها، حواجز كثيرة.

ثم على مستوى السدود، التي هي بمستويات معينة، متفاوتة.

ويواصل قائد الثورة: “كذلك القنوات، قنوات المياه، في مثل تهامة، في مثل الجوف، في مثل مناطق مأرب، بعض مناطق مأرب، ذات الطبيعة الصحراوية، في مناطق أُخرى من البلد، مهمٌ لها القنوات؛ لكي تستفيدَ من المياه بشكلٍ أفضل، والري، وتوزيع الماء الذي ينزل بشكلٍ أفضل، ينزل في الوديان، هذا جانبٌ مهمٌ جداً”.

عدمُ التفاعل مع اللجنة الزراعية:

وَمن الإشكاليات التي تعيق الإنتاج الزراعي وتطرق لها قائد الثورة في خطابه برمضان: ضعف الإقبال الشعبي-أحياناً- على المنتج المحلي، معتبرًا أن هناك أسباباً متنوعة لذلك، “فأحياناً لا يلقى المنتج المحلي الترويج، ولا يعرف أكثر الناس به، وأحياناً ضعف في مشكلة التسويق، وأحياناً في الجودة، وأحياناً في عملية التعليب، والعملية الإنتاجية نفسها، داعياً إلى معالجة هذه المشاكل من كُـلّ جوانبها.

ويتناول قائد الثورة مشكلة هامة في هذا الجانب تتعلق بعدم التفاعل مع اللجنة الزراعية العليا.

وفي هذا الخصوص يقول قائد الثورة: “اللجنة الزراعية تذهب إلى المحافظات، لا يتفاعل المحافظ، لا يتفاعل المسؤولون في السلطة المحلية، في الجهة الشعبيّة، لا يتفاعل الوجهاء، لا يتفاعل التربويون، تبقى تعمل لوحدها، بنشاط محدود جِـدًّا، وتأثير محدود، كيف يمكن أن ينهض البلد بهذه الطريقة؟! هذا يحتاج إلى تحَرّك جاد، من الجميع، واهتمام كبير، وبروح مسؤولة، وبروح جهادية”.